الاصلاحات بين الدين و الايمان
Thursday, 20/03/2014, 12:00
1859 بینراوە
السويد 2014-03-19
للاسف الشديد لقد شوه البعض من فكرة الاصلاح و التغييرات ايزيديا، بحيث ولد لدى الكثيرين الخوف من تغيير الدين او نسفه او هدمه ...! بصفتي من دعاة التغيير وددت ان اعبر لكل متابع و مهتم عن لب فهمي لمسالة التغيير، عسى و لعله نفهم من بعض كما يجب و كما هو في صالح القضية التي لا نختلف عليها. انا بتصوري و فهمي ارى ان الهوية الايزيدية هي ليست العقيدة فقط بل ان العقيدة هي جزء منها، فالهوية تشمل ايضا الارض (ايزيدخان) و تشمل التاريخ و التراث من موسيقى و ادب و كل ما يرسم و يحدد الهوية الايزيدية، بمعنى اخر فالايزيديون هم شعب قبل ان يكونوا مؤمنين.
و الان و فيما يخص الاصلاحات و التغييرات، فلقد تجدد الموضوع كحوار هذه الايام بعد ان جدد الاخ و الزميل بدل فقير حجي التغييرات بشكل عام و استحداث الطبقة السابعة بشكل خاص، و قدم الرجل ما يعزز و يبرر طرحه حسب وجهة نظره، و من لم يتطلع على طرحه فليراجع على صفحات الفيسبوك و بحزاني نت.
راي الشخصي كاصلاحي و كما بينت خلال هذه الايام باختصار: انني اؤيد الاصلاحات و التغيير من حيث المبدأ، كما ارفض كل اشكال الارهاب الفكري ضد اية فكرة ما لم تكن فكرة ارهابية طبعا. انني اختلف مع الزميل العزيز بدل فقير حجي بنقطتين رئيسيتين فيما يخص موضوع الطبقة السابعة. اولا ليس ممكنا عمليا ان تجد الجهة الايزيدية التي ستستحدث هكذا طبقة و تغيير من خلال فتوة او قانون، كائن من كانت هذه الجهة، بما في ذلك سيادة الامير نفسه و مجلسه الروحاني، مع جل احترامنا لهم جميعا، لان في ذلك انتحار اجتماعي و ديني، هذه من الناحية العملية. و لنفرض جدلا ان جهة معينة استحدثت الطبقة السابعة التي ستكون منزلة بين المنزلتين، اي ان ابناء هذه الطبقة حسب رؤية الزميل بدل، سيكونون شبه ايزيديين، و شبه مقبولين و شبه منبوذين و هذا ما لن يقبل به على نفسه اي شخص ايزيدي او خارجي داخل الى الملة، اذا ما كان لديه الحد الادنى من عزة النفس.
انا بتقديري لسنا بحاجة الى اتخاذ اجراء معين لتنفيذ الاصلاحات و التغييرات التي تمس الانفتاح الايزيدي داخليا بين طبقاته، و خارجيا على الخارج الايزيدي، بل ندع الزمن و التغيير الطبيعي ياخذ مجراه ... و في الحقيقة فان هذا التغيير انما جار الان شئنا ام ابينا، و لكن متى تبلغ هذه التغييرات تلك الدرجة التي سيفهمها و يقبل بها الايزيدي كامر واقع، فلا احد قادر على التكهن بذلك، و لنا من متغيرات شملت الملبس و الماكل تجربة حية ماثلة امامنا اليوم. اذ لم تحدث هذه التغييرات بفتوى و لا بقانون.
هكذا سياتي يوم الانفتاح الايزيدي داخليا و خارجيا و قد لا نراها نحن، لكنني على يقين بان هذا سيحصل عاجلا ام اجلا.
بقت نقطة مهمة اود ان اشير اليها ..الا وهي ان نقف على ما هو جوهر الدين و ثوابته من غيرها قبل ان نكون مع او ضد التغييرات. سمعت الكثيرين من الاخوة المتداخلين في الحوار يدعون بان الاصلاحات لا يجب ان تشمل ثوابت الدين فهذا ما لم يحصل من قبل لديانات اخرى!!! في الحقيقة هذا ادعاء خاطيء ... لان الاصلاحات قد شملت لب عقيدة كل الاديان الابراهيمية بما فيها الاسلام الاكثر تشددا من جميعها.
فيكفي ان ننظر حولنا لنري اتجاهين رئيسيين في الاسلام ، اعني السنة و الشيعة الذان يختلفان فيما بيهما بما يكفي ان يعتبرا دينان منفصلان او اصلاحات او تغييرات جوهرية بامتياز، بحيث ان كل طرف يشكك في اسلام الاخر . هذا طبعا ناهيك عن اربعة مذاهب سنية رئيسية و عشرات المذاهب و الطوائف المتفرعة من هذه التقسيمات الرئيسية . و غالبا ما تكفر فرقة منه الفرق فرق اخرى !!! ما كل هذا سوى اصلاحات في لب عقيدة الاسلام بحيث يصعب على المرء ان يقف على شيء اسمه الاسلام بل اصبح هناك اسلامات عديدة.
المسيحية التي هي بحد ذاتها اصلاحات و تغييرات جذرية في صميم اليهودية، هي الاخرى تعرضت الى اصلاحات في لب المسيحية فكانت النتيجة عشرات المذاهب و الطوائف و ربما اخر صيحة في هذا المجال اتت من رأس الهرم الكاثوليكي بان اقر بنظرية داروين، اي ان الكنيسة قد تراجعت عن رايها بعد كل هذه القرون و استبعد البابا فكرة الجنة و النار و اعترف ان قصة ادم و حواء مستقاة من الاساطير السومرية البابلية ...!! ما هذا كله الا اصلاحات في ثوابت المسيحية.
انا براي الشخصي علينا ان لا نمزج بين الايمان و الدين، فالايمان هو الثابت وكهنة الدين احتكروا الايمان و استولوا عليه و اضافوا اليه مسائل دنيوية من باب النظام الاخلاقي، الشيء الذي تجسد في الشريعة باوضح اشكالها لدى الاسلام نموذجا. هذا التزاوج القسري بين الايمان و الاخلاق انتج مولودا مشوها اسمه الدين الذي انسن الخالق و روضه بما يتجانس و مصالح الكهنة و كل من يستغل هذا المولود لاستغلال الانسان ابشع استغلال. فتحول الانسان الحر السعيد في علاقته الروحية المباشرة مع الخالق من خلال تلك الاصرة النقية الجميلة الايمان، الى عبد ذليل محتقر في علاقة مع اله مؤنسن، سيد و من خلال وسطاء جعلوا عقل الانسان مفتعلا معطلا عن الفعل، لا يجيد سوي النقل و التقليد الاعمى.
نرى انه كلما كانت الشريعة في العقيدة اكثرشمولية و تفصيلا، كلما كان ذلك على حساب حق الانسان في الحياة الحرة الكريمة في هذه الدنيا، و كلما قل جانب الشريعة في الدين كلما تطابقت تلك العقيدة و تجانست مع الايمان وكلما رفع شان الدين بذلك.
كل ما يمس الدنيا ليس جزء من الايمان و الدين الحق