شمولية الاصلاح ضرورة وطنية قصوى
Wednesday, 11/07/2012, 12:00
أن لجنة الإصلاحات الوطنية التي شكلّها التحالف الوطني مؤخرا كأحد الحلول لتجاوز الأزمة، وبغض النظر عن النتائج الممكن التوصّل اليها فيما بعد، وبعيداً عما يثيره البعض من تشكيك في بنود ورقة الإصلاح التي قدّمتها هذه اللجنة، ألا أنها تشكّل مرتكزا للحل فيما لو صدقت النوايا في البحث عن حلول جدية لضمان انسيابية العملية السياسية في العراق. ولكي لاتكون هذه اللجنة فرصة أخرى للكتل السياسية المعرقلة لمسيرة الإصلاح، وشوطاً آخر لإستمرار تكتيكاتهم الهادفة لتشتيت الجهود الإصلاحية، يجب أن يكون للتحالف الوطني هو الآخر مساحة لتدوين تحفظّاته على أداء ومطالب المجتمعون في أربيل والنجف. فان عمل اللجنة وفي الوضع الذي يراد لها أن تكون عليه الآن يعد إلزاما لطرف دون آخر وبالتالي يضع قوى أربيل - النجف في موقع رقابي يتفرّد في تدوين التوصيات والتأشير على أخطاء الآخر دون الإلتفات الى دورهم المتسبب في وقوع مثل هذه الأخطاء كونهم يتسنمون حصة الأسد من المناصب الوزارية في الحكومة الحالية.
ومع مايمثله الحديث عن تشكيل لجنة الإصلاحات من إستعداد لإستيعاب وجهات النظر الأخرى من قبل التحالف الوطني بطريقة ديمقراطية وشفافة، لكنه يمثّل - من جانب آخر- إقرارا من قبل التحالف الوطني بوجود إختلالات كبيرة يتطلب مناقشتها بشكلٍ جدّي مع الأطراف الأخرى. ويبدو الأمر جيداً من حيث المبدأ ألا أن المفارقة في وجود أضلاع مفقودة يستعصي مع فقدانها التفاؤل بالتوصل الى حلول مع شركاء في الحكومة يسعى كل منهم للنأي بنفسه عن دائرة القصور والتقصير والإكتفاء بالجلوس على كرسي المساءلة للآخر أو الركون خلف المايكرفونات للمطالبة بالإصلاح بصوت عال. أن الجلوس مع أطراف أربيل النجف بهذه الطريقة هو تبرئة مسبقة لتلك الأطراف من القصور محل النقاش وتزكية لأدائهم تعكس عدم وجود إختلالات تستوجب الإصلاح في حدود مسؤولياتهم الوطنية سواء المتعلّق بتعاطيهم العملي مع البنود الدستورية في حدود الجغرافية السياسية لبعض تلك الأطراف أو التصريحات الإعلامية غير المنضبطة الصادرة بين الحين والآخر من قبلهم أو من قبل أطراف محسوبة عليهم وبالتالي إقرار التحالف الوطني - عدا التيار الصدري- بأنه المسؤول المباشر عن تلك الإختلالات والمُطالـَب الوحيد بإصلاحها.
في ذات الوقت وكما هو معلوم فإن اصحاب الصوت العالي (كما وصفهم السيد المالكي) هم الأكثر حاجة من الآخرين لإصلاح أدائهم السياسي والأداري ولربما في نظرة متفحصة للأمور قد نجد بأن الوزراء ووكلاء الوزارات والمدراء العامين التابعين لقوى أربيل النجف يتحملون المسؤولية الأكبر عما يجري من تقصير في الجانب الخدمي والجوانب الأخرى، ومما لاشك فيه فإن الإصلاح يعني مواجهة الفساد والإفساد ولايخفى على أحد الملفات التي تنادي بها المعارضة الكردية في مواجهة حزب السيد البارزاني المهيمن على مقاليد السلطة في الاقليم منذ 1991 والى اليوم، والخاصة بالفساد الاداري وانتهاكات حقوق الانسان التي يقوم بها رموز بارزة كـ (سكرتير الحزب الديمقراطي) المدعو فاضل مطني ميراني وشروعه في قتل المتظاهرين في السليمانية مؤخرا وكذلك المضايقات المستمرة التي يقوم بها أعوانه للصحفيين ووسائل الاعلام ومن جانب آخر عدم وجود رقابة حقيقية على واردات المنافذ الحدودية في الإقليم، فضلا عن عمليات التهريب الكبرى للموارد الاقتصادية وعلى رأسها النفط العراقي (قوت الشعب) المتسرّب الى خارج الإقليم أو العقود غير الدستورية مع الشركات النفطية العالمية والتي يقابلها حركة استثمارية غير منضبطة انحصرت في فئة قريبة من سلطة الاقليم تجني أموال طائلة وأستحوذت على مساحات شاسعة من الأراضي وبما أضرّ بالفرد العراقي الكردي (كما أشار الى ذلك أحد الخبراء الاقتصاديين لصحيفة الأفق الجديد- كورديو).
أن أصدار قوى أربيل- النجف لتوصيات ملزمة للجنة الإصلاحات الوطنية هي حالة مماثلة لطبيب يسعى لمعالجة الآخرين وهو (عليل). لذا فإن الإصلاح بهذه الطريقة: (أي الإصلاح مقابل العدول عن سحب الثقة) هو تكريس لإستحواذ هذه القوى على مساحة عريضة داخل السلطتين التشريعية والتنفيذية وتأكيدا في نفس الوقت من قبل التحالف الوطني بأن هذه القوى ليست طرفا في تحمّل أية مسؤولية وطنية تجاه ماحدث ويحدث من إختلالات إدارية وتهاون أمني وقصور في تطوير الجانب الخدماتي في الوقت الذي تسيطر فيه هذه الأطراف على معظم مواقع المسؤولية داخل الدولة العراقية بالمقارنة مع بقية مكونات التحالف الوطني. هناك حقائق على الأرض تؤكد تحمّل قوى أربيل النجف للجزء الأكبر من المسؤولية الوطنية والقانونية لأي قصور أو تقصير موجه للحكومة العراقية، وماعلى الحكومة سوى تشكيل (لجنة تقصي الحقائق) للتأشير على مواطن الخلل مرادفة الى لجنة الإصلاحات الوطنية، هذا من جانب ومن جانب آخر فإن الدولة العراقية والحكومة المركزية ملزمة أيضا بالإستثمار السياسي في الإقليم من خلال احتضان منظمات المجتمع المدني ودعم الأطراف المستقلّة المطالبة بالشفافية ومحاربة الفساد، وقبل هذا وذاك فان (لجنة الإصلاحات الوطنية) ملزمة باعتماد برنامج اصلاحي شامل عابر للأعراق والطوائف يتناول جوهر الأزمة لكي لاتتيح للآخرين دفن رؤسهم بالرمال ولكي لاتكون أيضاً مجرد لجنة للإرضاء والإسترضاء.
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست