حزب «بيجاك» الكردي الإيراني المعارض: لا صحة لتدريب أميركي لمقاتلينا
Sunday, 24/05/2009, 12:00
جريدة الشرق الاوسط
اثنان من قادته لـ الشرق الأوسط التي زارت معقلهم: طهران تريد صراعا كرديا ـ كرديا.. ومواقف إقليم كردستان تخالف المصالح القومية أحياناً
الاحـد 29 جمـادى الاولـى 1430 هـ 24 مايو 2009 العدد 11135
الصفحة: أخبــــــار
هيوا عزيز
من يصل إلى معاقل حزب الحياة الحرة الكردستاني (بيجاك) المناهض لإيران في قمم وسفوح الجزء الجنوبي الشرقي من سلسلة جبال قنديل الشاهقة، التي تمثل جزءا من الحدود الجبلية الفاصلة بين العراق وإيران، لن يصدق إطلاقا أن هذا الحزب المسلح ليس نسخة كربونية من حزب العمال الكردستاني المناوئ لتركيا، فمقاتلوه يرتدون نفس الزي الكردي الذي يرتديه مقاتلو العمال، ومن نفس القماش أيضا، ويحملون على صدورهم صورا صغيرة لزعيمه المعتقل في تركيا عبد الله أوجلان، الذي يرون فيه القائد الرمز والملهم الفكري والفلسفي والزعيم الوحيد للشعب الكردي قاطبة، إنهم يعملون ويقاتلون ويمارسون السياسة بنفس أسلوب وأفكار حزب العمال، ولكن على الساحة الشرقية لكردستان المعروفة بكردستان إيران، إلا أنهم في الحقيقة حزب منفصل عضويا عن العمال الكردستاني، وله رئيسه الفعلي وهو السياسي الكردي المعروف حاجي احمدي، وغايته من الصراع المسلح ضد إيران، كما قال كبار قيادييه، الذين التقتهم الشرق الأوسط، أول صحيفة عربية وعالمية تصل إلى معاقل بيجاك، هو ردع العدوان والاعتداء الإيراني على الشعب الكردي في ذلك الجزء من كردستان، والدفاع المشروع عن الذات والوجود، وبالنتيجة حمل النظام في طهران على الجنوح إلى السلام والحوار معهم لحل القضية الكردية في البلاد، على حد تعبيرهم.
رحلتنا هذه المرة إلى معاقل بيجاك في قنديل لم تكن محفوفة بالمخاطر، على الرغم من العقبات وكمائن الشرطة والأمن الكردي الاسايش، التي تفرض حظرا محكما على قنديل منذ سنوات وبالذات بالنسبة للصحافيين. وعلى الرغم من المطبات الطبيعية المخيفة، فقد وصلنا إلى هناك بيسر، برفقة دليلنا القروي وسائق السيارة، الذي هو من أهالي المنطقة، وأدرى الناس بشعابها الملتوية، التي لا تصل إليها القوات الحكومية بسهولة، وكان الاتفاق المسبق مع قيادة الحزب هو أن يمكث فريق الشرق الأوسط في مقرات الحزب ليلة واحدة؛ لحين وصول العضوين القياديين، اللذين كانا في مهمة عسكرية داخل العمق الإيراني، لكن القصف المدفعي الإيراني المكثف على قنديل، الذي سبقنا بساعات قليلة حال دون ذلك، حيث كان المسؤولون في الخطوط الخلفية قد اتصلوا بالقياديين لاسلكيا وطلبوا منهما الحضور إلى قنديل لإجراء اللقاء معنا في موعد مبكر؛ خشية تجدد القصف الإيراني بوجودنا، حيث يكون من الصعب ضمان سلامتنا.
بعد ثلاث ساعات من وصولنا، حضر القياديان آزاد هوراز، 30 عاما، عضو الهيئة القيادية، وأحد ابرز القادة السياسيين والميدانيين في الحزب، وهفال موسى، 60 عاما، عضو المجلس القيادي للحزب، والمكون من 21 عضوا، وهو كادر سياسي متقدم، وبرفقتمها عدد من المقاتلين الذين كانوا قد قطعوا مسافة ست ساعات مشيا على الأقدام؛ بغية الوصول في موعد اللقاء. ودار الحوار التالي أولا مع القيادي هوراز:
* مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي قال قبل أيام إن الولايات المتحدة تقوم بتدريب عناصركم في قنديل تمهيدا لعمليات عسكرية داخل إيران، ما ردكم؟
- إنها ادعاءات عارية عن الصحة بالمرة، ودعني اضرب لك مثالا، فعندما تأسس بيجاك زعمت إيران انه عميل لها، وبعد اشتداد الصراع المسلح بين مقاتلينا والقوات الإيرانية، زعمت طهران أن بيجاك من صنيعة أميركا ويتلقى الدعم منها، لكن القرار الأميركي بتجميد أرصدة الحزب في البنوك الأميركية وإدراجه على لائحة المنظمات الإرهابية جاء ليدحض الزعم الإيراني مجددا.
والحقيقة هي أن إيران والولايات المتحدة تخوضان الآن جولات حوار سري، والدليل على ذلك هو ما قاله خامنئي في زيارته الأخيرة لكردستان الإيرانية، من أن نظامه مستعد للشروع في حوار مباشر مع واشنطن، إذا تخلت الأخيرة عن ضغوطها السابقة على إيران، أي أن الزعم بأن بيجاك عميل لأميركا باطل، والغاية منه تشويه صورة حزبنا.
* يقال إن إسرائيل والولايات المتحدة تخططان لضرب المفاعل النووي الإيراني، هل تتوقعون حدوث تلك الضربات؟
- منذ عقود هناك حرب إعلامية بين إيران وأميركا وإسرائيل، وما تلك الأنباء والتقارير إلا جزء من تلك الحرب الإعلامية، ولا نتوقع حدوث ضربات من ذلك القبيل إطلاقا، ولا نعول على تلك الاحتمالات أبدا، بل نعتمد على سياساتنا الخاصة وبرامج عملنا ذات المديات القصيرة والمتوسطة والبعيدة، ولكننا سنستغل بلا شك أي فرصة سانحة من شأنها دفع حركتنا نحو الأمام، ونؤكد بان القرار الأميركي بإدراج حزبنا على لائحة القوى الإرهابية، قرار سياسي يخدم النظام الإيراني في المقام الأول، وقد اتخذ بناء على مقترح من تركيا، التي تلعب دور الوساطة بين واشنطن وطهران، فلو كان بيجاك أميركيا لما تعرضت مقراتنا القيادية في قنديل إلى غارات عنيفة من قبل 53 طائرة تركية، في ضوء المعلومات الاستخباراتية الدقيقة، التي جمعتها الطائرات الأميركية التجسسية، ونقلتها إلى أنقرة ومنها إلى إيران، التي صارت تقصف نفس المناطق بالمدفعية الثقيلة.
* هل تتوقعون تكرار سيناريو التغيير السياسي في العراق على الساحة الإيرانية قريبا؟ ولو حصل ذلك كيف سيكون دوركم فيه؟
- التغيير الذي حصل في العراق، كان ذا تأثير على مسيرة الديمقراطية في عموم الشرق الأوسط، لكن الديمقراطية المتحققة كانت لصالح النظام الجديد وليس لصالح الشعوب، بدليل أن عملية التحرير لو كانت حقيقية لما توترت الأوضاع في العراق على هذا النحو، رغم مرور ست سنوات على العملية. ولو تكرر السيناريو العراقي في إيران، فان بيجاك سيكون ذا دور خاص بالاستناد إلى قواته وتنظيماته وأفكاره الأيديولوجية والفلسفية العميقة، وفي ضوء ذلك سيكون قادرا على إحداث التغيير، وهنا ينبغي أن اكرر مجددا بأننا لن ننتظر القوى الخارجية لتقوم بدورنا، ولن نضع خططنا وبرامج عملنا بالاعتماد على تلك القوى.
* هل لكم تنظيمات سياسية أو خلايا مسلحة في مدن كردستان الإيرانية؟
- في أغلبية جبال كردستان الشرقية هناك مجاميع من قواتنا المسلحة.
* إيران مصرة على أنكم عملاء لأميركا، وان تصنيفكم أميركيا على قائمة الإرهاب محاولة لتضليل الرأي العام، ما تعليقك؟
- إن النظام الرأسمالي، الذي تتزعمه الولايات المتحدة يسخر كل شيء لخدمة مصالحه الخاصة، وهو نظام براغماتي مصلحي حد النخاع، وبالمقابل فان النظام الإيراني، الذي يدعي الإسلام، خلافا للحقيقة، والذي شوه صورة الإسلام في الشرق الأوسط والعالم، هو أيضا نظام براغماتي ومصلحي، عليه فإذا التقى هذان النظامان فإنهما لا شك سيكرسان كل السبل المتاحة للحفاظ على مصالحهما الخاصة، أي أن كلا الطرفين غير صادق في ادعاءاته.
* لو عرضت عليكم إيران الحوار والتفاوض شريطة إلقاء السلاح، هل ستوافقون؟
- نحن مستعدون للحوار دوما من اجل حل القضية الكردية، فالغاية من نضالنا المسلح هي فرض الحوار، أما شرط إلقاء السلاح فمرفوض من جانبنا، وإذا كان لا بد من شروط فان الشرط الأساسي ينبغي أن يكون العزم على حل القضية الكردية، وما حملنا للسلاح إلا تحصيل للضغوط الإيرانية المستمرة على أبناء شعبنا، أي أننا نمارس حق الدفاع المشروع عن الوجود، ونريد هنا أن نقول للنظام في إيران، إن عدم السماح للشعب الكردي بممارسة حياة سياسية حرة فسيدفعه إلى حمل السلاح، بمعنى لسنا مستعدين لإلقاء السلاح من دون حل جذري لقضيتنا.
* ما أسباب القطيعة بينكم وبين الأحزاب الكردية الإيرانية الأخرى؟
- الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني وحزب الكوملة يتصوران أن بيجاك انبثق ليكون بديلا عنهما على الساحة السياسية في شرق كردستان، وهذا تصور خاطئ تماما؛ لأن حزبنا بديل لحل القضية الكردية فقط، وعلى هذا الأساس ترفض تلك الأحزاب إقامة علاقات معنا.
* لكن إيران تقول إن الكرد لا مرجعية شرعية لهم كي تتفاوض معها، ما ردكم؟
- يبدو أن إيران ترفض اعتبار الكرد الشرفاء والقوى المستقلة، التي لا تخضع لإرادتها، مجردين من المرجعيات، وهو أمر لا أهمية له عندنا، لأننا نعتبر شعبنا الكردي مرجعيتنا الأساسية والوحيدة، وهو الذي يقر هويتنا بدليل انتماء المئات من الشباب الكردي إلى صفوف حركتنا التحررية يوميا، مع توسع نطاقها باستمرار، ناهيك عن حرص وإصرار مقاتلينا على ردع أي اعتداء للنظام الإيراني على شعبنا والرد عليه الصاع صاعين في أي بقعة من كردستان الشرقية، أي أن شرعيتنا مستمدة من نضالنا الدؤوب، وتضحياتنا السخية ودماء شهدائنا الثمانين ولسنا بحاجة إلى اكتساب الشرعية من النظام الإيراني.
* ولكن تلك القوى ترى فيكم رديفا لحزب العمال الكردستاني على الساحة الشرقية من كردستان؟
- هذا ليس صحيحا إطلاقا، صحيح أننا متمسكون بأفكار ورؤى وفلسفة الزعيم عبد الله أوجلان، باعتباره رئيسنا على الصعيد الأيديولوجي الفكري والفلسفي، لكن رئيس حزبنا هو الرفيق حاجي احمدي، وهو شخصية معروفة في كردستان الشرقية، أي أن بيجاك وحزب العمال يسيران على نهج الزعيم أوجلان، على غرار الأحزاب التي تتبنى الأفكار الماركسية في العالم.
* وماذا لو طلب منكم أوجلان إلقاء السلاح تحت ضغوط تركية؟
- تركيا لا علاقة لها بقضيتنا، والزعيم أوجلان هو ملهمنا، وهو الذي يطالب باستمرار بحل القضية الكردية في تركيا، كما أن بيجاك لم ينفذ أي عملية عسكرية ضدها حتى تطالبه بإلقاء السلاح.
* لما لا تعمدون إلى خلق إطار جبهوي لعملكم مع القوى الكردية الأخرى في إيران على غرار الجبهة الكردستانية السابقة في العراق؟
- بودنا فعل ذلك، ولكن القوى الكردستانية في إيران لم تتخذ حتى الآن أي خطوة في هذا الاتجاه، على الرغم من دعواتنا المتكررة إلى توحيد صفوفنا في إطار جبهوي موحد.
* منذ فترة طويلة تنادي أميركا بتغيير النظام في إيران، ترى هل هي جادة في دعواتها أم هي مجرد شعارات للاستهلاك الإعلامي؟
- لو كانت أميركا جادة في زعمها، فلتتخذ خطوات عملية على ارض الواقع، فالتغيير لا يتم بالتصريحات والحرب الإعلامية.
* ولو فعلت أميركا ذلك هل ستتعاونون معها؟
- لنا أفكارنا ومواقفنا الخاصة حيال النظام الإيراني، ونريد أن تكون إيران المستقبل دولة ديمقراطية ذات نظام كونفدرالي، تتمتع في ظله كردستان بالحرية، بمعنى لو وجدت عوامل ونقاط مشتركة بيننا وبين القوى الكردية الأخرى والجهات التي تناهض النظام في إيران، قد نكون قادرين على اتخاذ خطى مشتركة شريطة دمقرطة المجتمع الإيراني ديمقراطية حقيقية لا مصلحية، مع إتاحة الفرصة للشعوب الإيرانية لتقرير مصيرها بنفسها، أما أميركا فلم تمارس الديمقراطية الحقيقية حتى الآن، ولعل الأوضاع القائمة في إقليم كردستان خير دليل ذلك، فلولا القوى الكردية هناك لما نجحت الولايات المتحدة في إسقاط النظام العراقي السابق، ومع ذلك أبقت أميركا الكثير من المشاكل في إقليم كردستان عالقة من دون حلول، وفي مقدمتها قضية كركوك.
* وهل أنتم قادرون على إحداث التغيير في إيران بمفردكم؟
- نعم قادرون على ذلك بالنضال الفكري والسياسي المستمر، وتنظيم العمل وتوحيد الصفوف والمناورة السياسية المدروسة، سيما أن حزبنا لم ينبثق جراء استمرار المخاطر على النظام الإيراني، التي لم تؤثر فيه قط، بخلاف التأثيرات الفاعلة لحزبنا على ذلك النظام، سيما أن شعارنا الوحيد هو النصر ولا شيء غير النصر.
* ما طبيعة علاقاتكم مع الأحزاب الكردية في إقليم كردستان ومع حكومة الإقليم؟ وهل تتلقون مساعدات منها؟
- لسنا على علاقة رسمية أو غير رسمية لا مع الأحزاب الكردستانية ولا مع حكومة الإقليم، ولا نتلقى منها أي مساعدات، فنحن حزب مستقل يناضل في الجزء الشرقي من كردستان (كردستان إيران)، ومصادر تمويلنا في جميع المجالات اللوجستية والمادية والتسليحية هي شعبنا في ذلك الجزء، الذي يمدنا بالمقاتلين والمؤيدين.
* وهل يمكن تصديق هذا القول، خصوصا أنكم حزب ثوري يقود كفاحا مسلحا بحاجة إلى دعم مالي كبير؟
- الجميع في كردستان تعود على منطق أن كل حركة ثورية مسلحة تظهر على الساحة الكردستانية لا بد وأنها مرتبطة بهذه الدولة أو تلك، لكن ذاك المنطق ليس صائبا دوما، خصوصا بالنسبة لحزبنا بيجاك، الذي لم يظهر على الساحة فجأة أو خلال فترة قصيرة، فهو بدأ يتكون منذ عام 1999 من قبل لفيف من الشباب الكرد الجامعيين، الذين اتفقوا على تأسيس حركة سياسية في شرق كردستان، متأثرين بأفكار الزعيم عبد الله أوجلان، ومنذ انبثاق الحزب في 2004 ونحن نعلن ونؤكد باستمرار عبر بياناتنا وبلاغاتنا بان بيجاك حزب مستقل من حيث الاقتصاد والقوة البشرية، وشعبنا في شرق كردستان يدركون جميعا هذه الحقيقة الساطعة.
لكن القوى الكردية المناهضة لإيران، التي كانت معتمدة باستمرار على هذه الدولة أو تلك في نضالها التحرري، الذي آل إلى ما آل إليه الآن، لا تؤمن بإمكانية ولادة حزب أو حركة مسلحة ذات صيت واسع على الصعيد العالمي، وقادرة على خوض نضال مسلح ضروس ضد نظام محتل لكردستان، مثل النظام الإيراني من دون الاعتماد على المساعدات الخارجية.
* تدّعون الحرص على مصالح الشعب الكردي، لكن عملياتكم العسكرية ضد إيران تتسبب في خراب القرى الكردية الحدودية، أليس ذلك إضرارا بتجربة إقليم كردستان العراق؟
- عملياتنا العسكرية لا تنفذ في المناطق الحدودية إطلاقا؛ كي تتخذ منها إيران ذريعة لقصف القرى الحدودية في قنديل، وينبغي لحكومة الإقليم أن تدرك هذا جيدا، كما أن مقاتلينا ليسوا موجودين على الحدود وحسب، بل في عمق 50 كيلومترا داخل الأراضي الإيرانية وبعرض 2000 كم في الجزء الشرقي من كردستان، بدءا من جبال ايلام في الجنوب الشرقي من كردستان وحتى جبال ماكو، أي أن غالبية عملياتنا العسكرية تنفذ في تلك المناطق، وعلى سبيل المثال لا الحصر نفذ مقاتلونا مؤخرا عملية قرب مدينة كرماشان (كرمنشاه)، وتحديدا في بلدة رواسر، لكن القوات الإيرانية شرعت في قصف مناطق قصبة بنجوين التابعة لمحافظة السليمانية، وهذا يكشف بوضوح سياسات النظام الإيراني الخبيثة الرامية إلى خلق صراع كردي ـ كردي، عبر استخدام حكومة الإقليم أداة لخلق وإذكاء ذلك الصراع، رغم أن بلاغاتنا وبياناتنا الصادرة من رئيس الحزب حاجي احمدي أو من المجلس القيادي للحزب تؤكد بمجملها التزام بيجاك بكل ما شأنه تعزيز الوحدة القومية للكرد، وتفاديه لكل ما من شأنه تمزيقها، لذا نأمل في أن تراعي حكومة الإقليم هذا المبدأ أيضا، سيما أن الشعب الكردي وبحكم تجربته السياسية الطويلة لم تعد تنطلي عليه دسائس الأعداء ومخططاته واحابليه الخبيثة، وهنا ينبغي القول بان مواقف حكومة الإقليم لا تنسجم أحيانا مع المصالح القومية العليا للكرد، كما أن بيجاك كحزب مناضل في شرق كردستان لم ولن يتسبب في أي مشاكل سياسية أو دبلوماسية لحكومة الإقليم.
* على الرغم من إبرام اتفاق بين حكومة الإقليم وطهران إلا أن القصف الإيراني ما برح مستمرا للمناطق الحدودية، ما تفسيركم لذلك؟
- القصف المدفعي الإيراني مستمر منذ عام 2005، لأن إيران ما برحت تنفذ الاتفاق المبرم مع نظام صدام الزائل، والقاضي بالسماح للقوات الإيرانية بقصف المناطق الحدودية بعمق 5 كم، تحت بند مطاردة عناصر الأحزاب المعارضة لإيران، خصوصا الأحزاب الكردية وبالذات مقاتلي بيجاك، وفي الغالب يطال القصف مناطق لا يوجد فيها مقاتلونا إطلاقا، والقرويون يؤكدون هذه الحقيقة، كما أن القصف الأخير ألحق أضرارا جسيمة بالقرويين وممتلكاتهم، وتسبب في مصرع رضيع عمره 18 شهرا، لذا قرر مقاتلونا الثأر للرضيع الشهيد، فقتلوا في إحدى عملياتهم عددا كبيرا من أفراد الحرس الثوري الإيراني، انطلاقا من حق الدفاع المشروع عن الذات.
أما قراءتنا لدواعي استمرار القصف الإيراني فهي أن وجود بيجاك في جبال قنديل ليس السبب الوحيد أو الكافي لاستمراره، بل أن الخلافات التي ظهرت مؤخرا بين حكومة الإقليم وحكومة المالكي (رئيس الوزراء العراقي) في بغداد بخصوص وجود قوات البيشمركة في خانقين وضواحيها، وكذلك لقاءات احمدي نجاد مع المالكي وانطلاق الحوار الثلاثي الإيراني ـ التركي ـ العراقي، شكلت بمجملها أسبابا لإدامة القصف على مناطق قنديل، لكن المواقف الايجابية للبرلمان العراقي وبرلمان إقليم كردستان، التي أدانت وشجبت القصف الإيراني، بعثت برسالة إلى طهران مفادها أن حكومة الإقليم والبرلمان يعارضان الاعتداءات الإيرانية على قرانا الحدودية.
* هل تلقيتم دعوة للمشاركة في مؤتمر اربيل القومي المرتقب وهل ستشاركون فيه؟
- كلا لم نتلق الدعوة حتى الآن، على الرغم من أن قضية بيجاك تشكل العنوان الأبرز في ذلك المؤتمر، الذي يقال إن الغاية منه هي حل القضية الكردية في الدول الأربع، التي تحتل ارض كردستان (العراق وسورية وتركيا وإيران)، ومما لا شك فيه أن حل هذه القضية الشائكة في الشرق الأوسط، لا يتم من خلال إلقاء السلاح من قبل بيجاك أو الأحزاب الكردية المعارضة لتركيا، بل عبر الحوار السلمي والدبلوماسي، وإقرار تلك الدول بالحقوق المشروعة للشعب الكردي، بمعنى أن المؤتمر ينبغي أن يكون شكلا من أشكال المعارضة لتلك الدول المحتلة لكردستان، وليس معارضة لحزب ثوري لبيجاك، الذي يطالب بالحقوق الديمقراطية للشعب الكردي، أما لو وجهت لنا الدعوة وتأكدنا من الجوانب الأمنية والتنظيمية للمؤتمر، فان احتمالات مشاركتنا فيه واردة شريطة أن يكرس للبحث عن سبل حل القضية الكردية.
* لو عرضت عليكم حكومة الإقليم تجميد أنشطتكم العسكرية كالحزبين الديمقراطي والكوملة والعيش في مخيمات ومعسكرات في عمق الإقليم، هل ستوافقون؟
- لن نوافق على هكذا عروض إطلاقا، لأن التاريخ اثبت أن الكفاح المسلح هو العامل الأساسي لتحقيق النصر، مثلما برهن على أن جنوح الأحزاب ومقاتليه للعيش والإقامة في المخيمات وانشغالهم بأمور الأسرة ورعايتها لن يحقق الردع للأعداء، ولا يلبي طموحات أنصار ومؤيدي تلك الأحزاب واسر شهدائها، وفي رأيي أن احد أهم أسباب اليأس والقنوط الذي خيم على الجزء الشرقي من كردستان، هو اعتكاف القوى الكردية الإيرانية في معسكرات ومخيمات في الجنوب.
* هل تتوقعون حدوث تغيير سياسي كبير في إقليم كردستان بعد الانتخابات النيابية المقبلة؟
- لا شك في انه ينبغي لجميع الأطراف أن تلتزم بأسس ونتائج الانتخابات بموازاة الالتزام بالمفاهيم القومية، ونحن نأمل في أن تتم في أجواء من الهدوء، وفقا للأسس الديمقراطية كي يتمكن الشعب الكردي في ذلك الجزء من اختيار ممثليه، ولا نتمنى إطلاقا حدوث أي تشتت في الصف الكردي هناك، في ظل الصراع القائم بين الاتحاد الوطني والتيار الإصلاحي، بمعنى نأمل في أن يحدث تغيير ايجابي في المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وان تكون الانتخابات خطوة أخرى نحو حل القضية الكردية برمتها.
* كما تحدثت الشرق الأوسط إلى القيادي هفال موسى، ودار الحوار التالي:
* أليس من الواجب أن يتقدم القائد صفوف أنصاره في ساحة النضال، أقصد رئيسكم حاجي احمدي المقيم في أوروبا؟
- هناك حالات عديدة في عالم النضال السياسي، فأحيانا تتطلب الحالة وجود القائد بين مقاتليه، وأحيانا ليس بالضرورة ذلك، بمعنى هناك قادة استراتيجيون وقادة تكتيكيون، والقائد الاستراتيجي يمكن أن يوجد في الخارج؛ لأن وجوده في الساحة العسكرية غير ضروري بخلاف القائد التكتيكي.
* هل قيادتكم السياسية منفصلة عن القيادة العسكرية كما في حزب العمال؟ وهل مواقفكم دفاعية مثله أيضا؟
- نعم القيادتان منفصلتان، ومواقفنا دفاعية بكل تأكيد، فلسنا من يحارب إيران، بل هي التي تحاربنا وتنوي القضاء علينا في القرن الواحد والعشرين عصر الشعوب وتحررها، وتحظر علينا السعي لتوحيد صفوف شعبنا في المجتمع الكردستاني، وتأبى الإقرار بحقوق الشعب الكردي المشروعة، خلافا لكل المواثيق والأعراف الدولية، التي تقر للشعوب حقها في تقرير مصيرها بنفسها كما تشاء، وترفض أن يشهد المجتمع الكردي مزيدا من الوعي و الإدراك.
* وهل مهاجمة المعسكرات والثكنات العسكرية للجيش الإيراني مواقف دفاعية؟
- نحن لم نهاجم القوات الإيرانية في طهران أو في جبال تبريز، بل في المناطق الكردستانية التي يحتلها الجيش الإيراني، وكل عملياتنا العسكرية هي عمليات جوابية تأتي ردا على اعتداءات مستمرة للجيش الإيراني.
* نقلت وسائل الإعلام العام الماضي تصريحات عن زعيمكم حاجي احمدي حول لقاءات بينكم وبين أعضاء من الكونغرس الأميركي هنا في قنديل، ما صحة تلك التصريحات؟
- إنها مجرد تصريحات منسوبة إلى حاجي احمدي ولا أساس لها من الصحة.
* هل لديكم كلمة أخيرة تقولونها؟
- أود أن أؤكد للعالم اجمع بأننا نحمل السلاح مضطرين؛ للذود عن شعبنا ووطنا ووجودهما، فالنظام في إيران لم يألف الحوار والتفاوض والجنوح إلى منطق العقل السليم، لذا نحن مضطرون لممارسة الضغوط عليه عسكريا؛ لحمله على الاحتكام إلى الحوار الدبلوماسي على أمل في معالجة القضية الكردية في شرق كردستان.
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست