برهم صالح فاقد الشرعية لأنه غير منتخب
Wednesday, 01/12/2010, 12:00
تتسرب بين حين وآخر معلومات من مصادر قيادية كردية حول إقتصار مدة رئاسة
برهم صالح لرئاسة حكومة إقليم كردستان الى سنتين فقط ، وبذلك لم يبق
أمامه سوى سنة واحدة وتنتهي رئاسته..
وترددت في الأيام الأخيرة أنباء حول إنتقاله الى بغداد لشغل منصب نائب
رئيس الوزراء العراقي كما كان أو يتولي وزارة الخارجية مقابل تخليه عن
منصبه الحالي كرئيس لحكومة كردستان. وهذه ليست المرة الأولى التي يدور
الحديث فيها حول هذا الموضوع، فهو موضوع مطروق منذ الشهور الأولى لتسنم
برهم لهذا المنصب المهم والحساس..
والملفت للنظر هو أن نفي جميع هذه الأنباء والتسريبات يأتي دائما من
قيادات الإتحاد الوطني مقابل إلتزام قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني
( البارتي) بالصمت المطبق والغريب إزاء هذه التسريبات والمعلومات،
واللافت أكثر من ذلك هو أنه حتى هذه القيادات التابعة للإتحاد الوطني لا
تريد أن تحسم هذا الموضوع، فنلاحظ أنهم يبقون الأمر معلقا، فلا يجرؤ أحد
منهم أن يضع النقاط على الحروف ويؤكد ما إذا كان برهم سيبقى في منصبه حتى
إنتهاء ولايته لأربع سنوات، أم سيغادره قبل ذلك !..
هذه المعلومات التي تظهر بين حين وآخر هي معلومات مؤكدة ومتداولة في
أوساط الحزبين، ولها سند يرتبط بالإتفاق الإستراتيجي الموقع بين الحزبين
، الديمقراطي الكردستاني( البارتي) بزعامة مسعود بارزاني، والإتحاد
الوطني الكردستاني بقيادة جلال طالباني ، حيث نص الإتفاق أثناء توقيعه
عام 2005 على تشكيل حكومة إقليم موحدة برئاسة السيد نيجيرفان بارزاني
لمدة سنتين على أن تنظم الإنتخابات البرلمانية خلال عام 2007 يعقبها
تداول السلطة بينهما بتسليم رئاسة الحكومة الى الإتحاد الوطني، ولكن
طالباني رئيس حزب الاتحاد الوطني تنازل طوعا عن حق حزبه في تسلم الرئاسة
مقابل تمديد ولاية نيجيرفان لسنتين أخريتين على أساس إعطائه المجال
لإكمال برنامج حكومته. وبعد إجراء إنتخابات عام 2009 تم تسليم رئاسة
الحكومة الى الاتحاد الوطني رغم أنهم بالأساس قد تنازلوا عن حقهم قبل ذلك
بسنتين.
وأثناء إنتخابات برلمان كردستان عام 2009 خاض الحزبان تلك الإنتخابات في
إطار تحالفهما المعروف بالتحالف الكردستاني وفازا بأغلبية الأصوات
والمقاعد، وعلى هذا الأساس حصل التحالف الكردستاني على حق تشكيل حكومة
الإقليم الجديدة، في حين أنه عند التدقيق في السجلات الإنتخابية يتبين أن
مرشحي البارتي هم الذين إنتزعوا الأغلبية المطلقة ضمن قائمة التحالف
الكردستاني الذي يجمع الحزبين، وأن الإتحاد الوطني الذي إنتزعت حركة
التغيير برئاسة السيد نوشيروان مصطفى المعقل الأساسي للإتحاد الوطني وهو
مدينة السليمانية والمناطق الأخرى التابعة لها بحصولها على أغلبية تفوق
ما حصل عليها الإتحاد الوطني، كان مرشحيه في ذيل أدنى قائمة التحالف
الكردستاني، وهذا بحد ذاته دليل على عدم أهلية الإتحاد الوطني ومرشحه
برهم صالح لتشكيل رئاسة حكومة الإقليم السادسة لأنه لم يحصل على ثقة
أكثرية الناخبين.
في كل دول العالم تتشكل الإئتلافات والتحالفات بين الأحزاب والقوى التي
تدخل الإنتخابات البرلمانية، ولكن في المحصلة سيشكل الحكومة الحزب الذي
يحصد مرشحيه أكبر عدد من الأصوات في تلك الإنتخابات، وأمامنا الان قائمة
دولة القانون التي يقودها نوري المالكي، فحزبه حصل على أكثرية المقاعد
التي فاز بها إئتلافه مع الأحزاب الأخرى، وبذلك أصبح له الحق في تشكيل
ورئاسة الحكومة القادمة، فهو من حقه أن لا يسمح ولا يتنازل عن هذا الحق
لبقية الأحزاب والقوى المؤتلفة معه ولأي سبب كان، لأن هذا من حقه الشرعي
والطبيعي، إذن لماذا تنقلب نفس هذه المفاهيم هنا في إقليم كردستان الى حد
أن يتنازل البارتي عن هذا الحق الشرعي الذي إكتسبه بالإنتخاب الحر
والمباشر؟.وما الضير في أن يشكل البارتي الذي يحظى بأغلبية أصوات
الناخبين في الإنتخابات عشرين حكومة إقليمية متتالية ما دام الشعب ينتخب
مرشحيه ويفضلهم على الآخرين، فهذه مصر التي يحكمها الحزب الوطني الحاكم
منذ ثلاثة عقود وفي ظل إنتخابات برلمانية دون أن تتمكن بقية الأحزاب
المصرية الأخرى أن تنافسه، لأنه حزب كبير له تاريخه ومكاسبه، ولا أسوق
هذا النموذج المصري كتبرير لإستئثار الحزب الوطني لكل هذه الفترة الطويلة
بتشكيل الحكومة، ولكن للتدليل على أن الشعب هو الذي يريد ذلك وهذه إرادته
ورغبته في تشكيل حكومة تحظى بثقته ، فهل يجوز لحزب منحته الجماهير ثقته
أن يتنازل عن ذلك لحزب آخر؟ هذا مفهوم لا يستقيم مطلقا مع المبدأ الأساسي
للهدف من الإنتخابات البرلمانية وهي ركن أساسي لكل دولة ديمقراطية
بالعالم.
إن المعلومات التي تتسرب هنا وهناك عن مدة ولاية برهم حتى لو لم تستند
الى حقائق ومداولات جانبية بين القيادات الكردية، فإنها على الأقل تطلق
كإشاعة أمل، فيبدو أن شعب كردستان بدأ يمل أداء برهم بقيادة الحكومة،وأن
التذمر الشعبي وصل الى حد أن يعقد المواطنون الكرد آمالهم على حدوث تغيير
ينهي هذه الحكومة التي أثبتت إنقطاعها التام عن هموم المواطن، وأنها
تتصرف كحكومة تصريف أعمال ليس إلا.
نحن نؤمن بأن الإتفاق الإستراتيجي الذي وقعه الحزبان كان ضروريا ومطلبا
جماهيريا في مرحلة من المراحل السابقة، ولكن التطورات التي تلاحقت على
الوضع السياسي في كردستان من كافة النواحي السياسية والإقتصادية
والإجتماعية لم تعد تستدعي الخوف أو تتطلب وجود أي إلإتفاق إستراتيجي
بهذا الشكل الغريب بحيث يتنازل صاحب الحق عن حقوقه لطرف لا يستحقه، فالكل
في كردستان يعلم ويشعر بالضعف الذي أصاب الإتحاد الوطني في السنتين
الأخيرتين خصوصا مع بدء ظهور حركة التغيير في السليمانية، ونجاح هذه
الحركة في إنتزاع المعقل الرئيسي من الإتحاد الوطني بل ومنافسته في بقية
مناطق نفوذه، وبذلك فإن الإبقاء على هذا الإتفاق الإستراتيجي الذي لم
يتضرر منه سوى البارتي أصبح بمثابة الرهان على حصان خاسر.
يتندر المواطنون في كردستان بأن حزب الإتحاد الوطني قدم تنازلات مشينة
للبارتي خلال السنوات الأخيرة، ولكن الحقيقة عكس ذلك تماما، لأن
التنازلات التي قدمها البارتي من دون أي مبرر معقول للإتحاد الوطني
أعتبرها أنا تنكرا حتى لأصوات كل أولئك الذين أدلوا بها في الإنتخابات
لصالح مرشحيه، فالناخب عندما يختار حزبا إنما يختاره ليحكمه لا أن يتنازل
عن هذا الحق ويأتي بمن لا يريده الشعب ورفض التصويت له، ووفق هذه
المعادلة البسيطة جدا يمكننا القول بأن برهم صالح فاقد الشرعية لأنه
ببساطة لم ينتخب من قبل الشعب.
البارتي بإنتظار أن يعقد مؤتمره التنظيمي خلال الأيام القادمة، والمؤتمر
بإعتباره أعلى سلطة قرار في الحزب، يبنغي أن يمزق تلك الإتفاقية
الإستراتجية ليعود الحق لأصحابه، ولكي يفي حق كل أولئك الذين صوتوا له
وإختاروه ليكون ممثلهم الشرعي في الحكومة، وقد آن الأوان لتتكرس المفاهيم
الديمقراطية بشكلها الصحيح في كردستان، ومن أهمها تكريس مفهوم الأكثرية
والأقلية الإنتخابية ، والإعتراف بحق الأكثرية في تشكيل الحكومات وهو
مفهوم طالما تصارعنا من أجله في بغداد فينبغي بالتالي أن نطبقه في
كردستان لا أن نحاول مجرد تجميل صورتنا أمام الآخرين بمثل هذه
الإتفاقات.
[email protected]
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست