و اخيرا انتفضت ايزيدخان!
Wednesday, 14/05/2014, 12:00
1988 بینراوە
قبل ايام انتفضت خانصور حيث تحدى شباب ايزيخان ، صناديد سنجار التي يشهد لها التاريخ بطولاتها في الوقف بوجه حملات الابادة التي كانت تستهدف هويتها و ارضها. من المؤسف جدا ان نؤكد خيبة بني ايزيدا في عموم ايزيدخان في قيادة الاقليم وذلك على الرغم من التحسن و التطور الهائل لوضع كوردستان. لقد بات الاقليم دولة مستقلة من الناحية العملية و تتحكم قيادته بمقدرات مالية هائلة سواء كانت على شكل حصة الاقليم 17% من ميزانية العراق او من موارد الاقليم التي لا يستهان بها.
هناك مفارقات عجيبة غريبة في الاقليم ، منها ان قيادة الاقليم تمارس اعلاما مركزيا يخدم الحكومة و الحزب الحاكم كليا تاركا فسحة قليلة جدا للاعلام الحر المستقل الذي عليه ان يعمل تحت قوانين صارمة, و يعاني على الدوام من مضايقات شتى. لقد دأب الاعلام المركزي على اعطائه وجها زاهيا لحقوق الاقليات في الاقليم الى درجة، قرأنا قبل ايام ان احدهم يصف كوردستان كافضل مكان في الشرق الاوسط لتعيش فيه الاقليات !
انا لا ادري على ماذا قاس صاحب هذا الراي قراره هذا ! اذا قاس على ممارسات الارهاب الداعشي و اخواتها في مناطق معينة من الشرق الاوسط كسوريا ومناطق نينوى و غرب العراق ، فاكيد ان الاقليم اكثر امنا و امانا للكل بما في ذلك الاقليات ! السؤال الاهم هاهنا هو: هل يقوم و يقعد حق الاقليات في انهم لا يقتلون على طريقة الذبح الحلال؟ هل تكتمل حقوق الاقليات مثلا في حرية ممارسة شعائره الدينية؟ ! هل تكمن حقوق مكون كالمكون الايزيدي مثلا في ان يشترك بكامل حريته في الانتخابات شريطة ان تنتهي ثمار ذلك في سلة الاقليم و تحديدا سلة الحزب الحاكم؟! هل حقق الايزيدي المسكين حلمه الكبير في كوردستانه بانتشار مراكز ثقافية في كل قرية الى جانب مقرات حزبية تتفاعل مع بعضها كابواق دعاية حزبية؟!
التاريخ يثبت لنا ان الحكام الذين استهانوا بعقول و همة و تعطش شعوبها الى الحرية و العدالة الاجتماعية انما توهموا و لفظتهم شعوبهم في النهاية، ولو دام للظالم لدام لغيرهم من امثال صدام حسين و القذافي و ماركوس في فيلبين و بينوشي في شيلي و الرفاق اريش هونيكرفي المانيا الشرقية و نيكولاي شاوشيسكو في رومانيا و القائمة تطول. اين هم الان.؟
ان الشعب الايزيدي اعلن و بكل قوة ووضوح لا لبس فيه استيائه و رفضه لمزيد من هضم الحقوق في اقصائه و تهميشه مستغلين غياب قيادته التقليدية و احيانا عمل هذه القيادة الى جانب من يستلب حقه. ها هو الشباب الايزيدي قد انتفض بالامس في خانصور و اليوم في مجمع جزيرة و غدا في المانيا و اتمنى ان لا تخذل الشيخان و بعشيقة و بحزاني اخوتهم في سنجار البطلة بل ينهضون وثبة رجل واحد ، اذ قد طفح الكيل . اننا بكل تاكيد نشهد هذا الحراك الشعبي الذي طال انتظاره. اليوم قد تيقن شباب ايزيدخان بان القيادات التقليدية و الكادر الايزيدي السياسي من عمال احزاب السلطة ، من المارقين قد اوصلوا حال ايزيخان الى الحضيض حيث يعامل شعب ايزيدخان بدونية يعيش على فتات من كتب لنفسه و بنفسه حق التسلط على رقاب الناس.
نحذر شبيبتنا الواعية ان لا تسلم امرها بيد المارقين اي كانت صفاتهم و ان لا ينخدعوا بمناورات سياسية و ان لا يخوفهم اعتقالات هنا و هناك بالكاد تغير شيء حيث ان المنزل بات سجنا من الناحية العملية.
اتمنى ان يعي المزيد و المزيد من بني ايزيدا ان هذه هي فرصتهم و ان يهبوا لدعم المتظاهرين المسالمين، و ليعلموا اننا نعيش اليوم في عالم اصبح كله قرية صغيرة. كفانا دجلا و نفاقا سياسيا من قيادة الاقليم في الكيل بمكيالين...فتراهم دعموا و ساندوا حق الاخوة في المكون السني في تظاهراتهم السلمية المشروعة بكل تاكيد، لكنهم في ذات الوقت استثقلوا و استكبروا على الايزيدي حقه في التظاهر السلمي ضد الارهاب الذي يحصد ابنائه كالخرفان! قيادة سمحت لاحزاب سياسية دينية ان تعمل في كوردستان لا بل تحالفت احزاب السلطة اليوم مع هذه الاحزاب، و في ذات الوقت تكفر اي نشاط سياسي بين بني ايزيدا ما لم يكن ذيليلا ذليلا لاحزاب السلطة لا بل كفرت الحركة الايزدية و تمنع امينها العام من زيارة ايزيدخان. هل حقا ليس من معنا فهو ليس منا؟
لقد تحدثنا عن مخاطر هذه السياسة الدونية التي تعامل بها احزاب السلطة في الاقليم بني ايزيدا و لم تتجاوز في احسن حالاتها منصب كارتوني وهمي هنا و هناك و بضعة كراسي برلمانية يا ليتها لم يجلس عليها ايزيدي واحد لانها اذت الشعب الايزيدي اكثر بكثير مما افادته. هذه السياسة العوجاء الغير العادلة هي السبب وراء استمرار نزيف ايزيدخان الدائم في هجرة ابنائها الى الخارج بعد ان يأسوا من كوردستاهم التي لطالما حلموا بها حلما جميلا ستحتضنهم و سينعمون فيها بما حرموا منه منذ بداية التاريخ. و ان الغالبية العظمى من الباقين لا اخيار لهم سوى الارتزاق من الحزب القائد او العمل في البارات و المطاعم ليخدم اخيه الذي بات سيده في بيته!
متى تصحي القيادة الكوردستانية الى حالة اللاحال؟ لا يعقل ان يشعر مكونات و شرائح كاملة من شعب كوردستان انها مهمشة و من درجات ادنى، لا لشيء اللهم انها لا تنتمي الى الدين الصحيح والمذهب الصحيح والعشيرة الصحيحة! الفيليين مثلا اخر و حالهم حال بني ايزيدا خاب ظنهم و املهم في كوردستانهم و ادت سياسة الاقليم الفاشلة الى احتوائهم، فذهبوا منقسمين اليوم بين من التجأ الى البديل المذهبي و منهم من التجأ الى البحث عن هوية جديدة ما كان يحتاجه الى الامس لو ان من يحكم باسم الهوية قد تحلى بحد ادنى من العدالة الاجتماعية.
يا ترى هل ستعي اخيرا قيادات الاقليم ان الايزيدية ليسوا عشيرة كوردية يحكمها اغا مارق يبيع العشيرة و ما فيها من اجل حفنة من الدولارات. على العكس تماما الانسان الايزيدي اثبت تاهله و جاهزيتته لان يمارس حريته و حقه بكل تمدن و مدنية بعيدا عن كل اشكال التطرف و التخلف الاجتماعي اذا ما توفرت له الظروف السياسية من عدالة و مساواة. انه لم و لن يصوت كما يريد هذا او ذاك و ليس من مريدي المرجعيات التي تسيره في كل صغيرة و كبيرة انه انسان يعشق الحرية و الاستقلالية لا يريد سيدا على نفسه. لن يكون بعد اليوم بمقدور حزب ما ان يستغل شعب ايزيدخان كله في امير او شيخ او رئيس عشيرة. كل المعطيات باتت تشير ان الانسان الايزيدي بدء يستعد بكل جد و جدية لان يترك كل اشكال العبودية خلفه ، ليستلم زمام امره بيده. اتمنى على النشطاء بشكل عام و السياسيين الاحرار بشكل خاص ان يتجاوزوا كل اشكال الانانية الضيقة و العقلية الفردية ليوحدوا الكلمة و الخطاب في احرج الظروف و ليخرجوا في نهاية المطاف بجبهة سياسية تملك ارادتها السياسية المستقلة و ترفع شعار الحكم الذاتي لايزيدخان و حق شعبها في هويته و ارضه كشعارات مقدسة لا يساوم عليها.
نحي المتظاهرين و نطالب الجهات المسؤولة التعامل معها بتمدن و عقلانية و ان تسارع الى تلبية مطاليبهم المشروعة و عدم اللجوء الى استخدام العنف او اية وسائل قمعية اخرى مستفيدة من تجارب الاخرين في التعامل الخطأ مع الشعوب المنادية بحقوقها.
نطالب بغداد لان تتخذ موقفا صريحا وواضحا من معاناة الشعب الايزيدي فاما انهم عراقيون و لهم ما لغيرهم و عليهم ما على غيرهم، و عليه التحرك الفعال لحل مشاكلهم المؤجلة الى المستقبل دوما و ابدا. او ان تعلن برائتها من هذا الشعب و عندها عليها ان ترفع يدها تماما عن ايزيدخان. لا يعقل يا بغداد ان يعيش مكونات و شرائح كاملة رهينة تواقات حزبية و يتم استغلالها بابشع الصور. نطالب بغداد ان تتحرك و بدون تاخير لتقديم الحماية للشعب الايزيدي و العمل على التعامل الفوري لحل ماساة المزارعين المنكوبين في ناحية ربيعة بعد ان فقدوا لقمة عيشهم من خلال التعويضات الفورية و تامين ارجاعهم الى اماكن عملهم..
لقد ان الاوان لاربيل و بغداد ان يحسموا خلافاتهم الحدودية على ان يكون للشعب الايزيدي كلمته الحرة و المستقلة في كل حل يمس مصيره و مستقبله. انبه الشعب الايزيدي الا مغبة عدم الانتباه الى حسم هكذا ملف يمس امنه القومي دون ان يكون شريك صنع قراره و ان يرفض وصاية البعض من جهات قد باعت نفسها سلفا لارادات سياسية معينة مقابل حفنة من الدولارات.
واخيرا انتفضت ايزيدخان لتقول كلمتها و لتعلن ربيعها بنفسها و لتسترجع ارادتها المسلوبة ....و ليعلم الذين لا يريدون ان يعلموا بان الشعوب المقهورة لابد لها ان تتحرر في نهاية المطاف فالانسان بطبيعته يعشق الحرية و يسعى اليها غاية لسعادته بعز و كرامة.