تكهنات في مستقبل الشرق الاوسط؟
Monday, 25/11/2013, 12:00
وسام جوهر
تمر منطقة الشرق الاوسط الحبلى بمخاض عسير من الصعب جدا التكهن بالولادة المرتقبة. ارى بان هذه الولاده لا تتم الا بعمليات قيصرية و جراحيه و سيصاحبها الكثير من النزيف و التعقيدات مع احتمال كبير في خروج المريض بعاهات مزمنة. ستكون ولادة تعددية بكل المواصفات و المقاييس ، بعضها ولادات سليمة لكن اغلبها مشوهة.
فيما يخص العرب نتحدث عن عرب الخليج و ما تبقى من العرب، و اما عرب الخليج و في مقدمتهم السعودية و قطر فسيرجعون الى المربع الاول يقبع فيه اصحاب الجلالات على عروشهم الذهبية تخدشهم شوكة النزاع الفلسطيني الاسرائيلي، و يؤرقهم تنامي قوة و نفوذ جارتهم الشيعية. نجح الخليج في احداث فوضى و دمار شامل في المنطقة لكنهم فشلوا في استثمار ذلك لنقل مواقعهم اقليميا الى الامام. بل رجعت دول الخليج الى التسلسل الاخير في سلم امم المنطقة. الخليج سيستمر العيش في منطقة الظل بل ظل الظل معتمدين في امنهم القومي على الغرب الذي لن يحسب لهم حساب. هذا هو ثمن تقرب الانظمة الخليجية الى الارهاب السلفي الوهابي في مشروعهم السياسي، فالغرب ليس اغبى من ان يرى ان مصلحتهم تقع في الجانب الاخر من الخليج.
مصر: فيما يخص مصر اعتقد انها ستحقق استقرار سياسيا نوعا ما و ستشيد نظاما سياسيا اشبه ما يكون بالنظام التركي السابق المبني على تقاسم السلطة بين جنرالات العسكر و السياسيين و سيكون للليبراليين دور حاضر في قادم الايام في مصر كدولة عربية وحيدة فيها يمارس التيار العلماني الليبرالي او على الاقل الديني المعتدل دورا مؤثرا على الحياة السياسية. بمعنى اخر طارت احلام تركيا هنا في انشاء مصر اردواوغلووية، مثلما تلاشت احلام الاخوان المسلمين هنا في القاهرة
ليبيا: و ما ادراك ما ليبيا... اخشى ان ليبيا ينتظرها مصير صوماليا . كل المؤشرات تشير الى استمرار تفكك ليبيا الى مقاطعات تسيطر عليها قبائل و عشائر و زمر و عصابات مختلفة. فلا تكوينة ليبيا السكانية و لا ثقافتها تساعدان في بناءالدولة المدنية المعاصرة. لن استغرب اذا ما تحولت اجزاء من صحرائها الى مرتع لانتاج الارهاب الذي سيصدر الى دول المنطقه مجانا!
سوريا و لبنان: مصير لبنان كان و سيبقى مرتبطا و بشكل توامي سيامي مع مصير سوريا. فسوريا هي قدر لبنان. من الصعب جدا التكهن بمصير سوريا و هذا ما قلناه في مقالنا في سوريا تحسم المعركة المصيرية و ذلك لاهمية سوريا الجيوسياسية الفريدة. ان الراي عندي بان نظام الاسد سيركب العاصفة و سيبقى و ان كان بحلة جديدة. مع شديد احترامي للشعب السوري و دمائه الغزيره التي سالت في طريق التعطش الى الحرية، لقد سرق بثورته منذ اللحظات الاولى لا بل لم يكن الا طريق الاوهام رسمته له قوى ما كانت تريد لهم الخير، قوى صدرت مشاكلها الداخلية الى سوريا. قوى سوقت الديمقراطية الى سوريا و شعوبها احوج من السوريين الى بضاعتهم الفاسدة. سوريا ستخرج منتصرة على قوى الارهاب و ان كانت منهكة القوى. هذا ما اراده الغرب، تفكيك سوريا عسكريا و اقتصاديا لكي لا تشكل ادنى تهديد على امن اسرائيل . لا استغرب ان راينا في المستقبل القريب سوريا تدخل مفاوضات سلام و تسوية مع جارتها اسرائيل. اما العلاقة مع تركيا فلن تتحسن بعد الشرخ الكبير الذي اصاب هذه العلاقة خاصة في ظل تركيا الاردواوغلية التي فقدت الكثير من مصداقيتها على مسرح العلاقات الاقليمية. لا ارى ان غرب كوردستان سيححق اقليما شبه مستقلا على غرار اقليمم كوردستان العراق فشتان بين سوريا و العراق و شتان بين اليوم و الامس. لكنني اتوقع تحسن علاقة النظام السوري مع الاكراد عبر الاتحاد الديمقراطي الكوردستاني و حلفائه اذ في ذلك مصلحة الطرفين و كان التاريخ يعيد نفسه اذ رجع اكراد تركيا الى سوريا من بوابة القامشلي و في استقبالهم النظام السوري ليشكلون وخزة مؤذية لتركيا. من الارجح ان تصير منطقة الادارة الذاتية المعلنة في غرب كوردستان الى منطقة حكم ذاتي اشبه بالحكم الذاتي لكوردستان العراق في سبعينيات القرن الماضي.
تركيا: لن يفتح لها ابواب اوروبا و ضيعت المشيتين فهي ضيعت حليفتها القديمة اسرائيل و لم يسمح لها العرب اعادة امجاد الماضي في السيطرة عليهم. تخبطت تماما في احداث ما سميت بالربيع العربي. لقد تاخرت دوما خطوة او خطوتان ثم سارعت تركيا الى ان تتقدم المسيره الى سوريا فوجدت نفسها متورطه فيها لا ترى سبيلا الى الخروج منها. ستستمر في حلمها مع اكراد العراق لاعادة ولاية الموصل الكبرى الى احضان الام، ساعية الى جعل البارزاني اميرا على كوردستان و بديلا لاوجلان و العمال الكوردستاني. ستصطدم تركيا بمقاومة شديدة، و سيدفع الكورد ثمن باهضا في تبديد حلم دولتهم الكوردية على حدود كوردستان الكبرى.
ايران: اتكهن باننا سنرى انفراجا قريبا لعلاقات ايران مع امريكا و تبعا لذلك مع الغرب باجمعه. لقد وظفت ايران ازمات و صراعات المنطقه خير توظيف و خرجت منتصرة كقوة اقليمية يحسب لها الف حساب. فتسوية ملفها النووي بات في متناول اليد و سيرفع عنها الحصار تدريجيا. سنرى تهدئه حقيقية لها مع اسرائيل و ان كانت ستتراشق اعلاميا للاستهلاك المحلي. ايران احكمت قبضتها على المنطقة و ضمنت مصالحها القومية تحت رداء المذهبية.
العراق: وجع راس الجميع هذا الجرح النازف الى الابد... بلد الشقاقات و النفاقات... بلد الحروب و الانقلابات و كآن الله قد اعطى العراقيين بيد و اخذ منهم بالاخرى. اتوقع ان نرى تصدعات و انهيارات في التحالفات الحالية و سنرى في القريب العاجل ما قد يكون بداية تفكك الائتلافات المذهبية و القومية الثلاث. هذا يرجع الى اشتداد المنافسات و الصراعات الداخلية التي تكاد تمس حد الانفجار. فالمجلس الاسلامي الاعلى ليس بامكانه ان يتحمل هزيمة انتخابية اخرى بسبب دوره التصالحي الواعظي بل سيتطلع الى العودة الى سابق عهده كقوة سياسية فاعلة ... اما الصدريون فهم من اكثر الاحزاب الشيعية تذبذبا، قلقا و مقلقا و نتوقع منهم الاقدام الى تحريك المياه الراكدة في برك المذهب السياسية، وربما كان من اول المنضمين الى تحالفات سياسية عبر الحدود المذهبية خاصة اذا ما ترائى لهم بوادر تحقيق حلم السلطة . اما الجعفريون ربما اختاروا الطلاق النهائي من المالكيين لانها علاقة جعلت الجعفريين يعيشون في منطقة الظل و احسب انهم سيتحالفون بشكل اقوى مع الحكيميين. بالنسبة لدولة القانون فان اغلب الظن عندي انهم لن يعيدوا انفسهم هذه المره و اتوقع تغيرات كبيره في حزب الدعوة قد تصل الى اعلى هرم القيادة. القائمة العراقية اصبحت في خبر كان و اتوقع ان اطرافها ستتوزع بين ثلاث اتجاهات الاول يستمر في العزف على الوتر القديم و الثاني يتجه شمالا الى اربيل و اما الثالث سيتجه جنوبا الى المالكيين. هذه القائمة ضيعت فرصتها في عصرها الذهبي مثلما ضيعت العرب فرصتها التاريخية بسقوط الدوله الاموية على يد الفرس، و مثلما ضيع الحزب الشيوعي العراقي فرصته الذهبية على يد قيادات ضعيفة ابتلى بها حزب امتلك قاعدة جماهيرية من خيرة القواعد الحزبية.
كوردستان: بلا شك فان الاقليم قد حقق نجاحات سياسية بعيدة المدى على حساب بغداد المنقسمة على ذاتها في صراعاتها التاريخية العقيمة. فبينما بغداد تصارعت و لاتزال تتصارع على احقية هذا من ذاك في الخلافة قبل اكثر من ١٥٠٠ عام استمرت كوردستان في تشييد بنيتها التحتية المتينة نحو الاستقلال الاتي لا محال. يمكننا القول بان الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة فخامة الرئيس مسعود البارزاني قاد و يقود مشروع الدولة الكورديه حسب منظوره و على اساس مرحبا بمن يتفق و رؤية الحزب و ليفعل الاخرون ما يشاؤون. يبدوا لي ان الاقليم سيعيش في القريب العاجل فيدراليتين في ان واحد ... فيدرالية ظاهرية مع بغداد و اخرى عملية فعلية مع انقرة و بشكل و كان التاريخ يعيد نفسه هنا ايضا، و ما اشبه اليوم بالبارحة ! اختلفت التسميات و بقيت المسميات، فامارات الامس امست اقاليم اليوم.
سنرى توترات عديده و حادة في الاقليم و لا استبعد تقاربا كورديا مع بغداد كردة فعل على تقارب البارزاني المنفرد مع تركيا خاصة وان السليمانية تملك عوامل عديده، منها سياسيه و اخرى تاريخية و حتى جغرافية في عدم انسجامها مع بهدينان. ما اقصده اننا سنرى ازمات حادة في اقليم كوردستان بسبب تراكمات داخلية لمشاكل اهملتها القيادة لصالح امور خارجية. اتوقع ان تطرح فكرة اقاليم المحافظآت كمخرج لسليمانية من المازق السياسي مع اربيل.
المناطق المتنازعة عليها: اتوقع ان تحل مشكلة انتمائها بصفقات سياسية علي اساس لا غالب و لا مغلوب، سوى اهل هذه المناطق الذين و بتقديرنا سيتم تشتيتهم بين بغداد و اربيل، مخلفة اثار كارثية على فرص بقاء هذه المكونات.
و اخيرا بقى لنا ان نقول ما هي الا تكهنات في المستقبل السياسي ...تكهنات تحتمل الصواب و الخطآ على حد السوا ء.ا
وسام جوهر
[email protected]
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست