الانتخابات البرلمانية العراقية: مهزلة مضحكة مبكية
Thursday, 10/04/2014, 12:00
1831 بینراوە
السويد 9/4/2014
في مثل هذا اليوم من عام 2003 سقط نظام البعث الصدامي على يد قوات الغزو الامريكي، و قيل للشعب العراقي انهم سيدشنون عراقا جديدا، عراقا ديمقراطيا تعدديا و فيدراليا. مرت السنين و العراقيون اليوم ابعد ما يكونوا من الديمقراطية . العراقيون على موعد مع التمثيلية الانتخابية البائسة في الثلاثين من شهر نيسان الجاري ليبصموا مرة اخرى ورقة تشريع الفساد و المحاصصة و تعميق التقسيم الطائفي القومي و الديني المذهبي. وجوه نيابية تتكرر في غالبيتها و لا جديد تحت الشمس ... هي نفسها عقول معطلة من الاساس في نظام سياسي فاسد لم يفلح اللهم في دفع الامور من سيئها الى اسوئها...المليارات تتدفق الى جيوب فئوية متسلطة من شمال العراق حتى جنوبه و الشعب يزداد تملقا و دونية يقبل ايادي اصحاب السموات و الفخامات والشيوخ. نظام سياسي عشائري طائفي حول شعبا باكمله الى مرتزقة و شحاذين مغسولين من ادنى حدود العزة و الكرامة، يعيشون على فتات ديكتاتوريات انتجها العراق الجديد. صدق من قال لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم. طالما استمر العراقي في ولائه السياسي الاعمى للمذهب و القومية، عبدا مطيعا ذليلا لن يتغير من حاله و احواله شيئا.
انظروا الى حال البلد لتفهموا ان كان في حالة اجراء ما تسمى بالانتخابات البرلمانية ! هل رايتم بلدا في هذه الحالة المتردية من الامن يقدم على الانتخابات انها بحق مهزلة مضحكة مبكية... حرب اهلية داعشية تدور في قسم كبير من البلد، ناهيك عن عجز النظام السياسي في تمرير موازنة الدولة في برلمان سارع بالامس، العراقي الساذج الى دفع كوكبة من الفاشلين الى قبته.
اتعجب لضحالة الوعي السياسي لابنا هذا البلد ..تكلموا كل هذه السنين عن البرلمانيين و ها هم يعيدون نفس الاسطوانة المشروخة : انتخبوا فلان فهو خير من يمثلكم و لا تنتخبوا علان الذي لم ينجح في كذا و كذا ...! هل من قال كيف سيحقق فلان كذا و كذا؟ هل من سأل نفسه لماذا لم يفلح علان في تقديم هذا و ذاك؟؟؟ هل حقا ان لمؤهلات النائب البرلماني العراقي من قيمة في صنع القرار السياسي؟؟ هل للبرلماني العراقي دور سوى الحضور او التغيب من جلسات البرلمان باشارة من اصحاب السمو؟ او الركض الى المايكروفونات ليلقي كالببغاء ما تم تلقينه سلفا من حضرة صاحب الجلالة رئيس الحزب؟ هذا هو السؤال الجوهري... التجربة التاريخية العراقية تثبت لنا بان البرلماني موظف مستعبد مستبعد يتمتع بامتيازات لا يستحقها لانها تفوق ما ينوط به ، من اداء شكلي فاشل، من قبل صناع القرار خلف الكواليس. اذن لا يهم اي مرشح ينتخبه المواطن العراقي فسيان الامر بين عبيد امي و عبيد متعلم. الاعلام العراقي هو الاخر مقصر و فاشل في غالبيته لسببين رئيسيين اولهما انه اعلام الحزب و الطائفة قبل الوطن و المواطن و ثانيا لعجزه في تسليط الضوء على اوكار السلطة السياسية الحقيقية في دهاليزها المظلمة بل عمل في خدمة المختبئيين من سماسرة السياسة بالقاء سبب الفشل على البرلماني الذي بات شكلا كارتونيا قبيحا في نظر المواطن. هذا دجل و فشل اعلامي بامتياز... واضح وضوح الشمس ان البرلمانييين مامورين من بضعة قيادات سياسية تتحكم فيها حفنة من القياديين المستبدين الديكتاتوريين، يجلسون بعيدا عن البرلمان في قصورهم الفخمة يتمتعون بكل وسائل الراحة و الامن و الامان.
العملية الانتخابية في العراق باتت هي الاخرى ممارسة ترسخ الفساد و العشائرية و الطائفية و لعل بيع الاصوات علنا اقبح وجه لهذه العملية. اين قانون الاحزاب السياسية؟ هل يعقل ان لا تعرف الدولة مصادر تمويل الاحزاب السياسية؟ من اين للكتل السياسية المهيمنة على المشهد السياسي كل هذه الاموال لتجند جيوشا من المرتزقة و لتمول شبكات الاعلام الحزبية من قنوات تلفزيونية و اذاعات و صحف و جرائد و مارقين و متملقين.
قالوا غيرنا قانون الاتنخابات ليكون اكثر عدالة في اعطاء القوى و الاحزاب السياسية الناشئة الصغيرة فرصة ولو ضئيلة، لكنهم لم يلبثوا وان احتالوا على القانون ليسترجعوا بيمينهم ما اعطوه بيسارهم و ذلك من خلال دخول الكتل و الاحزاب السياسة الكبيرة باكثر من قائمة في الانتخابات ! يا لها من لا اخلاقية سياسية قبيحة. يا للعيب يتامرون على المستضعفين من قوى سياسية و مكونات شعبية و من اقليات عراقية و الايزيدية نموجا لهذا الغدر و التامر السياسي على حقه و استحقاقاته السياسية في فرز ممثليه الى المشهد السياسي.
الارهاب يسيطر على مساحات شاسعة من ارض العراق و الجيش المليوني غير قادر على حسم المعركة و الكتل السياسية منقسمة بين من يغازل داعش و شبيهاتها، و لا اباليين و رافضين مستنكرين حتى و صل الامر الى ان الارهاب قطع المياه من الناس في وضح النهار ليسجل ضربة قوية على الامن الوطني. الوضع الامني المتردي بات قاب قوسين او ادنى من الحاجة الى حل البرلمان الذي لا يحل و لا يربط بل اصبح جزءا من المشكلة، و الى اعلان حالة الطواريء و الغاء الانتخابات و اعادة بناء مجمل العملية السياسية من جديد و على اسس وطنية حقيقية .
مشكلة العراق و العراقيين تكمن في تشبثهم بنموذجين سياسيين من اسوء النماذج السياسية تاريخيا و تجاوزهما الشعوب المتطورة، اعني النموذج القومي و الديني ، فشمال العراق المتمثل في اقليم كوردستان يتبع نموذجا قوميا صارما بينما معارضته السياسية هي دينية صارمة. اذا ما انتقلنا الى الغرب السني سنرى انه اعطى العراق افشل تجربة سياسية قومية و انتقل اليوم الى النموذج الديني ! اما جنوب العراق الشيعي فهو نموذج ديني مذهبي بالكمال و التمام مرجعيات متنازعة فيما بينها و الكل الشيعي غير قادر على قيادة العملية السياسية في بناء دولة شبه مدنية و النموذج الشيعي متقوقع في نموذجه المسياسي المذهبي سلطة و معارضة. كيف اذن يبني العراقيون وطنا جديدا؟! العراقيون بحاجة الى اعادة بناء الانسان العراقي من جديد ... انسان يعي قيمه الانسانية في انسانيته و مواطنته قبل اي شيء اخر، فليس بالانتخابات السياسية التمثيلية تبنى الاوطان.