جمهورية تركية شمال العراق
Tuesday, 14/07/2020, 12:05
الخريطة التي نشرتها تركيا قبل أيام والتي تؤشر لمناطق تواجد قواعدها العسكرية بإقليم كردستان ، تحمل في طياتها دلالات كثيرة تكشف بعضها النوايا الحقيقية للنظام التركي تجاه الكرد ليس في إقليم كردستان العراق فحسب ، بل في المنطقة عموما .
فإذا أمعنا النظر في الخريطة سنجد حشدا كبيرا للقوات التركية المحتلة في جزء كبير من محافظتي أربيل ودهوك ، أضف إليها المناطق التي تحتلها على الشريط الحدودي مع سوريا . فهذه المناطق مجتمعة أصبحت الان محتلة فعليا من قبل تركيا التي فرضت هذا الاحتلال البغيض كأمر واقع عبر إستغلال ضعف دولتي العراق وسوريا وإنشغالهما بحروبهما وصراعاتهما الداخلية . حتى أمريكا وروسيا بجلالة قدرهما أصبحتا عاجزتين تماما عن إخراج تلك القوات من المناطق التي تحتلها ، ولذلك أعتقد بأن الإحتلال التركي سوف يستمر ولن تستطيع لا القوات العراقية ولا السورية انهائه في المستقبل المنظور. وهذا ما سينعش لاحقا آمال اردوغان بإستعادة ولاية الموصل المنتزعة من تركيا . فمن خلال النظر الى تلك الخريطة نستيقن تماما بأن تركيا تحاول فعلا إحياء هذا الحلم الأثير الذي أصبح الان أقرب الى التحقيق أكثر من أي وقت مضى بسبب ضعف دولتي ، العراق وسوريا .
نحن نعلم بأن تركيا عندما إحتلت جزءا من أراضي قبرص في عام 1974 فإنها إستقرت فيها ولم تخرج منها لحد الآن ، بل أنها عملت على فصل ذلك الجزء من قبرص وإنشاء جمهورية تابعة لها وهي مستمرة لحد اليوم على الرغم من عدم وجود أي اعتراف دولي بتلك الجمهورية ماعدا تركيا !!.
الظروف والأسباب ذاتها موجودة حاليا لفصل جزء من أراضي العراق وسوريا لإنشاء كيانات تابعة لتركيا فيهما . فالخريطة التي نشرت تبين بوضوح كثافة القوات التركية الموجودة في المنطقة وزيادة واضحة في عدد القواعد العسكرية فيها ، فالى فترة قصيرة كان عدد القواعد التركية في اقليم كردستان لا يتجاوز 20 قاعدة منتشرة في الجزء الذي يسيطر عليه حزب السيد مسعود البارزاني بمحافظتي اربيل ودهوك ، ولكن العدد تضاعف جراء العملية العسكرية الأخيرة ووصل الى 36 قاعدة ، وهذا دليل على أن تركيا التي دخلت تلك الأراضي سوف لن تنسحب منها تحت أي ظرف كان .
وطبعا العذر الذي تتمسك به تركيا وهو محاربة حزب العمال الكردستاني هو عذر غير مقبول ، لأنه ليس هناك أي تواجد لمقاتلي هذا الحزب مثلا في منطقة بعشيقة بالموصل التي أقامت فيها قاعدة عسكرية تركية !!.
هذا الانتشار السريع والعمل الحثيث لزيادة معسكرات وقواعد الجيش التركي بالمنطقة تنذر بخطر وشيك على سيادة العراق ، فقد تغري هذه الأعمال النظام التركي لفصل تلك الأجزاء عن العراق ، سواء من خلال إقامة شريط حدودي عازل مثلما جرى في سوريا ، أو حتى المغامرة بإنشاء كيان منفصل عن العراق تحت إسم جمهورية شمال العراق .فكل شيء أصبح وارد مادامت الدولة العراقية بهذا الضعف والإنهزام أمام أطماع تركيا.
ان الموقف المتخاذل لحكومة إقليم كردستان لإدانة التدخل السافر للقوات التركية في أراضيها وإستمرار غاراتها الجوية التي أجبرت سكان العديد من القرى الى إخلائها ، وقدوم تلك القوات الى عمق أراضي اقليم وطرد سكان عدد من القرى الحدودية لإقامة قواعد عسكرية ، وكذلك الموقف المائع للحكومة العراقية من هذه التدخلات ، ستشجع بالتأكيد النظام التركي على إستمرار ضخ قواتها الى داخل أراضي الإقليم ، فالتسلل التركي الذي يجري حاليا على هون وبشكل غير معلن ، سنفيق ذات يوم ونجد بأن الكثير من أراضي الإقليم قد أحتلت فعلا وأصبح وجود القوات التركية فيها أمرا واقعا لايمكن غير القبول له ، كما حصل سابقا في قبرص ولاحقا في شمال سوريا . وعليه فمن غير المستبعد في حال عدم تمكن أردوغان من إستعادة ولاية الموصل كاملة الى السيادة التركية ، أن يقدم في المستقبل المنظور الى خطة بديلة وهي إنشاء جمهوريتين شمالي سوريا والعراق تابعتين لها اذا استمرت تجاوزاته في ظل هذا الصمت الدولي والاقليمي .
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست