الأزمة العراقية الى أين؟
Friday, 15/06/2012, 12:00
يمر العراق اليوم بأزمة سياسية تعد الأكثر خطرا من بين الأزمات المماثلة التي شهدتها العملية السياسية فيما سبق، حيث تزامنت مع أزمات أخرى مستديمة كأزمة الأمن والخدمات (الكهرباء خاصة) التي يتقاسم جميع الأطراف المشاركة في الحكومة وبدرجات متفاوتة المسؤولية في عدم إيجاد السبل الكفيلة بتجاوزها الى اليوم. ومما يكسب هذه الأزمة خطورة أكبر كونها الأزمة السياسية الأولى بهذا الحجم التي تحدث بعد انسحاب القوات الأجنبية من العراق الذي أعطى دول الجوار فرصة أكبر للدخول على المسرح العراقي بقوة وعبر قنواتها السرية السياسية منها والأمنية والتي تؤكد إختراقها لكلا الواجهتين في المشهد العراقي.
وقد جاء يوم الأربعاء الدامي الثالث عشر من حزيران 2012 الذي حصد مئات الأرواح من العراقيين الزاحفين لإحياء مراسيم إستشهاد الإمام موسى بن جعفر (ع) ليؤكد سعي الأقطاب الإقليمية لترجمة مآربها عمليا عبر الأذرع الإرهابية التي ركبت موجة التناحر السياسي لتوجيه ضربة قوية للجدار الأمني الذي لم يمتلك والى الآن القدرة الكبيرة على صد مثل هذه الضربات خاصة مع وجود تحديات سياسية تختلقها بعض الأطراف تسهم هي الأخرى في خلق مناخ مناسب لمثل هذه الإنهيارات الأمنية ... فالقوى الإرهابية الموجودة في العراق تستثمر مثل هذه الظروف لتأكيد وجودها القوي على الساحة العراقية. فلايمكن لأي جهة نفي وجود الارهاب في العراق وفي نفس الوقت لايمكن انكار حقيقة أنه مصدّر من الخارج والمفروض أن تكون الأجهزة الأمنية إصلاحية وخدمية ولكن العكس هو ما يجري الآن.
حيث اتسمت الأجهزة الأمنية في معظم الدول الاقليمية بالروح الانتقامية في معالجتها للأوضاع الأمنية وهذا النمط من المعالجات لايمكن له أن يثمر عن نتائج ايجابية دائمية الأثر، فلربما يكون لها أثر ايجابي مؤقت ولكنها بلاشك تزيد الإحتقان لدى الشارع العراقي وتحيل دون استثمار دور المواطن في أن يكون جزءاً من الجهد الإستخباري للحد من الإختراقات الموجودة ، لذلك نخشى إنحسار ردود أفعال الأجهزة الأمنية تجاه الأزمات في عشوائية المعالجات التي قد تشمل أطراف بريئة من الممكن إستثمار دورها في الجهد الأمني بشكل عام ، خاصة وأن الشارع العراقي هو الأساس في أي نجاح لأي جهد استخباري مأمول للحد من الإنهيارات الأمنية المتتالية.
ومما يؤسفنا اليوم هو تسلل الروح الانتقامية الى المشهد السياسي حيث باتت أفعال وردود أفعال القوى السياسية تتصف هي الأخرى بصفة الانتقامية أيضاً سواء ما هو موجه تجاه الحكومة العراقية أو فيما بين بعضها البعض والذي يسهم بالضرورة في انتاج بيئة سياسية متوترة ومتصارعة سهلة الاختراق. وذلك أيضا هو دليل الاختراقات السياسية من قبل القوى الاقليمية للواقع السياسي حيث تغذي هذه القوى نفوذها من خلال تصعيد الإحتقانات السياسية وإحداث الانهيارات الأمنية لإعادة انتاج الفوضى.
أن الأرهاب والقوى الإقليمية المساندة له عاكفة على إعادة صياغة طرق تعاملها وآليات إختراقها للواقع العراقي بطرق جديدة ومتجددة ولكننا نرى في المشهد وعلى المستويين الأمني والسياسي هنالك أطراف عجزت أن تكون بمستوى التحديات المتعاظمة ولم تكتفي بذلك بل نراهم مُصرين على وضع العصي في عجلة أي تطور من هذا النوع سواءً سعت له الحكومة العراقية أو أي طرف عراقي آخر يحاول الإرتقاء بجهده الى، أو أعلى من مستوى التحديات المتسببة بهذه الأزمات السياسية منها والأمنية على حد سواء.
عبد الرحمن أبو عوف مصطفى/ كاليفورنيا
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست