مجيء الشيخ عدي بن مسافر الى لالش ... دلالات و استنتاجات
Friday, 28/03/2014, 12:00
عندما تطرح فكرة اصلاحية تمس اقل تماس الدين و عالمه المقدس المفترض المفروض ليس الا ... لا تتوقع بطبيعة الحال ان يفهمك، و لا حتى يتفق معك كل من احتك بافكارك. لا يزعجني ذلك ابدا ...ما يزعجني كثيرا ...عندما لا يكون الانسان الذي يعارض فكرك صادقا مع نفسه في اختلافاته معك قبل غيره. يزعجني حقا عندما يفرز سمومه في كل مستحضر يراه لا يتوافق مع افكاره الجامدة التي اكل عليها الدهر و شرب. ناهيك عن ان جل ما يعتبرونه ثوابت ما هي في الحقيقة الى وهم لا وجود له، اللهم في ادمغة فئة من الديماغوجيين الشعبويين والذين يستغلون العاطفة الدينية لدى الناس الابرياء من خلال خطاب سطحي ساذج و بسيط..
يكلمونك عن الثوابت الدينية، ثوابت لا يمكن لها ابدا ان تكون ثوابت، لان ذلك يتصادم مباشرة مع المنطق و التاريخ و الحقائق ...
فكر معي ايها القاري العزيز و ليفكر معنا كل العقلاء من غير المصابين بداء الغرور الفارغ. كيف يستقيم الامر مع اقوال فئة نصبت من نفسها مدافعين عن الدين من خطر الكفار!، و هم يغالطون انفسهم و يغالطون العقل و المنطق و يغالطون التاريخ و حقائقه تملقا الى للشعبوية لدي الانسان الايزيدي المغلوب على امره....
التاريخ الايزيدي يقول مثلا ان الشيخ عدي اتى من بيت الفار من اعمال بعلبك الى لالش حيث استقبله الايزيديون الذين كانوا على موعد مسبق معه ...
قرأت في بحث قيم للاخ الكاتب ال د .عدنان زيان فرحان و المنشور حاليا على صفحة بحزاني نت تحت عنوان "تاريخ الامارات الكوردية الايزيدية" ما يبين و يدعم كلامنا حول حقيقة مجيء الشيخ عدي الى الايزيدية في حوالي سنة ١١١٠ م، لا بل يذكر الاخ الدكتور بكل وضوح ما يعنيه الكل الايزيدي ضمنا، لكنه يتجنبه قولا ، الا وهو دخول الشيخ عدي العقيدة الايزيدية بعد ان تبنى و امن بفكرة طاؤوس ملك و المقصود هنا فكرة الخير و الشر التي تشكل جوهر، لا بل جوهرة العقيدة الايزيدية التي امن بها الشيخ عدي. لكم هذا الاقتباس من بحث الاخ د عدنان زيان :
<< ..... ويذكر الكورد الايزديون ان الشيخ عادي الهكاري اعتنق الديانة الايزيدية وآمن بعقائدها القديمة معتمدين على نص ديني يقول فيه الشيخ عادي بن مسافر الهكاري.
ذ دةرةجىَ هةتا دةرةجىَ
شيَشمسة خودانىَ فةرةجىَ
ئةم دىَ دةست ودامانيَت شيَشمس تواف كةين
شونا كةعبة ... وحةجىَ >>
انتهى الاقتباس.
انا لا افهم منبع كرامات الشيخ عدي بن مسافر بمعزل عن ايمانه بطاؤوس ملك و عقيدته التي وصفتها انا بالقطبية على عكس الثنوية الكونية في الديانات الابراهيمية الاخرى او بمعنى اخر ان الخير و الشر متحدان لا منفصلان، و لا لاحد منهما و بمستغن عن الاخر قائمة تقوم...! النص الايزيدي صريح (النص اعلاه) بان الشيخ عدي يقر باحلال لالش محل كعبة الله حجا له كما كان للايزيديين من قبله وقبل مجيئه!!!
لا ابوح سرا و لا انا ات بجديد ان قلت ان الشيخ عدي، و تحت يافطة "الحد و السد " قد اسس ما يمكن تسميته بعقيدة جديدة من خلال التزاوج بين العقيدة الايزيدية التي تمتد بجذورها الى عمق حضارة وادي الرافدين و فكره الصوفي العدوي. بل اصبحت الايزيدياتي في مظهرها طريقة صوفية عدوية لها شيخها و طريقتها و مريديها. و هذه هي الاركان الثلاثة او اعمدة اي طريقة صوفية. الفريد هنا مقارنة بالمتصوفين الاخرين هو هذا التلاقح الصوفي الايزيدي عمليا و على ارض لالش.
لا ينسى كل عاقل ان الشيخ عدي لم يكن وحيدا طبعا في افكاره الصوفية و لم يكن من الاوائل بل كان من اللاحقين منهم، فلقد سبقوه كثيرين في تلك الحقبة الزمنية التي تصدى البعض تحت اسم الصوفية فكرة الخير و الشر في المفهوم الاسلامي.
لقد وجد المتصوفون بعرفانهم و عقلهم ان العالم الاسلامي قد وصل الى طريق مسدود فيما يتعلق بفكرة الخير و الشر الذي اتخذ اكثر الاشكال تطرفا لدى الاسلام مقارنة باالاديان التي سبقته. و على وجه الخصوص فكرة الشيطان الاسلامي الذي تجاوز الحد الادنى من المعقولية ...رفض الصوفيون هذه الفكرة، اعني فكرة لعن الشيطان و رجمه و اتخاذه شماعة لكل الاخطاء و الخطايا و قالوا بان ذلك ليس سوى تهربا من المسؤولية و دعوة الى الكسل.
انا الراي عندي بان هذا التجنب الصوفي لفكرة الشيطان الاسلامي عموما و رجمه على وجه الخصوص تكاد تتطابق مع العقيدة الايزيدية التي يذهب ابنائها الى اكثر من هذا التجنب بحيث شمل التجنب الايزيدي حتى ذكر اسم الشيطان ...الامر الذي فسره كل من اراد ايذاء الايزيدية و عن غاية مرصودة ، على اساس الايزيدي يعبد الشيطان !!! هذا الظلم المتعمد قد كلف ابناء العقيدة الايزيدية انهارا من الدماء غدرا و بهتانا. لقد ان الاوان للايزيدي ان يفهم جمال و حقيقة و قوة عقيدته و ان يتعرف على الغث من السمين. ان يتسلح باركان عقيدته الحقيقية سلاحا فكريا قويا للدفاع عنها و تعريف العالم بها على حقيقتها لا حقيقتهم. هذه هي الحداثوية التي نريدها اصلاحات ضرورية.
بالعودة الى الصوفية، فلم يكن حال رجالاتها بافضل من حال الايزيدي المسكين بل حصد الفكر الاسلامي الشمولي منهم فطاحل العقل البشري من عقول و مفكرين كبار و بابشع الطرق من تقطيع الاوصال و حرقها و صلب الجثث كما هو الحال مع جريمة قتل الصوفي حسين بن منصور الحلاج(٨٥٨م \ ٩٢٢م).
لا اظنني اغالي ان ادعيت بان المتصوفين انما تبنوا و من حيث المبدأ فكرة العقيدة الايزيدية عن مفهوم الخير و الشر و من هنا يرد ذكر الكثيرين من ضحايا هذا الفكر من المتصوفين في النص الايزيدي من امثال حسين الحلاج و بايزيد البسطامي و مير ابراهيم ادهم و حتى اتحاد الشيخ عدي مع الايزيدية و عقيدتهم، لا يمكن ان يفهم خارج هذا السياق التاريخي.
عليه من الغباء جدا التزمت بسذاجة و سطحية عاطفية في محاربة العقل لصالح جهة النقل الاعمى، بل نرى لزاما على كل من يريد فهم العقيدة الايزيدية فهما حقيقيا عميقا ان يفهم التصوف عموما و الاسلامي منه على وجه الخصوص، اضافة الى فهم النص الايزيدي بعيون متفتحة و بعقل اكثر تفتحا منها و بحيادية سياسية كاملة بعيدة عن كل التملقات السياسية المادية الزمنية. على الباحث عن الحقيقة و الحريص على العقيدة ان يرجع الى مجيء الشيخ عدي الى لالش ففي ذلك دلالات و استنتاجات لا يصح التغاضي عنها.
الاصلاحيون لا يريدون نسف الدين و لا ايذائه رغم ادعاءات كل البهلوانيات التي ناصبت الاصلاحيون العداء دون وجه حق. نريد تفعيل العقل في فهم النقل لا نسفه.
باي حق و على اية حقائق تاريخية تستندون اذن في محاربة الاصلاحات التي تشكل جزءا من ديناميكية و حيوية هذه العقيدة، و خير مثال و دليل هو مجيء الشيخ عدي بن مسافر نفسه داخلا للعقيدة و مصلحا لها ...غير الشيخ ما كان فيها و غير من سننه ايضا هو و غير فيها من جاء من بعده. هذا الامر يفند تماما فكرة الجمود العقلي لدى الايزيدي اصلا، بل على العكس ها هو الشيخ نفسه صاحب الحد و السد دخل العقيدة ؟؟؟ اذن ما الجديد و الغريب في الانفتاح بعد ما يقارب الف سنة من حدوثها؟!! التزاوج بين الطبقات كان جاريا قبل مجيئه و حدث في عهده ايضا فما الكفر في طرحها في زمن العولمة و الانترنيت؟؟؟ لا خير في امة طغى عليها ثلة من اصحاب العقول المعلبة الجامدة يتباكون على ماض لا يفهمونه على حقيقته.
و كلام مفيد: قد نكون مغتربين لكننا لن نكون ابدا غرباء على هويتنا الحقيقية.
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست