دموع التماسيح على كوتا المكون الايزيدي
Tuesday, 05/11/2013, 12:00
1972 بینراوە
يتميز المشهد السياسي العراقي بكل ما يتبادر الى الذهن من صفات و ظواهر الفشل و بكل ما لا يتبادر الى الذهن منها. السمة الرئيسية لهذا المشهد تكمن في دجل النخبة السياسية المهيمنة على ارادة الشعوب العراقيه. متوهم كل من ظن ان ساسة العراق الجدد يهمهم بناء او اعاده بناء دولة العراق ليكون عراق الجميع فوق كل الاعتبارات القومية و الدينية المذهبية.
الشيعة يريدونه عراقا شيعيا ثم لم يلبثوا ليتخاصموا فيما بينهم على العراق المالكي و الصدري و الحكيمي و الجعفري! واما العرب او العرب السنة فيريدونه تارة عراقا عربيا و تارة اخرى عراقا سنيا! اما الاكراد فلا يريدونه سوى عراقا ضعيفا هزيلا متفككا يضمن لهم امن و سلامه العبور الى الطلاق فور توفر الظروف العالمية و الاقليمية!
اذن فلا غرابة في غرابة المشهد السياسي العراقي....العراق بات لهذه الاطراف الثلاثة زواج اكراه مفروض عليهم من الخارج و سينتهي الى الطلاق و الافتراق متى ما سنحت الفرصة.
يحكم العراق داخليا، و بقدر ما يسمح لساسته من اسيادهم في الخارج ، توافقيا و محاصصيا و ذلك فوق كل القيم السياسيه و الانسانية . يكتبون الدستور و يحرفونه بالاتفاق ...ينهبون و يسلبون بالاتفاق....يتحالفون و يتخاصمون بالاتفاق...لقد بات الاتفاق سيد المشهد.
منذ فترة اشتدت الخلافات السياسية المفتعلة بين الفرقاء الاخوة الاعداء حول قانون الانتخابات الجديد ...! و ما يهمنا في مقالنا هذا من الموضوع هو مسالة مقاعد الكوتا للمكون الايزيدي الذي يتمتع بمقعد واحد و كانت المحكمة الاتحادية قد اقرت بما يعني زيادة عدد هذه المقاعد الى خمسة مقاعد. اتفق الاخوة الاعداء و كعادتهم في تقسيم الغنائم على الخروج من المازق المفتعل... و من بين ما اتفقوا عليه هو الغاء الزيادة الانفة الذكر ليبقى المكون الايزيدي المسكين على مقعده الرمزي!
ما يثير السخريه ليس هذه المناورة الرخيصة من الفرقاء السياسيين، بل كل هذا الكم الهائل من دموع التماسيح علي هذه الكارثة الوهمية! لنبدء باكثر الباكين على هذه الخسارة !!! البرلمانيون من التحالف الكوردستاني من ابناء المكون الايزيدي. مسرحيه هذه المجموعة بدآت برفضهم لمفهوم مقاعد الكوتا للمكون الايزيدي لانهم اكرادا اصلاء و عليه لا حاجة للمكون الايزيدي لاي تمثيل برلماني خارج البيت الكوردي الذي هو بطبيعة الحال بيت الحزبين المتحالفين...و كل تغريد خارج السرب الكوردي يعد نشازا حسب رؤيتهم....فمعلوم للجميع ان سواهم، هم من يقف خلف استصدار قرار المحكمة الاتحاديه الخاص بزياده عدد مقاعد المكون الى خمسة.
عندما اشتد الصراع علي غنيمة المقاعد البرلمانية ...تحرك برلمانيوا التحالف الكوردستاني من الايزيدية بشكل مثير للدهشة و اصبحوا بين ليلة و ضحاها برلمانيوا هذا المكون !! يطالبون بحقوق و استحقاقات المكون الايزيدي في مقاعد الكوتا !!!! لماذا؟ الاجابة طبعا واضحة وضوح الشمس بكل تاكيد لم يتحركوا الا بارادة و باوامر قيادة التحالف الكوردستاني لسببين رئيسيين ...اولهما ...الدعاية السياسيه الاستهلاكية المحليه بين ابناء المكون الايزيدي و نحن علي ابواب الانتخابات القادمة. ثانيهما من الاسباب ان التحالف الكوردستاني يعلم جيدا بان مقاعد كوتا الايزيدية في جمهوريته لن تخرج عن دائرة نفوذه بشكل او اخر. سبب اخر كان يقف خلف تلك المطالبة المفتعلة هو استخدام هذه المطالبة وقودا لالة المفاوضات و الصفقات ...و هذا ما تحقق فعلا اذ تنازل التحالف عن مقاعد الكوتا بعد ترضيته بمقاعد كوردية نظيفة و اكثر عددا و اقل وجعا للراس ....فطز و الف طز بمقاعد المكون الايزيدي !
ان خروج برلمانيوا التحالف الكوردستاني من ابناء المكون الايزيدي من قاعة البرلمان على اثر اقرار توافق الاخوة الثلاث على القانون الجديد مشهد مضحك مبكي ...مضحك لان الايزيدي المسكين بات يفهم المسرحيات السياسية من هذا العيار فهو يعلم علم اليقين بان هؤلاء البرلمانيون ما كانوا ليخرجوا لولا اعداد المشهد التمثيلي لهم من فوقهم السياسي سلفا...!
سمعت بعضهم يهدد بطعن القانون الجديد امام المحكمة الاتحادية ! لماذا يا ترى يتصرف هذا البعض و كانه بات يملك ارادة سياسيه "ايزيدية" مستقلة ! اولا لن يقدموا على هذه الخطوة بمعزل عن اوامر فوقه السياسي التحالفي .... و ثانيا... لما لا و قد ضمن التحالف ما ابتغاه ... فلما لا يراهن على الحصان الايزيدي مرة اخرى وهو اي التحالف يعلم انه رهان رابح في كل الاحوال ... فان كسب هذا الحصان رهان الطعن فمرحبا و الف مرحبا بمقاعد اضافية مهداة من المكون الايزيدي المطيع ...و ان خسر الحصان الايزيدي رهان الطعن سيوجه التحالف الغضب الايزيدي نحو غيرهم و هذا مكسب بحد ذاته لا يقل اهمية عن الاول.
المشهد مبكي لانه يكشف عورة و ضحالة الوعي السياسي لدى الناخب العراقي عموما و الايزيدي تحديدا....لانه لا يتعلم الدرس بل يزداد مهارة في البكاء و التباكي و الندب على الحظ التعيس!
خرجوا من البرلمان يذرفون دموع التماسيح، احتجاجا على الغبن الذي لحق بالمكون الايزيدي ! نتسائل و معنا الكثيرون لماذا لم تستقيلوا من قائمتكم ان كنتم جادين في بكائكم؟ او ليس التحالف احد الاطراف الرئيسية لاقرار القانون الجديد؟
من افواهكم ندينكم ... انكم من اكثر الرافضين للتعديلات التي تخدم القضية الديمقراطية بشكل عام و حقوق المكونات الصغيرة بشكل خاص... فمثلا سمعناكم تعارضون مقترح الدوائر الانتخابية المتعدده و التي على الاقل تخفف بعض الشيء من استبدادية رئيس الكتلة و الحزب في تعيين المرشحين الموالين لهم في البرلمان ! المكون الايزيدي على سبيل المثال لا الحصر يحقق طموحاته السياسية في العدالة الاجتماعية ، من خلال هذا النظام و بصورة افضل بكثير من بضعة مقاعد الكوتا التي على احسن حال تضمن رواتب و امتيازات لبضعة اشخاص غير قادرين على التفاعل المؤثر على المعادلة السياسية العراقية المعقدة.
علاوة على ما تقدم ستعمل مقاعد الكوتا علم تمزيق القليل المتبقي من وحدة الصف و سيتم اجهاض هذه المقاعد بالف صورة و صورة. فلا داعي للبكاء و التباكي على ما لا يستحق البكاء عليه... استثمروا الطاقة في البحث عن الهوية الضائعة المضيعة و كونوا و طنيون في السياسة ...انخرطوا في السياسه من بابها الوطني العلماني الليبرالي الواسع دون ان تكونوا قليلي الصبر و عديمي الثقة في الحق. كفي دعما و مساندة للطائفية بكل اشكالها القومية و الدينية و العشائرية.
كن ما تشاء في العقيدة و الاثنية ...سنيا ..شيعيا...ايزيديا...كورديا...عربيا ...و لكن كن عراقيا ...كوردستانيا ...في الوطنية فلا تبنى الاوطان الا حول الوطنية الصادقة و بوسائل و ادوات علمانيه ليبرالية حقيقية......تستمد قوتها من القيم الانسانية التي تحقق عزة و كرامة الانسان التي تعلوا و لا يعلى عليها شيء......
[email protected]