الولايات المتحدة و خطوات اقليم كوردستان السياسية
Monday, 09/06/2014, 12:00
1553 بینراوە
من يتابع سياسة امريكا الخارجية التاريخية، يعلم ان القيم و المباديء و المفاهيم الثابتة غائبة حاضرة فيها، غائبة عندما تتغير الاوضاع و هي تضطر ان تغير ما يجب ان تعمله و بشكل مطلق و اكن على حساب تلك المباديء، حاضرة في الوقت الذي تسمح فيه الظروف الخاصة بالقضية ان تتدخل و تشترط وفق ما يهمها من ما تسميها القيم الانسانية و الحرية و الديموقراطية التي يهمها ان لا تتقاطع مع نواياها و لا تتعارض مع اهدافها الاعمق . و هي لا تسير في سياستها وفق المباديء الدينية التي لا تغيير فيها، و هي متساوية و بشكل مطلق في كل الظروف ( لا اقصد الاسلام السياسي) ان كانت اصحابها من الملتزمين بها .
للكورد تجارب مع الولايات المتحدة منذ ثورة ايلول و خذلانها لهم بعد تغيير الوجهة و تلاقي المصالح، و لحد اليوم محسوب عليها لانها كانت السبب الرئيسي لنكسة الثورة تلك، و على الرغم من عدم النسيان، الا ان الكوردعلى العكس من الانتقام من تلك الضربة التي وجهتها امريكا لهم من قبل، كان الشريك الداخلي القوي المساعد في الاطاحة بالنظام الدكتاتوري و اكثر تحالفا و قوة من اقرب الاصدقاء لها و هي تركيا . و هكذا سارت الامور منذ اكثر من عقد و سياسة و توجهات امريكا لما يتامله و يهدفه الكورد متذبذبة و كانت وفق معطيات اليوم و المرحلة لكل فترةدون اي اعتبار لطموح الكورد . و لم نلمس سياسة واضحة منها غير تاكيدها على وحدة العراق ارضا و شعبا في العلن و كما هي تحب لاسباب معلومة . و لكن لو تابعنا سياسة امريكا في المنطقة و تعاملها مع ثورات الربيع العربي نكتشف بانها تتعامل مع ماموجود على الارض الواقع و تتغير في سياستها بين ليلة و ضحاها عندما تشعر انها ان سارت على مواقفها فانها تتضرر، و لنا امثلة على دعمها لمحمد حسني مبارك و ثم لمرسي و اليوم تتعامل حسبما افرزه الواقع المصري من عودة الجيش الى المقدمة و تمكنه من السيطرة و بشكل شبه ديموقراطي حسبما اختار الشعب السيسي و فاز بشكل كاسح في الانتخابات .
لو نعيد النظر الى الوراء و نقرا جيدا تعاملات امريكا مع اقليم كوردستان و العراق طوال هذا العقد و تردد الساسة هنا في الاقليم من اتخاذ القرارات المصيرية لخوفهم او حذرهم من الموقف غير المناسب لامريكا و عدم تاييدها لهم نتيجة عقدة النكسة الايلولية المزروعة في عقلهم و فكرهم و خطواتهم العملية، نقول، انهم لهم الحق من الجانب السياسي و قراءة فكر الامريكي لانهم لا يبالون بالانسانية في النظرة لو تعارضت اية خطوة مع مصالحها العليا، و يمكن ان يعيدوا الموقف السابق من الكورد ان كان متطابقا مع تكتيكهم استراتيجيتهم في هذه المرحلة. و من جانب اخر، ليس من حق الساسة الكورد اتخاذ الخطوات وفق الظروف السابقة و عدم قراءة المرحلة و ما مرت امريكا و المنطقة بها بشكل دقيق . اي لو وفروا الارضية و ازاحوا العراقيل المتعددة السياسية و الاقتصادية امام اتخاذهم للقرار الحاسم و ان كانت مغامرة الى حدما فان عليهم عدم التردد في السير، بعد قراءة اسوا الاحتمالات في النتيجة .
وفق المعطيات و ما نعيشه و ما تمر به المنطقة، فليس هناك فرصة انسب مما نحن فيه لاتخاذ القرار النهائي في الاستقلال، بشرط توفر العامل الاقتصادي الحاسم و الترتيب الدبلوماسي مع الدول المؤثرة على سياسات العالم بدون استثناء، و من هم في المنطقة و الاتحاد الاوربي و روسيا و الصين ايضا . فان نجحت الخطوات و ان لم تلائم السياسة الامريكية المعلنة فانها ترضخ للامر الواقع كما حدث في مصر و سوريا و دول ربيع العربي الاخرى و مع العديد من دول العالم.
لم نسمع ردا او موقفا حاسما و قويا من الخطوة الاقتصادية لاقليم كوردستان من قبل امريكا علنا، و كل ما تلمسناه هو كما تدعي حرصها على تطبيق الدستور و التوافق و التفاهم بين المركز العراقي و اقليم كوردستان دون ان تتدخل هي بشكل مباشر في حل المشاكل المستعصية و ما يمر به العراق اليوم .
اذن المغامرة المدروسة للاقليم خير من الانتظار و توقع الاسوا من قبل المركز مستقبلا . و عليه يمكن ان ننتظر الايام التي تبرز لنا المواقف و يجب ان نحسب للمرحلة الصعبة التي يمكن ان يمر بها اقليم كوردستان مستقبلا .
و لكن الامر الهام الاكثر تاثيرا على القرارات حول السياسة الخارجية للاقليم هو تنظيم البيت الداخلي و وحدة الصف الكوردي و علاقات القوى السياسية و حياة الناس، و احتساب كل الاحتمالات السيئة قبل الجيدة من اجل النجاح في المغامرة . و الا الانتظار و مجيء الحق الى باب البيت مستحيل ، و لكن توخي الحذر من المنطقة اكثر اهمية من الدول البعيدة .