من يهيء ارضية الابداع في اية منطقة كانت
Friday, 18/01/2013, 12:00
باختلاف النظام السياسي المستند على المجتمع في شرعيته في الدول المتقدمة و ما يمكن ان نقارنه مع انظمتنا المتعاقبة منذ عقود، فالشعب هو العامل الحاسم في ادارة الامور و نجاحه في كافة المفاصل، تختلف كيفية و طريقة العمل في المجالات العامة من نظام ديموقراطي تقدمي عن الانظمة الشمولية الدكتاتورية في المجالات المتعددة، و ما يهمنا هنا هو الابداع و الابتكار.
العمل في هذا المجال اصبح وظيفة لتمشية امور الحياة و ليس التعمق في خلق ماهو مفيد للبشرية كماهو الحال في التوجهات الانسانية في كافة بقاع العالم ، و من اجل المال و الانتفاع فقط في الانظمة الراسمالية النفعية .
ان كان الابداع هو انتاج الجديد ذو القيمة و الاصالة، او عملية جديدة غير مسبوقة لبناء او انجاح المحاولة للوصول الى هدف ما غير محقق من قبل ، او طريقة جديدة لحل مشكلة سواء كانت محلولة بطريقة اخرى سابقا او غير محلولة من الاصل .
اذن تهيئة الارضية لعمل العالم المبدع لا يتوقف على المؤسسة التي يعمل فيها، و لا على النظام السياسي ايضا، و لا على الخبرة او الاليات او الوسائل المستخدمة في ايجاد الجديد في اي اختصاص كان، فقط، و انما عدا الاعتماد على كل ذلك، فان الابداع يولد من رحم العوامل المتعددة ذات العلاقة المباشرة من حيث نوعية التعامل مع الحياة و ما فيها و الثقافة العامة و مستوى وعي الشعب و مدى تربيته و تشبعه للجوانب الضرورية الحياتية و المامات المهتم او المبدع او المبتكر من الجانب الخاص، فان النظام السياسي و الاداري و التعليمي العام و التخصص و توفير المشجعات و ازالة المعوقات من قبل السلطات و التشجيع المختلف الاشكال و الانواع مع تهيئة الاجواء لضمان الصحة الجسمية النفسية للمتعمق في دنيا الابداع ،هو من المطاليب البدائية .
اما في منطقتنا، من منا لم يحس بمدى وجود او ايجاد الاعاقة امام ولو ابسط محاولة للعمل في اختصاص ماعلمياطبيعيا كان او انسانيا ، فناهيك عن المحاربة و الحسادة و التدخلات المتشعبة من قبل الدخلاء و المتطفلين على الاختصاصات و هم ليسوا من صلبها، و فوق كل ذلك اقحام العقيدة و الايديولوجيا و التحزب في هذا المسار ايضا، و استغلاله من اجل الاهداف الحزبية السياسية الضيقة، فهل من المعقول ان يراس و يامر على العالم الخبير من ليس له المؤهلات ان يكون طالبه ايضا، و هل من المعقول ان ينخر الفساد جسم هذا المجال الحساس الذي يقف عنده كل الخيرين بكل خشوع .
ان المجال البدائي العام للخوض في عالم الابداع في جميع العالم هو الجامعة و المنهج المتبع و الطريقة و الاسلوب الذي يتبع فيها و مدى تواصلها مع ما يفيد الناس و في خدمتهم جميعا و ليس من اجل الحصول على الشهادة و التعين و الحصول على لقمة العيش فقط كما نحن فيه . اين الاكاديميات و معاهد العلوم الطبيعية و الانسانية التي تعتبر حلقة وصل بين جميع هذه المفاصل المتصلة مع بعضها. فهل من الممكن ان نجد مؤسسة او دائرة خاصة مساعدة على تسهيل عمل المبتدئين في اي مجال كان، كي لا يصطدموا بصعوبات العمل. فهل من جهة تبنت العقول المبدعة و دعمتها للوصول بها الى الابداع الحقيقي لخير الانسانية جمعاء، او عدم افساح المجال امام ما تستغل منها و تستعمل في غير محلها و تنتج عكس ما تتمناه العقول الانسانية المحبة للحياة .
في هذا الظرف العصيب من حياة المواطن العراقي، كل ابداع مقابل مئةمنه في الدول الاخرى، لانه لا يوجد من دخلفي هذا المجال وخاض التجربة من هذا الجانب و لم يعقه حياته الخاصة قبل المعوقات العملية على ارض واقعه . فانني اعتقد ان الجوانب العلمية التي يمكن ان تلتقي فيما بينها و تساعد البعض لانتاج الجديد المفيد القيم الاصيل، وبما يستفاد الجميع من المنتوج الماضي لا يمكن ان يتداخل الا بتحقيق مجموعة من الشروط الضرورية ، ومنها ؛ اولا و قبل اي شيء اخر: الراحة النفسية للعالم و المشتغل في المجال. ثانيا : توفير الوسائل و المساعدة و التشجيع من كافة الجوانب. ثالثا : تغيير المنهج العام في المجالات التي تتطلب التجديد باستمرار و ضمان تجسيد النظام العام السهل للاختصاصات المعقدة التي لا يخوض فيها الا العقول المبدعة المتفردة في الذكاء . و هذا كله يمكن ان يحدث بعد التغيير الشامل المطلوب في النظام الاكاديمي او الجامعي الذي لا يتوائم في هذه المرحلة مع المستجدات العالمية و الحداثة في كافة المجالات الموجودة .
اذن الابداع و الابتكار يحتاج للارضية قبل العقول الذكية، و الدليل، ان العقول المبدعة التي هاجرت من منطقتنا لقت الارضية الملائمة و نجحت في تحقيق اهدافها ، و لم تكن تقدر ان تعمل ماعملته هناك لو ظلت هنا و انتظرت ما يحل بنا .
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست