الاعلام العراقي و الخطوات الى الوراء
Saturday, 07/06/2014, 12:00
1710 بینراوە
بعد سقوط الدكتاتورية استبشرنا خيرا من كافة مجالات الحياة و اعتقدنا باننا نخطو الى الامام فيها و منها الاعلام و دوره و كيف يكون و يؤدي مهامه بالشكل الصحيح و من يجب ان يكون على راسه . لا نريد ان نعود بالذاكرة الى الوراء و لكن ما يتصل بنا و بهذا الموضوع هو ما يفرض نفسه علينا و ما نلمسه كل يوم فرضا و ان كان دون ارادتنا وهو ما نشاهده من الاعلام العراقي الذي عاد الى الوراء و يعود يوميا مثل بول البعير .ان كان من صفات الانظمة الشمولية و من اجل بقاء شموليتها السيطرة على الحكم بالقبضة الحديدية و عدم فتح المجال للاخر هو بقاء الاعلام بيدها دون منافس، فان النظام الديموقراطي يصر على حرية الاعلام كاحد الاسس التي تُبنى و تُطبق عليها الديموقراطية الحقيقية .
لو تفحصنا بدقة ما سار عليه الاعلام العراقي في هذا العقد، انه تقدم بداية لحدما بعد فسح المجال امامه و وصل لحد يمكن ان نسميه الفوضى، و هو ما كان متوقعا لانعدام القانون الخاص به و السير على الارضية و الثقافة الدكتاتورية عمليا، و هو ما كان مترسخا في الاذهان و على الارض و لم يكن بالامكان ان يتغير هذا المجال الهام في ليلة و ضحاها، لما يحتاج الى جهد و عقلية و خبرة و ممارسة للعمل على تغيير ما يمس الاعلام من كل جانب ، الا اننا رغم الانفتاح و التقدم خطوتين، توقفنا و استوقفت مسيرة الاعلام في مكانها متراوحا الى جانب الوضع السياسي العام للبلد.
الاعلام الحكومي اصبح ملكا للسلطة التنفيذية و ليس للدولة، و ان نرى تجميلا لوجهه بين حين و اخر لدرء الانتقاد التي يستحقها و الوصول لحد التضليل لبيان حريته امام انظارالناس . المسيطر على هذه السلطة هو الذي يسخره لاهداف سياسية و حتى في اكثر الاحيان حزبية و ان كان بشكل غير مباشر و يعمل لصالح شخص او فئة ضمنا لو تابعنا برامجه كانت موجودة اصلا بدقة و بعين محايدة .
اليس من حق الشعب ان يكون له الاعلام الحر الذي يهدف الى تحسين احواله و ما يخصه و يكون رقيبا و يحقق اهدافه و يصبح لسان حاله و ليس اداة بيد من يحكمه . اننا نلمس في هذه المرحلة ان الاعلام المركزي المقيد قد عاد الى الظهور و اصبح المال الحكومي و امكانيات الدولة بيد مجموعة تعمل لمصالح مختلفة هي على النقيض مما يهدفه الاعلام الحر و السلطة الرابعة تماما، و هو يجاري عمل و خطوات الاحزاب و السلطة التنفيذية الى حد كبير، و هذا هو الخطوات الخطيرة من بدايات تراجع الاعلام الى الة بيد الشخص لتنفيذ ما يهمه و هو احد الاعمدة الاساسية لتجسيد الدكتاتورية في اي بلد .
الى جانب الاعلام الحكومي، لازال هناك القلة القليلة من الاعلام الذي يعتمد على المال الخاص و منه ما يحصل على الامكانيات سرا من جهة و اخرى بشرط ان يطرح ما لصالحها و عدم التطرق لسلبياتها مهما اضرت بالشعب، اي ما يمكن ان نسميه الاعلام الظل للاعلام المركزي الذي انوجد في هذا القرن و يدعي الجميع استقلاليتهم و الاستقلالية المهنية منهم براء .
بكل وضوح، الشعب لم يلمس وجود السلطة الرابعة التي تهدف الى كشف ما يهمها اي يهم الشعب، و لم يعد الاعلام العراقي االذي اصبح حكوميا مركزيا بيد شخص و حزب الان ركنا اساسيا لتجسيد الديموقراطية و الشفافية المطلوبه منه، بل اصبح على العكس اداة لاختفاء و تغطية اخطاء السلطة التنفيذية و الحزب المسيطر و الشخص الاول .
اننا بحاجة ماسة للعقول التي يمكنها ان تضع اللبنة الاولى الصحيحة لبناء الصرح الاعلامي الحر المطلوب لتطبيق و تجسيد الديموقراطية الحقيقية و ما يفيد الشعب و حياته . كيف؟
ان ما نراه من الاعلام في العراق المليء بالمشاكل و منها العويصة، لم يتناول اية قضية بشكل محايد و لا يمر يوم الا و نجده منحازا لصف ما، لم نجده طرفا لطرح الحلول، لا بل في اكثر الاحيان يعقد الامور لحد لا نحس بانه يتبع الشعب قبل السلطة بل يبرر اخطاء السلطة . الدور الذي يؤديه لا يختلف بقيد انملة عن اي قسم من الاعلام الحزبي الهادف لتحقيق اهداف الاحزاب السياسية المنتشر في البلد و يصعب ان نفرق بينهما .
لكي نكون كدولة صاحب اعلام حر نزيه و محايد يجب ان يخرج من قبضة السلطة التنفيذية و ان يُدار من قبل نخبة اعلامية مثقفة معروفة بحيادتها خبيرة في كيفية اداء مهام هذا الاداة الحساس الخطير المؤثر على مسيرة الشعب من كافة النواحي . و يجب ان يكون شفافا في العمل و التطبيق و صاحب برامج معلنة و خطط قصيرة المدى و بعيدة المدى معلنة عنها مسبقا، و مخارجة عن توجيهات و اوامر اية سلطة كانت لانه يجب ان يكون سلطة رابعة حقيقية في الفكر و العمل على ارض الواقع .
و الحل الجذري لهذه الحال و ما هو عليه الاعلام العراقي، هو حل الاعلام الحكومي، و اقرار قانون الاعلام الحر و تطبيقه بصرامة على الاعلام المستقل لتجنب الفوضى و البدء بالخطوة الاولى . و الا سيكون هذا الاعلام الحكومي الموجود جزءا او اداة مساعدة لعودة العراق الى الدكتاتورية و الشمولية و حكم الشخص الواحد او حلقة ضيقة بالتمام لعقود اخرى، و تذهب الدماء التي سالت من اجل الحرية و الديموقراطية سدى .