رحلة الى الشمال الأسكندنافي - 2
Thursday, 19/01/2012, 12:00
الدول الاسكندنافية والعلاقات مع الدول الاوربية
حقبة الفايكنغ
تعتبر الدول الاسكندنافية موطن النورمان رجال الشمال وهم الذين هاجموا السواحل البريطانية والفرنسية ومناطق اخرى من اوربا في نهاية القرن الثامن الى القرن الحادي عشر( 793 1066 م وقد سميت هذة الحقبة بحقبة الفايكنغ ) .
على الرغم من وحشية الفايكنغ ( القراصنة ) وسمعتهم السيئة وطبيعتهم الوثنية ، الا أنهم اعتنقوا المسيحية واستقروا في الاراضي التي هاجموها بعد أن بنوا العديد من المستوطنات في كل من آيسلندا وجرينلاند وامريكا الشمالية ، والشمال الاطلسي اضافة للممالك التي اسسوها في اسكندنافيا .
كان الفايكنغ ( قراصنة البحر الشماليون) بارعــيـن في الملاحــــــة ، تفننوا في صناعة الســــــفن الكبيرة كما تمكنوا خلال مئات السنين من السيطرة واستعمار سواحل اوربا ، حيث أحرقوا وقتلوا ونهبوا المدن التي وضعوا اقدامهم فيها .
نشأ الفايكنغ في اسكندنافيا ( السويد ، النرويج والدانمارك ) إلا أنهم أخضعوا انكلترا وفرنسا والمانيا وايرلنداوايطاليا وروسيا واسبانيا لسيطرتهم وقد حملت سفنهم المستوطنين الى مناطق
مجهولة من قبل الاوربيين وكذلك الى آيسلندا.
ومما تجدر الأشارة لذكره أن الرحالة النرويجي لايف اركسون Laeif Erkson تمكن من الوصول الى امريكا الشمالية قبل خمسمائة عام من وصول كريستوف كولومبوس اليها عام
1492 .
من الامور المهمة التي قللت من حجم الاراضي الزراعية هي سرعة النمو السكاني السريع في أسكندنافيا مما أدى الى ترك الكثير منهم موطنهم بحثا عن مكان جديد للعيش .
لم يترك الفايكنغ أثرا مباشرا ًفي تاريخ أمريكا ، لكن غزواتهم في أوربا أثرت بشكل مباشر في العلاقات بين انكلترا وفرنسا لمئات السنين بعد حقبتهم .
قدس الفايكنغ قبل دخولهم للمسيحية عدد من الآلهة ، كاودين آله الحرب أما الثور فكان رمز الالهة النرويجية وهو آله الرعد بينما كان بالدير آله الضوء. كان الفايكنغ يعتقدون انهم أذا ماتوا بشكل بطولي فانهم سيدعون للسكن مع الآله أودين في فاهالا ويبنى لهم قصر في عالم الآلهة .
بدأت غزوات الفايكنغ منذ عام 800 م ، فاتخذت اشكالا عديدة وأمتدت لإتجاهات مختلفة ، حيث تغيرت من الكـر والفـر الى الغـزوات الكبيرة والبقاء في تلك الأراضي وتمكـنوا مـــــــن تأسـيـس القواعد لقضاء فترات طويلة فيها ، اما في اواسط القرن التاسع فقد نمـت الجيـــــــوش وأستعمرت الاراضي .
وأستقروا في هذه الاراضـــي كفلاحيـــــن ، و تحولوا بعدها الى المسيحية وجلبوا عوائلهم من اوطانهم الأصلية أو تزاوجوا مع السكان المحليين .
وما يذكر أن هجمات الفايكنغ كانت قد حفزت التغيرات الســـــــــياسية في أسكندنافيا ، و ظهرت الحكومات الملكية المركزية والمؤسسات السياسية .
في عام 800 ميلادية وصل الرجل الشمالي المعروف أوتار ( وهو قرصان شمالي ) الى
أنكلترا ، وحضر بلاط الملك الفريد ، فتحدث عن النرويج وعن دول الشمال ، وذكر انه من شمال الشمال وكان يقصد بمدينة ترومسو الحالية الواقعة شمال النرويج . كما تحدث عن قوم السامسك (( شعب اللاب ))* الذين يعيشون في الشمال .
------------------------------------------------------------------------------
* توضيح
شعب اللاب / السامسك / يتواجدون في كل من السويد والنرويج والدانمارك وفي الاجزاء الجنوبية من روسيا ، في النرويج يعيشون في المناطق الشمالية ، لهم عادات وتقاليد وثقافة مختلفة عن النرويجيين ، يدرسون لغتهم في المدارس ، كما انهم يتمتعون بحرية ثقافية وحكم أداري محلي في الوقت الحاضر ولهم برلمان محلي ، إلا أنهم كانوا يعانون الامرين على ايدي الحكومات المركزية في الدول التي يعيشون فيها ( المعلومة من الموسوعه التاريخية النرويجية
علاقات دول الشمال فيما بينها
لدول الشمال سلسلة من العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعسكرية والسياسية فيما
بينها عبر التاريخ ، من خلال هذه العلاقات ظهر شكل الانظمة السياسية في هذه البلدان ، ودرجة تقاربها وتباعدها .
وقد أثرت الاصول المشتركة لشعوب هذه الدول على توحيد دولتين او اكثر ، وفي كثير من الاحيان كانت هذه الاصول المشتركة في درجة القرابة سببا في الخلافات في الدولة الواحدة
حيث كان الصراع يدورعلى الفوز بالعرش .
أما الانظمة السياسية في الدول الاسكندنافية فكانت ملكية وكان الزواج السياسي لتقارب العروش
والدول وتوحدها ، ومن خلاله كانت تتم التحالفات والاتحاد بين دول الشمال ، حيث بعض الامراء يتوارثون عرش دولة او أكثر من هذه الدول .(1)
كان الاقتران يتم بين العوائل الارستقراطية والمالكة في دول الشمال ، التي كانت في كثير من الاحيان توحد عرش دولتين او اكثر .
وقد تجمع الارث الملكي الدانماركي والنرويجي في شخص الامير هارالد الذي ورث العرش من والده گورم ومن والدتة تيورن .
وبعد وفاة هارالد عام 986 ، ترك ورائه أثارا في يالاندJYLLAND ، وتعتبر موروثاته من أهم وأقدم المصادر لتجمع التاج الملكي في دول الشمال .
ما بين عام 1100 1200 برزت الامبراطورية الدانماركية في البلطيق (( شملت المانيا )) هذه الامبراطورية جمعت تحت سلطتها دول الشمال في اتحاد كالمر
فورث ماگنوس اولاڤسون عرش الدانمارك
أما الحدود بين دول الشمال فلم تكن قد حددت حتى عام 1100 ، لذا طمع الملك الدانماركي بالسيطرة على سواحل مدينة اوسلو OSLO .وطالب السويديين بـ ( يامتلاند JAMTLAND ) وطالب النرويجين بـ (( باهوسين BAHUSEN )) .
في عام 1319 ميلادية ورث ولي العهد السويدي عرش السويد والنرويج حتى عام 1363 .كما ورث في عام 1380 ولي العهد الدانماركي عرش الدانمارك والنرويج على حد سواء . وفي عام 1397 اجتمع مندوبون عن الدانمارك والسويد والنرويج لتتويج اريك بومرين على عرش الدول الثلاث الدانمارك و السو يد و النرويج كما تزوجت ابنة هوكون الخامس ملك النرويج من اريك ماگنوس شقيق الملك السويدي ومن خلال اواصرهذه العلاقات تحالفت الدولتان و اصبحت وسيلة لأريك ماكنوس لمحاربة أخيه ملك السويد بيرجر من أجل الفوز بالعرش السويدي وقد أدى هذا الصراع الى خلع الملك بيرجر عن عرشه وتنصيب ماگنوس رغم صغر سنه ملكا على السويد من قبل الأرستقراطية السويدية .
و بعد فترة قصيرة ورث عرش النرويج ، بعد وفاة جده من امه هوكون الخامس
وبهذا تم اتحاد الدانمارك والنرويج في 1363، وقد تزوج ابن الملك اريك ماگنوسن من مارجريتا بنت الملك فالدمايرالرابع ملك الدانمارك. وكان الهد ف من هذا الزواج الحصول على المساعدات والدعم لمواجهة الارستقراطية السويدية . فطالبت مارجرييتا بعرش الدول الثلاث
الدانمارك ، السويد و النرويج بعد وفاة اولاف .
لقد أستمر الاتحاد بين الدانمارك والنرويج ما يقارب أربعة قرون 1380 1814 .
بسبب الوحدة الشخصية التي نشأت من خلال وراثة العرش لملك واحد وكانت آيسلندا جزءا ً من اللعبة الشمالية حين اتحدت النرويج والدانمارك في عام 1380 ووقعت آيسلندا تحت الحكم الدانماركي لغاية 1874 فأصدرت دستوراً خاصا بها وتمتعت بحكم ذاتي .
تعرضت السويد الى هجوم دانماركي نرويجي روسي عام 1808 ، فأجبرت على االتخلي عن فنلندا لروسيا.
دخلت السويد الحرب النابليونية بعد تعهد حصلت عليه لضم النرويج عند انتهاء الحرب ، وبالفعل أستقطع النرويج من الدانمارك والحقت بالسويد عوضا خسارت ها لفنلندا .
أستمر الحال على هذة الشاكلة حتى عام 1905 حيث انفصلت النرويج بشكل كامل عن السويد واعلنت استقلالها بتشجيع ومساندة بريطانية وكان الدعم البريطاني لاجل اضعاف القوة السويدية ، لا من أجل قضية أستقلال النرويج . وفي استـفتاء شعبي عام اختار النرويجيون النظام الملكي ، وأختير الامير كارل الدانماركي ملكا على النرويج ومنح اسم هوكون السابع (أشترط الامير كارل موافقة الشعب به ملكاً لقبول الملوكية )
وقد خلق أنحصار التاج الملكي في ملك واحد جوا مناسبا للتقارب والترابط بين المؤسسات الأدارية المشتركة في هذه البلدان ، كما قربت العلاقات الأجتماعية والثقافية
ظهرت في الدانمارك عام 1830 الحركة الاكاديمية الشمالية ، ثم فكرة وحدة العملة الشمالية ما بين أعوام 1872 1914 ، بعد ذلك ظهرت وحدة التعاون البريدي والتعاون في المجال القضائي والقانوني . أمافكرة التعاون في مجال السياسة الخارجية فكانت بعيدة المنال.
ما بين أعوام 1800 و 1956 1968 م أقترح الدانماركيون تشكيل الاتحاد الاقتصادي الشمالي NORDK إلا أن الاقتراح لم يؤخذ بعين الاعتبار ، ولم ير النور ، وكان هذا .
كافيا ً ليترك الدانماركيون الاجتماع ويضعوا قبعاتهم على الرؤوس متوجهين الى الاتحاد الاوربي.
كان التعاون بين دول الشمال في بداية عهده اثناء الحرب العالمية الأولى، وتحت التجربة التي كانت ناجحة لحد ما . أما حكومات دول الشمال فقد أعلنت سياسة الحياد في الحرب العالمية الاولى . فاجتمع ملوك الدول الثلاث( السويد ، الدانمارك والنرويج) في 1914 و 1917 ، وكانت اجتماعاتهم شكلية ورمزية تلخصت في تبادل وجهات النظر والاراء فقط .
بعد الحرب الكونية الاولى عام 1917 ، انفصلت فنلندا عن روسيا بشكل كامل اثناء أندلاع الثورة البلشفية في روسيا فحصلت آيسلندا على حق أدارة الجزيرة الآيسلندية عام 1918
بعد أن كانت ترضخ تحت الحكم الدانماركي لسنوات طوال , لكن الأيسلنديين احتفظوا بعلاقاتهم مع الدانمارك في السياسة االخارجية وفي الحرب العالمية الثانية احتلت المانيا الدانمارك ، عجز الدانماركيون عن حماية آيسلندا فدخلت القوات البريطانية الى الجزيرة ولكن في عام 1944 اعلن النظام الجمهوري في آيسلندا(2)
أما في عام 1939 فقد تركت الابواب مفتوحة على مصراعيها للأتحاد السوفيتي للأنقضاض على فنلندا في العام ذاته.
و في عام 1940 هاجمت القوات الالمانية المملكة النرويجية والدانمارك واحتلتهما ، الا أن جزيرة فاروي وآيسلندا وضعتا تحت السيطرة البريطانية والامريكية في وقت سابق .
وقد أقترح االسويديون تشكيل وحدة دفاع مشتركة في1948 الا أن ذلك الأقتراح لم يكتب له النجاح رغم التاييد الدانماركي له في البداية بسبب الارتباط النرويجي بالولايات المتحدة الامريكية ، وعلاقات الصداقة الفنلندية السوفيتية ، وعضوية الدانمارك والنرويج وآيسلندا في حلف الناتو ( الحلف الاطلسي ))وقد أجتمعوا من جديد للتعاون وتثبيت وحدة المواقف ثم ظهرت فكرة الدفاع الشمالي المشترك من جديد بعد ظهور النازية الالمانية هذا الخطر القادم
. من الجنوب ، لكن الفكرة لم تـثمر عن شيء جديد
مما تجدر الأشارة اليه أن التعاون الشمالي كان قد بدأ بشكل غير رسمي منذ 1920، وحصل على الشرعية من المفوضية الشمالية عام 1953 وقد وضعت أسسه عام 1962 م على خلفية معاهدة هلسنكي التي رسخت أطر التعاون بين دول الشمال . وبنيت على أساسها العلاقات التعاونية القانونية ، والثقافية والاجتماعية والأقتصادية ضمن قطاع المعلومات وتبادل الأفكار
تاسست مفوضية وزراء دول الشمال (( استشارية وزراء دول الشمال)) عام 1972 وتألفت من 87 مندوبا من ممثلي برلمانات هذه الدول . بعد معاهدة هلسنكي اصبح بمقدور الاستشارية البرلمانية تقديم النصح لوزراء دول الشمال بشكل جماعي أوفردي. ولكنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية لهذه البلدان.
تتكون المفوضية الشمالية من عشرين مندوبا لكل من النرويج والسويد و ستة عشر مندوبا ً من الدانمارك و ثمانية عشرمندوبا ً من فنلندا و سبعة مندوبين من آيسلندا .
المفوضية الشمالية لم تتحول الى مؤسسة بيروقراطية ، كالاتحاد الاوربي . وقد تعاونت دول الشمال بشكل أكثر عمقا من التعاون في الاتحاد الاوربي . وكانت اجتماعات المفوضية
سـنوية و في هذه الاجتماعات كانت تعدل القوانين الداخلية وتقدم النصح لمفوضية
الوزراء .
كانت تعتمد دول الشمال في اقتصادها على الثروة السمكية ، وما زالت هذه الثروة تغطي جزءا غير قليل من اقتصاد هذه الدول .
ترسخ المجال الأقتصادي في دول الشمال عام 1990 حيث شكل وزراء المالية والبيئة في هذه الدول مجموعة عاملة من ممثلي الوزارات . أما التعاون التجاري فكان هدفه ألغاء المعوقات وبناء التعاون الأقتصادي ، ووضع التعليمات للسيطرة على المراكز الحدودية التي تتبع سياسة السوق وأيجاد الحلول المناسبة للمسائل المتعلقة ، أما المعضلة الأساسية في ESالاوربية المشتركة
المناقشات بين دول الشمال فكانت تتمثل في التساؤلات حول كيفية استمرار التعاون الشمالي مع وجود السوق الاوربية المشتركة .
بعد الحرب العالمية الثانية كان هناك الكثير من المآخذ على دول الشمال ، الا أن هذه الدول كانت افضل من الدول الاوربية ، حيث كانت لهم فلسفتهم في بناء مؤسسات الدولة . لذا توجه العديد من الباحثين الاوربيين لهذه الدول لدراسة هذه الفلسفة . وقد أحتفظت دول الشــــــــــمال باستقلاليتها القومية رغم التعاون بينهم .
أما سياسة السوق الأوربية المشتركة فلا تشمل وحدة الكمارك، التجارة المشتركة ، الزراعة المشتركة ، تنظيم الضرائب والغرامات ، تجارة الثروة السمكية . وكانت الحاجة الى التعاون بين دول الشمال ضرورية .
أن مبادرات رؤساء الحكومات واقتراحاتهم ووجهات نظر الوزارات المتعاونه وآراءهم
كانت تصب في تقوية علاقات دول الشمال في اوربا لتلافي المعوقات التي تواجة علاقات دول
الشمال الداخلية والخارجية.
تحيط بدول الشمال ثلاث دول عظمى ومن من ثلاث جهات - الاتحاد السوفيتي(روسيا الآن) ، المانيا ، وبريطانيا العظمى وقد ظهرت فيما بعد الولايات المتحدة الامريكية على الساحة السياسية
وبسبب الموقع الجغرافي كانت دول الشمال أقل توترا بعد الحرب العالمية الثانية من الدول الاوربية ، حيث كان اهتمام الدول العظمى الراسمالية والاشتراكية متفاوتا لأن الموقع الجغرافي للسويد يحصنها من الاحتلال ومن النفوذ الخارجي .
أن سياسة دول الشمال واتخاذها للقرارات لم تكن مرتبطة بالدول المحيطة ، وهذه الدول تؤكد انها تدير دفة الحكم في بلدانهما دون التدخل الخارجي . كما أن سياساتها الخارجية اخذت شكلا مؤسساتيا ً وفي الفترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية كانت المنظمات
القومية حــافزا للتعاون الشمالي.
لقد شاركت فنلندا في التعاون الشمالي عام 1934 . حيث كان الفنلنديون في ثلاثينات القرن الماضي يميلون للتعاون مع دول البلطيق وبولونيا اكثرمن ميلهم للتعاون مع دول الشمال.
الا أنهم انظموا الى سياسة الحياد الشمالي عام 1935 ميلادية .
وقد تغير تعاون دول الشمال بمرور الزمن ، و التغيرات جاءت نتيجة للتقدم والتطور الاوربي ، وأدت الى دخول هذه الدول الى السوق الاوربية المشتركة كمرحلة اولى ،و ثم الانضمام الى الاتحاد الاوربي وهذا يعني أن المشاركة في السوق الأقتصادي أو الأنضمام الى الأتحاد الاوربي
التوجه نحو التعاون الأوربي
القوى الاوربية المحيطة بدول الشمال
. تحتل ألمانيـا ثقلا سياسيا وعســكريا مـركـزيا بين القوى العظمى في الجنوب
( و كان لفرنسا هذا الدور السياسي والعسكري سابقا ).
وقد تأثرت الاجزاء الشمالية الشرقية بالعلاقات السويدية الروسية وبالعلاقات الفنلندية السويدية الروسية وكذلك بالعلاقات الدانماركية الالمانية .
كان للألمان والروس أطماع في بحر البلطيق . حيث برزت المانيا كقوة في 1871 بعد سلسلة من الحروب ، ومن بينها الحرب مع الدانمارك . والتي ادت الى هزيمة الدانمارك عسكريا ، لذا كان عليهم الانسجام والتوافق مع المصالح الالمانية مما جعل كوبنهاكن تبتعد عن هواجس دول الشمال وترتبطت بمصالح وحاجات الدانمارك في برلين.
. على ما يبدوأن قوة الألمان قبل الحرب العالمية الثانية جعلت الدانماركيين حذرين في علاقاتهم مع دول الشمال .و بعد الحرب العالمية الثانية ضعفت شوكة الالمان ، فتوجهت البوصلة الدانماركية نحو الشمال لتأييد الاقتراح السويدي لتشكيل قوة دفاع مشتركة عام 1947 .
تعد ألمانيا اليوم قوة اوربية لا يستهان بها ، فالدانماركيون أعادوا علاقاتهم مع الألمان من خلال الأتحاد الأوربي، الذي سهل أدارة العلاقات السياسة الخارجية الدانماركية -الالمانية .وعندما أنظمت الدانمارك الى الاتحاد الاوربي في 1972م ، كان ذلك يعني الابتعاد عن توجهات دول الشمال ، بالرغم من الجذورالعميقة للدانماركيين في الشمال ، ودعمهم لقضايا تلك الدول
وعندما ارتبطت السويد و النرويج وفنلندا بالأتحاد الاوربي من خلال معاهدة الوحدة الاقتصادية
همش الدور الدانماركي في العلاقات التعاونية بين دول الشمال ، وارتبطت دول السوق الاوربية بدول الألب سويسرا و النمسا .
وقد حاول الدانماركيون جذب دول الشمال للأنضمام الى الأتحاد الأوربي ، مما يمنحهم فرصة ليلعبوا دورا كبيرا في الاتحاد الاوربي.
تعتبر النرويج دولة اطلنطية رغم ان خلفية نشاطاتها وعلاقاتها الرسمية كانت في أطار [الكنيسة ، القوة العسكرية ] مع المانيا من خلال الدانمارك
. أن التوجهات النرويجية كانت غربية فيما يتعلق بالتجارة والسياسة الخارجية
وتعني كلمة النرويج الطريق نحو الشمال ، حيث انها كانت بمثابة الطريق البحري الهام للنقل والمواصلات عبر القارات ، وأن السواحل النرويجية تربط القارات، إن القوى المسيطرة على البحار خارج النرويج لها نفوذ واسع على اقتصاد وسياسة البلد.
فالقوة البحرية البريطانية كانت هي المسيطرة على البحارخاصة بعد الحروب النابليونية كونها لم تشارك في الحروب مع بريطانيا.
كان البريطانيون يعتبرون النرويج جزءاً من مناطق نفوذهم . لهذا لعبوا دورا دبلوماسيا لانفصال النرويج عن الاتحاد السويدي عام 1905 ولكن دبلوماسيتهم لم تكن من اجل القضية النرويجية اساسا ً بل من أجل أضعاف القوة السويدية وتعاون دول الشمال .
أن التواجد البريطاني في الشمال كان يختلف عما كان عليه تواجد الالمان والروس ، حيث انهم انشغلوا باعاقة الدور الروسي والألماني في المنطقة بدلا من ان يبادروا بوضع أسس لقواعدهم العسكرية في الشمال. لقد ارتبطت السياسة الاقتصادية النرويجية ببريطانيا ، واصبحت الناقلات النرويجية وسيلة نقل للبريطانيين بعد الغاء قوانين الملاحة البحرية أما فترة الحياد النرويجي في الحرب العالمية الاولى فكانت ذات أبعاد اقتصادية وسياسية عميقة .
أستمرت التوجهات البريطانية في الشمال للفترة ما بين الحربين العالميتين الاولى والثانية وأن مشاركات بريطانيا المتواضعة في الحرب العالمية الثانية عام 1940 أشعر النرويجيين بالخذلان ، الا أن الدعم البريطاني للعائلة المالكة النرويجية وللحكومة النرويجية اثناء الحرب غير من آراء النرويجيين تجاه بريطانيا وقد أسهم بروز نتائج الحرب العالمية الثانية في تقوية التوجهات
التوجهات الانجلو سكسوني في النرويج وكان الوضع النرويجي في هذا الوقت على عكس ما كان عليه الوضع في الدانمارك وفنلندا ، حيث كانو يفتقدون الحماسة للوقوف بوجه القوى الاجنبية أما علاقات النرويج مع البريطانيين والريبة من السويدين فقد أدى بالنرويجيين الى كشف اسرار الاقتراح السويدي في تشكيل الدفاع المشترك البريطانيين الا أن البريطانيين كانوا
متضايقين من الاقتراح السويدي في تشكيل قوة دفاع شمالية مشتركة ، لذا عملوا من اجل عدم بيع الاسلحة الى قوات الدفاع الشمالي المشترك ، وهذا أدى بدوره الى قطع المفاوضات الجارية لتشكيل وحدة الدفاع المشترك بين دول الشمال ، فتحولت التوجهات الدانماركية والنرويجية الى المشاركة في تأسيس حلف النانو ( الحلف الاطلسي)
من هنا دخل الامريكان الساحة من خلال حلف الناتو ، فأخذوا يلعبون الدور البريطاني في الشمال ، وأستمروا في انتهاج السياسة البريطانية .
الوضع السياسي والاقتصادي في اوربا كان مؤثرا على العلاقات مع دول الشمال وفي علاقاتها فيما بينها ، هذه العلاقات تكونت عن طريق السيطرة والنفوذ مرة او طوعيا عن طريق العلاقات الثقافية والايدلوجية اوالتعليم أو عبر المؤسسات ، التكنلوجيا ، الرأسمال لذلك كله فأن العلاقات مع الدول العظمى كانت ذات أهمية قصوى بعد الحرب العالمية الثانية ، وأصبحت التكتلات الاوربية
وألاتحاد الاوربي أكثر اهمية . (1)
لقد أنشغل الامريكان بكبح النفوذ الروسي في الشمال وليس من اجل التطوير والتوسيع حتى أن لم يكن بعيدا ً عن الأطماع الأمريكية ، بل كان ضمن التوجهات والأهتمامات المركزية للولايات المتحدة الأمريكية .
في البدء رفضت النرويج بناء قواعد اجنبية وقواعد السلاح النووي على أراضيها خلال فترة السلم و في السنوات العشر ما بين 1960 1970 تغيرت الاوضاع ، وحصل الجانب النرويجي على تعهدات و ضمانات امريكية لحماية اراضيها ، لهذا نشط الجانب الامريكي في أجراء المـزيد من المناوارات العسكرية على الاراضي النرويجية
أن الاستراتيجية الامريكية في كبح القوات السوفيتية تغيرت في 1980م ، حيث أن الغواصات السوفيتية كانت هدفا للسلاح الامريكي وفي عام 1980 أنشأ الأمريكان قوة (أسطول بحري) ووضعوا هذه القوة أيضا لمواجهة القوة البحرية السوفيتية في بحر الشمال.
وكانت هناك ضغوطات على النرويج للرضوخ للتوجهات الامريكية ، فيما بعد بدأت الضغوطات على الامريكان للقيام بالمزيد من الفعاليات . بعد أن دخل الامريكان معترك الفعاليات بجدية لا من اجل حماية المنطقة او بحر الشمال ، بل من اجل الحفاظ على مصالحهم في بحر الشمال
في ذلك الوقت لم تكن آيسلندا محل اهتمام كبير من قبل الدول الاوربية العظمى قبل الحرب العالمية الاولى ، ثم ضمت بريطانيا جزيرة آيسلندا تحت نفوذها . وفي سنة1940 احتلت بريطانيا الجزيرة بالكامل لاهميتها الاستراتيجية .
في السنوات التالية ، استبدلت القوات البريطانية بقوات امريكية ، رغم أن الامريكان لم يكونوا مشتركين في الحرب وبعد الحرب العالمية الثانية ارتبطت جزيرة آيسلندا بالأنجلو سكسوني ، وأعترف بهذا من خلال حلف الناتو، ومعاهدة الدفاع مع الولايات المتحدة الامريكية في عام1951 ) حيث سمح لهم نصب القواعد العسكرية في كيلفلافيك
ومنذ ذلك الوقت تمسكت آيسلندا بعلاقلات جدية مع الولايات المتحدة الامريكية في قضايا الدفاع والامن رغم أن معاهدة الحلف الأطلسي وقاعدة كيلفلافيك لم يستحسنها الآيسلنديون، بل كانت سببا
في الخلافات والص راعات السياسية الآيسلندية الداخلية.
ومن خلال الحوار الطويل أتفقت الكتل السياسية الآيسلندية على عدم وجود أية ضمانات وحلول أخرى لأمن آيسلندا .
أن الموقع الجغرافي للسويد، البعيد عن حدود الدول العظمى، وهي الدولة الاكبر بين دول الشمال الأخرى موضع اهتمام من قبل الدول العظمى ، ما سمح لها بالمناورات السياسية ولعب دور كبير في تعاون دول الشمال ، لهذا لم يكن غريبا بأن تاتي اكثر الاقتراحات من ا ستوكهولم
وكان للسويديين علاقات طيبة مع الدول الكبرى ، ولهم ثقلهم السياسي العالمي ، كما أن لهم دوراً مع بريطانيا في تاسيس منظمة التعاون الاوربي الحر بالأضافة الى دورهم الملموس في الامم المتحدة و منظمة الحياد الايجابي
أن جذور الحياد السويدي تعود الى زمن الصراعات الروسية البريطانية عام 1834م
حيث أن السياسة الخارجية السويدية تأثرت ببلدان بحرالبلطيق بعد عام 1864م حيث تأثرت المنطقة بكل من الالمان والروس . فكان حياد السويديين يحسس الألمان والروس في علاقاتهم ، اذ كانت دول الشمال لا تريد دخول الحرب مع القوى البحرية العظمى في بحـــــــــــــر الشمال الاطلنطي
وفي القرون الاخيرة شعر السويديون بتعرضهم للخطر من التقارب الروسي الألماني أو عند وجود الخلافات والصراعات فيما بينهم من أجل النفوذ في المنطقة وأصبحوا أثناء الحرب العالمية الاولى في طليعة القوى المتواجدة في بحر البلطيق ، خاصة بعد عام 1917 ،كما أن انعتاق فنلندا فسح المجال امام المانيا للتوغل العسكري فيها رغم هزيمتهم في الحرب عام 1918 . أستمرت مناطق بحر البلطيق تحت التأثير الألماني ، بسبب ضعف الاتحاد السوفيتي خلال الثورة البلشفية . حيث تم توقيع اتفاقية / مولوتوف ريبينـتروب / عام 1939م بين الاتحاد السوفيتي والألمان . لذا كان على السويد المحايدة أن تكون حذرة من هذه الاتفاقية خلال فترة الحرب العالمية الثانية .
أن القوى الكبرى الثلاث المحيطة بدول الشمال ( روسيا ، المانيا ، بريطانيا ) قد تأثرت هي الاخرى بالعوامل والقوى الخارجية وبالتجاذبات الداخلية الشمالية ، وبعد الحرب العالمية الثانية تحفظت دول الشمال في علاقاتها مع القوى الكبرى بطريقتين ، اولها - التوجة الفنلندي الى موسكو ، وأرتباطها بالأتحاد السوفيتي من خلال أهتمامات السوفيت بفنلندا . ألا أن القواعد الخاصة والاسلحة النووية في كل من الدانمارك والنرويج أدت الى ابتعاد الدانمارك والنرويج عن دول الناتوالاخرى .
أما الطريقة الثانية في التحفظ فكانت من خلال التعددية في العلاقات التي بدأتها الدانمارك وآيسلندا والنرويج في تعاملاتها مع بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية من خلال الناتو ، وأيضا علاقات الدانمارك مع المانيا من خلال المنظمة الدولية ((الامم المتحدة )) .
أستقر الارتباط الفنلندي مع اوربا من خلال منظمة التجارة الاوربية الحرة
اضافة الى العلاقات متعددة الجوانب مع الدول الاوربية فقد تعاونت من خلال مؤتمر الأمن .KSSE والتعاون
أن التغيرات في العلاقات بين القوى الأوربية أضعفت الجيوبوليتكيا الشمالية الى مدى بعيد كما أن ازدياد العلاقات متعددة الجوانب أفقد الدول العظمى دورها السابق على معترك الحياة السياسية وتماشت سياسة السويد والنرويج وفنلندا وآيسلندا مع الأتحاد الاوربي .
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست