ثورات الربيع العربي و الخريف العراقي
Thursday, 19/06/2014, 12:00
1683 بینراوە
منذ حرق محمد بو عزيزي لجسده احتجاجا على البؤس و القهر و الغدر به و البلدان المنطقة تغلي و تمخض عنها ثورات سميت بالربيع العربي، بعضها نجحت و اصابت اهدافها و سلكت طريق التغيير و المراد منها بنسبة كبيرة كما هي حال تونس، و بعضها وصلت الى نسبة معينة من النقلة السياسية و بقدر يمكن ان تُعتبر خطوة نحو السياسة الواقعية الاكثر حرية و ديموقراطية كما هي حال مصر، و منها لازالت في طور المخاض و لم تتوضح افاقها و تتخبط كما هي حال ليبيا، و منها دخلت الايدي الخارجية بشكل مباشر و منعت الولادة الطبيعية لما تسفر عنها و اصبحت مركزا لتصفية الحسابات الدولية و الاقليمية كما هي حال سوريا اليوم و ما هي وقعت فيه.
استطالة الثورة السورية و تغيير المعادلات التي لم تكن موجودة في الثورات ماقبلها، او لم يكن التغيير الذي يمكن ان يحصل فيها، اي في الدول الاخرى غير سوريا، من الاهمية الاستراتيجية السياسية العالمية بقدر سوريا، اجبرت الجميع، اي اصحاب المصالح بالتدخل المباشر و محاولة تحوير المسار الى ما يهم كل منهم، فكانت النتيجة الخراب و الدمار دون الوصول الى نتيجة معينة وبه دفع الشعب السوري وحده الثمن الباهض، و لم تهدا لحد اليوم و ووصلت شرارتها و تداعياتها الخطيرة الى الدول الاخرى.
العراق و ما كان فيه من الظروف الصعبة و عدم الانسجام السياسي و الغليان في مناطق عديدة، و القيادة الغشيمة و المتفردة بالحكم بعيدا عن الحسابات البعيدة المدى ، و غض الطرف عن ما يمكن ان يصل الى العراق من تلك الثورات، و النوم في الظل و الرجل تحت الشمس من جهة، و الخلافات السياسية و عدم الاتفاق او التوافق حول اية مسالة داخلية و الاستمرار على الفوضى و العيش في قلق دائم من جهة اخرى، جسد كل هذا ارضية خصبة لاي تدخل خارجي و وفر ثغرات كبيرة و سهل الاختراق سواء على الارض هنا او هناك او في مجمل العملية السياسية. و بدلا من الاستفادة من ايجابيات سقوط الدكتاتورية و جعل العراق قدوة للثورات العربية، اصبح العراق بذاته مرتعا خصبا لضرب الثورات الاخرى و دفع الذات للتراجع في كل المجالات بعد التدخلات العديدة لمن هب و دب في الاقليم و القوى العالمية . و اخيرا وصلنا الى ما قامت به داعش و من لف لفها من التنظيمات و القوى السرية و الخلايا البعثية النائمة، و ذهبوا بعيدا في تسمية الفوضى و ما يحصل الى تسميتها بالثورة الشعبية الا انها بعيدة كل البعد عن جوهر الثورة، و هي خريف السياسة العراقية او خريف الثورات ، و هي الفوضى التي تضرب نتائج الثورات السابقة في صفر و تجعل اي شعب في المنطقة عاجزا على التجرؤ لبيان المواقف ضد اي ظلم او غدر او دكتاتورية قابعة على صدره في المدى القريب . و هذا هو خريف العراقي الذي نعيشه ، و لم نذق طعم الثورة البيضاء و التغيير المنشود بعد سقوط الدكتاتورية .