الحزب الديمقراطي الكردستاني وحرية الصحافة في كردستان العراق
Tuesday, 10/08/2010, 12:00
منذ أسبوع، شنّ الحزب الديمقراطي الكردستاني (بزعامة رئيس إقليم كردستان العراق الحالي مسعود البارزاني) حملة فعلية ضد مجلة ليفين المتهمة بإهانة ذكرى الملا مصطفى البارزاني الذي يعدّ من الشخصيات البارزة في تاريخ المنطقة. وإذا بالمشاعر تثور غضباً. فيهدد أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني بالأسوأ إذا لم يحصلوا على اعتذار علني. وقد قام الحزب أيضاً برفع شكوى بتهمة "التشهير" ضد صحيفة المعارضة روجنام في أعقاب نشرها مقالة تندد بتورط الحزب السياسي في ممارسات الفساد.
في هذا الإطار، أعلنت مراسلون بلا حدود: "هاتان قضيتان تهددان حرية الصحافة في كردستان العراق. فكثيرة هي المواضيع المحرّمة والخطوط الحمراء التي لا يجوز للصحافيين أن يتخطوها. وشخصية الملا مصطفى البارزاني التاريخية هي إحداها. إننا نشعر ببالغ القلق لا سيما إثر توجيه تهديدات بالقتل ضد صحافيي ليفين. ونذكّر بأنه تم اغتيال صحافيين في العامين الماضيين. وندعو الأطراف إلى العودة إلى الهدوء. يفترض بالمسؤولين في الحزب الديمقراطي الكردستاني أن يواجهوا مسؤولياتهم ويحثوا مؤيديهم على التعقل، وإلا فإن الوضع قد يتدهور. كما أنه من واجب سلطات حكومة إقليم كردستان تأمين الحماية للصحافيين الذين يعملون في هذا الإقليم. ويتعيّن على رجال السياسة أن يفرّقوا بين التشهير والنقد علماً بأن الشكوى المرفوعة ضد روجنام سخيفة: فهل سيجرؤ الحزب الديمقراطي الكردستاني على تقديم شكوى ضد صحيفة نيويورك تايمز التي كانت مصدر الوحي؟".
حملة حقد موجهة ضد مجلة ليفين إثر نشرها مقالة تنتقد شخصية الملا مصطفى البارزاني
في 1 آب/أغسطس، نشرت مجلة ليفين مقابلة مع طالب دكتوراه في جامعة هارفارد حول التاريخ الكردي الحديث. وفي خلال هذه المقابلة، انتقد الطالب عرفان قنيع فارد دور الزعيم التاريخي للحزب الديمقراطي الكردستاني الملا مصطفى البارزاني، والد الرئيس الحالي لإقليم كردستان العراق مسعود البارزاني وإحدى أبرز شخصيات الساحة السياسية الكردية حتى وفاته في العام 1979.
أشار عرفان قنيع فارد إلى أنه اطلع على الأرشيفات البريطانية والأمريكية التي تشير إلى أن الملا مصطفى البارزاني، قائد الجيش الكردي آنذاك في جمهورية مهاباد (التي أنشئت في كانون الأول/ ديسمبر 1945) مدعوماً من البريطانيين لإلغاء جمهورية مهاباد وخيانة قاضي محمد، رئيس الجمهورية الكردي الذي شنقته القوات الإيرانية في العام 1946 عندما استولت على المنطقة بعد الانسحاب السوفياتي. وقد توصل في الأبحاث التي أجراها إلى أن أجهزة الاستخبارات الإيرانية في ذلك الوقت وضعت الملا مصطفى البارزاني على رأس الثورة الكردية في العام 1961.
منذ نشر هذه المقابلة، تزداد الهجمات ضد المجلة وأسرة تحريرها بشكل أكثر ضراوة.
في هذا السياق، أبلغ رئيس تحرير مجلة ليفين أحمد ميرا مراسلون بلا حدود بأن "مجلة ليفين أجرت مقابلة مع الطالب بشكل حيادي ومهنية عالية. ولا تتحمل أسرة التحرير أي مسؤولية عن التصريحات التي أدلى بها المؤرخ في المقابلة. وبعد وقت قصير من نشر هذه المقابلة، استهدفت ليفين والصحافيين الذين يعملون فيها بشكل مباشر أو غير مباشر بتهديدات خطيرة وجهها إليها الحزب الديمقراطي الكردستاني. وقد اتخذت الاعتداءات أشكالاً عدة. تم تهديدنا بشكل أساسي بالقتل. وتوعّدوا بأن يجعلوننا ندفع الثمن".
في 4 آب/أغسطس، بدأ أنصار الحزب بتوزيع مناشير ضد ليفين ومعاونيها في شوارع أربيل والسليمانية. وفي 5 آب/أغسطس 2010، نشرت جريدة خابات التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني رسالة مشابهة تتضمن تهديدات صريحة ضد صحافيي أسرة التحرير (راجع النسخ من رسائل التهديد هذه).
في 5 آب/أغسطس أيضاً، في أثناء خطب الجمعة، اتهم رجال الدين المؤيدين للحزب الديمقراطي الكردستاني ليفين وصحافييها علناً بالتجديف ضد الإسلام داعين الناس إلى التظاهر ضد الصحيفة. حتى أن بعضهم طلبوا الاعتداء الجسدي على فريق عمل أسرة التحرير. اشتكى أحمد ميرا من أن "كل هذه التهديدات تطلق ضدنا لأننا نشرنا مقابلة مع باحث تجرأ على انتقاد الرواية الرسمية للتاريخ الكردي بشأن الملا مصطفى البارزاني" مذكّراً بأنه يفترض بسلطات المنطقة أن تحمي صحافيي ليفين بصفتهم من مواطنين إقليم كردستان.
في 8 آب/أغسطس، أعلن أحمد ميرا أنه تقدم بشكوى ضد مسعود البارزاني كرئيس لحكومة إقليم كردستان وزعيم للحزب الديمقراطي الكردستاني إثر بث المنظمات ووسائل الإعلام المقرّبة من الحزب دعوات إلى القتل ضدهم.
الحزب الديمقراطي الكردستاني يرفع دعوى ضد روجنام بسبب مقالة تندد بممارسات الفساد
في 20 تموز/يوليو، نشرت روجنام الأسبوعية تقريراً يندد بمشاركة الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني في الاتجار بالنفط المتجه إلى جمهورية إيران الإسلامية. وفقاً لهذا التقرير المنشور في العدد 591، تلقى كل من الحزبين السياسيين الأساسيين في إقليم 250000 دولار في الشهر كرشوة على رغم فرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة حظراً على المواد النفطية في إطار العقوبات الدولية ضد إيران.
في أعقاب نشر هذا التقرير، تقدم الحزب الديمقراطي الكردستاني بشكوى ضد الصحيفة في 25 تموز/يوليو 2010 مطالباً بتعويض من مليار دولار وإغلاق وسيلة الإعلام المعنية. وقد أفاد رئيس تحرير الصحيفة أزاد شلق مراسلون بلا حدود بأن "هذه الشكوى مثال آخر على الجهود التي يبذلها الحزب الديمقراطي الكردستاني لكمّ الصحافيين المستقلين والمعارضين. فلا تريد السلطات أن تسمع أي أصوات أخرى لا سيما عندما تفضح الفساد والآليات التي تحكم النظام الاستبدادي". وأضاف شلق: "لدينا كل الوثائق التي تثبت كل ما يرد في هذه المقالة من معلومات. لا شك في أننا سنفوز". وتجدر الإشارة إلى أن صحيفة نيويورك تايمز في عددها الصادر في 8 تموز/يوليو 2010 كانت أول من شجب الرشاوى التي يتلقاها الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني في عمليات تهريب النفط.
إن هذا التعويض هو أهم ما فرض على وسيلة إعلام في العراق من أي وقت مضى (وبالأحرى في كردستان). بالإضافة إلى ذلك، لا يلحظ قانون الصحافة المعمول به في كردستان العراق (الذي يعود إلى العام 2007) إمكانية إقفال المحكمة وسائل الإعلام مع الإشارة إلى أن القدر الأقصى من التعويض المنصوص عليه في هذا القانون هو 3 ملايين دينار، وأن الحزب الديمقراطي الكردستاني طلب محاكمة الصحيفة في إطار تطبيق قانون العقوبات العراقي لسنة 1969.
افتتحت المحاكمة في 8 آب/أغسطس 2010 أمام محكمة في أربيل. ويرى أزاد شلق أن هذه الدعوى سياسية بامتياز. وقد طالب محامو روجنام بأن تتم المحاكمة ليس في أربيل وإنما في السليمانية حيث يقع المقر الرئيسي للصحيفة. وشرح الصحافي الموقف على النحو التالي: "لدينا شكوك حيال استقلال المحاكم في أربيل حيث يستحيل على القضاة اتخاذ أي قرار من دون موافقة الحزب الديمقراطي الكردستاني. لذا، لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار مثل هذه المحاكمة عادلة ومنصفة. وإذا كانت لتقام في أربيل، فإننا نخشى على حياتنا، ما دفعنا إلى طلب نقل الملف إلى السليمانية".
ستصدر المحكمة خيارها بشأن المحكمة المختصة للنظر في القضية يوم 23 آب/أغسطس القادم.
بانتظار ذلك، يبدو أن الحزب الديمقراطي الكردستاني قد ضغط على المحكمة في أربيل لتعلن فرض حظر على سفر رئيس التحرير والصحافي الذي كتب المقالة سروان رشيد.
قامت شركة ويشا بتأسيس روجنام في حزيران/يونيو 2007. وهي الآن المنشورة الأساسية لحركة التغيير المنتمية إلى المعارضة السياسية.
مداهمة مقر مجلة هاودام
توجه مسلّحون إلى مقر صحيفة هاودام في أربيل في 31 تموز/يوليو الماضي زاعمين أنهم تلقوا موافقة المحكمة على تفتيش المكاتب. وقد علّق رئيس تحرير الصحيفة ريكان صباح على ما حدث قائلاً: "لم يتمكنوا من تقديم الوثيقة". من المعروف أن هذه المجلة مقرّبة من حزب العمال الكردستاني.
http://en.rsf.org/irak-ruling-party-threat-to-press-10-08-2010,38106.htmlhttp://fr.rsf.org/irak-le-kdp-et-la-liberte-de-la-presse-10-08-2010,38105.html
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست