العنصریة والإرهاب مخاطرة جدیة تهددان الإنســــانیة
Wednesday, 25/04/2012, 12:00
غطت وحشــــــیة الإرهابیین وبربریة تصرفهاتهم ، وتعریتهم وتجردهم من إنســــانیتهم ، ودمویتهم التی خرجت عن الحد والنطاق و بلاهتهم وحماقتهم اللتان فاقتا کل التصور ، خلال الســـــنوات العدیدة الماضیة ، شــــــراســـــة العنصریة الحاقدة وعــنجهیتــها وفظاعة کبر مســــاحة جرائمها و ذنوبها التی تکاد تغطی الإنســـــانیة فی کثیر من مواقعها ، حیث یمکن إعتبار - العـنصــــریة - أو النظر إلیها کأنها المصیبة الکبری التی لا تتوقع منها إلا الفواجع والمآســـــی ، والتی هی فی الحقیقة الخطر الأکبر والتحدی المخیف الذی تعانی منه البشـــــریة و تواجهه فی العصر الحدیث .
فإذا کانت المظالم و إســــتمرارها و بقســـــاوة و إشـــــمئزاز ، وإذا کان إنعدام العدل و شــــــیوعه بغطرســـــة و عــنــجــهیة ودون رادع أو خوف و دون وخز فی الضمیر ، و إذا کان الإحســــاس و الشــــــــعور بالیأس و الإحباط و دون ظهور أیة بارقة أمل فی الأفق لدی الکثیر الکثیر ، و لأمد طویل ولســــنوات و ســــــنوات و ربما لعشــــــرات الســــــــنین، وإذا کان حرمان الناس من أقوام و شــــعوب من أبســــط مقومات الحیاة والعیش بأمان إضافة إلی ســــلب إراداتهم و حجز ومصادرة حریاتهم ، کلها تمثل قوائم و دعائم یتکئ علیها الإرهاب و منها ینطلق ، و إنها تســــاهم و تســــاعد علی خلق و إیجاد أرضیة ملائمة و خصبة لنموه و إنتشــــاره ، کما نراه الیوم ، لکن العنصریة فهی لوحدها تمثل البیئة الملائمة و المثالیة لأقلمة الإرهاب و عــصرنته ، ولکســـب القدرة علی البقاء ولمقاومة الصـــعاب والتحدیات بهذا الشــــــکل الفظیح و المریب الذی هو فوق التصور و التفکیر .
و إذا کانت شــــــیوع المظالم و إنعدام العدل ، و الإحســــاس و الشــــــعور بالیأس و الإحباط و الحرمان من الحیاة ، و کبت الآراء و مصادرة الحریات کلها عوامل و مقومات و مغذیات مقویة یتغذی علیها الإرهاب ، فإن العنصریة هی لوحدها المنهل الوحید و المنبـــع الفرید الذی یشــــرب و یروی منه الإرهاب ، کما وإنها هی المنفذ الوحید والبیئة الملائمة التی یتنفس فیها الإرهاب تنفس الســعداء.
و إذا أمکن إعتبار الإرهاب بالمرض الذی بدأ یؤرق البشـــــریة ویحرم النوم من جـفـــونها ، منذ ســــنوات عدیدة ، فبلا شــــــك یمکن إعتبار العنصریة بالداء المزمن الذی تئن البشـــــریة و تصرخ و تتلوی من أوجاعـــه و آلا مه ، و من شــــروره و نحـــوره منذ زمن لیس بقریب . وإذا کان الإرهاب یفتك بجامیع من الناس ، فی مواقع معینة عدة ، فإن العنصریة تفتك بأقوام وتبید شــــعوب کثیرة وتهدد وچودها ومصیرها فی أماکنة کثیرة فی العالم . فإذا کان الإرهاب یواجه ویحارب من قبل کل القوی الخیرة فی العالم والقوی العظمی التی فی حوزتها إمکانیات وقدرات لا تعد و لا تحصی ، أما العنصریة فتحارب وتواجه من قبل أفراد و جماعات من شـــعوب و أقوام لقد عانت و تأذت لعقود وعقود من الزمن من العنصریة و أتباعها ومن رافعی ألویتها ، ألویتهم المزرکشــــــــة بمبادئهم الفاشـــــیة و المزینة بمعتقداتهم الشــــــــوفینیة . وإذا کانت ضحایا الإرهاب و وقوده فی معظم الأحیان هم أناس أبریاء ولکن ضحایا الطاحونة القدیمة للعنصریة فی کل الأحــــوال هم کلهم من أناس أبریاء و علی الإطلاق .
الإرهاب ، بإعــتباره وبائا مرضـــیا خطرا شــــاذا و فــــریدا و قابلا للإنتشــــار فی ظروف و أوضاع معینة ، و ســـــهلة التطبیق والممارســــة لدی بعض الناس الذین یتصفون بصفات ومیزات خاصة ، والذین یواجهون ظروفا وأوضاعا صعبة و معقدة و لیس بإســــتطاعتهم التغلب علیها أو عبورها ، فیصیبوا بالیأس والإحباط. والإرهاب یمکن أن یکون ســــلاحا شـــائعا - فی بقع جـــغـــرافیة معــــینة وأن یکون فی متناول أیدی بعض المتضررین نتیجة لبعض الظروف والأوضاع ، والحاقدین لســـبب من الأســـباب ، أو مرضی النفوس للإســــتفادة منه بغیة الحصول علی بعض المکاســـب أو لتحقیق بعض الأغراض ، لکن لحســــن الحظ لم یکن بإمکان الإرهابیین لحد الآن الخروج من جحورهم ومخابئهم والتباهی علنا و علی رؤوس الإشــــهاد ، بعــنتریاتهم و بلطجتهم ، لأنهم لم یکن بمقدورهم لحد الآن الحصول علی موطئ قدم ، وبعبارة أخری إنهم لم یحرزوا النصر النهائی والحاســـم فی أیة معرکة من معارکهم التی یخوضونها ، و فی أیة جبهة من الجبهات العدیدة ، فإذا أحرز الإڕهابیون النصر ، ولو کان ضئیلا ، أو إذا أرغموا آڵطرف المقابل بمجرد التفکیر فی الجلوس معهم فیکون بدایة دخول البشــــــریة إلی عصر عاصف مدمرلم یکن له نظیر و لن یکون له نظیرفی التاریخ االقریب أوالبعید
لیس أمام المجتمع البشـــــری أی خیار ســـوی مواجهة الإرهاب و محاربته بکل ما لدیه من قوة وما اوتیه من إمکانیات وعدم إعطائه أیة فرصــــة أو مجال للنمو والإنتشـــــار ، وإلا لخســــر کل ما أحرزه من تقدم وتطور و فقد کل مابناه من مجد وعز. فمحاربة الإرهاب لیســـت مهمة ســـــهلة أو امرا بســـــیطا کما یتصورها البعض ، بل إنها عملیة معقدة وصعبة للغایة قد تســــبب جروحا أو ندبا فی قلب المجتمع البشــــری وفی أعماقه و لیس من الســــهل مداواتها أو شــــفاؤها ، إن لم یکن الأمر مخططا بدقة و مدروســـــا بعنایة . فمحاربة الإرهاب فی المجتمع هی أشــــبه بعملیة إســـــتئصال الأورام الخبیپة فی المخ أو فی النخاع الشــــــوکی فأی إهمال أو إغفال أو خطأ أو قطع لأی عصب قد یؤدی إلی الموت المحقق أو إلی الشـــــلل التام وهذا بالتأکید خطر ما بعده من خطڕ . فمن الضـــروری إعطاء القضـــــیة الإهتمام الکافی والعنایة القصـــوی وذلك بإیجاد التعریف العلمی الدقیق والصـــحیح للإرهاب والإتفاق علیه دولیا وعالمیا ، و ینبغی عدم خلط الأوراق بین شــــــرعیة وحقوق الحرکات التحرریة للأمم والشــــعوب المتطلعة إلی الحریة والإنعتاق و بین الحرکات و الأعمال الإرهابیة التی تقوم بها جماعات و فئات من أجل الحصول علی مکاســـب و مغانم عــنوة وبدون وجه حق. فمن المفضـــل أن یوکل بهذه المهمة إلی الأمم التحدة ، و أن یکون هناك لجنة دائمة بإســـم لجنة محاربة الإرهاب ، فلیس الإرهاب عباره عن تفجیر الســــیارات المخففة اوالقنابل الموقوتة أو إطلاق النارعشــــــوائیاعلی مجموعة من الأبریاء وقتل وجرح عــدد منهم فقط ، فالإرهاب کذلك هو ماتمارس من ســــیاســـــة الإبادة الجماعیة والأرض المحروقة وطمـــس الهـــویة وإنکار وجود لأقوام وأعراق بشـــــریة من قبل دول و أنظمة إســـــتبدادیة فاشــــــیة ، وإن هذه الشــــعووب والاقوام قد یبلغ نفوســـها الملایین وربما عشــــرات الملایین من الناس. فإذا کان قتل وجرح عـــدة أشــــــخاص من قبل شــــخص ربما قد یکون غاضــــبا نتیجة ظلم ألم به و أفقده شـــــعوره ، أو غــــدر أفقده عقله ورشـــــده ، أو شـــــخص قد جن جنونه لســـــبب من الأســـــباب ، یعتبر إرهابا بحق . فلماذا قتل الآمال والأمانی فی نفوس وأعماق الملایین من الناس وتدمیرهم وإبادتهم معنویا ونفســــیا، وکذالك فیزیائیا ، لیس إرهابا ؟ . أو ڵیس تهدید الناس ، و مصادرة الحریات و کبت الأراء ، و ضج الناس فی غیاهب الســــجون والمعتقلات ،أو إمطار الحدید والنار و بغزاره علی رؤوســـهم وعلی بیوتهم و ممتلکاتهم وبدون وجه حق ، إرهابا ؟ وإرهابا بحق ؟ .
فإذا أراد الإنســــان ، أی إنســــان ، فی أی موقع أو درجة فی المجتمع وفی الســـلطة ، عالما هادئا وحیاتا آمنة وخالیة من الإرهاب ومآســــیه ، فینبغی ویتحتم علیه العمل وبکل جرأة وجـدیة لتجفیف منابع الإرهاب وقطع مصادره ، و هذا لن یتحقق أبدا ، إذا کان هناك من یرید الکیل بمکیالین ، أو إذا بقى القانون ســــوطا بید الأقویاء لقصم ظهر الضــعفاء .
لا یمکن محاربة الإرهاب و مواجهته بأیاد مرتعشـــــة و شـــــــفاه مرتجفة ، أو بغض النظرعن بعضهم أو الریاء للبعض أو منح الرشــــوة لبعضهم الآخر، أو مکافأة بعـــضهم و مجازات ضحایاهم إرضاءا لهم، کما هو الحال والواقع لأن مصالح طرف أو بعض الأطراف قد تســـــتدعی ذلك ، أو تســــمیتها بالســـــیاســــــة کما یدعون، فمحاربة الإرهاب الیوم ســــتکون أقل مأســـاتا وتکلفة من محاربته غـــدا ، فکل مهادنه أو مراوغه مع الإرهاب و الإرهابیین ســــتکون فی صالحهم و منفعتهم تماما ،وتکثر من مؤیدیهم و مناصریهم ، وتغلظ عودهم وتقوی من شـــــوکتهم وشـــکیمتهم ، و تزید من عمر الإرهاب و الإرهابیین و تکلف الإنســـــانیة المزید المزید من الدماء والدموع و تزید من ضخامة التکلفة و جســـــامة التضحیات . فینبغی محاربة الإرهاب والإســــتمرار فی مقاتلة الإرهابیین حتی النهایة ، مهما کانوا ومن کانوا ، وإزاحة الســـــتار عن وجوههم والوقوف بوجههم بکل عزم وثبات ، فینبغی فصل الأبیض عن الأســــود ، وکشــــف هویة الإرهابیین بکل صنوفهم و تلاوینهم ، و مشــــارکة کل الفئات والأطراف الأخری و کل القوی والجهات فی العالم فی مواجهتهم و وضع حد لهم ، قبل فوات الأوان ، لأن العالم کله یعرف حق المعرفة و یعلم علم الیقین هناك أطراف و جهات کثیرة تراقب الوضع عن کثب ،و تنتظر ظهور بوادر الفشــــل أو الهزیمة فی حرب الإرهاب ، حتی یخرجوا من مخابئهم و یعلنوها حربا مقدســـــة .
الکل یعلم بأن حــــرب الإرهاب هی لیســـت حربا تقلیدیة بل إنها حربا من نوع آخر ، لذلك إنها تحتاج إلی أســــلحة أخری إضافة إلی ما هی معروفة ، ألا و هی أســـــــلحة الشــــــفافیة و المصـــداقیة فی التعامل مع الشـــــعوب و الأقوام و ضمان ســـــلطة القانون وإشـــــاعة العدل والمســـــاوات.، بغیة إمکان القضاء علی الإرهاب والإرهابیین و دحرهم . کما ینبغی تعریف الإرهاب تعریفا دقیقا و واضحا لا لبس فیه ولا غموض . وکما لا ینبغی الکف والتوقف عن معاداة ومحاربة الحرکات التحرریة للشـــــعوب والأقوام المظطهدة فقط ، بل ینبغی مناصرتها ومســــاعدتها لتنال هذه الشـــــــعوب والأقوام حقوقها وحریتها لتعیش حیاة حرة کریمة و آمنة .
إننی أعتقد جازما . بأنه ینبغی علی کل فرد ، أینما کان فی هذا العالم ، أن یقوم بواجبه الإنســـــانی وذلك بمواجهة الإرهاب والإرهانیین وکذالك العنصریة و العنصریین و بالوقوف ضدهم . و إننی أؤمن جازما ، بأنه لم یکن و لن یکون هناك عمل أکثر إنســــــانیة من معاداة الإرهاب والإرهابیین و کذلك العنصریة و العنصریین و من محاربتهم . کما وإننی أعتقد و أؤمن و بحزم ، بأنه لم تکن و لن تکون هناك حرب أکثر قدا ســـــــة و أعظم قد ســـــــــــیة من حرب الإرهاب و الإرهابیین و کذالك من حرب العنصریة و العنصریین . ففی عالم یوجد فیه الإرهاب والإرهابیین و کذالك العنصریة و العنصریین لا حیاة فیه و لا أمان و لن یکون فیه حیاة أبدا و لن یکون فیه أمان مطلقا.
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست