مؤتمر انطاليا .. مواقف وحقائق
Monday, 30/05/2011, 12:00
فكرة انعقاد مؤتمر يشمل كافة اطراف المعارضة السورية (خاصة في الخارج) مشروع له اهميته وضرورته، لأنه اذا اردت تغيير نظام حكم في بلد ما فعليك ان تسعى ايضا الى خلق البدائل الواقعية والمنبثقة من اوساط البنى السياسية والاجتماعية لذلك البلد.
وبهذا الخصوص كنت قد طرحت في مقال سابق بأنه هناك ضعف وضبابية في تقربات ومواقف المعارضة السورية وخاصة العربية منها فيما يخص كيفية التعامل مع الانتفاضة السورية، وايضا اهمية طرح المشاريع والطروحات العملية لاجتياز المرحلة الحرجة من تاريخ هذا البلد الذي اصبح يعيش مرحلة التغيير الذي لا رجعة فيه.
لذلك حين يتم طرح مشروع عقد اجتماع او مؤتمر باسم المعارضة السورية في اي بلد كان، علينا ان نسأل ذاتنا والاخرين ايضا من هي القوى التي تتبنى هذا المؤتمر؟ ومن هي القوى التي تقوم بالتحضير لهذا المؤتمر؟ وما هي الاليات التي سيتم بها العمل خلال المؤتمر؟ وما هي مستوى التحضيرات لعقد المؤتمر؟ وهل تم الحوار مع كافة الاطراف ام لا بخصوص كل هذه الامور؟ وغيرها الكثير من الاسئلة التي يمكن ان تكون تفرعات اخرى لهذا الموضوع الشائك.
لذلك اقول انه كان الاجدر ان تقوم المعارضة السورية بالتحاور فيما بينها بشكل متواصل قبل ان تذهب الى قرار بعقد مؤتمر هام باسم المعارضة في اي بلد كان. اي ان التقارب والحوار هو الاساس في الوصول الى تفاهمات جزئية او كلية فيما يتعلق بالمرحلة القادمة من مصير هذا البلد الذي عانى الكثير في ظل حكم الحزب الواحد القومجي. لكن هذا الامر اما انه لم يتم او انه تم وفق اجندات اختلفت بشأنها الاراء في صفوف المعارضة السورية. وبهذا الصدد اعتقد انه من الخطأ الفادح الانجرار الى التجاذبات والاستقطابات وفق اجندات مختلفة. حيث ان الحالة السورية لها خصوصياتها واختلافاتها، لذا فانه يتطلب تقربا اكثر مرونة وديمقراطية من قبل كافة الاطراف للتعامل مع بعضها لتكون مؤهلة للحصول على ثقة الشعب بكافة مكوناته. اما الاصرار على التفرد في مثل هذه المرحلة يعني فرض الذات واضعاف دور المعارضة السورية بشكل عام وايضا الانجرار الى الاعيب ومخططات ليس واضحا ماذا ستكون نتائجها العملية في الميدان العملي على ارض الواقع. وانطلاقا من هذا يمكن ان نؤكد انه على المعارضة كان من يكن (في الخارج) ان يؤدي دوره وفق وظيفة مساندة الانتفاضة وليس اضعافها. والمساندة تكون بالتقارب والتوجه نحو الوحدة من جانب فيما بينها وايضا عليها ان لا تتجاوز القوى الموجودة في الساحة الحقيقية اي المشاركين الفعليين في المسيرات والتظاهرات الجارية في سوريا في هذه الايام العصيبة سواء في المنطقة الكردية او في المدن العربية.
الوحدة يجب ان تكون طوعية وعلى اساس قبول الاخر، وان تكون وفق منطلقات جديدة بحيث يتم تجاوز الذهنية القديمة التي ترسخ التفرقة وتعطي فرص اكبر للنظام ليتمكن من اطالة عمره. حيث ان الاختلاف والتنوع الموجود في بنية المجتمع السوري يمكن ان يصبح اساسا قويا اذا تم العمل وفق توافق ديمقراطي حقيقي وليس الالتفاف على البعض والسعي الى تهميش دور واراء الاخر، لهذا فان الادعاء بانه مهما يكن فان عقد مؤتمر في انطاليا يجب المشاركة فيه، لا يعبر عن كامل الحقيقية ومهما كانت الحجة. حيث انه اولا السياسة التركية تعاني من الازدواجية في التعامل مع الوضع السوري بشكل عام وموقفها من القضية الكردية واضح جدا. فتركيا تريد استغلال اي شيء لتكسب المزيد من التنازلات من النظام ولايهمها مصير الشعوب السورية كما تدعي. ومن جانب اخر هناك تساؤلات دائما تتعلق بالصراع الاقليمي فيما بين الدولتين تركيا وايران وتقرباتها الطائفية بهذا الخصوص شيء يجدر التفكير فيه جيدا قبل الانجرار الى اتخاذ اي موقف كان. فالنتائج من هذا الجانب يمكن ان تكون كارثية فبدلا من تحقيق الوحدة الطوعية والتشاركية في صناعة المستقبل السوري، يمكن ان توسع الشروخ والاختلافات المذهبية والعرقية بين مكونات الشعوب السورية. وفي هذه الحالة بدلا من ايجاد حلول سوف تعمق الازمات وتؤدي الى حالة اكثر ضعفا وتشتتا. ولا يمكن لأي كان يدعي انه يتحلى بروح المسؤولية ان ينجر الى مثل هذه الالاعيب التي ستصب من احدى جوانبها في خدمة بقاء النظام واستمراره في قمع الانتفاضة. فالصراعات والتناحرات الطائفية والمذهبية والاثنية لا تخدم الشعوب ابدا، ودائما تم توجيه الاتهامات للنظام بانه يستغل هذه الورقة وخاصة في الاسابيع الاولى من الانتفاضة السورية. فاذا تم العمل وفق نفس النسق والذهنية فحينها ماذا ستكون النتائج من هكذا تقاربات؟ وايضا الموضوع الكردي جزء هام وحساس في الحالة السورية، وبدون التعامل بشكل موضوعي وواقعي مع مطالب الشعب الكردي في سوريا لا يمكن ان يدعي احد كائن من كان بانه يمكنه ان يقود النضال الديمقراطي وان يحقق وحدة الشعوب السورية.
هناك من يدعي بانه مهما يكن فمن الايجابي عقد هذا المؤتمر، رغم رفض بعض الاطراف المشاركة ، والحجة الاهم بالنسبة لهذه اللحظة الحرجة من تاريخ سوريا هو عدم المشاركة من قبل كافة اطراف المعارضة في التحضير للمؤتمر. اي انه اذا لم تشارك كافة القوى في التحضيرات من قناعة وان تكون على علم بمستوى التحضيرات وخلوها من التأثيرات المرتبطة باجندات خاصة بالدولة التي تتبنى المؤتمر. حينها ستنحصر كافة نشاطات المؤتمر في اظهار بعض القوى المرتبطة بتلك الدولة الى الامام وتبقى الاغلبية او بعض اطراف المعارضة خارج هذا الامر. وهذا ما يعني التهميش والعمل وفق اجندات خارجية، وهذا الامر اطرحه كقضية تتطلب الوقوف عندها جيدا وليس التقرب بشكل سطحي بانه مهما يكن فيجب التغاضي عنه. اريد هنا ان اذكر انه اذا قام كل طرف من المعارضة السورية بالعمل وفق اجندة الدولة التي يتواجد فيها ويخدم مصالحها فحينها اين تبقى مصلحة الشعوب السورية؟! طبعا من الطبيعي ان تكون للمعارضة علاقات ونشاطات في الخارج، لكن لكي تكون اكثر تاثيرا ولكي تعمل وفق المصلحة العامة لمكونات الشعوب السورية فيحنها يجب ان يتم توحيد الطاقات واحداث تقارب في الاراء بشكل موضوعي قبل التوجه الى عقد مؤتمرات تحوم حولها الشكوك والشبهات من هذه الناحية بالذات. فبدلا من ان تكون المعارضة مجزأة وفق توجهات الدول عليها ان تصل الى مستوى من التنسيق والتشارك وان تجري اتصالات مع الدول وفق اسس يتم الاتفاق عليها من قبل الجميع، والا فانه مصير العراق ماثل امام الجميع وما تم معايشته والازمات والفساد المستشري لحد الان واضح جدا للعيان، حيث هناك الكثير من القضايا التي ما تزال عالقة وتتطلب الحلول الناجعة. مع العلم انه المعارضة السورية لم تحقق التوافق المطلوب حتى وفق مستوى عمل المعارضة العراقية قبل سقوط نظام البعث في العراق، لهذا يجب التفكير جيدا بأهمية الوصول الى تنسيق وتوافق يشمل كافة اطراف المعارضة، وهذا يتطلب عملا جادا وحقيقيا وليس الاسراع في عقد المؤتمرات على شاكلة ما جرى في استنبول وما يجري التحضير له في انطاليا الان.
طبعا حين نقول عدم الاسراع لا نقصد التأني والاهمال لأي نشاط يكون ساعيا الى التقارب وتوحيد صفوف المعارضة السورية. لكن كما قلنا سابقا يجب ان يشارك الجميع في الحوار والتحضير والاقرار لعقد هكذا مؤتمر. اما خلاف ذلك يثير الكثير من التساؤلات والشكوك ضمن صفوف الاطراف التي لا تشارك في هذا المؤتمر، والشعوب السورية بشكل عام. لهذا يجب الاسراع اولا الى تحقيق هذا التقارب وفتح باب الحوار بشكل مفتوح ولاجراء مناقشة شفافة بدون ان تصبح تحت ظل اي دولة كانت.
الكرد وجهوا رسالتهم بانهم لن يشاركوا في المؤتمر المزمع عقده في انطاليا. وعلى كافة الاطراف ان تعي تماما ان الاصرار على عقد المؤتمر واهمال دور الكرد في التغيير سوف يؤدي الى ولادة ناقصة وغير مكتملة وعرجاء لأي حلول او قرارات يمكن ان تصدر عن المؤتمر. ومن جانب اخر اذا كانت الاحزاب الكردية عبرت عن موقفها الرسمي بعدم المشاركة، فحينها سيكون من افدح الاخطاء ايضا ارسال اعضاءها بعناوين شخصية او ثقافية، لأنه يضعف الموقف السياسي الكردي مقابل التطورات. واي خلل او شرخ اذا اصاب الموقف الكردي السياسي الذي تم التعبير عنه رسميا باسم الاحزاب الكردية، سيعني اضعاف الموقف الكردي امام المعارضة العربية وامام الدول المحتلة لكردستان وخاصة امام النظام السوري. الذي يتمنى ويجهد دائما الى اضعاف الموقف الكردي بشكل خاص والمعارضة السورية بشكل عام.
سيكون من الهام جدا خلال هذه المرحة العمل الجاد من اجل تحقيقي حوار ديمقراطي وشفاف بين كافة اطراف المعارضة السورية وازالة الالتباسات من المواقف، وطرح الحلول الواقعية وتطبيقها على المستوى العملي في الداخل والخارج. واي مؤتمر او اجتماع يتم عقده يجب التحضير له جيدا وبمشاركة كافة اطراف المعارضة في التحضير له. لهذا علينا ان نؤكد انه من اليوم يجب تطوير وتفعيل اليات الحوار الديمقراطي بين اطراف المعارضة وكما توصلت القوى السياسية الكردية الى صيغة مشتركة لتعبر بها عن قدرتها على التنسيق والعمل المشترك كبداية جيدة يتطلب تطويرها على المستوى الكردستاني وسد الثغرات الموجودة فيها ، ايضا يتطلب تطوير الحوار الديمقراطي وايجاد اليات تنسيق عمل مشترك يشمل كافة اطراف المعارضة السورية.
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست