هل يرضخ الإقطاع السياسي في العراق لحكومة الأغلبية ؟
Wednesday, 07/05/2014, 12:00
1454 بینراوە
بعد أن بدأت ملامح المرحلة القادمة بالتشكّل عبر ما ترشّح من نتائج أولية للإنتخابات، تبيّن للجميع بأن حكومة الأغلبية السياسية التي نوّه عنها السيد المالكي سوف تفرض نفسها على أرض الواقع السياسي العراقي، الأمر الذي أثار حفيظة (رواد المحاصصة)، وفي مقدمتهم رئيس اقليم كردستان العراق، فقد وفّرت حكومة المحاصصة الطائفية والتوافقات السياسية أجواءًا لم يكن يحلم بها في داخل وخارج الاقليم، مثلما وفّرت للمحيطين به والفاسدين من حوله، حصانة قانونية جعلتهم بمنأى عن العقاب ومهما كان نوع وجنس الجريمة المرتكبة من قبل المجرمين.
وعلى الصعيد الخارجي فقد وفرت المحاصصة الطائفية والعرقية للأطراف المحلية ورؤساء الأحزاب الاقطاعية مكانة خارجية جعلت من دوائر التشريفات في الدول الأخرى استقبال رواد المحاصصة وفق بروتوكولات هي بالأساس خاصة برؤساء الدول، حيث يًفرش لأي منهم البساط الأحمر كما يكرّم أحدهم بأرفع الأوسمة والنياشين من قبل رؤساء وملوك الدول الأخرى، في استخفاف مقصود بالسلطات الحقيقية للدولة العراقية.
أما على الصعيد الداخلي فالحديث يبدأ ولا ينتهي، فقد كرّست المحاصصة كل أنواع الفساد نتيجة الحصانة الاستثنائية التي توفرها لأشخاص معينين، فتجعل منهم ومن أفراد عوائلهم والملتفون حولهم أسياداً فوق القانون. وعلى سبيل المثال فإن في اقليم كردستان العراق والى اليوم لم يتم سجن أو محاسبة أي مسؤول في الاقليم بسبب قضايا الفساد وجرائم القتل وانتهاك الأعراض، ولم يكن اطلاق سراح محافظ السليمانية السابق دانا احمد مجيد وإسقاط التهم الموجهة ضدّه سوى نكسة أخرى في طريق محاسبة الفاسدين في الاقليم، نتيجة الفهم المغلوط والتأويل السياسي للقول القرآني " عفا الله عمّا سلف"، والذي يعني لدى (قادة المحاصصة) ومنهم رئيس الاقليم، بأن الجرائم البشعة التي يرتكبها المقربون منهم قد سقطت بالتقادم الزمني وحسب شريعة الغاب المحاصصاتية.
أن ما توفرّه المحاصصة من صلاحيات مفتوحة، أدّت برئاسة الاقليم وعلى طول الخط، منذ زمن بعيد والى اليوم للتستر على القتلة والسراّق والمفسدين، وعلى رأس هؤلاء، المدعو فاضل مطني ميراني، المعروف بعمالته للمخابرات الصدّامية وإجتماعاته السرية مع رموز النظام السابق ومنذ السبعينات وذلك ما أكدته في حينه التقارير الأمنية للحزب الديمقراطي الكردستاني، ومنها ماكنت أنا شخصياً قد اطلعت عليه، وبشهادة السيد شكيب عقراوي الذي اطلّع هو الآخر على الأنشطة المشبوهة التي كانت تجمع فاضل المطني مع اجهزة المخابرات البعثو- صدامية والتي نتج عنها فيما بعد، الاغتيالات المتلاحقة وجرائم السرقة والاغتصاب، التي أشرف عليها المجرم فاضل مطني ميراني شخصياً، وليس آخرها التخطيط والاشراف على عملية محاولة اغتيالي بالاشتراك مع مسؤول الشبكات التجسسية للبعث في امريكا المدعو (بلال عبد الواحد عباس) عام 1989 ، وقد انتهك فاضل المطني بهذه الجريمة القانون الدولي بتنفيذه جريمة ارهابية على أراض دولة مستقلة عظمى لمصلحة حكومة صدام المارقة على المجتمع الدولي والتي جعلت من أفراد الحزب الديمقراطي الكردستاني منفذون للجرائم، ومرتزقة صغار لديها يحققون مخططاتها الرامية الى اسكات الصوت الكردي الحر المعارض للنظام الصدّامي المقبور.
لا شكّ بأن من يأمن الحساب سوف يتمادى بإرتكاب الجرائم وإساءة الأدب، وذلك ما فعله المجرم فاضل مطني ميراني الذي شكّل في عام 1992 ، مافيا في الاقليم اقتصرت مهامها على تصفية المعارضين لنظام البعث الصدّامي، ومنهم الأديب عبد الرؤوف عقراوي، والحاكم تحسين زاخولي والدكتور نافع عقراوي وآخرين من أمثال علي كوخي وغيره من الأسماء التي يصعب حصرها، فضلا عن إقدام فاضل المطني على تسليم ما يقارب 137 معارضا الى المخابرات الصدامية في 31 آب عام 1996 حينما استعان رئيس الاقليم الحالي بالجحافل الصداّمية (المتواضعة/ على حد تعبير رئيس الاقليم) لضرب الاتحاد الوطني الكردستاني، وأبرز هؤلاء الذين تم تسليمهم لحكومة صدّام من جماعة الدكتور علاّوي، وهما الشيخ أبو عمر الزوبعي (عضو حركة الوفاق) والدكتور علاء مكي (مسؤول قسم الاعلام في حركة الوفاق) ولا يتسع المقام لذكر بقية الأسماء، والسؤال الذي يطرح نفسه، مالذي فعله د. علاوي في الدفاع عن المغدورين من أعضاء حركته؟.
أن حكم الأغلبية السياسية الذي نادى وينادي به رئيس مجلس الوزراء السيد نوري كامل المالكي، كبديل عن المحاصصة الطائفية والتوافقات العرقية هو بداية النهاية للحُكم المطلق الذي تمتّع به رؤساء الاقطاع السياسي، وأفضل الطرق وأسرعها لسيادة القانون وسريانه على الجميع دون فرق بين عراقي وآخر. لذلك نرى بأن رؤساء الكتل الاقطاعية والأحزاب العائلية هم أشد المعارضين لهذه الطريقة في الحُكم والتي ان قُدّر لها التطبيق لأتخذنا الخطوة الأولى في بناء الدولة المدنية ولأصبحت امتيازات الاقطاع السياسي في مهبّ الريح.