الجيش العراقي و ازمة الولاء
Friday, 13/06/2014, 12:00
1645 بینراوە
ان كان الوطن قائما و له ركائزه الثابتة و المعترفة به من قبل الشعب اولا و قبل غيره من خلال تعاملهم معه، و مؤسساته قائمة على مصلحة الشعب بشكل عام . وقيادته مصانة معنويا و معترف بها داخليا و من قبل كل المكونات على حد سواء، و ان كان الشعب مطمئن على ما ليده من البقعة التي تحتويه و وطن يحميه و يضمن له حقوقه كما عليه من الواجيات، و ان كان الفرد مسالما و مؤمنا بمستقبل وطنه و ضامن لمستقبل اطفاله بنسبة مقنعة له، عندئذ يمكن ان نتاكد بان من واجب اي فرد و مهما كان انتمائه القومي و الديني و المذهبي ان لا يفرق بين منطقة و اخرى من حيث نوع و شكل و تركيبة الشعب من اجل ان يعبر عن حبه و الدفاع عنها بكل ما لديه .
و الجيش المنبثقعلى اساس الولاء لمثل هكذا وطن لا يمكن ان نتصور ان ينحدر الى هذا المستوى من المعنويات كما حدث للجيش العراقي بالامس من الموصل و ما تليها من المناطق الاخرى التي كانت ممتلئة بالفرق و الالوية و الافواج و الاسلحة و العدة الكبيرة .
اهم قوة لدى اي بلد هي التي تكون نابعة من الانتماء الصحيح اليه من قبل ابناءه، و اهم عامل لبقاء المعنويات عالية لدى الجيش في اية دولة كانت هو احقية القضية التي يدافع عنها و الاحساس بالانتماء الى التربة التي يدافع عنها بروحه و ماله و كيانه .
فان كان العراق غارق في الانتماءات المختلفة و كل جزء يعتبر ما ينتمي اليه هو الحق و الصحيح، فكيف بابناءه ان يدافعوا عما لا يعتبرونه صحيحا . هنا لا اريد ان ادخل في حال الجيش العراقي السابق، فان ما سار عليه لم يكن اعتمادا على الانتماء الصحيح واحقية القضية و الانتماء الصحيح،و انما حتى الدفاع كان اجباريا جراء الخوف من فرق الاعدامات و العقوبات التي طالت حتى اهالي المقاتلين، و كم من جندي و ضابط هرب و اعدم في ساحات القتال، بعد ان عثر على ثغرة لفراره من جحيم المعركة . و كم منهم اعدموا من قبل فرق الاعداامات التي كانت وراءهم ،و كم منهم قتلوا و هم مجبرون و هم بين امرين و محصورين من العدو امامهم و فرق الاعدام وراءهم . الا اننا يجب ان لا ننكر ان بعض من الذين انتموا الى الدولة الصدامية بعقليتهم و افكارهم و عقائدهم و دينهم و مذهبهم و تفضيلهم على الاخرين من بعد اختيارهم من كونهم من الدرجة الاولى من حيث المواطنة فدافعوا عن النظام بكل ما لديهم و فدوا بانفسهم من اجله و هم الخاسرون اليوم من سقوط الدكتاتورية، و كان لهم الوية و افواج خاصة و بكل المسميات التي نعرفها .
اليوم و بعد ان تحرر العراق من مكالب الدكتاتورية و الحرية النسبية و عودة الانتماءات الى حالتها المخفية جبرا و المغطاة خوفا، لا يمكن ان نعتقد بان الانتماء الى الوطن يكون في ليلة و ضحاها، و اي وطن، كما نراه من القيادة الفاشلة و المحاصصة و المحسبوية و المنسوبية و الفساد المستشري و عدم ايمان الشعب به من العمق .
فهل لدينا مشكلة الاجهزة و الاسلحة و العتاد، لا اعتقد، لان الذي سيطر على الموصل و المدن الاخرى لم يكونوا باحسن حال و سيطروا خلال ساعات على ما ارادوا من المناطق . اهل من نقص القيادات الخبيرة، لا اعتقد، لان القيادات التي كانت على راس العمليات و الجيش في هذه المناطق لم يكونوا باقل خبرة من الداعش و منتميها .
اذن، النقص الكبير و العامل الحاسم في بقاء قوة الجيش كان في عدم الاحساس بالانتماء الى الوطن و عدم الاهتمام بالقضية بشكل عام و البعد الشاسع بين الفرد و قادته و رؤساءه العسكريين و المدنيين ، و على راسهم قيادة البلد من المركز . انهم احسوا بان دفاعهم يذهب هباءا و دمهم يسيل هدرا و يفكرون في داخلهم ليل نهار في الحفاظ على انفسهم و انهم انتموا الى الجيش لتامين مصدر رزقهم ليس الا .
و عليه يجب ان يفكر القيادة العراقية السياسية بان لو عادوا و حرروا الموصل و المدن الاخرى من هؤلاء الارهابيين و اللاانسانيين، و يحصل حتما في القريب العاجل، يجب ان يتوقعوا ان تعاد الكرة مرة اخرى و في اي لحظة و في اية منطقة ، لو لم يحلوا القضية و المسالة من جذورها. اي انبثاق و تاسيس جيش وطني منتمي وفق الايمان بالوطن و عدالة القيادة، و هذا كيف؟
اعتقد بان نتكلم بصراحة هنا و بوضوح، اننا لن نتمكن من بناء جيش من كافة المكونات و نريد منهم الدفاع عن العراق بكامله، لاسباب و اوله الانتماء الديني المذهبي و العرقي، فهل تتوقع ان يدافع السني عن المناطق الشيعية و الشيعي عن المناطق السنية و الكردي عن المناطق العربية بقدر دفاعهم عن مناطق التي ينتمون .لا، لم يصل الانتماء الى الوطن الواحد الموحد لهذا الحد و عليه لا يمكن ان نتوقع جيشا عراقيا موحدا و منتميا الى العراق و مدافعا عنه بشكل كامل طالما كنا على هذه الثقافة و الانتماء من الداخل لا المظهريات و اللسانيات التي لا تعبر الباب . و عليه القوة العسكرية كامنة في القوة السياسية الاجتماعية، فان العملية السياسية التي يجب ان تاخذ مجراها الصحيح المقنع و المعترف بها من جميع الفئات، يمكن ان تبني جيشا موحدا قويا و منتميا الى البلد، و ان سارت الفدرالية بمسارها الصحيح و كانت قريبة الى القناعة الذاتية للمكونات لمناطقهم يمكن ان يبنى جيش منتمي اليهم و كل في منطقته و يكون موحدا و مدافعا قويا عند اي خطر خارجي . الم يكن من الواجب الاعتبار من البيشمركة او الجيش الكوردستاني و قوته المستمدة من ايمان الشعب الكوردي و حتى من الاطفال و الجنود الذين لم يروا فترة الدكتااتورية، انتمائهم العفوي الى ترابهم و الدفاع عنها امام اعتى قوة، و كما حصل امام داعش في هذه الايام .
و هذا دليل على الانتماء الى التراب و الوطن الحقيقي ان احس به المقاتل، و سيكون اقوى من اية قوة مضادة مهما كانت صاحبة العقائد .
فلنعترف بعظمة لساننا ان ازمة الجيش العراقي هي ازمة الولاء الحقيقي للبلد من قبل المكونات و ليس ازمة الجيش و اسلحته و قيادته و عدته . و ان لم تفكر الساسة بهذا الاتجاه يجب ان ينتظروا المزيد من المفاجئات في اي وقت .