انتخابات البرلمان العراقي ايزيديا بين الطوح و الواقع
Friday, 11/04/2014, 12:00
السويد 10/4/201410
قلما ترددت في الكتابة عن موضوعة كهذه خشية من الخلل في التوازن بين الموضوعية و الانصاف و ذلك لاهمية و حساسية المشاركة الانتخابية لابناء المكون الايزيدي، ناخبين و مرشحين. الواجب يحتم علينا ان لا نفرط بقول كلمة الحق لصالح المجاملات والملاطفات، و في ذات الوقت ان نكون واقعيين و منصفين مع المرشحين و على قدر الظروف الموضوعية التي تحيط بهم من مساحات ضيقة من مستلزمات الدخول في معترك المعركة الانتخابية.
انني على يقين بان المكون يحتوي امكانيات و قامات من كلا الجنسين لكي تقدم للبرلمان و الحكومة طاقات و شخصيات سياسية و حكومية من الطراز الاول، اذا ما توفرت لهم حرية العمل السياسي خارج دائرة الاحتواء السياسي التي اقزمت هذه الطاقات و الكفاءات. لكي نكون صادقين ارى بين مرشحى المكون الايزيدي الكثيرون ممن ينتمون الى الطراز الاول سالف الذكر. و مفرح جدا مشاركة المراءة الايزيدية وتستحق كل الدعم و التشجيع.
كمراقب سياسي و كمختص الى حد كبير في الشان الايزيدي السياسي كنا نتمنى ان لا تكون المشاركة الايزيدية بهذه العفوية و الفردية الانفرادية و بهذه الفوضوية و كأن المرشحين الايزيديون يتقدمون بطلباتهم للتعين بدرجة وظيفية ، بمعنى اخرلا نتلمس و بكل اسف شديد البرنامج السياسي الذي تتطلبه المرحلة الحرجة.
اننا نفتقر في هذا المشهد الغير المنظم الى الرؤيا السياسية الناضجة و المتبلورة و التي ترتقي الى مستى التحديات في امور وجودية لهذا المكون، امور يمكن تلخيصها في ان المكون صاحب قضية سياسية تستحق و تتطلب من ابناء المكون طرح هكذا مشروع سياسي استراتيجي يحدد و يرسم خارطة طريق لمصير و مستقبل ايزيدخان في كوردستان و عراق الغد. الحفاظ على ديموغرافية ايزيدخان و تبني شعار الحكم الذاتي لايزيدخان و ضمان حرية و حق مشاركة المكون في اي قرار سياسي يمس جوهر هوية المكون و مصير ايزيدخان، هذه مسائل جوهرية و يجب ان تكون جوهرية للناخب و المرشح الايزيدي معا، و اكثر بكثير من ان يوعدنا مرشح ايزيدي هنا و هناك بتبليط شارع او انشاء جامعة في سنجار او مستوصف هنا و هناك و الكل يعرف ان ذلك ليس من اختصاصات البرلمان و البرلماني.
المكون الايزيدي يدفع بمرشحيه الى قبة البرلمان ليكونوا عيون ساهرة على حق المواطن الايزيدي دستوريا و تشريعيا و كذلك ليكونوا لوبيا سياسيا يضغط بكل قوة على مركز القرار السياسي و الحكومي لدى احزابهم السياسية التي حصد اصوات ناخبي هؤلاء المرشحين و بخلاف ذلك يكون المرشح قد خدع من حزبه و خدع ناخبيه و بأس هكذا تمثيل.
انا و بكل اسف اشك في ان مرشحينا الافاضل، قد استحصلوا على اية وعود سياسية من احزابهم كشرط لدخولهم معركة الترشيح بل هناك قسم ليس بالقليل من المرشحين ممن دخلوا الحلبة بالواسطات و التوسطات فكيف لهم ان يتفاوضوا مع احزابهم. هذا محل احباط بحق. المكون الايزيدي يدخل هذه المعركة الانتخابية و كسابقاتها بارديء الاسلحة و بدون بوصلة سياسية رغم انه يدخل بجيش من المرشحين قوامه ما يقارب ال 90 مرشحا و مرشحة لمكون لا يتجاوز نسمته النصف مليون!.
اذا ما نظرنا الى مشاركة المكون الايزيدي ما بين الطموح و الواقع ستتجلي لنا امور كثيرة في غاية الاهمية لليوم و للغد و بعده. الطموح كان و لا يزال ان تعلم الايزيدي المسكين الدرس بخروجه من المولد دوما من غير حمص. كنا قد عبرنا عن املنا في ان يعي الشعب الايزيدي ناخبين و قيادات دينية و عشائرية و سياسية خطورة المرحلة على مستقبل ايزيدخان. فشلت القيادات و النخب السياسية الايزيدية في تقديم الاهم على اللامهم.
الواقع الايزيدي طرح ما يغاير الطموح بدرجة كبيرة. انه لامر محبط جدا ان هيمنت المصالح الفردية الشخصية الضيقة على حساب برنامج سياسي شامل على مستوى ايزيدخان. مرة اخرى سمح الايزيدي لنفسه ان يكون اداة تنفيذية في مؤامرة سياسية على هويته و وجوده. كل مرشح لا يملك في راسه اكثر من شيئين اولهما انه الاوفر حظا في الفوز من بين المنافسين و ثانيهما خوفه مما هو ات في حالة فوزه و كيف سيبرر فشله في تحقيق ما وعد ناخبيه، لانه في قرارة نفسه يعلم جيدا ان كل ما وعد به انما مرهون بمصالح تلك الجهات السياسية التي خدم النائب تحت رايتها دون ان يفرض عليها الحد الادنى من الوعود...
المرشح الايزيدي متطوع سياسي في خدمة الغير. الاحزاب السياسة الكبرى تعلم جيدا ما هي فاعلة في استيعاب هذا الكم الهائل من المرشحين، فعلى سبيل المثال يعلمان جيدا الحزبان الكورديان الديمقراطي و اليكتي ان العدد الهائل من مرشحي الايزيدية في محافظة نينوى ليس الا ورقة انتخابية رابحة لهما من خلال امرين مهمين ..الاول: ان تجنيد هذا الكم الهائل من المرشحين من المكون الايزيدي سيدفع بنسبة كبيرة جدا من الناخبين الايزيديين الى صانديق الاقتراع بحكم الضغط العائلي و العشائري من قبل المرشح على اهله و ذويه و اصدقائة و معارفه في الوقت الذي فقد الناخب العراقي عموما و الايزيدي تحديدا الرغبة في المشاركة بعد تكرر الخيبات: الامر الثاني هو ان تشتت الاصوات بين العدد الكبير من المرشحين يضعف مكانة المكون و مرشحيه و حظوظهم دون المساس بحصة الحزب بل على العكس تعزز حظوظ الحزب في الحصول على اكبر عدد من المقاعد الممكنة. هذا يعني اننا على موعد مع ضجة و خيبة امل جديدة في الثلاثين من نيسان الجاري.
قد يقول قائل لماذا لم يدخل المكون بجبهة سياسية موحدة ليستغل ثقله الانتخابي في نينوى افضل استغلال. قول منطقي و طبيعي و يدخل ضمن الطموح السالف الذكر ، السبب في عدم حصول هذا، هو الواقع الشائك الذي منع و يمنع المكون من تبني مشروعه السياسي كحق دستوري. هذا الواقع وليد اسباب موضوعية و اخرا ذاتية.
فاما الموضوعية فان قسم كبير من ابناء المكون مرتبطين سياسيا بالحزبين الكورديين و على وجه الخصوص الحزب الديمقراطي الكوردستاني، ارتباطا في معيشتهم و قوت اطفالهم و ان كان هناك من هو مرتبط لاسباب و قناعات سياسية ايديولوجية طبعا. سبب اخر ان سلطة الاقليم قد حرمت حق العمل السياسي الايزيدي المستقل عنه دون كل المكونات الكوردستانية الاخرى .
بغداد المنقسمة على نفسها مذهبيا لم تقدم الحد الادنى من الدعم لاطياف الشعب العراقي في نينوى و هذا التقصير يشمل المكون الايزيدي بامتياز، و هذا ما حصل عندما امتنعت بغداد من تنفيذ و صية المحكمة الاتحادية في تخصيص عدد مقاعد برلمانية للمكون الايزيدي و بشكل يتناسب مع نسبته السكانية، فراحت مقاعد الكوتا الايزيدية الى اربيل الوصية على المكون الايزيدي القاصر!
المحيط الاقليمي للعراق هو الاخر لا يرى مبررا من دعم المكون الايزيدي سياسيا و على حساب امتدادات الجهات الاقليمية المذهبية القومية في العراق. يضاف الى هذه العوامل الموضوعية التي تحد من تبني المكون مشروعه السياسي الخاص به، اللوبي الايزيدي الغائب من الساحة الدولية لاسباب في اهمها تشتت الجالية الايزيدية في المهجر سياسيا بسبب ولائات ابنائها السياسية المختلفة.
هذا العامل ينقل بنا الى العوامل الذاتية التي حالت دون تحقيق الطموح الايزيدي السياسي في تبني قضيته المشروعة. سلوكية الفرد الايزيدية تعاني من افات الانانية الفردية و الشعور بالدونية تجاه الاخر و عدم استعداده للتضحية ببضعة قروش او ساعات ناهيك عن التضحية بما هو اغلى من هذا... كل هذه العوامل و اخرى ايضا ادت في نهاية المطاف الى عدم طرح تنظيم سياسي مؤهل لحمل وزر المسؤولية التاريخية الكبرى. لحين يتم التغلب على العوامل الذاتية لن يكون هناك تغيير في العوامل الموضوعية و سينتقل الايزيدي من سوء الى اسوء ...
شخصيا لن اشارك في الانتخابات هذه المرة لاعبرعن احتجاجي ضد الدونية التي عومل بها هذا المكون و لكي ارسل رسالتي المتواضعة لصناع القرار السياسي و مالكيه ... الى هنا و كفى ... فان لم اكن كفئا لكي اكون سيدا فلا ارضى على نفسي ان اكون عبيدا و هذا هو اضعف الايمان ...و ليعذرني كل مرشح لا اشك في شخصه و لا نيته و لا قدراته ... لكنني اشكك في النظام السياسي الاحتوائي.
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست