من الجروح التی لا تزال تنزف من جسد الکورد /٢
Wednesday, 11/05/2016, 22:19
تتمة
ضحایا القصف ؛
شبان بعمر الزهور وأجمل من الزهور
أمطرت الطائرات المدینة ، بوابل من الموت ، بکل ما تعنی هذه الکلمة ، من معنی . وخلال دقائق معدودة ، حسب الأنباء التی شاعت ، بین الأوساط الجماهیریة ، کما واذیعت فی رادیو صوت کوردستان – العراق ، فی حینه ، ضحایا القصف کانت ، فی حدود ٤٠٠ – ٤٥٠ شخصا بین شهید وجریح . فقد أصابت عددا من القنابل بنایة الجامعة ، والأبنیة الملحقة بها إصابات مباشرة ، بحیث تطایرت أشلاء جثث الضحایا ، کما تطایر الشظایا للصواریخ والقنابل .
فإننا ، آوات وأنا ، لو تأخرنا لأقل من دقیقة ، أو لو ذهبنا إلی ، إلی المقهی ، کما کان مقررا من قبل ، لکنا نحن أیضا من ضمن من تطایرت أشلاؤهم . فالشهید هیوا ، الذی کان بإنتظارنا فی المقهی ، کان هو من ضمن المفقودین ، حسب علمی . وأذکر العدید ممن استشهد فی ذالك الیوم ، منهم الشهید سرور قادر ، والشهید محمد ساسان ، وأعتذر، لإننی الآن لا أذکر الأسامی الشهداء ، نظرا لمرور وقت طویل علی ذالك الحدث . فالشهداء معظمهم کانوا ، شبانا بعمر الزهور وأجمل من الزهور .
آثار القصف ونتائجه
سبب القصف فی ذالك الیوم ، إلی إصابة الناس بصدمة شدیدة ، التی صاحبتها الذهول والإرباك ، لا بسبب کثرة الشهداء ، بل بسبب زعزعة ثقة الناس بالقیادة ، وتکون لدیهم نوع من الشك والظنون حول ، هل إنها ، أی القیادة ،هی حقا علی مستوی التحدیات والمخاطر الجسیمة التی تهدد وتواجه الکورد وکوردستان ، وکذالك تکون لدیهم نوع من الشبهات حول إمکان الپیشمەرگة ومقدرته الدفاع عن الناس والمنطقة المحررة وحمایتهما . من هجمات الجیش العراقی المزود بأحدث الأسلحة ، والمجهز بصورة جیدة .
و ظهرت فی ذالك الیوم الکثیر من النواقص والمعایب التی کانت تعانی منها مؤسسات الحرکة الکوردیة الموجودة فی ذالك الوقت ، کالضعف فی الإدارة والتنظیم ، وفقدان التوعیة والتثقیف ، وغیاب الإستعداد والإحتیاط لخدمة المجهود الحربی والأستعداد لحالات الطوارئ ، لذا أصبح الناس کقطعان بلا رعاة ، مشتتین ومبعثرین ، فی المنطقة ، وبین الودیان والمرتفعات .
هنا لابد من الإشارة إلی بعض الحوادث التی هی فی الظاهر بسیطة ، لکن فی الحقیقة هی تعنی الکثیر الکثیر فی الوقع . وقد أصاب أحد الشبان من منتسبی الجامعة ، بالمصران الأعور ، بعد القصف فی اللیل ، فلم یکن هناك مستشفی ، أو مستوصف ، أو دکتور ، فی المنطقة القریبة فی تلك اللیلة ، حتی لم یتمکن الحصول علی حبوب مسکنة للآلام له ، فمع الأسف استشهد الشاب ، وفقد حیاته هباءا وهدرا .
وما أثار إنتباهی فی ذالك الیوم ، دخول مفرزة من الپیشمەرگة إلی القریة ، فواجهتهم مجموعة من کلاب القریة بالنباح ، فلاحظت أحدهم کاد أن یستعمل السلاح لإبعاد الکلاب عنهم ، فلولا وصول أحد من القریة فی الوقت المناسب ..
فهذه الظواهر وإن کانت بسیطة فی الظاهر ، کما قلت سابقا ، لکن إنها تعنی بعدم وجود التربیة والتثقیف للپیشمەرگة ، وهذا فی الأساس دلیل الضعف والوهن ، من جهة ، ومن جهة اخری تعنی وضع السلاح فی أیادی اناس ، قد یمکن تستعمله فی میادین ، غیر میادین قتال العدو . وهدا قد یکون له آثارا سلبیة فی الستقبل –
أیام لاحت فیها ملامح الأیام التی نحن فیها الآن فی باشور
إن عدم إستعمال الپیشمەرگە المضادات الجویة ، وعدم الرد علی الطائرات المغیرة ، التی کانت تقصف علی علو منخفض ، أثار الکثیر من الأسئلة لدی الناس . وعند السؤال عن السبب ، وعن المضادات الجویة ، أصاب المسؤولین فی الپیشمەرگه بالدهشة والإستغراب ، وکان ردهم أیة أسلحة مضادة للجو ؟ فکل ما لدینا هو دوشکة واحدة وهی عاطلة عن العمل . فعندما تسمع الجماهیر بوجود مضادات جویة ، من أعلی مسؤول فی القیادة ، وبعد أقل من أسبوعین یتأکد ، بأن القیادة لم تکن دقیقة فی ما ادعت ، فبالطبع تفقد الجماهیر ثقتهم بالقیادة ، والقیادة تفقد مصداقیتها لدی الجماهیر . وهذا زاد الطین بلة ، حیث بدأ الناس بالشعور والأحساس بالخیبة والیأس من الحرکة ، وبالقلق والخوف من مصیر مجهول ، ومن مستقبل مظلم غیر واضحة المعالم والصورة .
بعد أقل من أسبوع واحد ، قصفت الطائرات العراقیة ، مدینة هلبجة ، وبالرغم من إن الخسائر کانت أقل ، مقارنة مع خسائر قلعةدزة ، إلا أن حقائق اخری طافت علی السطح ، وألقت بظلالها ، علی الوضع المتأزم ، وأثرت سلبا علی الحالة النفسیة للناس ، وزاد القیل والقل ، وبمرور الأیام ، بدأ الناس بقضاء معظم الوقت بالتکلم عن الوضع ، وعن النواقص ، وتوجیه النقد ، واللوم ، ومرات الکلام الجارح للمسؤولین ، والأجهزة المسؤولة ، التی بدأت هی بدورها ، من قبل بعض من التابعین لجهات علیا ، تحاول السیطرة علی الوضع ، وعدم فقدان زمام الامور ، إلی أن وصلت تدریجیا إلی مراقبة الناس وکبت الأنفاس ، وبالتالی إلی إشاعة الخوف والذعر بین الناس ، من إبداء آرائهم ، والتعبیر عما یدور بخلدهم . وأزال جهاز الپاراستن القناع عن حقیقتها ، وبدأت روائح فضائع معتقلات خلان ورایات السیئتی الصیت ، تفوح فی الأجواء . فکانت تلك الأیام فی الواقع ، حقا أیاما تلوح فیها ملامح الأیام التی نحن فیها الآن فی باشور .
الملك لە اذنان کاذن الماعز
کان ما کان فی قدیم الزمان ، ملکا – حسب الروایة – یعانی من تشوهات فی الآذان ، فکان مصیر کل حلاق یقوم بحلاقة الملك هو القتل . بحیث لم یبقی فی المدینة أی حلاق ، وأخیرا ، بعد جهد جهید لاقوا حلاقا لحلاقة الملك ، وبعد أن قام الحلاق بأداء ما علیه ، قال له الملك ، الآن ینبغی أن تقتل ، ولکن یمکنك أن تنقذ روحك بشرط واحد ، وهو أن تتعهد بعدم البوح بالسر لأی کائن ما کان ، فتعهد الحلاق ، وعاد من حیث أتی . ولکن کان دوما ، یدور فی ذهنه ما رآه ، ولم یستطع أن یبعده من داکرته ، وکلما مر الزمن شعر بذائقة نفسیة أشد ، وأصبح من الصعب علیه تحملها . إلی أن مرت یوما فکره بذهنه ، وهو یتخطی فی أطراف المدینة ، بعیدا عن الناس ، یفکر بما آل علیه حاله ، فرأی الفکرة معقولة ، ورأسا قام بتنفیذها ، وعمل ثقبا ، فی الأرض وصاح فیه بأعلی صوته ( للمڵك اذنان کاذن الماعز ) . وغطی الثقب ، وعاد إلی البیت ، وهو یتنفس السعداء . وبعد مدة وصل خبرا ، للملك بأن فی المنطقة الفلانیة هناك غابة من القصب ، عندها یهب الریاح یصدر صوتا ویقول ( للملك اذنان کاذن الماعز ) ، وتم إحضار الحلاق ، وذکره الملك ، بالعهد الذی هو تعهد ،. وحلف الحلاق بأنه ما باح بالسر لکائن ما کان ، لکن کل ما فعله ، إنه عمل ثقبا بعصا کان بیده فی الأرض ، وقال فیه ( للملك اذنان کاذن الملك ) .
إن المغزی من الحکایة هی إن الظالم مهما تجبر وظلم لا یمکنه إخفاء ظلمه ومفاسده من الناس ، ولا بد أن یأتی یوما ، وتظهر الحقائق للعلن ویفضح الظالم . ولا شك إذا کان لملوك الأمس ، آذانا کآذان الماعز ، فبالتأکید لملوك الیوم آذانا کآذان الحمار .
١٠/٠٥/٢٠١٦
اوسترالیا - سیدنی
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست