قوة حماية ايزيدخان تحت المجهر
Saturday, 16/04/2016, 17:56
منذ فترة وانا افكر ان اتناول موضوع المقال هذا، لكنني وددت ان اعطي نفسي بعض الوقت عسي ان افلح في لملمة ما يلزم من اشلاء الصورة، لايفاء الموضوع حقه لانه موضوع شائك و حساس و حيوي للمكون الايزيدي .
قد علمنا يوم الثالث من شهر اغسطس اب 2014 ان سنجار و ايزيدخان لن ترجعا الى ما قبل هذا التاريخ المشؤوم اية كانت التطورات اللاحقة لان هول الكارثة و حجمها و عمقها لم يتركا مجال للشك بان هذا اليوم حفر في وجه التاريخ، نقطة انعطاف كبيرة… و السؤال كان و لا يزال الى اين يؤدي هذا المنعطف بالمكون الايزيدي؟
كي لا نعيد محطات سنجار و الايزيديين مع القيادة الكوردية في الاقليم و قيادة الحزب الديمقراطي صاحب السلطة و النفوذ في ايزيدخان، نكتفي بالقول ان فاجعة سنجار وانهيار المنظومة الدفاعية هناك، بشكل مباغت و دون مقاومة، قد اطلق عنان التحليلات و التفسيرات، و بالمجمع العام فقد حمّل الشارع الايزيدي الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسؤولية الانهيار و الكارثة كما حمّل طبعا الدواعش الانذال مسؤولية الجرائم البشعة بحق الايزيديين الامنين.
براينا كمتابع للشأن السياسي العراقي و الكوردستاني فان هزيمة البارتي في سنجار و بعشيقة و بحزاني و مناطق اخرى في سهل نينوى كانت نتيجة حتمية لممارسات و سلوكيات سياسية خاطئة جدا ...سلوكيات بنيت في اسها و اساسها على التعامل مع المكون الايزيدي بكثير من الدونية و كثير من شراء الذمم لدى مفاتيح ايزيدية في عدد من اشباه المثقفين و اشباه الرجال من زعامات دينية و اجتماعية و من ثم تحويل الايزيدي الجائع المسكين الى مرتزق يموت و يحيا بفتات الحزب و دراهمه. واخر مهزلة مارسها الحزب في سلوكيته الدونية مع المكون الايزيدي هو ترشيحه و مع شريكه السياسي الاتحاد الوطني الكوردستاني ما يربو على السبعين من المرشحين من بني ايزيدا للمشاركة في اخر انتخابات البرلمان العراقي رغم ان عدد نسمة الايزيديين بالكاد تتجاوز النصف مليون !!! ولا احسبني غير منصفا للاتحاد الوطني الكوردستاني و نحن نحمّله شراكة مسؤولية تردي الامور في كوردستان عموما و ايزيدخان ليس استثناء لانه خدم حزب السلطة في كوردستان باعتباره حزبا مساندا مقتنعا بغنائمه في المناصب و الاموال في كل من بغداد و اربيل … علاوة على ممارسته هو الاخر سياسة شراء الذمم و تحويل الناس الى مرتزقة يعتاشون على الحزب في سابقة فريدة من نوعها في كل العالم ...اذ في كل العالم يمول الانسان الحزبي حزبه بالاشتراكات و التبرعات الا في كوردستان الحديثة حيث الاحزاب تمول الاعضاء … وهيهات لمن يقول للحزب من اين لك هذا؟!
عودة الى سنجار… بعد الفاجعة انفجر الوضع المتأزم اصلا كجرح متقيح فنادى الكل الايزيدي، و نادى الكل السنجاري و بصوت واحد … لا عودة الى ما قبل الثالث من اب بعد اليوم … فيا ترى هل فهمت اربيل و على راسها قيادة الحزب الديمقراطي تلك الرسالة؟ بكل تأكيد … لا .. لم تفهمها بل على العكس تجاهلتها قيادة البارتي وركزت اهتمامها عل امتصاص الغضب و الحزن، فسارعت الى حلول ترقيعية كعادتها و طبطبت على بعض الاكتاف الايزيدية تحت الطلب، و وعدت الايزيديين بمحاسبة المقصرين اشد حساب اي كان المقصّر… مرت الايام و تماطلت قيادة الاقليم حزبا و حكومة تعزفان على الوتر القديم في تسويف الامور ووضعها في سلة المهملات… اذ قالتا مخاطبة الذات : ما هي الا ايام معدودات و الايزيدي ينسى كل شيء و ترجع حليمة الى عادتها القديمة … لكن الايام ها هي تبرهن خطأ تلك الحسابات ...لماذا؟ لان الكثير قد تغير في المحيط الجغرافي السياسي … تعقد المشهد السياسي في سنجار الى ابعد مما تخيلته قيادة البارتي.
كي نفهم هذا التعقيد السياسي علينا ان نرجع قليلا الى الوراء ...لقد سبقت فاجعة سنجار سلسلة من التوجهات و القرارات السياسية المغامرة لقيادة الاصفر … يبدو لنا ان النجاحات السياسية السريعة و الكبيرة و التي حققها الديناصور الاصفر على ارضية مراهنة الامريكان عليه في العراق ، كان سببا في الحقيقة الى تكاثر خصومه محليا و اقليميا وحتى دوليا.
لقد مارس الحزب الديمقراطي الكوردستاني سياسة براغماتية مذهلة ضرب بها الكل بالكل فانشق اكبر منافسيه المحلين الى نصفين ضعيفين (خروج كوران من اليكتي) … وضرب السنة بالشيعة ففلش العروبيين ليخروا خاشعين تحت عباءة الحزب في اربيل بعد ان كانوا اشد و الد اعدائه، ثم رجع الاصفر ليضرب الشيعة المالكية بمريديه من العرب السنة و فصائل شيعية اخرى ثم انتعش محليا على حساب التناحر السوراني السوراني. اما الاحزاب الاسلامية فلم تكن مسالة تدجينهم بالامر الصعب ابدا طالما الامر لا يتجاوز منصبا وزاريا شكليا و حفنة من دولارات النفط فبها ولما لا؟ فكان للاصفر جند الاسلام مجاهدين مطيعين… ورئاسة دولة و حكومتها بقت ملكا في قبضة الديناصور الاصفر دون منازع… فمهد الطريق الى انقرة لتحالف كوردي تركي عجيب غريب بكل المقاييس الا بمقاييس الفساد والمليارات، فاردوكان مشهور كرجل ابتزاز اشبه بعصابة مافيا منه الى رئيس دولة، متحذلق و متقلب مزاجي من الطراز الاول، فما ان اشتم رائحة النفط الكوردي العراقي يضخ اليه شبه مجانا عمل على اعماء البصيرة لصالح الجيب الاردوكاني وان عن طريق اردوكان الابن او جماعة من الصعاليك حوله، وما اكثر الصعاليك هذه الايام، فدخل حلفا مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني … حلفا ما كان منه الا ان يكون على حساب الاخرين ! اذ التقت المصالح السياسية و الاقتصادية ...اما السياسية فكان التقاء المصالح على خصم مشترك كي لا نقول عدو مشترك … نعم الحزب العمالي الكوردستاني PKK ...الذي لم يعد يهدد اردوكان و تركيا فحسب بل ايضا نفوذ الديناصور الاصفر في غرب كوردستان التي اراد ابتلاعها في خضم الفوضي التي اجتاحت سوريا، لكنها عصت عليه و سبقه الى الابتلاع ال PKK, بعد ان قدم له بشار الاسد الشمال السوري على طبق من ذهب نكاية بتركيا و الحزب الديمقراطي الكوردستاني العراقي، لكي يفاجيء الكل و الجميع فكانت صدمة و خيبة امل كبيران للتحالف الديمقراطي الاردوكاني. وبينما كانت الخطط تحاك في انقرة لاخراج ال PKK من جبال قنديل فاذا به يسيطر على كامل كوردستان الغربية و اكثر، و كأن كل ذلك لم يكفي دخل الماركسيون اللينينيون (PKK) سنجار، بعد ان هزم منها الديناصور الاصفر، ووجد ال PKK موطيء قدم له في قلب ايزيدخان و في جغرافية ممتدة لجمهوريته الغربية …! و بعد ان ابدت قوات ال PKK صمودا بطوليا في وجه الاسطورة الدواعش في كوباني فرض نفسه على الساحة العسكرية و السياسية فحقق نصرا و نجاحا فاجيء الجميع اذ حصل على الدعم الروسي و الامريكي معا ...بعد ان كان حزبا ارهابيا على قوائم الغرب !!! اذن دخل ال PKK سنجار من اوسع ابوابها فحمل الايزيديات السلاح معه قبل الايزيديين مستقبلينهم كمحررين لا فاتحين و كانهم بذلك خلعوا نير التسلط و الاحتلال جراء القمع السياسي الذي تعرض له الايزيديين في السنوات السابقة. هنا اعني بهذا الالتفاف الجماهيري في سنجار حول ال PKK.
من جهة اخرى وجد شيعة بغداد نافذة مباشرة تفتح لهم و لاول مرة في سهل نينوى، كما وجد الاتحاد الوطني الكوردستاني فرصته الحقيقية في تثبيت قدم له في بهدينان و علي ارضية جديدة من نافذتها سنجار، و في امتداد جغرافي عسكري مع حليفه المقرب ال PKK . اذن في سنجار التقت مصالح خصوم البارتي اجمعين، الايزيديون الغاضبون الذين ذاقوا القمع و الحرمان من سياسة البارتي الدونية لهم، بغداد التي سئمت من هيمنة البارتي على سهل نينوى و سياسته التسلطية، ال PKK الذي قدمت له سنجار على طبق من ذهب، و الاتحاد الوطني الكوردستاني الذي وجد في سنجار المحل المناسب للم شمل الحلفاء و الاصدقاء … اذن كيف يتم نسج كل هذه المصالح التوافقية ضد هيمنة البارتي؟ يبدوا ان النسيج اسمه قوات حماية ايزيدخان …! نعم هذا هو الوليد الجديد للتحالف الخماسي (ايران، بغداد الشيعية، سوريا، PKK ، الايزيديون" الحيدريون") . من هنا ولدت قوة حماية ايزيدخان لكل طرف فيها مصلحته البينة و الواضحة و لكل دوره في الاداء … فالواجهة ايزيدية و بعلم ايزيدخان و تحت اسم قوة حماية ايزيدخان و التمويل بغدادي على اعتبار ان القوة هي ربيبة للحشد الشعبي مما يسهل من الوجهة القانونية و المالية تمويل قوات حماية ايزيدخان اما دور ال PKK فهو توفير القوة و الحماية العسكرية للايزيدخانيين ولكي يكون ذراع بغداد العسكري الايمن في سهل نينوى اذا ما لزم الامر و اما الاتحاد الوطني الكوردستاني فدوره يكمن في المدى القصير علي توفير الهوية الكوردستانية العراقية لهذه القوة و على المدى البعيد لتحل محل البارتي اذا ما كتب لطموحه هذا، النجاح. اما ايران فستوفر الدعم الاقليمي و الدولي من خلال روسيا.
تصريح السيد علي عوني:
على ضوء ما تقدم نقرأ تصريح القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني السيد علي عوني، اذ يقول : "أن حيدر ششو الموالي لحزب العمال الكردستاني ‹PKK› «يعمل وفق أجندات معادية للكرد ويدعمه حكومة العبادي والحشد الشعبي الشيعي»." ...انتهى الاقتباس.
السيد عوني يصيب في موالاة السيد حيدر ششو ل PKK ، كيف لا وهو اي السيد حيدر ششو عضو في اللجنة المركزية للاتحاد الوطني الكوردستاني الموالي و المقرب جدا من كل من ال PKK و ايران و حتى شيعة بغداد و ان بشكل اقل علانية.
و لكن ان ينعت السيد علي علوني، حيدر ششو بالعمالة لجهات معادية للكورد ...فقد يدان السيد عوني نفسه من فمه. ما هي الجهة المعادية للكورد هنا؟! السيد ششو عضو قيادي في الاتحاد الوطني الكوردستاني الشريك السياسي للديمقراطي الكوردستاني والطرف اكثر اعتدالا تجاه البارتي في السياسة المحلية … فهل يعقل ان يتهم السيد عوني الاتحاد الوطني بمعاداة الكورد؟ طبعا لا ..! الحزب العمالي الكوردستاني هو الطرف الاخر الذي يتعامل معه السيد ششو و ان من نافذة اليكتي … فهل يعقل ان يصف ال PKK بالاجندات المعادية للكورد؟!! مهما اختلفت الايديولوجيات السياسية ليس من المعقول اتهام ال PKK بمعادات الكورد… بغداد تتعامل مع السيد ششو … اقصد بغداد الشيعية … كيف يمكن وصفهم بالمعادات للكورد … والكل يعلم ان، لولا شيعة بغداد لما حقق الديناصور الاصفر كل هذه المكتسبات … فما الذي جعل الشيعة الان اعداء للكورد؟! لماذا حلّ لحزب السيد عوني ما يحرّم على الايزيديين و ششو هنا؟
اذن لم يبقي احتمال معقول لقصد السيد علي عوني هنا الا وهو ان السيد ششو يعمل وفق اجندات مخاصمة "معادية" للحزب الديمقراطي الكوردستاني وليس الكورد و شتان بين الاثنين طبعا… عندها نؤيده في الراي … نعم قوة حماية ايزيدخان وجدت كتحصيل حاصل لاجتماع مصالح اطراف سياسية لطالما احست بانها تحارب من قبل الديمقراطي الكوردستاني فاجتمعوا على مبدء قديم معروف "عدو … عدوي … صديقي" …
يمضي السيد علي عوني فيحذر السيد ششو من ان هذا المشروع تقف خلفه ايران اذ يقول في تصريحه ل ARA News:
«أن حيدر ششو يتحرك بحسب مقتضيات مصلحة المخابرات السورية – الإيرانية بهدف الضرب بمكونات إقليم كردستان العراق» ...انتهى الاقتباس.
هنا يصيب السيد عوني في تشخيص احتمالية دعم ايران للمشروع لمصالحها السياسية … ولكن ماذا عن تحالف حزب السيد عوني مع تركيا الاردوكانية؟ و ماذا عن استدعاء حزبه للقوات التركية الى ارض بعشيقة و بحزاني؟! ماذا تريد تركيا من اقليم كوردستان؟ لم شمل مكوناته؟! مساعدة الكورد على الاستقلال؟ لا اعتقد و لا يعتقد بذلك عاقل. اذن فالمسألة في نهاية المطاف هي مصالح حزبية ويا ليتها سياسية تصب في الامن القومي الكوردستاني…
لماذا ظهرت قوة حماية ايزيدخان؟
هذا هو السؤال الاهم الذي يوجب على قيادة الاصفر ان تسأل نفسها، لماذا وصلت الامور الى هذا الحد؟ نحن من جانبنا وبتحليلنا المتواضع نرى ان البارتي لا يلوم الا نفسه بالدرجة الاولى و الاخيرة … ان الذي اوصل البارتي الى المأزق السياسي الذي يجد نفسه فيه ليس في سنجار و ايزيدخان فحسب بل في عموم كوردستان ..هو جنون العظمة الذي اصاب هذا الحزب بعد المكاسب السياسية و المالية الهائلة و بمدة زمنية قصيرة. فقد بوصلته و تماسه مع جماهيره الاوفياء . مارس سياسة الضغط و الابتزاز مع بغداد، مارس سياسة فرق تسد، التخلص من الشركاء فور انتفاء الحاجة اليهم، تملص الاصفر من شراكته مع اليكتي الذي ضحى بالكثير من اجل شراكته مع البارتي و كاد ان ينتهي تماما بسسب تلك الشراكة. ضرب الشيعة بالسنة و العكس بالعكس. اما تعامل الحزب مع الايزيديين فحدث و لا حرج ...تعامل معهم بدونية و استخفاف ...اهمل محاسبة حرق المقدسات الايزيدية في شيخان في وضح النهار… تعامل باهانة كبيرة مع الايزيديين في ملف الطفلة سيمون … و تكرر الشيء ذاته في سنجار اذ لم يحاسب احدا في تلك الفاجعة ؟ كل هذه الاحداث اجتمعت فاكتملت الصورة لدى المكون الايزيدي بان ثمة خلل كبير في رؤية الحزب لهذا المكون … كل هذه الاسباب و اسباب اخري كثيرة دفعت بالايزيديين اخيرا الى هذا التجمع الجديد وهو ينطلق من: ما سنجنيه من التجربة الجديدة لا بد له ان يكون اكثر من الصفر على الشمال الذي كانت حصته المثبتة لدى القيادة الكوردية عموما و البارتي على وجه الخصوص … حذرنا و معنا الاخرون، الحزب الديمقراطي الكوردستاني من هذه السياسات الخاطئة تجاه المكون الايزيدي الوفي له لكن القيادة البارتية ابت الا ان تمضي في كبريائه و تعاليها على الكل و الجميع … وها هي النتيجة … و بات الموقف في سنجار مفتوحا على كل الاحتمالات.
املي من هذا المقال ليس ان ادعم طرفا سياسيا على حساب طرف اخر بل ان اضع بين يدي القاريء العزيز رؤيتنا المتواضعة بغرص حوار هاديء هادف ليس الا …
وللحديث صلة ربما اتينا بمقال اخر نتناول قوة حماية سنجار ايزيديا اي من وجهة نظر المكون الايزيدي ...نتناول فيه هذا المشروع بجوانبه السلبية و الايجابية اذا ما تبين هناك حاجة لهكذا مقال.
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست