البحث وراء الحقيقة دائما ام توهيم الذات احيانا
Wednesday, 26/12/2012, 12:00
يقول علي الوردي: يحاول دعاة الحقيقة في كل حين ان يكافحوا الاوهام بين الناس، و ما دروا ان الوهم ربما كان انفع من الحقيقة احيانا، فلو ان الانسان عاش على الحقيقة وحدها لفنى منذ زمان بعيد .
ان الانسان بطبيعته، يحاول في اكثر الاحيان ايجاد مساند مختلفة مادية و معنوية لما يريد هو ان يدعيه بانه الحقيقة و يثبته في نتاجه العقلي و الفكري، و لاي موضوع او توجه يعتقد بانه هو الذي يوصله لصلب الحقيقة في الحياة . عندما يحتار و لم يجد ما يشفي غليله من عدم حصوله على ما يقنعه بذاته فيذهب بعيدا، اي اما ان يتخلى عن اعتقاداته او نواياه او يتطرف في الجهة المعاكسة لما كان يغوص فيه . لذا، قيل سابقا، فمن آمن بحجر فقد كفى، و ان كانت المقولة بسيطة في التعبير او لاجل موضوع اعتيادي معين، الا انها يمكن ان تفيد في اعقد الامور. اي الاعتقاد او الايمان ليس بالضرورة ان يكون بدين او ما وراء الطبيعة او خرافة او اسطورة معينة، و ايضا في المقابل، لم نصل لحال نجزم باننا نفهم حقيقة الحياة و نعرف ما يكنه لنا الكون لاننا لم نلمس سواء بشكل تجريبي او بدلائل قاطعة غير مشكوكة فيها و غير متحملة لاسئلة مصيرية ماهي البداية و الزمان و المكان و النشوء، اي الاعتماد على العلم بشكل مطلق . العقل القاصر و الواقع و التربية بجميع مصادرها تفرض حقائق و ان كانت مظهرية او يمكن ان تكون وهما في جوهرها و اساسا و غذائا للعقل، انما العقلانية و الانسانية في التوجه و الحرية في التفكير و العمل و البنى الفوقية الملائمة؛هي التي تقرب الانسان نسبيا الى الحقيقة النسبية، و يمكن الوصول الى ارقى صفات للعلو بالعقل و السلوك او الاخلاق الجميلة او ما يمكن ان نميزها بانها التوافق و حب الناس جميعا في الجانب الاجتماعي بعيدا عن العقيدة الخيالية و من صنع الازمنة الغابرة التي نفذت مدة صلاحياتها عند العقلية البشرية، او الاستدامة على العلم و المعرفة .
بكل تاكيد يحتاج الانسان الى ما يمكن ان يصب لصالح استمراره الحياتي او المعيشي من الجانب البايولوجي و الفكري معا، و هذا الذي يدعه او يجبره ان يخفي نفسه وراء ما تفرضه اساطير او خرافات او عقائد او طقوس، يمكن ان نسمي قاعدتها وهمية من الاساس، و هذا ليس بخارج عن الذات و ما يفرضه في اكثر الاحيان هو النفس البشرية و خيالها. و لكن ما يمده الحامل المقتنع بوهم ما هو دعمه و استمداد طاقته المطلوبة لاستمراره منه، و يمكن ان يكون دافعا لتقدمه بالاتجاه الصحيح او بالعكس تماما . فالارضية و المحيط المباشر للفرد من اهم العوامل لبنيان وعيه في تحليل ما يعتقده للربط بين ماضيه الحامل للتمثيلات المتناثرة للنظرات الى الحياة و الاعتقادات اوالافكار القاصرة، و هي مخزونة في دروج ذاكرته و ما اثر فيه حاضره المتغير من حيث عقليته هو، او المجتمع المتغير المؤثر فيه، و ما زادت المعرفة نسبيا فيه ،و تاثيرات العمر و التجارب و الصقل الفكري و العقلي لديه عندما يصل الى الرشد العقلاني .
اذن البحث وراء الحقيقة باستمرار، ربما ياتي بنتائج سلبية او معاكسة ، فالعقل كما هو الانسان بذاته يحتاج الى استراحة مقاتل ايضا، و هنا يمكن ان تنبثق او تبنى هذه الاستراحة من خلال الاوهام و توهيم الذات لمدة معينة، و هكذا .
للربط بين العمل العقلي الجاهد و المتواصل في الغور في مطبات البحوث المعقدة لاسرار الحياة و العيش في واقع معين بسلام، لابد ان تكون هناك اتفاقية عقلانية مع الذات للتصالح مع الوهم من خلال مساومة، و انه لمصلحة حقيقية من اجل انتاج اغزر في الطريق العقلاني الصحيح . الحياة اعقد مما يتصوره البعض عندما يتبع نهج معين او فكرة ما، و حتى ان كانت بسيطة فيغتر و كانه يعرف الحقيقة كلها و ليس سواه الا مغفل، و لكن كلما تراكمت المعرفة اكثر ازدات التواضع في الاعتقاد بامتلاك الحقيقة، و ارتفع به مستوى العالم الانساني، و حينئذ يمكن ان نعتقد بان الاوهام تنمحي او تضمحل من خلال المسيرة العقلانية الصحيحة و اكثريتها كانت ضرورية في مرحلة ما من حياة البشرية المعقدة . وكلما اكتشفت الحقائق اكثر كلما زادت فرصة زوال الاوهام، و بعدئذ يمكن ان نقول اننا لا نحتاج لاستراحة الخوض في الوهم الضروري للاستمرار .
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست