الاجيال و السمات المختلفة
Friday, 06/06/2014, 12:00
1680 بینراوە
عماد علي
حكى لي صديق عما مر به في حياته اخيرا، و استخلص بانه خُدع و يعتبر نفسه ساذجا لحد الغباء لانه لم يتصور ما يحل به هكذا في يوم ما. و كان قصته اجتماعية بحتة بحيث غدر به الزمان و الحبيبة و تعامل مع الاخر من منطلق نظرته الى الحياة و ما تعلمه او اكتسبه خلال حياته على الرغم من اختلافه عنها من حيث مرتبة الاجيال، ولم ياخذ في الاعتبار تناسق الناس و تشابهها من حيث الفكر و النظرة الى الحياة في جيل واحد و اختلاف السمات و الصفات و ما يؤمن به الشخص من جيل لاخر، و كذلك الفروقات العديدة من حيث الانتماءات الاجتماعية العديدة من حيث العرق والدين و المذهب و الفكر الذي اصبح من العوائق الكبيرة امام العلاقات العامة و ما يخص الشباب بالذات .
ملخص ما مر به، و اعتبر منه جيدا، على الرغم من توائمهما الفكري بداية و اتفاقهما العقلي و العاطفي النسبي طبعا بين الاثنين و توافقهما على ما استجدت حديثا على الساحة من الانتماءات، الا انهما فشلا في علاقتهما لسبب اعتبره عدم انتماءهما لجيل واحد فقط و اختلاف الايمان بالسمات الحسنة و السيئة نسبيا بين الجيل و الاخر و نظرة كل منهما الى الحياة بشكل مختلف .
لا يمكن ان نجد العلاقات الاجتماعية و ما فيها من الحسنات و السيئات التي كانت موجودة و تميزت بها الاجيال السابقة في الاجيال الجديدة، و العكس ايضا صحيح، و هذا له اسبابه و عوامله العديدة، و يدخل التطور العلمي و بالاخص الوسائل العامة للاتصال من الابواب الواسعة لتغيير هذه العلاقات و محتواها و بسرعة شديدة بحيث يمكن ان تلمس الفروقات بين الجيل و ما يليه.
من المؤسف ان يدخل الماديات في صلب الاسباب التي تؤثر على جوهر العلاقات الاجتماعية و ما فيها من السمات الحسنة الموجودة في الشرق اكثر من الغرب، ناهيك عن اسباب اخرى من حيث مستوى الثقافة العامة و المباديء و العقلية و الفلسفات المختلفة التي تؤمن بها الاجيال و ما تكتسبها فطريا و تسير عليها عفويا دون جهد يُذكر و على العكس من الاجيال السابقة التي ناضلت بنفسها لكسب المباديء و الثوابت العامة .
التطورات المتعددة فيما تخص شؤون الحياة و عدم استغلالها للصالح العام، و نظرة كل فرد اليها بشكل خاص و استغلالها لاسباب و افعال مختلفة من المسببات الرئيسية لابتعاد كل جيل عما يليه من حيث السمات و الصفات العامة التي يؤمن بها .
اهم الاسباب التي ادت الى هشاشة العلاقات الاجتماعية العامة بشكل عام هو تعامل الناس مع البعض وفق الامكانيات المادية، و طغت الحالة الاقتصادية على السمات الانسانية لاسباب موضوعية و هي احتياجات الفرد للوسائل الضرورية للمعيشة و الاحتياجات اليومية، و من ثم اخلاق الفرد و تربيته و مدى تغطية النظرة المادية على افكاره الانسانية الاخرى في تعامله مع الاخرين كعوامل ذاتية .
ان هذه الفروقات الشاسعة التي تحس بها الاجيال المختلفة عن بعضها، و خاصة في الشرق لانه يمر بمرحلة انتقالية من كافة النواحي، تؤثر على التعامل و العلاقات العامة في الصميم . نعم من الممكن ان تلمس التغييرات العديدة و الفروقات الواسعة ضمن حتى العائلة الواحدة. قال لي صديق قريب ، انني الاحظ ان بعض ما يضحكني من الطرائف و النكات لم يُضحك اولادي تماما و ما يحزنني لم يحزن اولادي ايضا، و ان بعض ما يفرحون و يضحكون عليه لم احس به انا بانه المضحك، فهل من المعقول ان يغير الايباد و الايفون و اللابتوب و البلايستيشن اسباب الضحك و الحزن ايضا . هذه الوسائل لم تغير اسباب الضحك و الحزن فقط و انما تغير كيان الفرد و اهتماماته و فكره و ما يهمه ايضا، اي المسببات و العوامل التي تؤثر على الفرد الفكري هي التي تبني الفروقات الشاسعة بين الاجيال من حيث النظر الى الحياة، و ارجع و اقول نعم فشل الصديق في علاقته الحميمية لاسباب و افكار و نظرات للحياة التي تلتزم بها الاجيال السابقة ليس بشرط ان تؤمن بها الاجيال الجديدة و هذا ما فرض فشله، فقلت له تعامل مع الموضوع بعقلانية و معها بما فعلت وابحث عن بنات جيلك و ترتاح البال،لان لم يبق لك من العمر كي تربيها من جديد او تتوصلا الى توافق تام، و المشكلة ان ما تقدر عليه الاجيال الجديدة و من ضمنها الحبيبة الغالية للصديق من نسيان المشاعر و تركها بفعل التاثيرات المادية، ليس بمقدور الاجيال القديمة ان تفعل لانها ملتزمة بالسمات الانسانية السامية و الصفات و المشاعر الصادقة النابعة من العاطفة الصحيحة اكثر من الجيل الجديد، فقلت اذن ليس باليد حيلة بين كل هذه المتناقضات فتقبل الحياة كما هي .