الاتحاد الوطني الكوردستاني يحتضر !
Thursday, 24/10/2013, 12:00
كما هو معلوم لقد قام الاتحاد الوطني الكوردستاني بزعامة مام جلال في منتصف سبعينات القرن الماضي و على اثر انهيار الحركة الكوردية القومية التحررية بقيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني بزعامة القائد الكوردي، المرحوم مصطفى البارزاني و كنتيجة فورية لاتفاقية الجزائر بين العراق في ظل حكم البعث و بين ايران الشاهنشاهية وذلك في اذار عام 1975. ان قيام الاتحاد الوطني الكوردستاني في الاول من ينيو من نفس السنة اي 1975 و ببضعة شهور فقط من بعد الانتكاسة الكبرى، و من خلال دمج ثلاثة من اهم حركات التحرر الكوردية انذاك على ساحة كوردستان العراق، انما شكل رمزية عالية للملمة الذات الكوردية السياسية المشتة المنهارة، حيث الشعور بالاحباط و خيبة الامل. لقد حقق الاتحاد نجاحات سياسية و عسكرية يشهد لها. لقد فقد الحزب الديمقراطي الكوردستاني الان هيمنته المطلقه و البديهية لزعامة حركة التحرر القومية الكوردية في كوردستان العراق لاول مرة منذ تاسيسه ليعيش الواقع الكوردستاني حالة من التعددية السياسية كآمر واقع. السؤال الذي طرح نفسه في تلك الظروف كان بطبيعة الحال اذا ما كان الاتحاد سيحل تماما محل الحزب الديمقراطي الكوردستاني ام ان الحزب سينهض من جديد و في هذه الحاله كيف سيكون حال المشهد السياسي الكوردي. لقد حدث ما حدث اذ انتفض الديمقراطي الكوردستاني مستلهما روح المقاومة من الحاجة الماسة لدى الشعب الكوردي. للاسف حدث صدامات و اقتتال داخلي راح ضحيتها الالاف من المقاتلين الكورد من ابناء البيشمه ركه من كلا الطرفين مما ادى الي ضعف الحركة الكوردية التي باتت الان تواجه حكما ديكتاتوريا و عسكريا من اشرسها وحشية في عراق السبعينات الذي حقق نجاحات اقتصادية كبيرة على اثر تاميم شركات النفط العالمية العاملة في العراق انذاك، مما ادى الي ملىء ترسانة بغداد العسكرية بمختلف انواع اسلحة الدمار الشامل. على الرغم من كل ذلك استطاع الاتحاد الوطني الكوردستاني ان يثبت قدمه ليرغم لاحقا غريمه الحزب الديمقراطي الكوردستاني لقبول التعددية السياسية كامر واقع.
في اواخر شهر اذار و بداية شهر نيسان من عام 1991 كان نظام البعث تحت قيادة صدام حسين الديكتاتورية قد خرج للتو خاسرا مهزوما من الكويت فانتفض العراقيون كوردا و عربا، املين التخلص من الحكم الصدامي الذي شن حملات شرسة على عموم كوردستان، ادت الى الهجرة المليونيه عبر الحدود التركية و الايرانية, الامر الذي حرك الراى العام الغربي ليحرك صانعي القرار، فكان صدور قرار مجلس الامن المشهورتحت رقم 688 في 5 نيسان عام 1991 ليتبين لاحقا بانه بداية حكم و ادارة ذاتيه حقيقية للكورد مستقلين تماما من العراق من الناحية العملية. لقد تقاسم الاتحاد و الديمقراطي ادارة الاقليم بادارتين احداهما في اربيل و الاخرى في السليمانية.
في عام 1994 نشب الاقتتال العنيف بين الاتحاد الوطني الكوردستاني و الحزب الديمقراطي الكوردستاني ليصل الامر في عام 1996 ان يستنجد الاتحاد بايران و ان يستنجد الحزب الديمقراطي الكوردستاني ببغداد فكانت النتيجة ان سيطر الديمقراطي على اربيل عاصمة الاقليم بينما احتفظ الاتحاد بسيطرته علي السليمانية. استمرت حالة الانقسام و الاقتتال الكوردي الى ان تدخلت امريكا لتجبر الطرفان على التوقيع على اتفاقية واشنطن عام 1998. على اثر هذه الاتفاقية دخل الطرفان شراكة سياسية فريده من نوعها تقاسم فيها الحزبان سلطة الاقليم طبقا لمبدآ الفيفتي فيفتي، اي مناصفة.
مرت الايام و تطورت الاحداث و تعقد المشهد السياسي العراقي و فيما يخص الاتحاد الوطني الكوردستاني لم تهب الرياح كما اشتهته سفنه بل و على العكس تبين ان شراكته مع الديمقراطي هذا العملاق و الديناصور السياسي، باتت عبئا ثقيلا عليه خاصة بعد انشغال امينه العام مام جلال بمنصب رئيس جمهورية العراق هذا المنصب التشريفي الذي نجح الحزب الديمقرطي الكوردستاني بذكاء في اسناده الى مام جلال ليحقق غايتين في ان واحد، الاولى ان يكون كوردي على راس هرم احدى الرئاسات العراقية الثلاثة و الغايه الثانيه و بتقديرنا الاهم من الاولى ابعاد مام جلال من المشهد السياسي الكوردي و الهائه عنه بشكل ينم عن ذكاء سياسي خارق وهو يعلم جيدا تاثير ذلك و مردوده على الاتحاد الوطني الكوردستاني الحليف الخصم.
ماساة الاتحاد الوطني الكوردستاني هي ماساة حزب شرقي عراقي يقوم و يسقط بقيام و سقوط قائد الضرورة ! لقد وقعت قيادة هذا الحزب في شرك تحالفه الغير المتوازن مع الديمقراطي الكوردستاني الذي نجح المرة تلوى الاخرى بان يفرض ارادته على قيادة الاتحاد الوطني الكوردستاني وهذا ما يتجلى بوضوح لا لبس فيه كيف انه احتفظ بمنصب رئيس الاقليم طيلة هذه الفترة. ليس هذا فحسب بل ايضا بمنصب رئاسة حكومة الاقليم من الناحية الفعليه و العملية! حدث كل هذا و قيادات الاتحاد الوطني الكوردستاني ملتهية بملذات السلطة في بغداد و كوردستان و ما تدر عليهم من منافع مادية.
لقد وصل تذمر الكثيرين من ابنا الاتحاد بمن فيهم بعض من قياداته الي الانشقاق بعد ان يآسوا من مناداة الاصلاح من دون جدوى فكانت ولادة كوران اي حركة التغيير بقياده نوشيروان مصطفى الرجل القيادي الثاني في هرم الاتحاد الوطني الكوردستاني. خظآ جسيم اخر وقعت فيه قيادة ما تبقى من الاتحاد الا وهو عدم اخذ هذا الانشقاق محمل الجد لنرى كوران تجتازه في انتخابات الاقليم التي جرت الشهر الماضى.
هناك مثل يقول تعددت الاسباب و الموت واحد....كثيرة هي اسباب سقوط الاتحاد الوطني ليحتضر اليوم و يواجه مصيره وجه لوجه. لعل اهم هذه الاسباب هو تشبث مام جلال بالسلطة رغم تقدم العمر و اعتلال الصحة و براينا ما كان ينبغي لفخامته ان قبل بفتره رئاسية ثانيه حيث اصبحت مسمار نعش قيادته و حزبه. كان الوقت مناسبا و قد حان من زمان ان يترك السياسه و ان يفسح المجال هو و معه الاخرين من قيادي الاتحاد لغيرهم من الجيل الصاعد..... لكن هذه هي احدى كبريات ماساة قادة الشرق السياسيين لا يفصلهم عن الكورسي سوى الموت!
بلا شك جاء سقوط الاتحاد في وقت لا يحسد عليه و يصارع رآس هرمه من اجل البقاء، هذا اذا كانت فخامته لازال على قيد الحياة حيث الكثير من المعطيات و الدلالات تشير الى عدم بقائه على قيد الحياة و لقد اتفقت مصالح الكتل السياسية العراقية و الكوردستانية المتنفذة على قبول ما هو ليس مقبولا و ليس دستوريا الا وهو بقاء منصب رئيس دولة حالها حال العراق المضطرب سياسيا و امنيا طيلة هذه المدة شاغرا ....يضاف الى ذلك جعل موضوع تفقد فخامته شآنا عائليا بحتا !!! كيف يصح ذلك ؟ انه رئيس دولة و موضوع زيارته و الوقوف على امر صحته شآن وطني بامتياز .....و السؤال ههنا يا ترى لماذا قبلت و تقبل القيادات العراقية و الكوردستانية بهذا الامر اذا لم يكن ذلك في خدمتهم؟ الاتحاد الوطني الكوردستاني يحتضر و فقد شراكة سياسية كلفته و كوردستان معه الكثير. لقد تحول الى حزب مساند في ساحة سياسية فيها من الاعداء و الخصوم اكثر بكثير من الحلفاء و الاصدقاء.
الكاتب والمحلل السياسي
وسام جوهر
[email protected]
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست