ذكرى اجتياح حرس صدام لاربيل عام 1996 التاريخ لا يجامل والحقيقة تبقى هي الأقوى رغم أن لها الكثير من الخصوم
Tuesday, 31/08/2010, 12:00
وسط كم النفاق الهائل وعمليات غسيل الدماغ , والهروب من الواقع , يظل التاريخ هو الشاهد الأوحد الذي لا يعرف المجاملة ولا تعرف أحكامه وحوادثه الخضوع لأي نوع من الابتزاز , ففي صفحاته وأحداثه يكرم المرء أويهان وتتحدد من خلال أحداثه الكثير من الحقائق التي يحاول البعض التغطية عليها ربما لفترة معينة, ولكن ليس إلى الأبد , فإن لكل شيء نهاية ولكل قصة خاتمة , وتحل الذكرى السنوية الرابعة عشرة لجريمة اجتياح قوات الحرس الجمهوري التي كانت تابعة لصدام حسين مدينة أربيل بناء على طلب رسمي ونداء استغاثة من قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني والسيد مسعود بارزاني شخصيا للقيادة العراقية, وقتذاك, بهدف انتزاع مدينة أربيل من هيمنة حزب جلال طالباني ( الاتحاد الوطني الكردستاني )! بسبب تصاعد الخلاف الشرس بين الحزبين الكرديين الرئيسيين على عوائد وواردات نقطة "براهيم الخليل" الحدودية التي سلمها الجانب التركي لسيطرة حزب مسعود بارزاني حيث حصد عوائدها وحرم منها حزب جلال طالباني, بالإضافة إلى الصراع التاريخي القديم بين الحزبين, وكذلك الخلاف الشديد في التحالفات الإقليمية , فحزب جلال طالباني ( رئيس العراق الحالي ) كان مرتبطا بالنظام الإيراني ارتباط السوار بالمعصم, وكذلك بالمخابرات السورية, فيما كان حزب مسعود براغماتيا ويرتبط بوشائج قوية مع أطراف متناقضة.
الولايات المتحدة والمخابرات التركية وكذلك مع النظام العراقي حيث كانت الاتصالات العلنية والسرية وصفقات البيع والشراء مع بغداد قائمة على قدم وساق منذ ربيع 1991. وبعد أن انسحبت الإدارة الحكومية العراقية من كردستان بعد الانتفاضة وفشل المباحثات الكردية, مع صدام حسين في الوصول الى توافق سياسي معلوم وكانت هناك اتصالات سياسية وامنية وتجارية على مستوى عالي للغاية بين قيادة حزب مسعود بارزاني وبين نظام صدام, ولم تكن الزيارات تنقطع بين الطرفين , أما جلال طالباني أوالزعيم الآخر للجبهة الكردية, فكان مغضوبا عليه دائما من صدام, وحيث تم استثناؤه من جميع قرارات العفو الصادرة من صدام عن المعارضين العراقيين , كما كانت علاقة حزب طالباني بالنظام الإيراني أكثر من وثيقة وراسخة إضافة للمخابرات السورية أيضا لكون تأسيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني قد تم أصلا في دمشق عام 1976 كما أن للسوريين تأثيراً كبيراً جدا على الحزب في مختلف النواحي, وخلال عام 1987 أعلن أنوشيروان أمين وكان أحد قادة حزب جلال طالباني بأنهم يتسلمون كل الأسلحة من إيران لجميع الصنوف باستثناء الطائرات, أي أن تعاملهم مع إيران كان أكثر من مصيري , في ظل تلك الظروف كان إمتعاض جماعة جلال طالباني كبيرا للغاية من انفراد حزب مسعود بواردات نقطة الجمارك الحدودية مع تركيا ( إبراهيم الخليل )! كما كانت الرغبة في السيطرة على كردستان وحسم الصراع جلية للغاية لديهم فطلبوا مساعدات لوجستية من قوات حرس الثورة الإيرانية بغرض السيطرة على أربيل وإنهاء سيطرة حزب مسعود , وفعلا فوجئ مسعود بارزاني بأصوات المدافع الإيرانية الطالبنية وهي تدك مصيف صلاح الدين فهرع على الفور الى طلب النجدة والغوث من النظام العراقي, بعد أن توجه بنفسه لبغداد لذلك الغرض في 22 أغسطس 1996 وتم الإتفاق على دخول الجيش العراقي لمدينة أربيل وضرب قوات الاتحاد الوطني و"تحرير" المدينة وتسليمها لقوات مسعود بارزاني وهو الأمر الذي أعلنه جهارا طارق عزيز نائب رئيس الوزراء العراقي وقتذاك والمعتقل حاليا بقوله "إن مسعود بارزاني قد قدم طلبا لسيادة الرئيس صدام بالتدخل لرفع الخطر الأجنبي وإنهاء خيانة وتآمر جلال" وكان يعلم بهذا الإتفاق إضافة لمسعود وإخوته كل من نيجيرفان إدريس بارزاني والقيادي آزاد برواري, وفعلا توجهت قطعات الحرس الجمهوري بموجب أمر القيادة العامة للقوات المسلحة العراقية من معسكراتها في كركوك وتكريت والموصل واكتسحت مواقع حزب جلال طالباني في أربيل وفتحت الطريق نحو السليمانية وكان بإمكانها التقدم وانتزاع السليمانية من سيطرة جماعة جلال لولا الخوف من تدخل الطيران الأميركي وإنعدام الغطاء الجوي العراقي, وقرأ المذيع العراقي الشهير بشواربه الكثة مقداد مراد في يوم في يوم 31 اغسطس 1996 بيان الإنتصار في عملية "آب المتوكل على الله". وقال: .. الله أكبر.. الله أكبر.. لترقص أزهار النرجس في أربيل لتعانق سعف النخيل في البصرة".. وبدأت فصول المجزرة الكبرى ضد المعارضة العراقية, والتي لم يفتح فصولها ولا ملفاتها أحد بعد عام 2003 رغم فتحهم لبعض من ملفات جرائم نظام صدام ضد الإنسانية, ففي يوم 2/9/1996 اقتحمت عناصر من المخابرات العراقية برفقة البيشمركة الكردية مقرات أحزاب الاتحاد الإسلامي الكردي والجبهة التركمانية والمؤتمر الوطني الموحد ( أحمد الجلبي ) واعتقلت الكثير من العناصر وقتلت عناصر أخرى بمساعدة أدلاء من بيشمركة مسعود بارزاني , وكانت نتائج اجتياح أربيل على النحو التالي: الاستيلاء على جميع مكاتب ومقرات المعارضة العراقية ( الجبهة التركمانية/ الاتحاد الوطني الكردستاني/ المؤتمر الوطني/ المجلس الأعلى/ الحركة الملكية الدستورية/ منظمة العمل الإسلامي/ الحركة الآشورية/ الحزب الشيوعي الكردستاني/ الاتحاد الإسلامي الكردستاني )?.سقوط مئات القتلى من المدنيين الأبرياء.
نزوح أكثر من مئة ألف مواطن صوب إيران.
أعدام أعضاء من حزب جلال طالباني أمام عيون عائلاتهم في "تانجارو" جنوب شرق السليمانية وخسائر أخرى كبرى.
أما حجم القوات العراقية المشاركة في عملية "آب المتوكل على الله" فكانت:
45 - ألف عنصر من الحرس الجمهوري العراقي.
400 - دبابة ومصفحة.
- طائرات هليوكوبتر هجومية مدفعية ميدان.
- فرق إسناد من الجيش (الرابعة والسابعة والثامنة)
- قوات "البشمركة" الكردية التابعة لحزب مسعود بارزاني!.
- بعد تلك الدراما الدموية تم اسدال الستار على فصول تلك المسرحية الدموية بإعلان صحيفة "العراق" الكردية في مانشيتها الرئيسي ليوم 2/ 9 / 1996 ما يلي :
"مسعود البارزاني يشكر القيادة لإستجابتها لنداء تحرير أربيل من عبث جلال وزمرته العميلة لإيران"!
فيما جاء مانشيت آخر كبير بالقول :
"إنهاء دور جلال القذر إنتصار للشعب العراقي المجيد"!
ما ذكرناه في السطور السابقة ليس سوى استعادة بسيطة لأحداث وذاكرة تاريخية قريبة جدا لا نهدف من ورائها إلا إلى تنشيط الذاكرة الوطنية والتاريخية والتأكيد على أن التاريخ لا يجامل أحداً وأن الحقيقة تظل هي الأقوى من كل سيوف القمع والتشويه ومعاول الهدم... لا ينبغي أبدا الهروب من التاريخ فهو الحكم والفيصل في ظل الفوضى السائدة... وآه منك أيتها الحقيقة.. كم لك من الخصوم.
http://www.al-seyassah.com/AtricleView/tabid/59/smid/438/ArticleID/103894/reftab/36/Default.aspx*كاتب عراقي
[email protected]
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست