تغيير جوهر مفهوم الاستعمار و كيفية التعامل معه
Friday, 29/07/2016, 21:40
تعودنا منذ مدة على الاعتقاد بان الاستعمار الغربي هو المحتل ارضناو شعبنا و مستغل له من اجل مصلحته، و نحن لا حول لنا في الامر و لا قوة سوى ان ننعى و نستنجد و ننتظر المنقذ ممن يتفضل علينا و يتمكن من صده خارجيا او داخليا و يحررنا، و نحن نقف دون حراك، عدا الثورات القصيرة الامد هنا و هناك للتخلص من الوضع المزري ان فرض علينا عنوة، او برز قائد ماجد ملهم بعقليته الذاتية و مكانته موقعه بين الناس و اختلط عنده الاهداف الخاصة و العامة كي يحرر البلاد، و الا اننا رضينا و تعايشنا ما تجسد و استقر الوضع عليه لمدة طويلة او لحين بروز طاريء و رفعنا اصواتنا كرد فعل اني، فان تمدد الاعتراض في تلك الحال و فرض تداعياته ما يفيد او خمد و سكت دهرا اخر، هكذا الى ان تغيرت المرحلة و اصبح من المفيد على المستعمر ان يترك المنطقة، وتيقن انه لمفيد ان يبقى في الوقت نفسه بشكل اخر بحيث يستفيد اكثر من وجوده بذاته . هنا لا يمكن ان ننكر بعض الثورات و التضحيات و الابطال التي قاوموا المحتل و المستعمر بشكل بطولي، و في الوقت نفسه يجب ان لا نستنكر الانجازات التي حققها المستعمر لاهل الارض من نواحي متعددة و بعضها اكثر من منجزات السلطة الذاتية لمابعد الاستعمار الموجود لحد الساعة ،سواء كان مضطرا في تحقيق تلك المنجزات او كجز من الوفاء لاهل مستعمرتهم و ما يخلبون منه .
بعد التغييرات الكبيرة في حياة الناس و في طريقة ادائهم للعمل و الواجبات الوطنية على عاتقهم، و بما جرّت معها من التغييرات الطفيفة من العقلية الادارية مقارنة بالتقدم الكبير في امور و وسائل الحياة المستوردة بشكل مطلق، و به اننا نعلم لماذا نحن لازلنا في الحال ذاتها رغم ما تغيرت من مجاري الحياة السياسية الاقتصادية الثقافية و ما فرضته التكنولوجيا و وسائل الاتصال و كيف وصلت الى هذه المستوى .
السؤال المناسب للجميع هو هل لازال الاستعمار مستمرا في مهامه بشكل اخر مغاير لما كان مظهرا، فهل هو موجود كما هو دون ان نراه جسديا و يحقق اهدافه و كانه موجود حقا كما كان، ام ان التغييرات التي حدثت جعلته ان يبتعد و يبقي ورائه ما يؤدي مهامه بشكل مناسب و مستمر في دفعه لما خلفه دون كلل او ملل و به يحقق مهامه دون ان يجهد نفسه ؟
ربما كان من بيننا يفكر كما كان في زمن الاستعمار القديم و يتعامل مع الموجود و كانه موجود حقا بكل ما كان عليه، نتيجة مايلمسه مما يفعله و هو بعيد و لا يختلف ما تصنعه يده عما كان يصنعه الاستعمار القديم و ربما اسوا، الا اننا نغفل عن ما فينا نحن في الشعوب الشرقية و لم نقيّم عقليتنا بمقياس العصر بل و كعادتنا على ما نحن فيه من العقلية و المستوى العلمي الثقافي الدنيء نبحث عن المبرر دائما، و لم نعلن عن مدى تخلفنا و بؤسنا مما نتيح فرص متاحة كبيرة و سهلة للاخر ان يستعمرنا دون ان يتعب، ان كان الاستعمار القديم هو احتلال و استغلال الواردات و الثروات لمصلحته، فاليوم يستغل العقل الشرقي و من له النفوذ في وضعه في مقام يرضى بالاستعمار مشكورا على حساب المواطن و ما يهمه و هو يفعل كما فعل من قبل و بالبديل المناسب .
هل يوجد احد منا لم ير الفوضى في الحياة الشرقية و اختلاف بقعة عن الاخر حتى القريب منه بشكل عجيب، الم نجد الثغرات المتعددة في الساحة التي تسهل استغلالها من قبل المستعمر و هو ضاحك ساخر ومستهزء بالجميع، ام يقول لنا احد ان الغرب يعمل لذاته بعقلانية و ما على الشرق ان يحفظ على كيانه و مصلحته بعقلية تقدمية مناسبة كي لا يستغله احد، او يجب ان يقطع الطريق عن الاستعمار الجديد بشكل كامل. هذا صحيح ان كانت العقلية التي تدير المنطقة مستقلة و المستوى العام للشعوب على حال يمكن ان يعلم ما هو عليه ان يدركه من ان الاستعمار موجود و ان كان بعيدا، ولا يتخيل احد بانني اقصد ان نظرية المؤآمرة هي فحوى النظرة الى الاستعمار الجديد، بل الواقع يكشف لنا ان الدول المتقدمة لا تستطيع ان تستمر في تقدمها ان لم تكن معها الواقع المزري في اماكن اخرى مستغلة اياها بكافة الطرق، من اهم التساؤلات التي تفرض نفسه؛ فان بقيت الدول الغربية الاستعمارية مسالمة متطورة و متقدمة و تتعايش مع بعضها دون اي خلل يُذكر، فهل من المعقول ان لا نسال السؤال العام السهل جدا و هو هل تُصنع كل تلك الاسلحة الفتاكة المتطورة و تصرف عليها المليارات و تبقى في المخازن الغربية دون مشتري يتصارع على شرائه ممنونا مشكورا، فهل يدع الغرب الشرق ان يكتفي ذاتيا حتى على صنع السلاح لابادة البعض و هو ينظر من بعيد دون ان يستوي عصفوره على نيران الحروب الشرقية، فهل انسانيتهم وصلت لحال ان يضربوا بالتعامل الانساني مع الشرق ما يتمتعون به من الانسانية في الحياة، ام المرحلة تتطلب ان تكون انسانية الغرب حتى و ان كانت بعض منها شكلية هي الطاغية .
اذا الاستعمار من حيث الجوهر باقي في عمله و مكانه مهما ابتعد عن الشرق بشكل جسدي، فهو ينفذ مهامه بالشكل الجديد و باهداف قديمة و باداء مختلف، ادخل حلبته لاعبين من الملعوب عليهم و فعّلهم كاهم وسيلة لاداء مهامهم الاصلية بهم و كانهم موجودون بذاتهم، فهل يمكن للغرب ان تصل به انسانيته و تطغي عليه ان يتعامل مع الشرق ضاربا مصلحته الخاصة من اجل انسانيته، فهذا غير معقول و لا مقبول لديهم ايضا.
لذا، يجب ان نقر، طالما كانت عقليتنا و تعاملنا مع الحياة و مستوياتنا المختلفة في الصفات و نظرتنا الى المواضيع المختلفة بهذا الشكل، سنبقى سلعة رخيصة للاستعمار باي شكل كان و ان اختلفت طبيعته او مظهره و لكن جوهره ثابت و اهدافه معلومة . و الدليل الاكبرهو ما يتعاملون به اليوم مع ما موجود في الشرق بمعادلات معقدة لا تنتج الا ان يبقوا هم استعماريين بمعنى الكلمة .
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست