الوضع العراقي بحاجة الى الحلول الجذرية
Saturday, 28/04/2012, 12:00
منذ انبثاق الدولة العراقية وفق الارادة الخارجية كما هو المعلوم، و من دون ولادة طبيعية كما هو حال معظم دول المنطقة، و لم تكن هذه العملية القيصرية التي اجبرت الدول المستعمِرة اللجوء اليها باسترضاء ابناء الشعب الذي يهمهم الامر، و لم يؤخذ برايهم بشكل صريح و مباشر باي شكل لكي يقرروا ما يؤمنون به بقناعة تامة، و علاوة على ذلك نُصب من ليس من رحم اي مكون منهم ملِكا عليهم ، و الهدف هو ضمان بقاءه خادما مطيعا منفذا لمصالح المستعمِر بعد جلائه كما حدث فعلا لمدة طويلة . و المشاكل و التعقيدات و الاحتكاكات و الحروب المتكررة التي واجهت هذا الشعب و حاله المعروفة هي من نتاج ابعاد و تداعيات و مقتضيات تركيبته الموزائيكية و تنوعه القومي و الديني و المذهبي غير المنسجم اصلا، و ليس كما يقال في المزايدات السياسية من عكس ذلك تماما، و لغرض ذاتي و كما هو مبيت في نفس يعقوب و ليس خدمة الشعب و مستقبله . و حتى اعترف بهذه المواصفات ملكه المنصٌب و اعتبر ماموجود في العراق ليس شعبا و انما مجموعات ومكونات و قبائل و تجمعات كما هو المعلوم لدى الجميع، نتيجة ظروفه الاجتماعية و العلاقات التي تربط مكوناته، اي انه اعلن بصراحة بان المجتمع لم يصل الى تكوين بمميزات يمكن اعتباره شعبا متكامل الجوانب من حيث الشكل و المضمون، و هذا صريح و صحيح، و كان محقاو معبٌرا بصدق عما كان يراه و يقيٌمه بوضوح، و لم يتغير الواقع الموجود لحد اليوم بطبيعة الحال، و انما تقدم خطوات في مراحل معينة و تخلٌف خطوات اكثر في مراحل كثيرة من تاريخه، و قلَ من تكلم و تجرا و يتجرا من القادة بهذا النوع الحقيقي الواقعي من الكلام، و خاصة من هم على سدة الحكم ، و ليس لخطء في هذا الوصف و انما لاسباب سياسية مصلحية بحتة يتمسك بها قادة اليوم . لذا، ان كنا واقعيين و نقيٌم حال العراق الان مستندين على افرازات و تراكمات التاريخ و تاثيراته، و من اجل بيان الحقيقة باخلاص لجميع مكونات شعبه، و ان كنا لا يهمنا غير الاستقرار و التقدم و مصالح مكوناته، و هدفنا الاسمى هو خدمة اجياله القادمة لمنع مروره بتلك الظروف القاسية المريرة، و لضمان نسبة مقنعة من حياتهم و مستقبلهم، فكل ما ننويه هو طرح الحل الجذري لبناء السدود المطلوبة امام تكرار المآسي و مشاكل شعوب العراق نهائيا و قاطعا، دون ترقيع هنا و هناك . فلابد من طرح و توضيح ماهي الطريق و الاسس اللازمة للحلول الجذرية البعيدة عن المصالح المختلفة و المزايدات السياسية و سبل منع التدخلات الاقليمية و العالمية التي لا خير فيها بتاتا . كما نعلم اننا لم نصل لمرحلة ان نعتقد باننا قادرون على ارساء ارضية رصينة لبناء صفة المواطنة و ابعادها المعتمدة على المساواة و العدالة الاجتماعية البعيدة عن جزء سيد و اخر مسيود، فلابد من عمليات قيصرية متعددة مضادة لما اجريت منذ عقود، و تكون معتمدة على العقليات المتنورة و بشجاعة فائقة من قبل اطباء سياسيين لا يهمهم سوى مستقبل هذا البلد و راحة شعوبه و ضمان معيشة ابناءه و مستقبلهم، من دون مسكٌنات مؤقتة متتالية كما سرنا عليه دائما خلال العقود الماضية،و هذا اجبرنا الى ما وصلنا اليه اليوم ايضا. تكررت الاخطاء و اعاد التاريخ نفسه لمرات و ذاق الشعب مرارة ما حل به باستمرارنفرض عليه نفسة و ثقافة جعله في حال دون ان يؤمن بمستقبل مريح و ضمان له، و ليست الخطابات و الوعاظ الصادرة من العديد من اصحاب القرار و المصالح الا انها تنبعث من زوايا ضيقة و من اجل اهداف و مصالح و مواضيع معينة ليس الا . هذا الكلام لا ينطبق على العراق لوحده فقط و انما يشمل اغلب دون المنطقة .
ان تعمقنا فيما نريد طرحه هنا و بعد التوغل في ثنايا التاريخ لبيان مسيرة الدولة العراقية و المحطات التي مرت بهاو المشاكل العويصة و القضايا المعقدة التي يعاني منها هذا البلد، تواجَهنا مع مجموعة من الحلول الناقصة التي طرحت لكل مرحلة، و جميعها منسقة و مبنية على الظروف و الاوضاع المرحلية التي مرَ بها العراق فيه، و لم نجد الحلول الاستراتيجية وفق خطط و برامج مستندة على العوامل المؤدية الى التغيير الجذري في المسار و قطع الطريق امام تكرار الحالات و الحوادث و بروز المشاكل من جديد، خطة متناهية الدقة لقطع دابر المشاكل نهائيا. اي اننا واجهنا حلولا قصيرة المدى و جميعها كانت حلول ترقيعية مرحلية اجبرتها المضايقات و الظروف السياسية او العسكرية او فرضتها الظروف الموضوعية احيانا و الذاتية في اكثر الاحيان .
لو كنا مصرين على الكلام و الطرح بصراحة و من غير مجاملات التي لا تحمل اي حل ولو مؤقت، و بعيدا عن اية خلفية، داعين للخير الكامل و هدفنا الاسمى هو ما يهم الانسان و الانسانية للشعب العراقي بكافة مشاربهم، بعيدا عن التوجهات و النظرات و الافكار و الاعتقادات المتنوعة الضيقة، و التي ازدادت نسبها بعد تحرير العراق ، و واستوردت الينا من كل حدب و صوب، ان كنا معتمدين فقط على العقلانية و الواقعية و الانسانية في فكرنا وتعاملنا ، هادفين الى تقدم هذا البلد كما تهمنا مصلحته و من اجل ضمان العدالة الاجتماعية و الامان و السلام و الاستقرار و تحقيق اهدافه، و ان نتنعم بالحرية غير نافين للاخر، بعيدا عن الحزبية و العقيدية و الايديولوجية المقيتة التي تدفعنا في اكثرالاحيان الى عكس الما يضمن مصالح العامة، لابد ان نعلن الخطوات العملية الواقعية الممكنة التطبيق و التي تعتبر الحل الجذري النهائي و ليس المرحلي، و يجب ان نكون متاكدين من عدم بروز الاشكاليات المانعة لسير الخطوات او اي احتمال يغيٌر او يعكس سير مجرى الحلول عند المرور باية محطة .
بعيدا عن العاطفة و المصالح و المثالية في الكلام التي لا يفيدنا ابدا، و خاصة في هذه المرحلة المفصلية الحساسة الخطرة، و التي تعتبر مفترق طرق لاختيار المسار السليم الصحيح المناسب لحل ما نحن عالقين فيه منذ عقود. بعد القراءة المتعددة و المتانية و المتعمقة لتاريخ العراق و ظروفه الاجتماعية الثقافية و انتماءاته المختلفة و الافكار و العقائد المسيطرة على شعبه و وعيهم ، و بعد هذا التاريخ المضطرب من التعايش، مرات ضامن بسلام احيانا، و ان تخللته الحروب و المآسي احيانا اخرى، نحصل على نتيجة صريحة بانه كان تعايشا مفروضا فوقيا سواء نتيجة خوف او ظروف متعددة فرضت السلام الهش على هذا الشعب حقا، دون انسجام او تجانس ذاتي، و دون تقدم ولو لخطوة واحدة نحو ترسيخ ارضية المواطنة الحقيقية لجميع المكونات التي تشكل الشعوب العراقية، و كانت هذه التوجهات و الاعمال نتيجة دوافع و ظروف و اسباب قاهرة فرضتها تراكمات التاريخ و مسيرة حياة المجتمع و الكلتور الذي فرض نفسه، و هذا لا ينطبق على العراق لوحده و انما على غالبية الدول المشابهة للعراق و التي تعاني من ما يمكن ان نسميه بالامراض بشكل نسبي تقريبا.
السؤال المهم اليوم ،و نحن في مرحلة لا تشبه لحد هذه اللحظة ما مرينا بها من قبل في كثير من الحالات و الجوانب، وعندما بادر هذا الشعب من الخلاص من الدكتاتورية بتدخل خارجي كما بنيت الدولة بتدخل خارجي ايضا، و بعد ان بادر هذا الشعب في بناء خطوة ما نحو الاستماع الى الراي الاخر دون قبوله لحد اليوم، و بعد ان اعيد الحق الى المكون المغبون منذ مدة و هو الاكثرية التي يستحق السلطة الان، و وصل اليها في العراق اليوم بعد ماساة طويلة، فهل يمكن ان نتظر ان يعيد هذا المعتلي على السلطة خطا الاخر المسيطر الذي كان منذ عقود يسحقه و يمارس الاعتداء و الظلم بحق من ظلمه من المكون من قبل، او ضد من كان شريكا له في التظلم، ام يستهل مهامه الرئيسي في اعادة الحقوق كاملة لاصحابها و ليس لوحده فقط، هل يتوجه نحو الطريق المسالم و يبدا بمبادرة جريئة عاقلة في الاشراف وتفعيل و تحقيق عملية جراحية سياسية اجتماعية جذرية، و هي خطوة ابداعية في ايجاد الحل النهائي للقضايا التاريخية الشائكة المعقدة، التي لا تُحل الا باستئصالها قطعيا، وكما يعاني منه الشعب الكوردي منذ عقود . و به يكون نموذجا حيا و عصريا يُحتذى به من الاخرين و يكون في طليعة من يُقدِم على الافعال الخيرة و يقدٌم درسا للمنطقة جميعا، ام يخيب ظن من يؤمن به و ليس بمقدوره الابداع من اجل الخدمة الانسانية قبل اي شيء اخر، و كل ما يقدر عليه هو الاقتداء بالاخرين و من كان قبله مهما كانت افعالهم و توجهاتهم و حلولهم الناقصة و افكارهم و اعتقاداتهم و سايسياتهم الخاطئة و لا يمكنه الخروج من دائرة الحلول الترقيعية الناقصة المعيدة للماسي و الدافعة لبروز المشاكل مرات و مرات،، و لم يبق للشعب الا دفع ضرائب اخطاء الاخرين و هم يكررونها دوما، من دون الاهتمام بالامور الخاصة وفق العقول و الابداعات التي هي من منبع العراق و بلاد ما بين النهرين، و التي يشهد لها الجميع . ان المتغيرات العصرية التي فرضت نفسها ليس لها مثيل في التاريخ و لم نجد سابقا ما يؤثر فينا بشكل مباشر كما هو اليوم، و في المقابل تفرض الخصوصية نفسها بشكل و اخر، نتيجة الاحتكاكات من جانب، و التواصل و التماس من جانب اخر . خير قائد هو من ابدع و غير مجرى التاريخ نحو الاحسن، و الفرصة اتية ان تقدم مَن كان له الامكانية و الجراة و الشخصية العالمية .
من المؤسف ان اقول انني متشائم، لانني كلما اتفائل بحلول و مبادرات تعلن هنا و هناك اتاكد بعد أوان بان ما تسمى بالمشاريع و الحلول على الورق ليس الا لاهداف و مصالح انية نابعة من مقتضيات المصالح الحزبية العقيدية الضيقة، و كما يمر علينا في هذه الايام ما نتلمسه في كل من يتبارى الى اعلان ما لديه من الخطوات و البنود للخروج من النفق ، و بعد ذلك و بعدما نتطلع على التفاصيل اننا نكتشف بانها نظرات مصابة بقصر النظر لم تحتو الا على تلميع و ترصيف الكلمات لتلك الاهداف التي تعبر عن مساحة حزبية شخصية منطقية عقيدية ضيقة فقط، و التي يُراد بها انتهاز الفرصة المتاحة بعد تضخم المشاكل و بروز الخلافات المتكررة من اجل الحصول على نتيجة من تلك المعادلة لكي تقع لصالح تلك الاهداف الضيقة فقط .
و لهذا، لا يؤمن الشعب العراقي بجيمع مكوناته بمن فيهم المنفتحين على الاخر و المتفائلين دائما بامكانية ايجاد نهاية متنورة للنفق المظلم من المبادرات المختلفة و التحليلات و اللقاءات المتعددة للقادة، ناهيك عن الكم الهائل من التصريحات الاعلامية و البالونات السياسية و التحليلات المظهرية السطحية الخفيفة الشان، و بعض من الكلام النابع من العبثية التي يعيشها بعض ممن يقتاتون على الفتات من على ابواب اصحاب الاموال و القرار، و لا يهمهم الا بطونهم و يومهم فقط، و هو ما يؤثر بشكل او اخر على التوجهات و القرارات الحاسمة الخطرة للقادة، لانهم ايضا بشر و تؤثر فيهم العواطف و الكلام و انهم من رحم هذه الثقافة و المعرفة و الحياة الاجتماعية و الظروف العامة و المستوى الثقافي و الوعي العام و الكلتور الخاص بهذا الشعب .
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست