عم ماذا تبحث تركيا ؟ " أ سلام أم استسلام"؟
Thursday, 21/02/2013, 12:00
اذا اخذنا بنظر الأعتبار الكلفة الباهظة للحرب القذرة التي تخوضها تركيا علي ابناء الشعب الكردي المطالب بأبسط حقوقه الأنسانية، قد نميل الي الأعتقاد بأن، ربما، حكام الترك، اخيرا، سمعوا صوت العقل وانصاعوا الي التفكير في الأعتراف بالمسألة الكردية والبحث عن حل سلمي ديمقراطي جاد يرضي الطرفين الكردي والدولة التركية، فالمعروف ان الحرب العصابات التي تخوضها مقاتلي حزب العمال الكردستاني ضد الالة الحربية لتركيا، ردا علي الحرب الشاملة التي تخوضها تلك الالة الحربية ضد الشعب الكردي بأكمله، تكلف المجتمع التركي سنويا، الاف القتلي من الشباب النابض بطاقة العمل والأبداع و الأقتصاد التركي مليارات الدولارات و عضوية الأتحاد الأوروبي ، و تركيا بالتحديد، هي بأمس الحاجة لهذه الموارد الستراتيجية (البشرية والمالية والسمعة الدولية) لتكملة مسيرتها التنموية التي تعود جذورها، ربما، الي عهد السلطان محمود الثاني في النصف الأول من القرن التاسع عشر والتي تزامنت، للمفارقة، مع الحملة الشعواء ضد حقوق الشعب الكردي المتمثلة في استقلالية و وجود الأمارات الكردية داخل الدولة العثمانية
لكن، مع الأسف الشديد، الي هذه الساعة، المعطيات الموجودة في المشهد السياسي والعسكري والأمني لا تبشر بالخير، مطلقا، فالعمليات العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني مستمرة و يعلن اردوغان جهارا انها لن تتوقف قبل الوصول الي اتفاق ما، والوصول الي الأتفاق يبدو سرابا والسجناء السياسيين وهم عشرة الاف، مازالو وراء القضبان، والعمليات الأمنية ضد الناشطين الأكراد مستمرة حيث كل الدلائل تشير الي مسؤلية الحكومة التركية عن استشهاد الناشطات الثلاث في باريس بل رأينا رئيس الوزراء اردوغان المحسوب علي المؤمنين بالحل السلمي، يتبجح بتلك العملية الوحشية حين هدد بحدوث مثلها في برلين، و كما قال صلاح الدين دميرتاش انه، اي اردوغان، يريد ان يجلس في طرفي طاولة المفاوضات، اي انه بصراحة لايريد شريكا سياسيا حين يحصر المفاوضات بالرموز الأستخباراتية من الجانب التركي بدلا من الوجوه السياسية، وذلك لأعطاء انطباع بأن العملية الجارية ليست الا مسألة شروط استسلام عصابة خارجة عن القانون، و يحصرها من الجانب الكردي بشخص عبدالله اوجالان المعزول عن العالم الخارجي منذ 14 عاما و معظم هذه المدة الطويلة قضاها محروما من حقه في الحصول علي الجرائد وأجهزة الراديو والتلفاز كما كان محروما من الأتصال بأهله و رفاقه بل حتي بمحاميه سوي دقاق معدودات في اشهر و أو سنوات و مازال يقبع في سجنه ولم توافق الدولة التركية لا علي اطلاق سراحه ولا علي تغيير ظروف سجنه الي اقامة جبرية في المنزل وذالك تماشيا مع ابسط مستلزمات متابعة جهوده من اجل سلام عادل يرضي الطرفين.
و مازالت الحكومة التركية ترفض السماح للسيد أوجلان بالأجتماع بفياديين من مقاتلي الحزب المتمركزين في جبل قنديل بأعتبارهم "ارهابيين" مطلوبون " للعدالة" و ترفض و تعرقل و تؤخر حين تضطر للموافقة بسبب اللا معقولية المضحكة للموقف، اجتماعه بقيادات سياسية سلمية مرموقة بل صاحبة مقاعد في البرلمان التركي نفسه من امثال حزب السلام الديمقراطي و شخصيات من امثال احمد تورك، كولتان كشاناك و صلاح الدين دميرتاش و ليلي زانا .. الي درجة اضطرالسيد عبدالله اوجالان كما رأينا من تصريحات اخيه محمد اوجلان يوم امس، الي ان يقدم مشروعا للسلام دون مشاورة رفاقه لا في قنديل ولا في دياربكر ربما بأستثناء لقاء يتيم جمعه بأحمد تورك قبل شهر او اكثر، وفي اخبار اليوم 21-2-2013 رأينا ان الحكومة التركية و بعد مماطلة طويلة، وافقت علي اجتماع أوجلان بشخصيات حزبية و سياسية اخري، لكن تستثني تلك الشخصيات النشيطة المذكورة وهم رؤساء احزاب و اكثر شهرة، بشخصيات اخري مع حبي و احترامي لهم و لنضالهم الشريف، من الدرجة الثانية حزبيا و اقل شهرة جماهيريا، و من يدري ربما اقل مقدرة، علي تحمل مسؤليات مشاركة بناءة للوصول الي الأتفاق علي خارطة طريق للسلام يلبي الحد الأدني من المطالب الديمقراطية للشعب الكردي .
ولا معقولية سير العملية السياسية بهذا الشكل و في هذا السياق المريب واضحة للعيان حتي في صرخة تبرم السيد اوجلان من الأعتماد الكلي علي شخصه فقط حين يقول علي لسان اخيه: "انا مجرد محكوم عليه، انا لا املك شيئا، لا تربطوا كل شيء بي، اذا تربطوا كل شيء بي انا ايضا سوف لن افعله"،
اذا كانت الدولة التركية جادة في البحث عن حل سلمي ناجح للقضية الكردية، يجب عليها ان تطلق سراح السجناء السياسيين و توقف العمليات الأمنية و العسكرية ضد الناشطين السياسيين و المقاتلين الأكراد كبادرة حسن نية وان توفر المناخ الملائم لتشكيل هيئة كردية من احزاب و شخصيات سياسية في الداخل و ممثلين عن المقاتلين في قنديل لتكون مرجعية و هيئة مفاوضة بأشراف السيد اوجلان لأتاحة المجال لبلورة مشروع سلام يشارك الجميع في تحمل مسؤلية صياغتها و تنفيذها اذا ما قوبلت من قبل الجانب الحكومي، لكن الظاهر للعيان ان ادعاءات اردوغان ليست الا محاولة ابتزازأوجالان لاستخراج "صك غفران" منه لأنهاء النضال المسلح الذي يقودها حزبه من جبال قنديل علي شاكلة ما حدث لنضال الأضراب عن الطعام في الخريف الماضي، يجب ان تدرك الحكومة التركية ان انهاء اضراب كتكتيك سياسي مرحلي شيء و انهاء ثورة شعب بأكملها، بمجرد فتوي من قبل شخص، كائنا من يكون، شيئا اخر..
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست