من رفقة النضال الى التخوين
Wednesday, 06/01/2010, 12:00
بقلم نوشيروان مصطفى
في الايام من 29_31 /10/2009 عقد الاتحاد الوطني وفي قاعة قصر الفن في مدينة السليمانية مؤتمره الرابع المصغر(بلينوم) بحضور 1600 شخص, كان البعض ينتظر ان يقوم هذا المؤتمر المصغربوضع الخطط التي من شأنها ان ترمم العلاقة المتردية بين ذلك الحزب والجماهير , ولكن اتضح لاحقا ان المؤتمر المصغر كان قد نظم لغرض آخر تماما .
كانت احاديث (فخامة رئيس الجمهورية , والسيد السكرتير العام للاتحاد الوطني الكوردستاني ) تلك التي تفوه بها في ذلك البلينوم ضدي وضد رفاقي في حركة التغيير قد وصلني باشكال مختلفة ,وبعض من تلك الاحاديث قد تم نشرها في الصحف وطرقت اسماع الكثيرين, ولكن الى ذلك الوقت الذي لم يتم نشر تلك الاحاديث بشكل واسع ومنظم لم يكن بودي ان اعيرها اي اهتمام, وعزيتها الى غضب وفوران وقتي لذلك لا يتوجب الرد,ولكن الان لكون وبعد ان تم نشرها في كافة وسائل الاعلام التابعة للاتحاد الوطني , اجد نفسي مضطراوملزما بان ارد على اغلب تلكم التهم التي قد كالها الطالباني جزافا , لي ولرفاقي في حركة التغيير.
وهنا اقولها صراحة : بانه مما يؤسفني ان تصل العلاقة بيني وبين الطالباني الى هذا المستوى بحيث ان كل ما ادلى به كان من باب كيل التهم والتخوين , يؤسفني انه وبعد 40 عاما من عمرنا الرفاقي و النضالي المشترك , ولاننا فقط لم نعد نعمل تحت خيمة تنظيم واحد ان تصل الامور بحيث تكون الحديث عنا بلغة( التخوين).
فانا من جهتي لم أتهم لا الطالباني ولا اي قائد او سياسي كوردي بتهمة الخائن وعدو كوردستان و(كونه ذيلا ومتحالفا مع الجحوش والبعثيين) , كما يحلو للطالباني ان يتهمني ورفاقي بها, ان ما نؤمن به هو ان سياسة الطالباني لادارة الحزب وقيادة البلد غير صحيحة وخاطئة,ونعتقد بان اتباع هذه السياسة لا يمكن ان تؤدي الىتحقيق اي من تلكم الشعارات الجوهرية التي ضحى من اجلها الآلاف من ابناء شعبنا والتي تتلخص في(بناء دولة ديمقراطية تسودها الحرية والعدالة الاجتماعيةو التي من شأنهاان تحفظ كرامة كل المواطنين ).
نحن نعتقد جازمين ان سياسة الطالباني هي خاطئة وعوجاء,ولكننا لا نتهمه لا بالخيانة ولا كونه عدو لنا او عميلا ولا سندا للاجنبي ,ولكنه ولكونه قد خسر عدة كراسي برلمانية في الانتخابات الاخيرة لصالح حركتنا, قد داس على 40 سنة من العمل النضالي المشترك في خندق واحد وها هو يصفنا باعداء كوردستان وبالحاقدين عليه . ولكون ما تفوه به الطالباني في بلينوم حزبه ضدي وضد حركة التغيير قد جاوزت كل حدود النقد السياسي, ووصل الى حد الاتهام العميم والتي حتى لو تم الافتراض بان احدى هذه التهم كانت صادقة فانه سيسوق نشطاء الحركة ومناصريه الى ميادين القضاء ومن المحتمل ان يكونوا وجها لوجه مع احكام الاعدام . ولكون الطالباني ليس شخصا عاديا لذا لا يمكنني ان ادع اتهاماته تمر مرور الكرام بدون ردمناسب , ولو انني ساكون مضطرا ان ارد على الخطوط العريضة لمجمل اتهاماته التي نسجها لي ولرفاقي في تقريرمؤتمره المصغر.
وذلك لان الطالباني حاول في تقريره سرد احداث اكثر من 30 سنة باسلوب متخبط حيث يستدعي الرد الكامل عليه الكثير الكثير , ولكن لكي لا اطيل اكثر من هذا على القراء الكرام فانني تركته الى فرصة اخرى.
(يقتل القتيل ويلطم في جنازته)
يقول الطالباني في تقريره:
"حتى داخل التنظيم , وبدون علم السكرتير العام ونصف (م.س) "المقصود المكتب السياسي"ومركز الكومه له "المقصودتجمع شغيلة كوردستان" كان يصدر الاوامر باغتيال المواطنين في المدن والارياف , وهذا كان السبب الكبير للخلاف بيننا مع خط نوشيروان سنة 1981 وفي داخل الكومه له , حتى ان الامر قد وصل الى حد اننا هددنا بترك الوطن اذا لم تتوقف الاغتيلات في المدن والارياف , ولو ان الكثير من تلكم الجرائم والكثير من تلك القرارات كانت تتم اخفاؤها عنا , ولكن في النتيجة وعن طريق المسؤولين الكبار في المدن اطلعنا على الحقائق ولم تعد المراوغات والحيل تجدي نفعا, وهذه الحقائق جعلتنا نضع نهاية للتصفيات الجسدية الغير عادلة ! وكان هذا اول خلاف وانشقاق غير مباشر مهم بينناوبين مرتكبي اعمال العنف " هنا انتهى كلام الطالباني.
بدءا اقول : انا لا ارغب مثل الآخرين ان الجأ الى التبريرات الكاذبة!
منذ عام 1975 قمنا مع الطالباني والاعضاء الآخرين في الهيئة المؤسسة للاتحاد الوطني , بوضع الترتيبات للنضال السياسي _ المسلح , والتي على اثرها اندلعت الثورة الكوردية , وانا باعتباري احد المسؤولين البارزين في تلك الحركة, منذ سنة 1975 ولغاية سنة 1991 حيث تتوجت الثورة بالانتفاضة , وبمستوى ودرجة مسؤوليتي في تلك الحركة فاني اضع كل ماجرى في تلك الثورة اخلاقيا وادبيا وسياسياعلى كاهلي وكذلك اتحمل بنفس الدرجة المسؤولية عن كل من قتل وتضرر ومن اية جهة سياسية كانت , سواءا داخل صفوف الاتحاد او في صفوف الاطراف الكوردستانية الاخرى او من المواطنين العاديين , او من كانوا في صفوف الحكومة العراقية , ومستعد ان اقف امام اهالي كل هؤلاء وامام المحكمة التاريخية لشعبي وامام محكمة ربي مدافعا ومجيبا عن كل تهمة و تساؤل .
فلو قدر لاي شخص ان يتفوه بتلك التهم كان الاجدر بالطالباني تجنب ذلك!
فاذا كان الطالباني يتهمني والاخرين بتهمة قتل بعض الاشخاص في مدن وارياف كوردستان , فمن هو المسؤول عن قتل مئات الآلاف من الكورد من سنة 1961_1975و1975_1991 و1991_2001 .
مأساة حلبجة :من هو المسؤول انا ام صدام ؟
يقول الطالباني في تقريره:
"في خضم تلك الصراعات السياسية والفكرية,وبالرغم اننا كنا نملك تجارب كبيرة مع الصداميينو وبالاخص سايسة صدام خلال الحرب العراقية_ الايرانية,وكانت الخصلة الفاشية للنظام قد باتت واضحة,وقد اتضح ايضا بان هؤلاء الفاشست لن يتوانوا في ارتكاب اية جريمة, وكانت مفاوضاتنامع النظام قد انتكست منذ عام نتيجة النزعة الشوفينية للبعث الصدامي, والتكنولوجيا الحربية والضغوطات الاقليمية,وكنا مدركين لكل هذه الحقائق,ولذا كان لزاما علينا ان نتصرف بذكاء اكبر وان لا نعطي اقل المبررات للفاشيين,ولكن في ذلك الوقت ليس فقط لم يكن باستطاعتنا ان نقلل من الخلافات والاخطاء التي سكرتير جمعية الشغيلة(الكومه له ) والمقصود هو نوشيروان مصطفى,ضالعا فيها بل انه اوصل الخلافات من المضمار السياسي والفكري الى مستوى خطر وهو الجانب العسكري , حيث انه اتخذ اخطر القرارات وبدون الرجوع لا الىالسكرتير العام الذي هو في الوقت نفسه القائد العام لقوات البيشمركة, ولا اخذ موافقة اغلبية المكتب السياسي والقيادة العليا للاتحاد , حيث انه قد اصدر اوامره العسكرية للقادة والرفاق في منطقة حلبجة وكجزء من التخطيط المشترك في الحرب العراقية الايرانية ,بتحرير مدينة حلبجة, تحت مبرر تقليل الضغط العسكري على تلك المناطق التي كانت القيادة السياسية تتخذها مقرات لها و التي كان النظام يهاجمها انذاك, وهكذا كان هذا القرا ر الذي جاء دون الاخذ بنظر الاعتبار ظروف ذلك الحرب ولا الطبيعة الفاشية للصداميين في السنتين الاخيرتين من الحرب,قد اعطى المبررات القوية لصدام بان ينفذ رغباته الفاشية في وضح النار وبدون ادنى ترددفي ضرب مدينة حلبجة , ولو كان قد تم بحث وتمحيص هذه الخطة مع المكتب السياسي والسكرتير والقيادة العامة لقوات البيشمركة ,كان لا يسمح بالتاكيد باتخاذ تلك المواقف ,بل كان يتم اتخاذ وسائل وتكتيكات عسكرية اكثر موائمة في تلك الظروف . وخاصة ان الحكومة كانت قد هددتنا في وقت سابق بان اي هجوم يستهدف اي مكان بالاشتراك مع القوات الايرانية سيجابه باستعمال الاسلحة الكيماوية حتى لو كانت تلك المدينة السليمانية نفسها. ولكن ورغم كل هذه الحقائق فان جريمة القصف الكيماوي لحلبجة وباقي كوردستان تقع على كاهل البعث الصدامي.
وحينما حدثت المأساةبان قصفت الحكومة الديكتاورية حلبجة بالاسلحة الكيماوية ,صدرت من قبل العديد من الرفاق في القيادة امتعاض لذلك القرار الذي تم اتخاذه بدون موافقة المكتب السياسي , ولكن بعد فوات الاوان".
هناك مقولة قديمة تقول "للنصر الف والد ولكن الهزيمة يتيمة"
كان الطالباني قد توصل ومذ امد بعيد بان النظام البعثي في العراق قد وصل الى درجة من القوة شأنا ليس بامكان المعارضة العراقية والكورد والطالباني من ضمنهاان تسقطه,وكان يعتقد جازما بان سقوط النظام الصدامي لاتتم من غير"العامل الخارجي" وبالقوة الخارجية,ولذا كان يعير اهتماما خاصا بسوريا وليبيا لعلهما سيهيئان لانقلاب عسكري, وحينما يئس من هؤلاء التجأ الى الجمهورية الاسلامية في ايران حينما كانت في ذلك الاثناء تخوض حربا ضروسا مع الجيش العراقي, آملا ان يكون بالامكان اسقاط النظام بمساعدة سياسية وعسكرية ايرانية . ومن خلال هذه الستراتيجية بدأ بانشاء العلاقات مع ايران حتى قبل انتهاء وفشل المفاوضات مع العراق بشكل كامل.
بعد عدة جولات مكوكية لممثلي الطرفين و وبعد الكثير من الاخذ والرد بين ممثلي الطرفين تم التمهيد لارضية الاتفاق بين الطرفين .حيث سافر الطالباني الى طهران بمعية وفد من الاتحاد مؤلف من (فريدون عبد القادر, الدكتور كمال خوشناو,محمد توفيق رحيم,شيردل حويزي .... وفي الشهر العاشر من عام 1986 تم التوقيع على اتفاق عسكري وسياسي ولوجستي للتعاون والتنسيق الميداني بين قوات الطرفين في مختلف المجالات ضد الجيش العراقي ,وقد مثل الاتحاد الوطني الطالباني نفسه ,ومن الجانب الايراني (محمد باقر ذو القدر) قائد عمليات رمضان في ذلك الوقت.وبموجب هذا الاتفاق كان على قوات الاتحاد معاونة القوات الايرانية في مختلف الانشطة العسكرية والتنسيق معها, وان تستمر في القتال لغاية سقوط النظام الصدامي وعدم الدخول في اية مفاوضات وسلام معهابدون موافقة وعلم الجانب الايراني.وبعيد هذا الاتفاق بدأت سلسلة من العمليات العسكرية المشتركة بين بيشمركه الاتحاد والاطراف الاخرى والحرس الثوري الايراني وبشكل علني تحت مسميات "فتح"و"نصر " و"فجر" , وتلتها العشرات من العمليات العسكرية الاخرى والتي كانت احداها "ملحمة رزكاري"في منطقة جوارتا وبالقرب من مقرات القيادة الرئيسية للاتحادوالتي كانت تحت امرة الطالباني مباشرة وبالتنسيق والتعاون المباشر مع( محمد باقر ذو القدر) , والذي اصبح القائد الاعلى للحرس الثوري, ومع( علي الشمخاني) الذي استلم القوة البحرية الايرانية ووزارة الدفاع الايرانية لاحقا.فأي تعاون وتنسيق كان قد تم من قبل اي قائد أو اي فرد من البيشمركه في الاتحاد الوطني قد تم بناءا على هذا الاتفاق والذي وقعه( اغاي) الطالباني نفسه, وان التنصل عن هذه العمليات والادعاء بعد العلم به , لا يقلل باي حال ممن الاحوال من المسؤولية السياسية والقانونية للطالباني , وهناك المئات من الشهود الاحياء من المطلعين على تفاصيل تلك العلاقات واشكال التعاون بين الطرفين , وان التملق لصدام ونظام البعث بحجة ارسالهم التحذيرات والتهديدات المسبقة لا تقلل باي حال من الاحوال من شأن جرائمهم التي يحاكمون الان بموجبها امام المحاكم المختصة في بغداد. ومما يذكر انه حتىقبل مأساة حلبجة فانه قد تم تنفيذ العديد من العمليات المشتركة مع الجانب الايراني في العديد من ميادين القتال في محافظات كركوك والسليمانية واربيل وديالى وان تحرير مدينة حلبجة والتي آلت الى تخريب المدينة وابادة سكانها, كان جزءا من تخطيط عسكري واسع النطاق كانت ستشمل مدن قلعه دزة, ورانية, وجوارتا اضافة الى حلبجة وحينما انتهت امر هذه المدينة بالقصف الكيماوي و بتلك المأساة تم التخلي عن تنفيذ باقي الخطة بشكل نهائي. وقبل حلبجة فان الكثير من المناطق التي كانت تحت سيطرة البيشمركة قد تمت قصفها بالاسلحة الكيماوية مثل العديد من مناطق الخوشناوه تي,بتوين,بشدر,هظاب مركة,وادي الجافايه تي,هظاب قره داغ,منطقة بادينان, سهل كويسنجق,سهل كركوك .... وكان النظام البعثي لا يتوانى عن تلك الاعمال بغية اجبار قواتنا على الاستسلام وانهاء الثورة , وخاصة كان هناك صمت رهيب للقوى الدولية وامريكا .
وتلك التهديدات التي يتحدث عنها الطالباني اذا كانت قد وصلته من قبل النظام البعثي فانها لم تصلني ابدا لانني لم اكن على اتصال بالبعث حتى تصلني تلكم التهديدات المزعومة, ولم يطلعنا الطالباني على مثل تلكم الامور, ولذا فان مغبة عدم ايلائنا الاذن الصاغية لمثل تلك التهديدات انما تقع على عاتق الطالباني نفسه.
واعتقد انه لا يستوجب الاسهاب كثيراحول قضية حلبجة لان المرحوم (شوكت حاجي مشير) قد اصدر كتابا تحت عنوان " مأساة حلبجة في ربيع عام 1988 " وقد تم طبع الكتاب على نفقة الطالباني نفسه في السليمانية , وكل من يقرأ هذا الكتاب يعرف ان :
القائد العسكري لتلك العمليات كان (شوكت حاجي مشير )
المسؤولين السياسيين لتلك العمليات كانا الدكتور فؤاد معصوم و فريدون عبد القادر .
المسؤول اللوجستي لتلك العمليات كان صالح محمد امين .
واحدى الوثائق التي تم نشره في ذلك الكتاب هي صورة لرسالة من فؤاد معصوم الى شوكت حيث جاء فيها "اتمنى لك كل النجاح في هذه العمل المبارك" وهذا ينسف ويفضح كل ادعاءات الطالباني.
وفي تلك الاثناء كان المكتب السياسي يتألف من خمسة اعضاء: السكرتير العام ,وممثلين اثنين من الثوريين وهم فؤاد معصوم وناظم عمر , وممثلين اثنين من الكومه له , انا وفريدون عبد القادر.
ان عمليات واسعة بهذا القدر والتي شارك فيها المئات القادة والمسؤولين وبمشاركة العديد من الاطراف السياسية الكوردستانية والعراقية (البارتي,الحزب الاشتراكي, والحركة الاسلامية, فيلق بدر) وبحيث تكون مقرات العديد من الاطراف المعارضة الايرانية منها (الديمقراطي والكومه له ) في موضع الخطر , هل كان يعقل ان تتم كل هذا بدون علم وموافقة القيادة السياسية وشخص الطالباني بالذات, وحتى ان ادعاء جهل الطالباني بكل هذا لهو خلط كبير للاوراق ولا يصمد امام سيل تلك الاحداث العظام.
وفي تلك الاحداث حينما كنا نتحدث عم مأساة حلبجة بقلوب محطمة ونفس جريحة ,وكيف ان محاولة تحرير حلبجة قد انقلب الى" مأساة انسانية مروعة", كان الطالباني وبدون ادنى خجل وتردد يقول :" ان القصف الكيماوي لحلبجة قد اوصلت قضية الكورد الى المحافل الدولية... حبذا لو تكررت اثنان اوثلاثة حوادث من هذا النوع " !!!!!!
الى اللقاء الى الحلقة الثانية يوم غد
ترجمة صفوت جلال الجباري
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست