ليس دفاعاً عن (ملا بختيار) بل تبياناً للحقيقة التاريخية 4-4
Friday, 25/11/2011, 12:00
و ما جرى من تقتيل لرجالهم وسبي نسائهم، ومروراً بالدولة العباسية وما قامت بها من جرائم ضد الكورد الإزديين. بعد العباسيين جاء العثمانيون الأتراك، الذين رفعوا راية الإسلام،و قتلوا تحت ظلال هذه الراية عشرات الآلاف من الإزديين الكورد. وإبان حكم دولة بني عثمان كانت تحكم ولاية الموصل باشوات الأسرة الجليلية ( 1726- 1834) عمال آل عثمان على الموصل، تنقل لنا كتب التاريخ أنهم كانوا يشنون الهجمات على مناطق الإزديين ويقتلوا منهم بلا رحمة ويسبوا نسائهم و ينهبوا أموالهم الخ. وبعد أفول نجم الدولة العثمانية إلى غير رجعة،جاء دور الحكم العروبي في كل من سوريا والعراق الذي أوغل في جرائمه ضد الشعب الكوردي في جنوب و غرب كوردستان، وفي السنين الأخيرة غير بعض الجهات العروبية جلدها ورفعت راية الإسلام تحت يافطة "المنظمات الإسلامية المجاهدة"، بمباركة وإيعاز وتأيد من حكام العرب، وقامت هذه المنظمات بجرائم عديدة ضد الشعب الكوردي، وهم يستندون فيما يقومون بها من جرائم و أعمال لا إنسانية على فتاوى و أفعال من سبقهم من المسلمين، وما تفجيرات التي حدثت بعد سقوط نظام حزب البعث المجرم في شارع الكفاح معقل الكورد الفيلية إلا نموذجاً من جرائمهم، وكذلك مجزرة (گر عزير) ضد الكورد الإزدية، وجرائمهم بحق الكورد الشبك الذين قتل منهم الآلاف في الموصل على أيدي الإرهابيين العرب، هذه الأعمال الإجرامية التي نفذت ضد أناس مسالمين لا ذنب لهم سوى أنهم ينتمون للشعب الكوردي خير شاهد ودليل على دموية و همجية الأعراب. دعونا نقرأ عدداً من الفتاوى الإسلامية التي تكفر الإنسان الكوردي الإزدي، الذي يسكن في مدينته و قريته دون أن يلحق أذى بأحد، لأن دينه الإزدي فرض عليه أن يحمل في قلبه الحب و المودة لجميع بني البشر. نقلاً عن دراسة للقاضي (زهير عبود) وهو ينقل من كتاب (صديق الدملوجي) ص (428) قائلاً: لقد أخذت الفتاوى التي أصدرتها جماعة من علماء الإسلام دوراً هاما وخطيراً في حياة هؤلاء القوم وألقتهم في حروب طاحنة دامت أكثر من ثلاثة عصور وهم يتحملون كل أنواع الألم والعذاب ولم يظهروا يوما استسلاماً، ولو سألنا هؤلاء العلماء الأسباب التي دعتهم إلى إصدار هذه الفتاوى التي ألقت هذه البلاد في فوضى واختلال طيلة هذه المدة لأجابونا:هو الدين. و يضيف القاضي عبود: قد صدرت فتوى بحقهم من قبل الشيخ (أحمد بن مصطفى العمادي) (896-982) هجرية و الذي تولى منصب الإفتاء عام (952) للهجرة لمدة ثلاثين عاماً في عهد السلطان (سليمان القانوني) والسلطان (سليم الثاني) وأباح بموجب الفتوى قتالهم و سبي نسائهم و ذراريهم وأن قتلهم حلال وهم أشد كفراً من الكفار الأصليين وأن قتلهم من واجبات الدينية وأعتبرهم من المرتدين عن الإسلام. ويضيف أن سبب قتالهم هو بغضهم للإمام (علي بن أبي طالب) و ابنيه (الحسن والحسين) وكذلك استحلالهم قتل العلماء والمشايخ و رؤساء الدين الخ،وأن قتلهم حلال في المذاهب الأربعة، دعونا نقف برهة مع فتوى هذا الشيخ،لنفترض جدلاً أنهم يبغضون الإمام علي و ولديه أو هل بغضهم لشخص (علي) يستوجب قتل الآلاف منهم، و استحلال دمائهم وأموالهم؟ ألم يقل الله لنبي موسى أن هناك من البشر من لا يذكرني بالخير، جاءت في المصادر الإسلامية "أن النبي موسى سأل الله قائلاً: يا رب أسألك أن لا يذكرني أحد إلا بالخير، قال له الله: ما فعلت ذلك لنفسي" بمعنى أن الله يقول أن هناك من البشر من يبغضني، مع هذا، أن الله بعظمته التي لا حد لها ترك لهم مطلق الحرية في الدنيا ولم ينفيهم من الوجود. إذاً قتل الإزديين تحت ذات المسمى ما هو إلا ذريعة. ثم يضيف المؤلف القاضي زهير عبود: ومما يذكره المرحوم (صديق الدملوجي) عن صدور فتاوى علماء اليمن و قره باغ، و التتار الذين أفتوا بحل قتلهم واسترقاق نسائهم وأن قاتلهم ينال ثواب الدارين. إن (الأمام أحمد بن حنبل) (164- 231) للهجرة والأمام (أبا الليث السمرقندي) أباحا التصرف بهم. وأن الإمام ( فخر الدين الرازي) ( 544-606) هجرية أثبت حل قتلهم، والتصرف بملك اليمين في إبكارهم و زوجاتهم وإباحة أسر نسائهم و ذراريهم. كما أفتى الشيخ (عبد الله بن الشيخ أحمد بن الشيخ حسن بن أحمد الزيزي الربتكي) (1060- 1159) في عام (1137) هجرية بوجوب حرب الإيزدية وإباحة أموالهم وأرواحهم وعدهم مرتدين وأجرى حكم المرتد بحقهم. كما أفتى (محمد أمين بن خير الله الخطيب العمري) (1150- 1203) للهجرة إذ جعلهم مرتدين وأوجب محاربتهم وقد أصدرها عام (1199) للهجرة. ومن علماء الأكراد (الشيخ عبد الرحمن الجلي) من نواحي كويسنجق الذي أفتى كونهم كفار و حكمهم و حكم أموالهم على هذا الأساس. استناداً على هذه الفتاوى، أصدرت دولة الخلافة العثمانية، عشرات الفرمانات - الفرمان مرسوم رسمي كان يصدر من السلطان العثماني - ضد الكورد الإزيديين، و قتلت منهم الآلاف و سبي النساء و الأطفال و هجرت آلاف العوائل من وطنها كوردستان إلى بلدان أخرى، إن جميع هذه المآسي نزلت بهؤلاء الموحدون على أيدي الذين استندوا على هذه الفتاوى الإسلامية التي أصدرها شيوخ الدين الإسلامي.
في الحقيقة يتعجب المرء حين يقرأ الخبر الذي أشرنا له في الجزء الأول من هذا المقال لماذا ثار ثائرة (أبو بكر علي) على (ملا بختيار) الذي قال في محاضرته أن العرب نشروا الإسلام في بلاد الكورد بحد السيف، لقد أشرنا في سياق المقال إلى جزء يسير من تلك المصادر التي تقول أن العرب المسلمين نشروا الإسلام في بلاد الكورد بحد السيف، وها هم المسلمون العرب إلى اليوم سائرون على ذات النهج، بل وصل بهم الأمر، حتى لا يرحم أحدهم الآخر، وصدرت مئات الفتاوى لعلماء الدين السنة تكفر الشيعة و كذلك لعلماء الدين الشيعة تكفر السنة، وهم مسلمون، يؤمنون برب واحد وكتاب واحد ونبي واحد و قبلة واحدة، إذا في القرن الواحد و العشرون، يكفروا بعضهم بعضا، ويحللوا دماء بعضهم بعضا الخ، كما حدث في الجزائر في نهايات القرن الماضي وفي العراق بعد (2003) فكيف كان هؤلاء الأعراب في زمن نشر الإسلام قبل خمسة عشر قرن، إن كانت هذه الجرائم و القتل بالجملة تقع بينهم وهم مسلمون، فكيف بغير المسلمين الذين حلل الإسلام دمائهم وأموالهم...؟.إن من يتصفح كتب التاريخ يرى أنه لم يسلم منهم حتى الورق الذي ينقل لنا على بياضه أخبار الذين سبقونا، لقد أحرقوا مئات الآلاف من الكتب التي تنقل للإنسان في طياتها علوم السلف و أخبار ما مضى من تاريخ، لقد تم حرقها في أتون الحمامات أو إتلافها في الأنهار، على سبيل المثال و ليس الحصر، حرق مكتبة الإسكندرية في مصر التي كانت تحوي في أدراجها مئات الآلاف من الكتب التي كانت تحوي علوم جمة، وكذلك إتلاف مئات الآلاف من كتب العلوم و الأدب والتأريخ و الشعر في إيران، بهذا الصدد يقول العلامة أبو الفرج هارون الملطي المعروف بابن العبري (1226- 1286م) نسبة إلى قرية العبري على ضفاف الفرات في كتابه ( تاريخ مختصر الدول): أرسل عمرو بن العاص كتاباً إلى عمر بن الخطاب يسأله في أمر مكتبة الإسكندرية، فأجابه عمر بن الخطاب قائلاً:"وأما ما ذكرت من أمر الكتب فإذا كان ما جاء بها يوافق كتاب الله فلا حاجة لنا به،وإذا خالفه فلا إرب لنا فيه فاحرقها" فلما جاء هذا الكتاب إلى (عمرو بن العاص) أمر بالكتب فوزعت على حمامات الإسكندرية لتوقد بها، فمازالوا يوقدون بها ستة أشهر. هناك عدداً من العلماء و المؤرخين ذكروا حرق مكتبة الإسكندرية لكن تجنباً للإطالة لا نذكر جميعهم بل نذكر واحد آخر منهم فقط وهو العلامة (ابن خلدون) يقول في كتابه (مقدمة ابن خلدون) ص (194): "إن العرب إذا تغلبوا على الأوطان أسرع إليها الخراب والسبب في ذلك إنهم أمة وحشية باستكمال عوائد التوحش وأسبابه فيهم فصار لهم خلقاً وجبلة" ثم يضيف ابن خلدون في كتابه: "إن العربي لا يطيق أن يرى حضارة مزدهرة، وكان الجنود الذين صحبهم (عمرو بن العاص) في فتوحاته في مصر من البدو القح الذين لم تهذبهم الحضارة و المدنية بعد،ومن ثم فإنهم لم يقدروا الكتب و المكتبات حق قدرها، أن للعرب سابقة أنهم أحرقوا جميع كتب الفرس بإلقائها في الماء و النار" انتهى كلام ابن خلدون هل سأل المعنيون أنفسهم على ماذا تدل هذه الأعمال ... على الوداعة و السلام، أم على الغلاظة و القساوة وحكم السيف العربي؟.
صفوة القول، إن الذي ذكرته في مقالي هذا هو جزء جداً يسير من تلك المآسي التي حلت بالكورد إبان (الفتح) الإسلامي على أيدي الأعراب القادمون من الصحراء العربية، من تلك الأرض الجرداء التي لا ماء فيها ولا نبات، "غير ذي زرع" كما وصفها القرآن، وما محاولات السيد (أبو بكر علي) و غيره من الإسلاميين إلا وسيلة من وسائل تكميم الأفواه، وإلا لماذا الإصرار على التنكر لإحداث تاريخية وقعت ودونها المؤرخون العرب يوم بيوم وساعة وبساعة؟ لماذا (يطلب أبو بكر علي) من (ملا بختيار) الكف عن هذه المواضيع، وهي موجودة في بواطن كتب التاريخ، ماذا سيفعل الأستاذ بهذه الكتب التي تعد مئات الآلاف، هل يستطيع أن يحرقها ويتلفها كما أحرقت مكتبة الإسكندرية وكتب إيران، فالأجدر به و بغيره من الإسلاميين أن يتركوا الناس تقول ما تشاء، لأنه حسب ما جاء في القرآن يوجد رقيب على الجميع "يعلم خائنة الأعين و ما تخفي الصدور" إن حسن أو أخطأ، كلاً حسب عمله،و في آيات القرآن منح الله الحرية للعبد يقول و يعتنق ما يشاء،"فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" توجد على وجه المعمورة أناس لا تؤمن بوجود الخالق، في العرف الإسلامي يسمون ملحدين، رغم إلحادهم لم يقم الخالق بفنائهم من الوجود أعطاهم مطلق الحرية، هنا تكمن عظمة الخالق. في السنين الأخيرة أدركت جميع شعوب الأرض إن للعنف دور هام في ثقافة الإنسان العربي التقليدية، أنهم هكذا، لو لم ينشروا الإسلام، و قاموا بنشر أي دين أو عقيدة أخرى، لا شك أنهم قاموا بنفس ما قاموا به حين نشروا الإسلام، وإلى اليوم هم كذلك، لا يجيدون لغة الحوار، لو نترك التاريخ القديم و نلقي نظرة على تاريخهم المعاصر، نرى أن القتل و السبي الذي كان سائداً في زمن "الداحس والغبراء" لم يتغير أبداً، هذا هو (عبد العزيز بن سعود) لو ننظر لتاريخ تأسيسه (للمملكة العربية السعودية) نرى أنه أسسها بقوة السيف و فوهة البنادق، وليس بالحوار و الحديث مع القبائل. كذلك توحيد اليمنين في التسعينات من القرن الماضي،لقد شاهدنا من خلال وسائل الأعلام أنهما لم توحدا بالمفاوضات، بل توحدتا بقوة العسكر. في سنة (1958) قام انقلاب عسكري في العراق وفي الساعات الأولى لنجاحه تمت التصفية الجسدية للعائلة المالكة ومن ثم سحلوا في شوارع بغداد،وعلى نفس المنوال، قام المقبور (صدام حسين) بتصفية معارضيه، وكذلك جرائمه بحق الكورد، لم يحاول حل القضية الكوردية بالحوار، بل حاول أن يحلها بالأنفال والقصف الكيماوي على مدن وقرى كوردستان، وكذلك خلافاته مع كل من إيران والكويت، لم يحلها على طاولة المفاوضات، بل أرسل جيشه الغازي ليحلها بالقتل و النهب، ومشكلة (الصحراء الغربية) بين (مملكة المغرب) و شعب الصحراء، إلى الآن اللغة السائدة بينهما هي لغة البندقية، كذلك الأطياف اللبنانية العربية جرت حرب دارت رحاها بينهم خمسة عشر سنة، حتى الآن لم يعرف أحدا متى ستبدأ الحرب مرة أخرى. الخلافات بين الشيعة والسنة في العراق وغيرها من البلدان، التي تذهب ضحيتها يوميا العشرات من الجانبين، وفي ليبيا لقد جرت فيها في الأشهر المنصرمة مآسي تقشعر لها بدن الإنسان، وما تمثيلهم بجثة القذافي إلا جانباً من تلك المآسي و الفواجع، لقد شاهدناهم يحملون أطفالهم في أحضانهم ويلتقطوا الصور مع جثته الممدودة على الأرض، وما يجري في سوريا منذ عشرة أشهر من اعتقالات تعسفية و إزهاق الأرواح البريئة، لمجرد أنهم يطالبوا بالحرية الخ الخ الخ، هذا هو الإنسان العربي في قرن الواحد والعشرون، فكيف كان في القرن السابع الميلادي إبان نشر الإسلام؟ فالكلام على أن الإسلام انتشر بدون قتال ليس صحيحاً، هناك أديان تبشيرية كانت ترسل شخص واحد إلى العالم يعرض عليهم ذلك الدين أن قبلوا فبه، وأن رفضوا يرجعا من حيث ذهب، إما العرب المسلمون كانوا يبعثوا بجيوش جرارة مدججة بالسيوف و الرماح و السهام، إذا لم يريدوا استعمال العنف و القتل، لماذا بعثوا بتلك الجيوش شرقاً و غرباً؟!. ألم يكفي بعث شخص يحمل معه القرآن ويعرضه على الآخرين أن قبلوا الإسلام فلهم الجنة، و أن رفضوا الإسلام يجب تركهم و شأنهم،لأن القرآن في سورة (ق) آية (45) يقول الله لنبيه: "نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد" يقول الطبري في تفسيره (وما أنت عليهم بجبار) أي، لم تبعث لتجبرهم على الإسلام، إنما بعثت مذكراً، فذكر. وجاءت في سورة يونس آية (99): ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم، أفأنت تُكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" يقول الطبري في تفسيره لهذه الآية: أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين، يقول جل ثناؤه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: إنه لن يصدقك يا محمد ولن يتبعك ويقر بما جئت به إلا من شاء ربك أن يصدقك، لا بإكراهك إياه ولا بحرصك على ذلك، أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين لك مصدقين على ما جئتهم به من عند ربك؟ يقول له جل ثنائه: فأصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين والذين حقت عليهم كلمة ربك أنهم لا يؤمنون".
في سياق رده على (ملا بختيار) قال الأستاذ (أبو بكر علي): "أن الإسلام جاء وحرر الكورد من الهيمنة الساسانية التي كان يعاني منها" نتساءل،هل توجد وثيقة تاريخية عند (أبو بكر علي) تقول أن الكورد طلبوا من العرب أن ينقذوهم من الساسانيين؟ لنفترض جدلاً أن كلامه صحيح، لماذا إذاً لم يتركوا الكورد وشأنهم بعد أن دحروا الساسانيين وقضوا عليهم؟ ثم كيف يطلب الكورد الحماية من العرب و الساسانيين هم من الكورد ويعتنقون نفس الدين الزرادشتي الذي كان يعتنقه الشعب الكوردي. إن كثيراً من الأخوة العلمانيين و الإسلاميين في كوردستان يكررون خطأ، بأن الساسانيين كانوا فرساً، بينما كتب التأريخ تقول غير هذا، في مقالاتي السابقة تطرقت لهذا الأمر عدة مرات، إذا لم يصل الذي قلناه عن الساسانيين إلى مسامع الأستاذ لا نجد ضيراً أن نكرره هذه المرة أيضاً ليطلع عليه من لم يتسنى له الإطلاع على تلك المقالات. لمعرفة انتماء هؤلاء الساسانيون إلى أي شعب ينتمون، يجب علينا أن نرجع إلى أهم المصادر المعتبرة و الموثقة، و بصورة خاصة أهم مصدر فارسي، ألا وهو (دائرة المعارف الإيرانية- الفارسية) للعلامة (علي أكبر دهخدا) (1257- 1334) هجري شمسي، وكذلك المصادر العربية المعتبرة، التي دونت في صدر الإسلام. لنقرأ معاً ماذا تقول لنا هذه المصادر عن ساسان و الساسانيين. جاء في كتاب (تاريخ الطبري) (838- 923 م) طبع مصر صفحة (57) المجلد الثاني، وأيضاً في (الكامل في التاريخ) لابن الأثير (555- 630) للهجرة في صفحة (133) المجلد الأول، لقد جاء في هذين المصدرين، رسالة موجهة من الملك الإشكاني، (أردوان الخامس)، إلى (أردشير بن بابك بن ساسان) يقول فيها: " أنك قد عدوت طورك واجتلبت حتفك أيها الكوردي المربى في خيام الأكراد من أذن لك في التاج الذي لبسته" أن (الطعن) في أصل وانتماء الساسانيين للأمة الكوردية لم يأتي فقط على لسان (أردوان الخامس الإشكاني) بل جاء هذا (الطعن) أيضاً على لسان (بهرام چوبین) سليل السلالة الإشكانية التي حكمت إيران قبل السلالة الساسانية، حين حدث بينه وبين الملك الساساني ( خسرو الثاني پرويز) قتالاً حاول (بهرام چوبین) اغتصاب الحكم من الملك (خسرو الثاني برويز) الذي قال له: "يا ابن ..... المربى في خيام الأكراد" ذكر هذا (دهخدا) أيضاً في موسوعته الشهيرة (لغتنامه دهخدا) نقلاً عن كتاب (تاريخ الطبري) المجلد الثاني ص (138) طبع مصر. ذكر (ابن منظور) في قاموس (لسان العرب) أن (ساسان كسرى) لم يشحذ وإنما رعى الغنم و قيل له (ساسان الكردي) و كان ممن يعره برعي الغنم الشاعر (امرؤ قيس) قال فيه شعراً : لستُ براعي اِبلِ ولا غنم ... ولا بجَزارِ على ظهري وَ ضَم. جاء في أضخم معجم للغة العربية، وهو معجم تاج العروس، شرح القاموس في مادة (س و س) لمرتضى الزبيدي (1144- 1204) للهجرة (المجلد الأول) صفحة (134): إن لقب ساسان الأكبر أعطاه كتاب المعاجم و المؤرخون المسلمون ل( ساسان بن يهمن) (ساسان الأول). و جاءت أيضاً في (دائرة المعارف الإيرانية) للعلامة (علي أكبر دهخدا) المجلد التاسع ص (13287) ساسان الأصغر لقب ساسان والد بابك والد أردشير بن بابك ساسان الأصغر بن بابك بن مهرمس بن ساسان الأكبر " أبو الأكاسرة " و هو حفيد ساسان الأكبر بن يهمن بن أسفنديار، الرجوع إلى (تاج العروس) (منتهى الأرب) و (الطبري) طبع ليدن المجلد الثاني صفحة (813) و (حبيب السير) طبع الخيام المجلد الأول ص ( 222) و(مجمل التواريخ و القصص) ص (33). الرجوع إلى (ساسان الرابع) في لغتنامه دهخدا (دائرة المعارف الإيرانية- الفارسية) المجلد التاسع ص ( 13286) و أيضاً المجلد التاسع ص ( 13248) أن والد (أردشير) هو الراعي (بابك الكردي).جاء في ( ألمطرزي) ( شرح مقامات الحريري) الطبع الحجري (إيران) (1273) هجرية ص (39) و في لغتنامه دهخدا ( المجلد التاسع) ص ( 13282): "إن ساسان جد الساسانيين كان يقال له ساسان الكردي" وجاء في شرح مقامات الحريري مطرزي طبع سنة (1273) هجرية صفحة (39)، و في لغتنامه دهخدا المجلد التاسع ص (13287): إن (ساسان كرد) هو لقب (ساسان بن يهمن)، بهذا الصدد يقول العلامة (دهخدا) في موسوعته وفي مادة الباء (المجلد الثالث) صفحة ( 3843) أن والد (أردشير) هو الراعي (بابك الكردي) أن بابك الكردي هذا هو ابن ساسان الكردي. أعتقد الآن اتضح للأستاذ، أن هؤلاء الساسانيون ينتمون إلى عائلة كوردية أصيلة أسست الإمبراطورية الساسانية، التي حكمت بين سنة (224- 652) ميلادية وسماها مؤسسها (أردشير بن بابك بن ساسان)، بهذا الاسم نسبة لجده (ساسان الكوردي).
أكرر، أن هدفي من كتابة هذه المقالة، ليس الإساءة إلى شخص أو جهة أو معتقد، بل هو لتوضيح صورة معارك الفتح الإسلامي التي دارت رحاها على أرض كوردستان، ودفاع الشعب الكوردي عن معتقده أمام جحافل (الفتح) العربي الإسلامي، فنحن خلال بحثنا في ثنايا الكتب، لم نجد صورة مثلى للأعراب حتى ننقلها، بل نقلنا الواقع المر الذي عاشه الشعب الكوردي إبان الفتح، ولم نحاول جرح مشاعر أحد، لأن الكلام الذي جئنا به ليس من بنات أفكارنا، بل هو من بواطن كتب التاريخ الإسلامي التي أشرنا إلى أسماء مؤلفيها.أن دفاع الشعب الكوردي عن نفسه و معتقده في ذلك العصر كان شيئاً طبيعياً، وهذا الدفاع يقوم به أي شعب يتعرض وطنه للهجوم من قبل أناس أغراب،لأنه من غير الممكن أن لا يدافع عن وطنه و يترك معتقده بسهولة و يعتنق معتقد آخر، الآن نحن في القرن والواحد و العشرون، إذا نذهب إلى شعب من الشعوب التي لازالت تعبد البقر أو الحجر أو الشجر الخ، ونعرض عليه أي دين من الأديان السماوية، هل يترك دينه أو معتقده الذي اعتنقه على مدى قرون بسهولة و ببساطة، بالطبع لا؟، إذاً كيف بشعب كان يعتنق دين على مدى قرون، وله نبي اسمه (زرادشت) و كتاب مقدس يسمى (أفستا) ورجال دين يدعون ( مغ، مك) يعضونه على مدى قرون، أن يتركه ببساطة، بلا شك أنه سيواجه من يريد نسخ دينه بدين آخر، لأنه صاحب كتاب، حتى أن الإسلام عند (الفتح) عدهم أهل كتاب، وقبل منهم الجزية، وقال عنهم الخليفة (عمر بن الخطاب) "سنوا بهم سنة أهل الكتاب" كما أسلفنا، أن دعاة الدين الجديد لم يأتوا إلى كوردستان بالتبليغ عن دينهم، بل دخلوها بالفتح شاهرين سيوفهم على رقاب الكورد أصحاب دين قديم سبق الديانة المسيحية بسبعة قرون.
إن ظهرت في كلامي شطحات هنا وهناك فهي بسبب عدم استطاعتي السباحة في أعماق بحر اللغة العربية، رغم أنها في جزر دائم بسبب جمودها و عدم مواكبتها للحضارة العالمية المعاصرة، ألا أنني أكرر، وأقول، لا أجيد من الكلام أحسن من الذي قلته، لأنني استندت فيما قلت على الكلام الموجود في بواطن كتب التاريخ الإسلامي.
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست