الکورد وحرب الوجود واللاوجود
Sunday, 07/09/2014, 12:00
یبدوا لی ، من خلال متابعاتی الیومیة لوسائل الإعلام ، سواء المرئیة أوالمقروءة أوالمسموعة ، ومن شبکات التواصل الإجتماعی . بأن العالم کله ، فی هذه الأیام قد انحصر واختصر فی الداعش فقط ، أو أصبحت الداعش وکأنها هی وحدها العالم کله . فالداعش هذه الآفة التی إشترکت الکثیر من الأطراف والجهات لایجادها فی الوجود ، التی فاجأت الکل ، بحقیقتها وماهیتها ، بخروجها عن السیطرة واتخاذها حجما غیر متوقع وفی الحسبان ، وشکلا لم یکن فی التصور والخیال ، حتی من قبل بعض هذه الأطراف والجهات نفسها . وذالك لأن بعض الجهات المشارکة فی المشروع الداعشی لها أجندات مخفیة خاصة بها ، أبقتها فی السر وطی الکتمان ، دون أن یعلم أو یطلع الأطراف الاخری المشارکة بها .
فالداعش ، فی الحقیقة هی بمثابة الإبن الغیر الشرعی ، المنحرف ، الحقود ، العنود ، المشاکس ، الذی له العدید من الآباء الذین لا یشعرون بالمسؤولیة ، وعدیمی الإحساس والضمیر، الذین یمثلون الداعش الأصلی ، من وراء الستار . فالداعش الظاهری الإبن هو الضحیة للعقلیات المریضة ، والنفسیات البهائمیة لابائه المتعددة .
والآن ، الکل یعلن تبرأته من الداعش الإبن ، ومما ترتکبها من جرائم ومآسی بحق الناس العزل والأبریاء . وإن الآباء أی الدواعش الأساسیین والأصلیین ، یحاولون مقاضات ومجازات الداعش الإبن . بشتی الوسائل والطرق ، وحتی مقاتلتها ، کما یظهر . لکن السؤال ، إلی أی مدی الدواعش الآباء جادون فی مقاتلة الدواعش الإبن ؟. فهل الهدف هو القضاء التام علی الدواعش ؟ . أم یکتفون ببتر أطراف الدواعش فقط ، أو إجبارها للخضوع والرضوخ وإعادة السیطرة علیها ، أو إنهم ینوون ایجاد بدیل لها ، بحیث یکون قابلة للسیطرة بصورة أحسن ، وربما هذا الداعش البدیل ، قد تکون متعدد الأعراق والمذاهب والطوائف .
إننی أعتقد بأن الداعش هی أحدث الإبتکارات الشیطانیة ، للأعداء الألداء للکورد ، من الطورانیة والأعراب والإسلام السیاسی ، للقضاء علی الکورد کلیا ، ومحوهم من الوجود نهائیا . فالطورانیة ، بما فیها الدولة الترکیة ، بکل قدراتها وإمکانیاتها ، وبما لها من علاقات وارتباطات . والأعراب بمختلف إتجاهاتهم وأشکالهم ، من الشوڤینیة والعروباویة والعرباوی . والإسلام السیاسی بمختلف مذاهبهم وطوائفهم ، بأشکلالها وألوانها المتباینة . إضافة إلی الولایات المتحدة الأمریکیة والدول الأوروپیة ، فهؤلاء هم الدواعش الحقیقیون ، لکنهم هم من وراء الستار ، ومختفون عن الأنظار . لذالك نری بأن المهمة الأساسیة والرئیسیة للدواعش هی محاربة ومقاتلة الکورد أینما کان .
لکن لحسن الحظ ، إن الدواعش لقد عبروا الخط الأحمر ، وأصبحوا یهددون مصالح الدول الغربیة عموما ، بطموحاتهم وخططهم . لذا اضطرت هذه الدول إلی محاربة الدواعش فی مناطق وجودها . وبذالك أصبح الکورد والدول الغربیة فی جبهة واحدة ، وفی خندق واحدا ، لا إرادیا وإن لم یکن إجباریا . ولکن حسب منطق الأمریکیین ، لیس هناك فی عالم السیاسة الیوم ، أصدقاء دائمیون ، وأعداء دائمیون ، أو ربما تکون الصداقات والعداوات إلی مرحلة معینة ، ومن ثم قد تنقلب الآیة ، فیصبح الصدیق عدوا ، والعدو صدیقا .
کما إن هذه الدول مرتبطة بعلاقات وثیقة مع الدول التی تحتل کوردستان . لذا ینبغی علی الکورد أن لا یعتمد وا کلیا علی هذا التحالف الغیر الموثوق والموثق . إن نوع التحالف الإجباری بین الکورد والدول الغربیة ، ومدی جدیة ومتانة هدا التحالف ، قد یظهربصورة جلیة وللعیان ، عندما یتم تسلیح القوی الکوردیة لمحاربة داعش . فإذا استثنیت قوی کوردیة ، ورکزت الإهتمام بقوی معینة اخری ، عند ذالك ، لا یبقی أی غموض أو عدم الوضوح فی التصور والرؤیة . بمعنی آخر ، إن الأسلحة الوارد إلی کوردستان هی لیست للکورد ، وإنما هی للدواعش لمحاربة الکورد . وإن أیة قوة کوردیة ترضی وتقبل أن تتعاون مع الدول الغربیة ، لوحدها دون غیرها من القوی الکوردیة ، هی قوة خائنة ، وتصبح فی خندق الأعداء ، فی مواجهة الشعب الکوردی ، وهذا یعنی إن الکورد معرضون لمؤامرة دولیة خطیرة ، فلیس الدواعش هم المقصود والهدف فی هذه الحرب ، وإنما الکورد هم الهدف الحقیقی والمقصود الأساسی لها . وهذا یعنی إن الکورد بدلا من أن یحصلوا علی مایتمنون ، فإنهم قد یکافؤن بلوزان آخر . فإذا ما أرادت الدول الغربیة ، أن یفرضوا علی الکورد ظروفا وأوضاعا بالضد من مصالحه القومیة ، عند ذالك ینبغی علی القوی الکوردیة کافة ، رفض کافة أشکال التعاون مع هذه الدول ، ما لم یراعی الحقوق المشروعة للشعب الکوردی أولا . فی الحقیقة أن هذه الحرب التی دخلت فی عقر دار الکورد هی بالأصل حرب الوجود واللاوجود .
٠٨/ ٠٩/ ٢٠١٤
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست