لم نجد انقلابا اخذت بهذا القدر من الاهتمام البالغ  كانقلاب 15 تموز2016 في تركيا نظرا لما لاردوغان الدور المهم على الصعيد الدولي والاقليمي وعلاقاته المتشعبة حتى مع الحركات الاسلامية الارهابية وعلى راسهم الدواعش هذا من ناحية,ومن ناحية اخرى لما رافق هذا الانقلاب من تداعيات على الصعيد السياسي في تركيا والمنطقة خاصة وان تركيا وكل منطقة الشرق الاوسط تغلي الان فوق بركان ثائر لانه مقبل على تغييرات جيويوليتيكية – سايكس بيكو جديد- وفي نفس الوقت لم نرى ولا رئيسا من روؤساء العالم والذين دبرت ضدهم الانقلابات او المؤامرات انتقم من مناوؤيه مثلما انتقم اردوغان على المتامرين عليه بهذا العدد الهائل من المتهمين.

لقد كتبت عدة مقالات حول اردوغان ودوره المشبوه وصعوده السريع الى راس السلطة بمساعدة الدوائر الغربية,حيث ذكرت في اخرمقالة وبتاريخ 4 اذار 2016بعنوان اردوغان والهروب الى الامام ما يلي   - 

  ان عالم السياسة  عالم مليئ بالمكر والخديعة عالم ثلث وجهه ظاهر للعيان وربما اقل والثلثين الاخرين مخفي وراء جدران سميكة لا يراه الا الحاذقين من الذين لهم بصر ثاقب وبصيرة فطنة.والسياسة فن لا يجيده الا الذين اعتركتهم ساحات النضال وسهرتهم الكتب الممنهجة التي   صقلت افكارهم وقوت سرعة بدهيتهم في فن التلاعب والتكتيك

فمن السياسيين من(بفتح الميم) ولد وهوراكب موج السياسة لانه ولد وهو في داخل دائرة سياسية مغلقة ليصبح بين عشية وضحاها سياسيا بحكم الوراثة وهؤلاء سينتهي بهم المطاف على الاغلب الى بيادق بشرية بايدي الغير,ومن السياسيين من ولد سياسيا بالفطرة ثم صقل موهبته في ذلك المنحى بالنظرية والتطبيق الى ان غدا دالة شامخة واسما كبيرا في عالم  (الفن الممكن), ومن السياسيين من اراد ان يكون سياسيا وركب موج السياسة عنوة وهو يفتقر للحد الادنى من مؤهلات السياسي الناجح,فهؤلاء يعتبرون خطرا ووبالا على دولهم وشعوبهم والعالم ايضا,ويصنف خائنا بدرجة امتياز من دون ان يدري,(لان اخطر الخيانات للسياسي هي تلك الحالة حينما يتصرف بلا معرفة حذقة, وهو يعتقد بان تصرفه هذا يخدمه او يخدم شعبه او الاثنان معا ثم  ينتهي به المطاف الى كارثة مميتة للشعب والوطن). ويعتبر هذه الحالة اخطر من الخيانة المجردة اي (الخيانة الذاتية) او اخطر حتى من العدو نفسه,لان الخائن المجرد معروف وظاهر للعيان حاله حال العدو بينما في حالة السياسي هذا يكون منا وفينا من دون ان يعلم احد بما سيؤول تصرفتاته الطائشة الى ما سيؤول من كوارث رهيبة للبلد,وما اكثرهؤلاء السياسيين في هذا الزمن الرديء في شرقنا المبتلى بهم شر ابتلاء في ماضينا وحضرنا وربما حتى في مستقبلنا ايضا.

 ان اردوغان نموذج حي لهذا السياسي الذي ركب السياسة عنوة,وهو ذلك السياسي الغير متزن في سياساته الهوجاء والرعناء تجاه بلده وجيرانه ايضا ,لذلك فلو تتبعنا حياة اردوغان السياسية لراينا بانه اراد ان يكون سياسيا من دون ان يحمل ولا صفة من صفات السياسي الناجح ,ولهذا نراه بانه يسير ببلده رويدا رويدا نحو الهاوية وان سجلت له مواقف وبطولات زائفة  في فترة تتويجه كقبلة وقدوة ونموذجا للسياسي الناجح,ولكن لا تقاس الامور الا بالنتائج النهائية للاحداث,فمهما قيل وكتب عن اردوغان فهي لا تساوي شيئا عن ما ال اليه تركيا حاليا وذلك بسبب سياساته الدوغمائية من اصدار القرارات الشخصية من دون الرجوع حتى الى راي رفاقه في السلطة والتي نتج عنها سياسة فاشية التي تمجد الفرد,ناهيك عن اتباعه سياسة شوفينية متطرفة تجاه القوميات الاخرى في الداخل التركي وحتى خارجه خاصة تجاه الكورد

نقلت هذا الاقتباس نظرا لارتباطه الوثيق بشخصية اردوغان اولا ثم  لارتباطه بما هو مكمل من الحديث حوله الان وما ال اليه الاحداث ,هنا اؤكد وعلى ضوء رؤيتي المتواضعة بان هذا الذي جرى في 15 تموز لهو بداية النهاية لاردوغان وما ينتظره سيكون اسوء ما يكون, فلو تتبعنا احداث الانقلاب وتداعياته التراجيدية بالرغم من الكم الهائل من الاخبار المتناقضة الرسمية والغير رسمية لاستنتجنا ما يلي-

1-اثبتت الاحداث في تركيا بما لا يقبل الشك وعلى ضوء الخط البياني لاردوغان ومنذ ظهوره على راس السلطة في تركيا بانه انسان نرجسي حتى العظم ,اناني حتى النخاع ,مصاب بداء العظمة يحب التفرد بكل السلطات,وعلى ضوء هذه الصفات يعتبر الرجل مريضا نفسيا بدرجة امتياز,ولهذا تختار الدوائر الغربية هذا الصنف من السلاطين ضعاف النفوس وذلك لتمرير اجنداتهم المشبوهة بكل يسر وسهولة

2-الرجل المريض النفسي ينتابه الريبة وهاجس الخوف حتى من اتفه الاشياء صغيرا كان ام كبيرا (فما بالك ايها القارئ الكريم من هذا الحدث الجلل الكبير) 

3-كان يوسوس في صدر اردوغان عقدة الداعية الديني فتح الله جولن وكان يجيس منه خيفة في ان يسد الطريق امام طموحاته باعتباره الماسوني الاقدم وكانت سلطته يوازي سلطة اردوغان(هذه احدى اعراض المرض النفسي وضعاف النفوس) وعليه كان يخطط ومنذ امد طويل في كيفية التغذي بغريمه قبل ان يتعشى هو به

4- يظهر بان الداعية كان قد قرا افكاره الشيطانية من خلال حركاته وسياساته ومن خلال معلومات اخطبوط الماسونية وانصاره في الداخل فعلم بان الطالب الغير قويم اردوغان مقبل على مؤامرة خبيثة ضد انصاره بابعادهم عن مراكز القوة والقرار

5-يظهركذلك, بان الطالب كان قد رصد تحركات انصار الداعية في الداخل للشروع في التامر عليه سواء من خلال اجهزته الاستخباراتية او عن طريق مخابرات دول معنية بامره كثيرا وهو ما ارجحه, وكانت بينهما حرب مخابراتية, وعليه كان اردوغان يتوق الى ايجاد فرصة اويختلق حجة للانقضاض على انصار الداعية في الداخل فما بالك حينما تاتي الفرصة بذاتها اليه وبقدميها, لذا اغتنم اردوغان هذه الفرصة الذهبية  فدفع برئيس اركانه الجنرال خلوصي كي يشارك الانقلابيين ليكون عينا لاردوغان على المتامرين ويرصد حركاتهم اولا باول,وما يؤكد على ذلك غضب الجنرال اوزتورك قائد الانقلاب بعد القبض عليه على الجنرال خلوصي متهما اياه بخيانته له ,ولانه لولم يكن مشاركا معه فهل من المعقول ان اوزتورك كان قد حافظ على حياة خلوصي وهو بين يديه (اوبالعامية كان خلص عليه مثل المئات الاخرين الذين قضوا نحبهم من المدنيين والعسكريين ومن مختلف الرتب 

6- يظهر بان انصار الاستاذ علموا بان تحركاتهم باتت تحت المراقبة,وعليه ربما دب الخوف والارتباك بينهم, لذا من الممكن انهم قد سارعوا وواصلوا في تنفيذ عمليتهم لانهم يعلمون بانهم ماضون الى حتفهم سواء بالابعاد عن وظائفهم قبل الانقلاب بقطع الارزاق او بعد الانقلاب  بقطع الاعناق ان فشلت المؤامرة, ولقد قيل قطع الاعناق ولا قطع الارزاق ,ومن البديهي ان كل من يتسارع في اي عمل كان فسوف لا يجيده بما يرضى,لذا وقع الانقلابيون في اخطاء قاتلة-

الف-لم يصلوا الى راس السلطة في بداية التحرك 

باء- لم يسيطرواعلى كل وسائل الاعلام  

جيم- لم يضمنوا السيطرة على كل القيادة العسكرية( الجوية والبرية)

ان اردوغان يغتنم الان هذه الفرصة للتخلص من كل اولئك المشكوكين في الولاء له حتى وان كان عددهم بعشرات الالاف من دون ان يفكر بان هؤلاء والموالون معهم من المقربين اسرا(بضم الالف وفتح السين) واقاربا واصدقاءا سيغدون كخلايا سرطانية في جسد دولة اردوغان الى ان يفتك به وان طال به الزمن بعض الشئ.

فاذا كان اردوغان يوهم نفسه بان الطريق قد بات معبدا للوصول الى التربع على عرش السلطنة واعادة مجد (الاوصمانلية) بعد ان يكون قد ازاح اخر عقبتين امام طموحه وهو الجيش وانصار الداعية فنقول له ان اي حاكم يحاول ان يصعد على جماجم شعبه للوصول الى مجده الزائف دون مجد الوطن سيكون صعوده نزولا الى القاع, واي حاكم يبحث عن مجده دون مجد الوطن سوف لا يحتضنه ابناء ذلك الوطن وان انخدع به الكثيرون الا الذين في نفوسهم مرض كامثالك يا اردوغان ,فهيهات ان يسكت لك الجيش بعد ان مرغت شرفه العسكري في التراب,وهيهات ان يسكت لك الشعب بعد ان كبلته باصفاد الحديد وهيهات ان يسكتن الماجدات التركيات ونظرتك اليهن كنظرة سلاطين ال عثمان,فلا يغرنك انتصاراتك اليوم لاننا نراك اليوم وانت تتبجح مغرورا بالانتصار,سوف نراك ايضا والشعب يجرك جرا الى قفص الاتهام, اراك اليوم وانت سالك درب صدام تخطو خطواته ,تلهث لهاثه, قاصدا وجهته وسوف تلقى مصيره وان كان اجلا بعض الشئ .

اليوم وعلى ضوء انتصارك الوهمي هو بداية صعودك الى الاسفل وليس الى الاعلى كما تظن!لقد فتحت باب الجحيم عليك وعلى تركيا وسوف لن يكون بمقدورك ان تسده مهما تبجحت من هم وراءك,لانني ارى واسمع هدير المدافع وصليل الرصاص في كل تركيا على المدى القريب كما اراك الان وانت ترعد وتزمجر من على القنوات الاعلامية والمنابر,سوف ينتقلون كل دواعشك الذين اطعمتهم وسلحتهم في سوريا والذين قتلوا كل الابرياء وكل ما هو جميل في الحياة الى تركيا وسيينهضون كل جواحشك الذين تربيهم الان في الداخل التركي والذين هم الان اعضاء في حزبك حزب العدالة والتنمية(الاوصمانلي) ناهيك الضربات اليومية القاتلة من ثوارحزب العمال الكوردستاني وستصبح دولتك كتل ساعرة من اللهب وسيحرقك ويحرق كل من والاك,وعلى يديك ستتمزق تركيا كما نرى الان تمزيق سوريا والعراق ,فكما كان صدام (العرب) سببا رئيسيا لاستقلال جنوب كوردستاننا والاسد الصغيرسببا لتقسيم سوريا,فسوف تكون سببا لاستقلال شمال كوردستاننا ايضا ولسبب بسيط ,وهو انك لا تنظر الى الامور بعيون ثاقبة!الم تكن صاحب التصريح الذي صرحت به وانت في مدينة كليس في اكتوبر 2014 وانت تنظر الى مدينة كوباني الجريحة بنظرة حاقدة  وتقول - قريبا ستتحرر كوباني (من اهاليها!!ولكن (كوباني لم تسقط وان ما سقطت كانت مدينة تل الابيض من دواعشك),وها نرى اليوم بان ريف عفرين يتحرر وسوف تتحررمدينة عفرين كذلك لتلتئم بها اوصال كل غرب كوردستان من قامشلو والى البحر, فكما قبرت(بسكون اللام) احلام صدام في صحارى الكويت ,فسوف تقبراحلام السلطان في غرب كوردستان وشمالها ايضا,فكما اوتي (بضم الالف وفتح الياء) بصدام العرب للقيام ببعض الالعاب البهلوانية للغرب (الحرب العراقية الايرانية  مثالا ثم دفعه غيلة الى مصيدته في الكويت وما تبعها من تداعيات لاحقا والى ان انتهى من دوره المرسوم فاستغني عنه ورمي الى مزبلة التاريخ,كذلك اوتي بك لاداء دور مرسوم باسم الاسلام المعتدل وفتحوا لك كل مسالك الارض وطرقاتها ليتقاطر اليك كل ما انبت الله من ظلامي العصر من الدواعش والفواحش والجواحش من ارهابيي العالم من السلف الطالح من المسلمين وجمعهم في بوؤر معينة ثم فتحوا عليهم باب الجحيم  ويقتلعهم بعد ان يستوفي الحاجة اليهم, وبعدها سوف يستغنى عنك كذلك كما استغنوا عن الكثيرين من امثالك سابقا حيث نرى اليوم بان العد التنازلي بدا في ازاحتك عن الطريق لتلتحق بالسلف الطالح وهذا مصير كل من  بحث عن مجد شخصي مزيف دون مجد الوطن 

وهكذا اثبتت الاحداث بانك لم تكن لاعبا جيدا في علم (الفن الممكن) –السياسة- ورسبت  في اول امتحان لك عندما اناطوا بك التربع لقيادة الربيع العربي لتقود ثوراتها,فبدلا من ان تحيل الثورات في الدول العربية الى ربيع زاهي اللون لهم, انتهيت به الى خريف اصفر وخرجت منها خالي الوفاض من دون ان تحقق من اجندات اسيادك بشئ يذكر,وسقطت في قيادة المجاميع الارهابية في سوريا ايضا لانك دفعت بهم نحو الكورد بدلا الى النظام ,كما انك سقطت في امتحان اللاجئين حينما استغليتهم كمشروع استثمار لابتزاز اسيادك في اوروبا دون ان تدري بانك ان خدعت اسيادك سوف يكون مصيرك كمصير العشرات من امثالك الذين سبقوك الى الهاوية, وسقطت في امتحان الديموقراطية ايضا حينما كبلت ايادي شعبك بالاغلال وكتمت اصواتهم وكسرت اقلامهم وكشرت عن انيابك و كل حقدك الاعمى لكل ما هو غيرتركي ,وهكذا اثبت لاسيادك بانك تلميذ مشاغب غير فطن, لهذا نراهم اليوم وهم يدفعونك كما دفعوك سابقا ان ترتكب اخطاءا قاتلة لتنحدر اكثر الى الهاوية التي رسمت لك حيث هناك يجب ان تكون,وما اسقاطك للطائرة الروسية وخيوط هذا الانقلاب الا طعما قاتلا للساذجين من امثالك .

 اكرر اليوم ما ذكرته في مقالتي السابقة(اردوغان والهروب الى الامام) (بانك قد غدوت اليوم وحيدا في الساحة ,ولم يعد اصدقاء الامس يراعونك كما كانوا -يدللونك )ومن كثرة اخطائك, كثر اعداؤك ,واظطررت مرغما في الاستعطاء والاسترحام امام الد اعداءك وكن على ثقة  بانهم ليسوا بذلك الغباء في ان يغفروا لك ما تقدم من ذنوبك وجرائمك وما تاخر,لقد حذرك الكثييرون من قبل ,من قبل ان تنحدر الى هذا المنحدر!والذي سيكون عميقا, ولكن غدوت الان كلاعب الروليت الخاسر الذي يحاول جاهدا في ان يستعيد ما خسره في الجولات السابقة , ولكن يزيد من خسارته اضعافا اضعافا ,مثلما تحاول او توهم نفسك الان بانك ستصعد الى الاعلى و لكن الحقيقة التي لا تراها انت او لا تريد ان تراها وهي انك (صاعد) الى الاسفل والتي تعني النزول الى الاسفل!

واخيرا اقول لك طالما انت مصرعلى غبائك وصلافتك وحماقتك ,فنقول هنيئا لنا من حماقاتك كما هونئنا من حماقات صدام سابقا ونقدم شكرنا الجزيل لك كمقدمة لجميلك لكورد باكور(عسى ان تحبوا شيئا وهو شر لكم – وهنا الكلام لك يا اردوغان- وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خير لكم – وهنا الكلام لكورد الشمال يا اردوغان )قبل ان تذهب الى مصيرك المحتوم والمرسوم,وقبل ان تساق عنوة الى قفص الاتهام في محكمة الشعب كما سيق اليها سلفك صدام ,وانني لعلى ثقة كبيرة بانك سوف تترحم على مصيره مقارنة بمصيرك الاسود يا اردوغان ايها السلطان العثماني الققققققققحححححححح