التخوف من مصير ثورات العصر له مبرراته
Thursday, 03/05/2012, 12:00
اخذت الثورات و الانتفاضات التي حدثت في منطقة الشرق الاوسط منحا و مسارات مختلفة لكل بلد و منها في غير موقعها، و لم تختفي سعير نار بعض منها لحد الان، و كذلك لم تخمد منها بعد بعدما استئصلت الدكتاتوريات ايضا، و لم تصل بعض منها الى ما كان منتظرا منها ايضا، على الرغم من وضوح و سطوع بريق اللمحات القُطرية الخاصة بثورة كل بلد و التي تستند على التاريخ و الثقافة و الوضع الاجتماعي الاقتصادي و الوعي العام لشعب كل منهم . يمكن ان نسمي هذه الثورات بمسميات مختلفة، الا اننا لا يمكن ان لا نصنفها ضمن لائحة الثورات الاصيلة النابعة من رحم الشعوب ، و ان ازدادت التدخلات في ثناياها من قبل الايدي الخارجية المختلفة و الطامعة السيطرة على شؤون هذه الشعوب بطرق و اشكال متعددة ولاغراض و مصالح مختلفة . الاطار العام لكل ثورة و ابعادها و ما انبثق منها او ما افرز لنا، يعكس لنا جوهر كل مجتمع و توجهاته و مستواه و خصائصه العامة و طبيعة مجتمعه، ان ما نلمسه من الشكليات و المظهريات سواء في الفكر و العقيدة و ما ارغم المجتمع على التوجه ليس من ولادة التركيبة العامة للمجتمع بذاته بقدر ما فرض عليه عبر التاريخ و دون وجه حق و انما بقوة السيف، او بالترغيب و الخدع و الحيل الكثيرة ، وهذه تظهر للمتابع بشكل جلي و واضح بانها مزايا سطحية و من نتاج الاغبرة و المتراكمات الناتجة من جراء الغزوات و الاحتلالات التي تعرضت لها هذه المناطق من الشرق و الغرب، و اثرت عليها كافة الفلسفات بلا استثناء . و ان ما نحن متاكدون منه انه بمجر بمخاض بسيط لحركة التاريخ الساري بسرعة و ما تفرضه الاصالة من الصفات و العقليات ستنفض ما تجمعت من ما لم يتوافق مع متطلبات المجتمع و عقلياتهم و ما يعارضه ما حملته لهم حضاراتهم العريقة .
باعادة النظر في كل ما يجري و تداول القضية مع الذات و على عكس ما يفرضه الواقع، و باالتعمق في التمييز بين الاصيل و الحقيقي مع المزيف، و بقراءة ما فرضت فوقيا بقوة كانت او بالحيل و الخداع و اشهار السيف، يمكننا ان نبحث واقع ما حلت بالمنطقة و ما توجهت اليه هذه البلدان و ما يمكن ان تصل اليه ايضا بعد تلك الثورات و ما يمكن ان نستقراه و يمكن ان نتوقعه في نهاية المطاف بشكل حتمي،كي نكشف ما تحمله لنا المراحل المقبلة من حياة شعوب هذه المنطقة .
لو نستجمع النقاط المشتركة من كافة الجوانب بين البلدان الثائرة ، و ان كانت باختلافات بسيطة هنا و هناك، اننا نتاكد من امتلاك بلدان المنطقة لحضارات يشهد لها التاريخ و هي تفرض نفسها بان يحسب لها الحسابات الدقيقة من كافة النواحي، و ان كانت هناك محاولات شتى لطمسها نتيجة تعارضها مع الاحتلالات و الغزوات الفكرية العقيدية المختلفة بشكل عام و الدينية بشكل خاص،و التي تعرضت لها المنطقة في حقبات مختلفة من تاريخها، و التي كانت اتية اليها من خارج حدودها. ان ما نحن متيقنون منه فان عراقة هذه البلدان لا يمكن ان تسمح الى النهاية بان تخطف منها منجزاتها و منها الثورات من قبل من يحمل افكار غريبة عنها من الدخلاء ، ولو قورن بشكل واسع و بعمق تاريخ كل بلد قبل و بعد ما وصلت اليه الافكار و العقائد الغريبة عنه بالترهيب و الترغيب و النابعة من عمق الفكر و العقلية البدوية الصحراوية و من عقليات غير حاملة للافق الواسع للسمات الانسانية و الثقافة و المعرفة التقدمية التي وصلت اليها البشرية في العديد من بقاع العالم، اننا يمكن ان نقول انهاكانت مرحلة مشؤومة بشكل كبير، فاننا يمكن ان ننتظر النتيجة الصحيحة و الملائمة للعصر في نهاية الامر .
الى ماذا تؤول الاوضاع الراهنة، من يمتلك الحق في قيادة و ادارة الثورات، تحدث ثورات مضادة او مضللة، تخطف الثورات او تسرق في لحظة ما، تكون النتيجة النهائية للثورات عكس ما اندلعت من اجله، تكتمل الثورات بمراحل متعاقبة متعددة و متتالية او بفترات متقاطقة حسب ظروف كل بلد من حيث المراحل الزمنية اتسمت بمزايا معينة، من يقطف الثمرة في النهاية، كل هذه التساؤلات تجول و تصول في خلد كل متابع جدي لمصير هذه الشعوب و المتابع لمجريات الثورات و ما وصلت اليه . و انه لامر طبيعي ان تاتي بعض تلك الثورات في مراحل معينة منها بنتاج و وقائع مرحلية سيئة او عكس ما كان المنتظر منها، الا ان حركة التاريخ الاصيل التي تتصف به المنطقة و الاندفاع الكبير للشعوب و تصميمهم على عدم الاستسلام لكل طاريء غير مرحب به في اية لحظة ، يجعل منا ان نتفائل في الوصول الى النهاية العملية بسلام و صحة ، و ما يمكن ان تستقر عليه هذه الثورات في هذه البلدان الاصيلة وهم اصحاب الحضارات العريقة التي يشهد لها الجميع، في النهاية، على العكس من الاخريات التي لم تتحرك ساكنات نتيجة مستواهم و وعيهم العام المعلوم و ثقافاتهم التي لم تخولهم لحد الان التحرك من اجل مواكبة التاريخ والتقدم و ما تتطلبه العقلية الانسانية المتحضرة و الحداثة و التطور الاجتماعي الفكري الثقافي المصاحب لمختلف التطورات التي يشهده العالم، و هذا لا يعني انهم يبقون مطموسين في الوحل الى الابد بل ستنضج المرحلة التي تدفع بهم و ستصل ظروفهم الموضوعية و الذاتية لحال تجبرهم على التحرك و لا يمكن لهم ان يبقوا على ماهم عليه الى الابد، و لن تتمكن اية قوة امامهم لتصدهم ، على الرغم من استغلال قادتهم التخلف و الجهل المتفشي في بلدانهم من اجل مصالحهم في كل الاوقات و الازمنة كما نعلمه لحد اليوم .
لذا، ان كان التخوف من ما تقع فيه هذه الثورات محقة و له مببراته العديدة، فان وقوع ثورة بلد ما في مطبة في مرحلة ما لامر طبيعي، الا ان سعة التحرك المدفوع جراء الوعي العام و المعادلات العامة للعلاقات المختلفة في العصر الحديث كفيل لايصال القافلة عبر المراحل المتتالية نحو المحطة النهائية التي تكون لصالح الانسانية و التطور البشري بشكل عام . فازالة و خلع الدكتاتوريات و توفير الحريات و سلاسة التحركات و عزم الشعوب لم ينتج الا الصحيح ، و سياتي الدور المقبل على الشيوخ و الملوك التي نفذت مدة صلاحياتهم الزمنية و الفكرية و العقيدية، غير ان من الظروف المعينة الموجودة و الدوافع الضيقة المتاحة من القوانين الحياتية و الاعتقادات الانسانية التي مرت عليها الزمن ايضا، و التي تفرضها نفس البشرية الامرة بالنرجسية و الانانية هي التي تفرض لحد الساعة بقاء هؤلاء، الا انه ستسيطر العقلية الملائمة في لحظة ما لتنقلب الوضع على من يتمسك به بالقوة و ما لديه من الاسباب ، من المال و الجهل و التخلف و تقبل العبودية التي هي السلاح بيد المتسلطين دائما و تحميهم و ابقتهم لحد الان كسد منيع امام التغييرات المنتظرة. و العبودية هي التي دائما تحمي الجلاد و تسد الطريق امام التحرر الذي يُبنى دائما مستندا على اعمدة ثابتة من العلم و المعرفة و حماية المظلومين و توفير فرص المساواة و العدالة الاجتماعية .
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست