رحلة الى الشمال الأسكندنافي- 8
Wednesday, 01/02/2012, 12:00
المتغيرات على الساحة الاوربية
شهد النظام العالمي في العقود الأخيرة تطورات أحدثت تغيرا ً في الأبنية السياسية والأقتصادية ، فقد تحولت بنية القيادة من الثنائية الى الأحادية بعد أن تغلب النموذج الرأسمالي للنمو الأقتصادي على غريمه الأشتراكي ، وظهرت ظاهرة العولمة بأبعادها المختلفة بعد حرب باردة دامت لاربعة قرون بين القطبين فوضعت أساسا ً
للسلام العالمي من خلال منظمة الامم المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية وقد أستمرت الحرب الباردة للفترة
من 1947 لغاية 1989 ميلادية ، رغم الصراع بين القطبين ، الا أنه كانت هناك اتصالات عديدة بين الطرفين ، وعقد العديد من الاتفاقيات للحد من التسلح ، كما ظهرت المنظمات الدولية والاقليمية لترسيخ
. الامن والسلم وتطويق النزاعات والصراعات القائمة بين الدول
لقد جرت محاولات عديدة عبر التاريخ لدمج أمم أوربا ، فالحروب النابلوينية والحرب العالمية الأولى على يد هتلر كانت محاولات لتوحيد أوربا من خلال التوجهات العسكرية . وفكرة توحيد أوربا لم تذب رغم الكوارث
التي وقعت على البشرية بسبب الحروب العالمية ، بل ازدادت بشدة . وقد أدت ضرورات تأسيس الأتحاد الأوربي لبناء أوربا موحدة . الى الشعورلتشكيل جمعية الحديد والصلب الأوربية عام 1951 م من كل من المانيا
، فرنسا ، ايطاليا ودول بينلوكس Benelux ( بلدجيكا ، هولندا ولوكسمبورغ ) ، ثم جاء بعد ذلك تشكيل أول وحدة كمركية المؤسسة الأقتصادية الأوربية Europa Economic Commity .
و كانت النواة الحقيقية لتشكيل الأتحاد الأوربي فتحولت من علاقات أقتصادية الى شراكة أقتصادية وسياسية .
ثم جاءت معاهدة ماستريخت في عام 1992 والتي صارت انطلاق وتأسيس الأتحاد الأوربي ، رغم أن العديد من المباديء والأفكاركانت موجودة منذ خمسينات القرن العشرين ، وكان من أهم المباديء نقل صلاحيات الدول القومية الى المؤسسات الدولية الأوربية ، ولكن تظل هذه المؤسسات محكومة بمقدار الصلاحيات الممنوحة من قبل دولة تبنت أسواق الأتحاد الأوربي عملة اليورو ، ولكنها لم تفرض على الدول ، بل ان ثلاثة عشرة دولة فقط من دول الأتحاد الأوربي استعملت هذه العملة ، كما أن للأتحاد الأوربي أيضا ً سياسة زراعية مشتركة وسياســة صيد بحري موحدة
في الخامس و العشرين من آذار وقعت الدول الاوربية اتفاقية روما التي وسعت مجالات التعاون ، وأصبحت المجموعة تحمل اسم المجموعة الأقتصادية . وفي الخامس والعشرين من آذار 1957 م وقعت الدول أتفاقية روما التي وسعت مجالات التعاون ، وأصبحت المجموعة تحمل أسم المجموعة الأقتصادية الأوربية
وفي السابع من شباط / فبراير 1992 م تم توقيع معاهدة ماستريخت بهولندا والتي تم بمقتضاها وضع الهيئات الاوربية المختلفة ضمن اطار الأتحاد الأوربي .
بدأت تجربة الأتحاد الأوربي بست دول منذ العمل باتفاقية الحديد والصلب والى الوحدة الاوربية وهي الان خمس وعشرون دولة . وقد أخذت استراتيجية بناء الوحدة الاوربية من القضايا الصغرى والجزئية الى القضايا الكبرى، والى استراتيجية الدمج التي ميزت الاتحاد الاوربي ونجاحه في أمتلاكه القدرة على جذب الدول الاخرى الى الانضمام الى الاتحاد الاوربي دون أعتبار قضية الوحدة أمر يجب التسليم به أو فرضه على جميع الدول التي تريد الأنضمام لعضوية الأتحاد .
بنيت هيكلية الوحدة الاوربية من الأسفل من توقيع اتفاقية الفحم والحديد الصلب (القصدير) ،
لم تطرح قضايا السياسة الخارجية والدفاعية المشتركة كاهداف فورية للدول المنظمة ، حيث ظل خيار الأتحاد منذ البداية هدفا وليس قانونيا .
لقد مر طريق الوحدة الاوربية بالوحدة الجمركية اولا ، ثم السوق الأقتصادية المشتركة واخيرا من خلال محور العملة الموحدة ( اليورو) الذي قبلت به ثلاث عشرة دولة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي . بعد أن أختلفت معايير الأتحاد الأوربي لقبول الدول الجدد لأنها كانت أمام بعض دول الشمال ( االسويد فنلندا ) لا تتجاوز المسائل التقنية ، لأن هذه الدول كانت تنطبق عليها المعاييرالأقتصادية والسياسية والأجتماعية المطلوب استيفاؤها .
تحديات دول الشمال
تحديات دول الشمال في اوربا الجديدة هي ايجاد مكان لبلدان الشمال في النظام الأوربي الجديد لحماية مصالحها بافضل طريقة ممكنة . واي دور سيكون للمجتمع الشمالي والنموذج الشمالي في اوربا الجديدة ، لكن النظرة التحليلية التاريخية تبين ان التعاون بين دول الشمال
لم يكن طبيعيا ، فقد كان التنافس على أشده في تشكيل الحكومات في الشمال وكذلك التعاون ، إلا في ثلاث فترات تاريخية كانت هناك علاقات تعاون وثيق في المنطقة الشمالية ، في أتحاد كالمر سنة 1400 م ، وفي فترة التعاون الاسكندنافي سنة 1830 م واخيرا ً فترة ما بعد الحرب العالمية .
عندما كان هناك تعاون عملي شمالي ، كانت عواصم دول الشمال تفضل التعاون في القضايا السياسية المركزية مع القوى الخارجية بدلا ً من التعاون بين دول الشمال ، وهذا ما يحدث مع اوربا الجديدة . فقد كانت استوكهولم تفضل التعاون والتعامل مع برلين ، بدلا ً من التعاون مع العواصم الشــمالية على الرغـم من التشابه الكبير بـين دول الشـــمال ، هناك ايضا ً خــلافات
تاريخية ، فالتجارب الأوربية تبين أن الـفصول التاريخية القديـمة والتي طفت
الى السطح بسهولة ، عند الحرب الباردة بمواجهة الدول العظمى ضعفت ، والتطورات في أوربا الشرقية على مدى السنوات فيها الكثير من الأمثلة لهذه الخلافات في بلدان الشمال حيث كان الخط
الفاصل الهام بين الشرق والغرب لا بين الشمال والجنوب . فقد وجدت أختلافات كبيرة بين الدول ذات التوجه الأطلسي في الشمال الغربي { آيسلندا ، النرويج والدانمارك } ، وبين الدول ذات التوجه البلطيقي في الشمال الشرقي { السويد وفنلندا } .
حتى أن الفتور بين السويد والنرويج لم يكن على المسائل الحدودية فقط ، فقد كانت دول الشمال معظم الوقت في القرون الوسطى تنقسم الى ادارتين للحكم ، الأولى ادارة الغرب الشمال وعاصمتها كوبنهاكن ، اما الأدارة الثانية فكانت في الجزء الشمال الشرقي وعاصمتها استوكهولم ، وقد ساعد هذا على تعزيز الخلافات بين الشرق والغرب في الشمال .
في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية كان الشمال الغربي مع الحلف الأطلسي (الناتو) ، في حين ظلت بلدان الشمال الشرقي محايدة ، وهذه عززت مكانة الشمال الغربي مع المحيط الأطلسي . وهنا يأتي التبرير من أن دول الشمال الغربي لديها مزايا الحرب الباردة ، لأنها تنسجم مع التوجهات التقليدية المرتبطة بالغرب، وعززهذا ربط الشمال الغربي بالقرارات الغربية ، إلا أن
دول الشمال الشرقي لم تكن لها هذه المميزات . وربما تكون هناك تحولات وتغير في الأدوار في أوربا الجديدة .
كانت توجهات بلدان الشمال في الشمال الشرقي تسير نحو البلطيق والقارة الأوربية , وهذه الدول تستفيد من موقعها الجغرافي . ولكن التوجه في كل من النرويج وآيسلندا كان اطلنطيا ً ، ويكونان بذلك في معزل عن الدول الاخرى .
أما الفجوة بين الشمال الغربي والشمال الشرقي في الشمال فتنعكس أيضا على المواقف الأوربية ، وبذلك فأن شعوب الشمال يميلون أكثر الى التوجه الأوربي كلما توجهنا نحو الغرب .
أما الجزر الأطلسية جرونلاند وفارو فلم تـتبعا الدانمارك في الأنضمام الى المجموعة الأوربية ، وهذه الخطوة لم تكن صدفة ، كما انها لم تكن غريبة لأن المعارضة العضوية في الأتحاد الأوربي أقوى في النرويج وآيسلندا ، أما الرأي العام في السويد وفنلندا فقد كان أقل تشنجا ً من فكرة الأنضمام و العضوية في الأتحاد الأوربي .
ظهرت الأختلافات في ردود فعل دول الشمال على التفكك الأوربي منذ عام 1989 م ، وكان هناك رد فعل نرويجي وآيسلندي بالعودة الى العلاقات التقليدية (( الخط الأطلسي))، منذ الحرب الباردة . وكان هذا دليلا ً للكثيرين لأن السياسة الأطلسية والعلاقـات في الدائرة الاطلسـية كانت صحيحة ، وكان رأي الكثيرين أن لهذه العلاقات والسياسة مستقبلا ً واضحا ً وجديدا ً .
وكانت ردود فعل كل من السويد وفـنلندا تميل نحو بحر البلطيق والقارة ألأوربية .
ثم جاء الفنلنديون بأفكار جديدة حول علاقات في التعاون في بحر البلطيق ، و دعم السويد هذه الأفكار بشكل واسع .
كانت هناك تحركات مشتركة في دول الشمال حول الأتحاد الاوربي ، لكنها تميزت بالسلبية
وقد شاركت القلة من الساسة في دول الشمال في المناقشات الدائرة حول كيفية بناء أوربا الحديثة ، كما أثيرت بعض التساؤلات حول ما يجب فعله مع بلدان الشمال والتعاون الشمالي في الوضع الجديد.
كانت سياسة حكيمة من البلدان الصغيرة للبلدان الأخرى وأنتظار الرد منها ، ولكنها كانت تحمل في طياتها خطرا ً على القرارات الاوربية حول مكان دول الشمال في النظام الجديد، كما أن من الواضح أن التطورات في أوربا تضيف قيودا ً للتنمية في دول الشمال ، لذلك من المهم تكوين صورة عن كيفية وضوح معالم أوربا الجديدة ، بعد أن أستمر التوسع والتطورات في الأتحاد
الأتحاد الاوربي (( المفوضية الأوربية )) ، وقد يتم تنظيم أوربا وفق دوائر ، كما كان الفرنسيون يدعون لذلك . وهذا يعني أن القرارات الهامة تبدأ من خلال الحوار بين دولتين (( على سبيل المثال فرنسا والمانيا)) ، ثم تتحول هذه الحوارات الى اساس لقرارات المفوضية الأوربية.
أما الهيكلية الأوربية فكانت جديرة بالأهتمام والتفكير بعد انتهاء الحرب الباردة وقد أدى الحوار بين موسكو وبرلين الى أوثق العلاقات مع الأتحاد الاوربي ، اذا كان بناء الحوار على المنطق الأقتصادي . حيث يتم تبديل الرأسمال الغربي و التكنلوجيا الغربية مع المواد الأولية الروسية والايدي العاملة الرخيصة .
لم تعد بلدان الشمال وحدها تريد التحدي لتأخذ دورها في أوربا الجديدة ، بل هناك دول أوربية عديدة وجب عليها تحديد موقعها الجديد . كما وجب أيضا ً تحديد التسلسل الهرمي للسلطة الأوربية الجديدة . وهذا لن يحدث من دون صراع سياسي ، وهذه الصراعات الدبلوماسية تكون حَول أوربا المُستـقبلية . والتي بدأت في باريس ، لندن وبرلين وفي نهاية المطاف في موسكو كجهات فاعلة ورئيسية ، بطبيعة الحال كانت لها أيضا آثار كبيرة على دول الشمال
تعيد بنا الذاكرة الى الحروب النابليونية ، عندما اخذت دول الشمال بتكوين شكلها هذه اللعبة السياسية كامنة الاعتبار في تحليل بلدان الشمال ، ومن هنا يمكن ان يفهم أن المعركة حول اتفاق المنطقة الأقتصادية الأوربية لم تكن بالدرجة الاولى على الأسماك ، بل أن الخلافات كانت حول من سيكون صاحب القرار النهائي .
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست