ليس دفاعاً عن (ملا بختيار) بل تبياناً للحقيقة التاريخية- 3-4
Sunday, 20/11/2011, 12:00
ورأى سلمة جوهراً في سفط فاسترضى عنه المسلمين وبعث به إلى عمر. فقدم الرسول بالبشارة و بالسفط على عمر، فسأله عن أمور الناس وهو يخبره، حتى أخبره بالسفط، فغضب غضباً شديداً وأمر به فوجئ به في عنقه، ثم إنه قال: إن تفرق الناس قبل أن تقدم عليهم ويقسمه سلمة فيهم لأسوءنك. فسار حتى قدم على سلمة فباعه وقسمه في الناس. وكان الفص يباع بخمسة دراهم وقيمته عشرون ألفاً. يذكر أبو حسن علي بن محمد بن عبد الكريم المعروف ب(ابن الأثير) (1160- 1233م) (فتح) الموصل، يقول: إن عمر بن الخطاب استعمل عتبة بن فرقد على الموصل وفتحها سنة (عشرين) فأتاها فقاتله أهل نينوى فأخذ حصنها وهو الشرقي عنوةً وعبر دجلة فصالحه أهل الحصن الغربي وهو الموصل على الجزية ثم فتح المرج وبانهذار و باعذرا وحبتون وداسن وجميع معاقل "الأكراد" و قردى و بازبدى وجميع أعمال الموصل صارت للمسلمين. دعنا ننتقل إلى مؤرخ آخر من فطاحل المؤرخين المسلمين في صدر الإسلام وهو ( أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري) ولد في بداية القرن الثالث الهجري وتوفى في (297) للهجرة، مؤرخ وراوية و شاعر له كتب عديدة منها كتاب شهير اسمه (فتوح البلدان) قل من لم يسمع به من المسلمين، لنرى ماذا يقول (البلاذري) في كتابه المشار إليه: حدثني (أبو رجاء الحلواني)، عن أبيه، عن مشايخ شهرزور قالوا: شهرزور و الصامغان و دراباد من فتوح عتبة بن فرقد السلمي فتحها و قاتل الأكراد فقتل منهم خلقاً. ولى عمر بن الخطاب عتبة بن فرقد السلمي الموصل سنة عشرين، فقاتله أهل نينوى فأخذ حصنها وهو الشرقي عنوة وعبر دجلة فصالحه أهل الحصن الآخر على جزية. ثم فتح المرج وقراه و أرض باهذرة و باعذرة و الحنانة و المعلة و دامير و جميع معاقل الأكراد. من المدن الكوردستانية الأخرى التي غزتها جحافل العرب المسلمون مدينة (خانقين) التي ذكرها (البلاذري) في كتابه (فتوح البلدان) صفحة (109)، يقول: إن جرير بن عبد الله أتى إلى خانقين، و بها بقية من الأعاجم فقتلهم. (الأعجمي هو غير العربي). إن (عتبة بن الوعل التغلبي) كان مع قوات المسلمين العرب حين غزت مدينة (خانقين) الكوردية، و أنشد شعرا يقول:
كأنك يابن الوعل لم تر غارة
كورد القطا النهْيَ المعيف المكدرا
على كل محبوك السراة مفزع
كميت الأديم يستخفَ الحزورا
ويوم بباجسري كيوم مقلية
إذا ما اشتهى الغازي الشراب وهجرا
ويوم بأعلى خانقين شربته
وحلوان حلوان الجبال و تُسترا
و لله يوم بالمدينة صالح
على لذة منه إذا ما تيسرا.
روى (أبو حنيفة الدينوري) في كتابه (الأخبار الطوال): إن المسلمين أصابوا يوم جلولاء غنيمة لم يغنموا مثلها قط، وسبوا سبياً كثيراً من بنات أحرار فارس فذكروا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول: "اللهم إني أعوذو بك من أولاد الجلوليات" جاء في سياق كلام الدينوري ذكراً لاسم (فارس) يقول العلامة (مصطفى جواد) في كتابه (أصول التاريخ) بهذا الصدد: "إن العرب تعودوا أن يطلقوا كلمة فارسي على كل من سكن شرق العراق" من المعروف لدى الجميع أن موطن الكورد يشمل أيضاً شرق العراق و (جلولاء) تقع في شرقه و موطن القومية الفارسية ليس في شرق العراق بل موطنهم هو إقليم (فارس) يقع في جنوب غرب إيران، يبعد عن بغداد بأكثر من ألف و ثلاثمائة كيلو متر، لقد أشار إلى هذا الموضوع أيضاً المفكر الكوردي (مسعود محمد) في كتابه (لسان الكورد) صفحة (46): "ليس غريباً أن نجد الكثير من المؤرخين العرب وغير العرب في عهود الإسلام يحسبون إيران كلها فارسية" فأولالك الجلوليات كان الغازي العربي يتمتع بهن كسراري لأنهن ملكات اليمين. لقد وصف القرآن ملكات اليمين في بعض سوره، على سبيل المثال في سورتي المؤمنون آية (6) والمعارج آية (30): "إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين" جاء في تفسير الجلالين: "إلا على أزواجهم" أي من زوجاتهم " أو ما ملكت أيمانهم" أي السراري "فإنهم غير ملومين" في إتيانهن. انتهى التفسير. يقول الدكتور (جمال نبز) في كتابه (المستضعفون الكورد وإخوانهم المسلمون) ص (41): كانت البنت الكوردية أو الفارسية التي كان يستولي عليها العربي المقاتل ضمن حصته من الغنائم و السبايا ملكاً لصاحبها العربي يفعل بها ما يشاء، وكانت تسمى "السرية" و جمعها "السراري" والكلمة هي من السرى أي المرافقة في سفرة الليالي، فكان العربي يتمتع بها و يستولدها في بعض الأحيان و المولود الذي ينتج من هذا الاقتران كان يسمى "هجينا" ولفظة الهجين في اللغة العربية بمعنى "المعيب" لأنه ابن "الأَمة" الذي أبوه خير من أمه، و قد كان الهجين مكروهاً عند العرب، حتى قال فيهم الشاعر العربي الرياشي:
إن أولاد السراري
كثروا يا رب فينا
رب أدخلني بلاداً
لا أرى فيها هجينا.
لا ندري، ألم يصل أنين الرجل الدين الكوردي(پیر شالیار) إلى مسامع الأستاذ الذي ينكر نشر الإسلام بالسيف في كوردستان، الذي دونه (پیر) على جلد الغزال، و عثر عليه في السليمانية في أوائل قرن العشرين؟ وهو يشكو فيه إلى خالقه مما خلفتها جحافل الأعراب من ويلات و دمار في بلاد الكورد، وفعلت ما فعلت بهذا الشعب المسالم الذي كان يعيش في بلاده بأمن و أمان، وإذا به في ليلة حالكة الظلام، يواجه جيشاً غازياً على أرضه، يحكم السيف في الرجال، و ينهب الأموال، و يأخذ النساء والفتيات سبايا إلى جزيرة العرب، للتمتع بهن كجاريات و ملكات اليمين، أو بيعهن في سوق النخاسة. حتى أن التجارة بالرقيق دفع شاعراً مثل (أبو دلامة) الذي توفى سنة (161) للهجرة والذي عاصر ثلاث من أوائل خلفاء العباسيين (السفاح) و(المنصور) و(المهدي) أن يدعو الشعراء ترك مهنة الشعر، و التجارة بالسراري - ملكات اليمين- وقال شعراً فيها وهو يصف ازدهار سوقها: "إن كنت تبغي العيش حلوا صافيا... فالشعر أغبر بع وكن نخاسا" أن تسمية "النخاسة" تسمية حقيرة لأن النخس هو تغريز مؤخرة الدابة، وسوق النخاسة تعني سوق الدواب، قيل هذا تحقيراً لأولالك الذين يباعون فيها، وبياع الرقيق كان يسمى نخاساً، أي أنه يتاجر بالبشر كالدواب. ألم يعرف الأستاذ الذي يحاول شطب الحقائق التاريخية، أن ذلك الهجوم الكاسح الذي جاء من الصحراء العربية، خلف ورائه بلداً مدمراً وشعباً يئن تحت وطئت السيف، ليس على يد الإمبراطورية الساسانية كما ادعى، بل على يد الأعراب القادمون من صحراء ربع الخالي. لقد فقد المجتمع الكوردي نتيجة ذلك الغزو الأعرابي، الكثير من بناته و أبنائه، الذين بيعوا كملكات يمين و عبيد في أسواق النخاسة، و فقد كثيراً من موارده الاقتصادية، أن ذلك الظلم و القتل و الحرق الذي جرى على أرض كوردستان، هو الذي دفع بالرجل الدين الكوردي الزرادشتي آنف الذكر أن يرفع يديه إلى السماء، شاكياً ومتذرعاً إلى الخالق، يشكو له ظلم الأعراب. لقد عُثرت على تلك المقطوعة الشعرية ل(بير شاليار) في قرية (هزار ميرد) في جنوب كوردستان وهي مدونة باللغة الپهلوية وهذا نصها:
هورمزگان رمان آتران كژان ... ویشان شاردوه گوره گورگان
زور كار ارب كردنه خاپور ... گنای پاله تا شاره زور
ژن و کنیکان و ديل فشينا ... ميرد آزا تلي و روى هوينا
روشت زردشتره مانوه بيكس ... بزيكا نيكا هورمز و هيوجكس.
ترجمتها:
دمرت المعابد و أخمدت النيران ... العظماء اختفوا عن الأنظار
العرب القتلة دمروا و احرقوا ... القرى و المدن حتى شهرزور
أخذوا النساء و الأطفال سبايا ... أحكموا السيف في الرجال
لم يبقى نصير لدين زردشت ... آهورا مزدا سينتقم ولن يرحم.
إن ذاكرة الأستاذ (أبو بكر علي) لم تسعفه حين رد على (ملا بختيار) و نكر أن الإسلام انتشر في كوردستان بحد السيف، يا ترى، ماذا يقول عن مقابر الغزاة العرب المسلمين التي تدعى اليوم ب(مقابر أصحابان) وهي شاهدة على أن العرب لم يأتوا إلى كوردستان حاملين في أيديهم أغصان الزيتون؟ أن قبور أجدادنا الذين دافعوا عن الأرض والعرض، شاخصة إلى اليوم في كوردستان وتسمى.. بقبور كافران (قبور الكفار). أيضاً يوجد قبر الصحابي (أبو عبيدة الأنصاري) قرب مدينة (حلبجة)، يا ترى، لماذا مدفون في كوردستان،هل جاء للاصطياف و مات بعد تعرضه لنزلة برد؟!. أو قبر (ئه سحابه سبي) (الصحابي الأبيض) ماذا كان يفعل هذا الأبيض في كوردستان؟. ثم هناك شيء آخر لا أعلم أن كان الأستاذ (أبو بكر علي) يدركه أم لا، وهو، أن كوردستان تقع بين الجزيرة العربية و (إيران)، فلا يمكن غزو إيران إلا عبرها، كما شاهدنا في العصر الحديث إبان الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينات من القرن الماضي، حيث وقعت جنوب كوردستان و شرقها، تحت نيران مدافعهما و قصف طائراتهما. إن أكبر المعارك في (الفتح) الإسلامية لإيران جرت جل ويلاتها على أرض كوردستان، والمعركة الحاسمة التي سميت ب(فتح الفتوح) وعلى أثرها دخلت إيران في الحظيرة الإسلامية جرت وقائعها في مدينة (نهاوند) وهي مدينة كوردية في شرقي كوردستان. أيضاً هناك حروب قبل غزو نهاوند، جرت وقائعها في مدن كوردية أخرى، التي حلت بها ويلات و نكبتها المصائب، كتلك التي حلت بنهاوند، من سبي و قتل، ككرمانشاه و سيروان و دينور و سيمره و ماسبذان و مهرجان قذق الخ، الخ- يقول الطبري في كتابه تاريخ الأمم والملوك جزء الرابع، أن ماسبذان أخذت عنوة- حتى أن الكتب التاريخ العربي تزخر بأسماء الذين غزوا البلدان في أصقاع الأرض و تصنفهم حسب أهمية البلاد التي (فتحوها) نحن هنا نذكر الجزء الذي يتعلق بمناطقنا، على سبيل المثال وليس الحصر: أبو سبرة بن أبي رهم العامري (فتح) تستر (شوشتر) و السوس (شوش) و جنديسابور (گندي شابور) - في الأيام القادمة سأفرد مقالاً عن تأسيس مدينة (گندي شابور) و معنى اسمها- أبو موسى الأشعري فتح أهواز والسوس والدينور و كاشان و ماسبذان (ماسبدان) - أن بعض المناطق تكرر ذكرها، هذا يدل على أن الناس في تلك المناطق لم تستسلم، لقد حاربت مرات ومرات واستردت مناطقها، ألا أن الأعراب في كل مرة كانوا يبعثوا قائداً أقوى شوكة وعزيمة من الذي سبقه حتى يعيد تلك المناطق إلى السلطة العربية الإسلامية- جرير بن عبد الله البجلي (فتح) خانقين و كرمانشاه و حلوان (الوند) و همدان. الزبير بن عوام الأسدي (فتح) بيروز و مناذر في أهواز. سارية بن زنيم الكناني (فتح) مهرجان قذق و صيمرة (سيمرة). سلمى بن قين التميمي (فتح) جبال الأكراد. عبد الله بن المعتم العبسي (فتح) نصيبين والرها. عمير بن وهب الجمحي (فتح) رأس العين (سه رى كاني) بالجزيرة الخ الخ الخ. وهذا هو (القعقاع) يرتجز شعراً، يفتخر فيه بما فعلوا و نالوا من نهاوند:
رمى الله من ذم العشيرة سادرا
بداهية تبيض منها المقادم
فدع عنك لومي لا تلمني فأنني
أحوط حريمي و العدو الموائم
فنحن وردنا في نهاوند موردا
صدرنا به و الجمع حرًان واجم
وقال أيضاً:
وسائل نهاوند بنا كيف وقعتها
وقد أثخنتها في الحروب النوائب.
وقال أيضاً:
و نحن حبسنا في نهاوند خيلنا
لشر ليال أنتجت للأعاجم
فنحن لهم بينا وعصل سجلها
غداة نهاوند لإحدى العظائم
ملأنا شعابا في نهاوند منهم
رجالاً و خيلاً أضرمت بالضرائم
قتلناهم حتى ملأنا شعابهم
وقد أفعم اللهب الذي بالضرائم.
إن كلام القعقاع، لا يحتاج إلى شرح و تفسير، لأن الرجل واضح في كلامه عن القتل ولا يحتاج إلى شرح وتفسير، وينطبق عليه مقولة العرب الشهيرة " أن الكلام صفة المتكلم" لا أريد أن أسرد جميع مآسي الكورد على أيدي هؤلاء الأعراب، يكفي أن نلقي نظرة على الديانة الإزدية الكوردية وما نزلت بأتباعها على أيدي العرب، منذ غزوهم لمنطقة الموصل سنة (18) للهجرة وإلى عصرنا الحاضر.
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست