استحداث المحافظات استحقاقات دستورية و اجراءات جريئة
Thursday, 23/01/2014, 12:00
بقلم وسام جوهر
لقد اقدم مجلس الوزراء العراقي على خطوة جريئة في الاتجاه الصحيح نحو اعادة تنظيم العراق اداريا و جغرافيا بشكل يتناغم مع التحديات السياسية و الادارية التي اثقلت كاهل المواطن العراقي. ان التقسيمات الجديدة تتميز بقراءة سياسيه ذكيه و لقد اتت بدون شك في الوقت المناسب. العراق مقبل علي حسم ملفات عراقية عالقة قد وقفت عائقا حقيقيا في طريق تنمية العراق عموما و العراق من غير الاقليم خصوصا.
بلا شك ان هذه القرارات اثارت جدلا سياسيا من قبل بعض الاطراف السياسيه التي ترى ان هذه الاجراءات لا تتماشى مع طموحاتها السياسية الطائفية على حساب الاطياف الاخرى و على وجه الخصوص الاقليات العراقية المختلفة. لا نرى عيبا و لا خطاء في انشاء محافظات على اساس المكون بل على العكس فان هذا الاجراء هو عين الصواب في عراق مستقطب طائفيا جغرافيا و حتى سياسيا. فاذا ما نظرنا الى التوزيع القومي المذهبي على جغرافية العراق سنرى الكورد في الشمال و العرب السنة في ما يسمى بالمثلث السني في غرب و اجزاء من وسط العراق، كما نرى ان المكون الشيعي بغالبيته الساحقة مستوطن في وسط العراق ليمتد جنوبا ليشمل كل الجنوب. ما نريد القول هنا لمن يعترض على استحداث محافظات على اساس مكوناتي بان العراق بمحافظاته الحالية انما مستقطب عرقيا فلا جديد هنا اذن. اذا كان منطق منكوبية مدينة يشكل اساسا مقبولا لقبول فكرة تحويل المدينة الى محافظة فان هذا المنطق انما يضيف سببا اخرا على حق المحافظات المستحدثة و التي ستستحدث قريبا لانها مناطق منكوبة بكل المقاييس و هذا على سبيل المثال يشمل كل من طوز و تلعفر و فلوجة ناهيك عن سنجار المنكوبة منذ مئات السنين و هكذا باقي مناطق الاقليات العراقية. لا نرى سبيلا افضلا من احقاق الحق تجاه هذه الاقليات التي تعد جزءا اصيلا من الشعب العراقي، من ان تمنح ما يكفل لها الدستور العراقي من الادارة الذاتية التي تشكل الضمانة الحقيقيه لبقائهم من خلال الحفاظ على تراثهم و لغاتهم و عاداتهم ضمن اطار الدولة الواحدة جنبا الى جانب مع المكونات العراقية الاخرى. لا نتفق مع البعض الذي يعترض على هذه الاستحداثات بحجج الخوف على العراق من التقسيم، و نطمئنهم بان لا خوف على تقسيم العراق من قبل اقلياته و لا هم يحزنون لان هذا الاقليات هي الاكثر تضررا من اي تقسيم محتمل و بان العراقي الاقلياتي وطني بالفطرة و بامتياز.
لا محال هنا ان كل من يقف ممانعا لهذه الاجراءات انما لا تسره ان تتمتع الاقليات العراقية بحقوقها المشروعة لغايات سياسيه استحواذية لا اكثر. حق تقرير المصير يجب ان يكون مكفولا للجميع بغض النظر عن الحجم صغر ام كبر.
اضافة الى المزايا السياسيه نرى بان استحداث المحافظات تجلب معها مزايا اقتصادية و ادارية كثيرة اذ توفر فرص عمل كثيرة و تسهل عملية تقديم الخدمات بشكل اكثر فعالية، كما ستساهم كثيرا في محاربة الفساد بكل اشكاله. اننا على يقين بان الامر سيؤدي الى تحسين العلاقت بين مختلف المكونات، بعد ان يتم تفكيك التداخلات و التدخلات في شؤون البعض الاخر و سيكون عاملا مساهما في رفع الكثير من الغبن عن كاهل الاقليات العراقية. من الجدير بمكان هنا ان نؤكد بان صحة و شرعية هذه الاجراءات لا تقف براينا عند الاقليات العراقية وعلى اساس المكون ، بل اننا لا نرى ان استحداث المحافظات علي اية اسس اخرى من شانها تحسين امن و عيش المواطن العراقي، امرا ضروريا فحسب، بل حقا دستوريا للمواطن العراقي وواجب دستوري و اخلاقي للدولة. قد يحاجج البعض على ان هذه الاجراءات انما هي من باب الدعاية السياسية لحزب السيد رئيس الوزراء... طيب اولا اذا ما قبلنا بهذا الراي نكون قد اسسنا لمبدء خطير جدا وهو تكبيل يد احزاب السلطة من القيام باي شيء يرد بالمنفعة على المواطن بحجة او بتهمة الدعاية السياسية الحزبيه ! اضف الى ذلك فان الدعاية السياسية المباشرة و غير المباشرة و ضمن اطر و قيم محددة حق مكفول للحزب السياسي، سواء كان هذا الحزب في السلطة او المعارضة، و لا توجد انظمه سياسية تحرم و تجرم ذلك باستثناء الانظمة الشمولية الديكتاتورية طبعا.
الغريب و ربما اغرب رد فعل على هذه القرارات اتى من السيد اثيل النجيفي محافظ نينوى، اذ هدد باعلان نينوي اقليما في حال استحداث محافظات جديده على حساب الحدود الجغرافية الرسمية لمحافظة نينوى! صحة نوم يا سيادة المحافظ! قريبا لن تحكم اكثر من جغرافية مدينة الموصل على احسن تقدير. اين سيادتكم من قراءة المشهد السياسي؟ باي حق و باية شرعية و باي سلطة تفرض هيكلية اقليم على الاخرين؟ اذا كانت هذه التصريحات من باب الدعاية السياسيه فان اهل نينوى قد تعلموا الدرس منكم فيوم تتبنون خطابا قوميا عروبيا مشحونا ضد الكورد و يوصلكم ذلك الخطاب الى دفة الحكم بكل امتيازاته و نعماته و يوم انكشفت الحيلة و اصبحتم على يقين من ذلك ذهبتم تتحالفون مع الكورد لا لاجل عيون النيناويين و لا حتى المصلاويين منهم بل من اجل عيون الكرسي الذي وقعتم في غرامه كسائر و غالب حكام الشرق الاوسط و العراق ليس استثنا! اما اليوم نراكم يا سيادة المحافظ قد اصبحتم اقاليميا حريص على وحده نينوى ! لمن و لمصلحة من؟ اذا كان في الامر ما في صالح ابناء نينوى بمن فيهم ابناء تلعفر و سهل نينوى و سنجار و الشيخان و كل الاخرين فانهم بلا شك قادرون على الدخول في اقليم فيدرالي و على اسس صحيحة و متوازنة تكفل حق و استحقاقات الجميع و على اساس المصالح المشتركة و سيفعلون كل ذلك من غير مساعدة منكم.
كل المؤشرات توحي الى اننا في العراق بدئنا مرحلة الغربلة الطائفية النهائية لكمونات العراق ليتالف العراق من وحدات ادارية مكوناتيه بعد ان تيقن العراقيون بان افضل الممكنات هو ان يدير كل مكون شؤنه اليومية في ظل دولة كونفيدرالية تشرف على الامور المشتركة العامة كالسياسة الخارجية و الجيش و الخدمات العامة الرئيسية كسكك الحديد و المطارات و البريد و غيرها ... دولة لا تتدخل في شؤون المواطن اليوميه بل تقدم له الامن و الامان و تشرف على عدالة توزيع الموراد.
خلاصة القول مهما كان من الامر فان هذه الاستحداثات ليست الا استحقاقات دستوريه و اجراءات جريـئة اكاد اعدها من افضل الاجراءات في طريق بناء عراق المستقبل. لا نعد هذا نصرا لحزب او شخص معين بل نصرا لكلمة الحق و لكل عراقي يؤمن بقيم المواطنة الحقة على اسس القيم الانسانية و يؤمن بالعدالة الاجتماعية للجميع دون استثناء. فبكل تاكيد ولى و انتهى زمن الديكتاتوريات الفردية و الجماعية و لن يكون بمقدور احدا من الفئات العراقية الرئيسية الثلاثة ان تحكم الفئات الاخري رغما عن مشيئتها.
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست