کتێبی بیرەوەرییەکانی کاپیتان موحەمەد مەولودییان بە دەنگ گوێی لێبگرە (کوردبوون)


مسرورستان " لم أقتله، ولكنه يستحق القتل" - مسرورستان..

Sunday, 23/05/2010, 12:00


من يلوم شخصا ولد مسرورا بالاسم والسلطة والجاه والقوة والقداسة والسلاح والأرث والقبيلة لا يعرف الكثير عن عوالم مسرور الشخص والتاريخ والحكاية: حكاية مسرور العقلية وحكاية السلطة، فنحن أبناء الأكواخ والسعال والذباب الذين ولدنا على الحصران وعلى أكداس التبن وفي البراري لم يفكر أهلنا بهذا الاسم بل منحونا اسماء الأولياء الصالحين لكي نمتلك القوة والسلطة والوجاهة الرمزية في مواجهة الموت أو الغدر، وهي اسماء لا يشتريها دكان الزاوية في الشارع مقابل حلوى أصابع العروس، في زمن لم يكن يظهر فيه من العروس الا الاصابع، فضاء استعراض الجمال الوحيد المخفي، أو اسماء الحيوانات وفي الطليعة ـ لا أقصد الطليعة الثورية ـ اسماء الكلاب لكي يستنكف الموت منا ويهرب، في زمن كان الموت فيه ( مكب الذهب) كما كانت جارتي تقول وهي تحتضر بشجاعة ـ أي بمعنى الشرف وليس هذا الموت الرخيص المخزي.



لكن مسرورستان منزعج من كل هذا الصخب وكل هذه الضجة لأن مواطنا كورديا أو شبه مواطن قد قتل على يد مجهولين كما تقول وسائل الاعلام العالمية وعلى يد مسرورستان كما تقول وسائل الإعلام العراقية التي لا غرض لها الا( تشويه وتدمير التجربة الديمقراطية في جمهورية البارزانستان لصاحبها مسعودستان وشركاؤه الخ الخ) وهذه التجربة لا أحد يخطر بباله تشويهها لأنها مشوهة أصلا، ولا يمكن تجميل هذه التجربة سواء بالمساحيق والاعلانات والسياحة والمصارف أو بالدم والجنازات والاغتيالات وغسل الأموال، ليس لأنها تجربة كوردية بل لأنها تجربة عراقية ولدت، اذا ولدت حقا، من رحم مشوه ومستعار، لأن الرحم الحقيقي لهذه التجربة مصادر ومسروق وهو رحم فلاحات كوردستان وفلاحات الجنوب العراقي حيث كن ومازلن يغسلن ثيابهن في مياه الينابيع أو الترع والسواقي ويختبئن بين الأشجار حتى تجف تحت الشمس، أو مسروقة من عرق حمالي الجبال وباعة العربات الجوالة وأمثالهم الذين سرق مسرورستان ثورتهم وثورتنا، مالهم ومالنا، حريتهم وحريتنا، ويريد مع ذلك وضعنا من باب التشاطر كأعداء من خلال الحفر اليومي بذاكرة الماضي لتصدير غضب اليوم على فجائع الأمس وهي مشتركة. من منا لم يجلس أمام عظام موتاه في مقبرة جماعية؟ هل نكذب الأمهات أو الكاميرات؟ أم أن هؤلاء الموتى في المقابر الجماعية العامة عبارة عن ممثلين في الموت كما كانوا مشبوهين في الحياة؟



مسرورستان لا ينام وسردشت كل فجر يعود الى القبر، ضاحكا، بعد مطاردة منهكة لقاتله، مطاردة أجبرته على الخروج عن طوره، طور المالك والوارث السلالي وصاحب المال والسلطة والحقيقة، وعلى الدفاع شبه اليومي ونكران الجريمة، في حين يصر سردشت الحي ـ الميت، على ان قاتله كذاب، لكنه يقول ابعد من ذلك: لا تجعلوا دمي يضيع هدرا بملاحقة القاتل وحده، بل بمواصلة الطريق وبسلاح الكلمة: القتيل واحد لكن القتلة كثر.



هذه أول مرة في تاريخ العراق الحديث يطارد قتيل قاتله علناً كل يوم وينغص عليه حياته ويخرجه من القصور الى الشوارع وصالات المؤتمرات لكي يبريء نفسه من تهمة القتل وبصورة علنية وأمام العالم: قاتل يقسم على براءته، وقتيل يقسم على زور الشهادة، قاتل لا ينام ويرتعش وقتيل يحتضن كل ليل لعبه الصغيرة ومنها الرصاصات القاتلة وينام بوداعة الرضع لأنه لم يعد يملك ما يخسره، بل يجني الارباح، وقاتله يحصد الخسائر، وهي خسائر لا أول لها ولا آخر وفي الصدارة ان مسرورستان فقد السلطة اليوم ـ وسلطة الغد ـ فليس من المعقول لشعب ترك عربات الشلغم في الشوارع والساحات وترك الحقول المعشبة وبساتين العنب والكرزات لكي يحقق السعادة والشرف وهو يرى منازله تحترق من فوق قمم الجبال، ليس من المعقول أن يقبل بقاتل كزعيم في المستقبل ولا اليوم.



ولكن لماذا كل هذا الغضب على مسرورتان الشخص والظاهرة؟ هذا الرمز السلطوي ولد لكي يكون مسرورا وسردشت وسلالته ولدوا لكي يكونوا طبالين في أفراح الشيخ، فكيف انقلبت الأدوار؟ كيف يمكن لسردشت الرمز والتاريخ( الشعب) أن يحاسب مسرورستان( السلطة) على أفعاله ولو عبر حكاية حب؟ مسرورتان المالك والوارث وحفيد السلالة المقدسة، وسردشت ابن فلاح جبلي ـ كابناء الهور والمعدان والصرائف والأكواخ ـ خرج من الثورة والسلطة حافي القدمين لأن أحذية الثورة المسلحة ومصارفها لا تتسع لأكثر من القبيلة، فكيف يحتج السفح على الجبل؟ المالك على المستأجر؟ المواطن العادي على الحاكم المستأله؟ كيف تعتدي الرعية على الآلهة؟



مسروستان في قتل سردشت لم يمارس غير حقه( الطبيعي؟) في حذف أو الغاء أو شطب أو قص شوكة في بستان المسرات، شوكة مزعجة، أو قطع غصنا منحرفا، أو ورما خبيثا في جسد كبير هو جسد السلطة، أو تصرف، بكلام أعم، في ملكية خاصية كما يتصرف راعي بقر بدوابه أو صاحب مزرعة دواجن بدواجنه، فلماذا كل هذا الصخب من أعداء المسيرة والديمقراطية وغالبيتهم، حتماً، من خارج أقليم مسعودستان أو مسرورستان، لأن داخل الاقليم يعيش في فرطنة ودفوف وفرق رقص وضرب اصابع وهلاهل وتتن وكرزات، أما البنادق القديمة فتصدأ على الجدران خاصة بندقية والد شردست وبنادق حمالي الشورجة وفقراء المداخن وفلاحات الأكواخ وابناء الصمت والمنافي والبؤساء في قراهم.



لماذا كل هذا الغضب والبحث عن هوية القاتل؟ القاتل لا هوية لها لأنه يحمل كل الهويات وكل الأسماء. ثم من هو القتيل لكي يستحق كل هذه الضجة وهذه ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي يتم فيها تنظيف "مزرعة الحيوانات" أو مملكة الأسرى والمسروقين من الأشواك الضارة، وليست أول ولا آخر مرة يتم فيه قطع عنق الديكة المشاكسة التي تصيح منتصف الليل معلنة ان هذه هي ساعة الفجر وليست ساعة مسعودستان المغشوشة والعاطلة على توقيت يعيده كل يوم على زمن حلبجة والانفال من أجل وضع الناس في زمن الفجيعة وأمام حائط مبكى لكي ينسوا الحاضر والمستقبل والثورة والسلطة والثروة والحداثة؟



هل هناك قبيلة أو شيخ أنجز حداثة ولو في زريبة أو معصرة خمرة أو في مدجنة أو مشيخة أو مجلس قضاء أو مصرف؟ فلماذا كل هذا الغضب على مسرورستان الوارث والزعيم والمبجل وابن السلالة النقية؟ لماذا تنغصوا عليه لياليه ونهاراته من أجل ابن فلاح جبلي مطرود من السلطة والضمان والتاريخ مثله مثل أبناء الفلاحين في كوردستان أو أهوارستان؟ نحن أيضا ابناء الجنوب لا نستطيع أن نصرح بكون أهلنا فقراء وباعة لبن وبرسيم وكانوا يدخلون المدن حفاة مرعوبين كلصوص لأن الاحتقار الطبقي ليس خاصية سلطوية بل ظاهرة عقلية اجتماعية سوقية ومن لا يصدق عليه قراءة بعض المقالات التي تتحدث عن جريمة أصولنا العائلية: من قال ان حكم السلالات النقية خاصية مسعودستان أو غيره هو غشيم وطرطور لا يعرف شيئاً لا عن التاريخ القريب ولا البعيد، وبكلام أدق لا يريد أن يعرف حاله كحال مسرورستان الشخص والظاهرة التاريخية والسلطة والسلالة والوراثة.



كل مساء ـ أقول كل مساء ـ يخرج سردشت من منتبذه الليلي في بلدة سردشت ـ دشت تعني الخلاء أو البرية وسر ربما يعني السرو: سرو البراري ـ في حين يخرج مسرورستان من قصره الرئاسي أو منتجعه الصيفي على جبال الألم والثورة المغدورة، ويتقابلان عند سفح جبل أو منعطف طريق أو في غابة سرو أو بلوط أو صنوبر وتبدأ لعبة مطاردة غربية في تاريخنا الحديث: قتيل يركض خلف قاتله، ضاحكا، منتشيا، سعيدا، فخورا، بموته، وقاتل يهرب خائفا، مذعورا، متنكرا، يبحث عن مأوى أو ملاذ أو ضحية لجريمته.



سردشت يعود الى منتبذه في الفجر منهكا من الفرح والمسرة وهو يرى النخبة الكردية المثقفة الباسلة التي تكتب اليوم في الشوارع ميثاق الشرف البطولي وتعلّم في الطرقات والحقول والجامعات والنوادي الصغار والكبار دروسا ، مرة أخرى، في الثورة، لأن أبناء الحمالين والفلاحين المصادرة ثورتهم وتاريخهم ليسوا أقل شجاعة من الآباء ولا يعانون من نقص الوفاء والكرامة، وهو يشعر بالغطبة لأنه وحّد النخبة المثقفة بين أبناء الشعب الواحد بدمه وهذا هو مقاله الحقيقي بعد القتل، في حين يعود مسرورستان الهارب من مطاردة القتيل ذليلا وخائفا رغم السلاح والحراس، لأن سردشت يطارده من داخله: وداخل مسرورستان بلا مال ولا سلاح ـ كلاهما أعزلان الا من وضوح الدم ونوع الضمير وسطوع فوهة المسدس ووميض الحقيقة.



كل مساء يخرج القتيل والقاتل الى نزهة القمر والمطاردة والركض: القتيل يخرج بإسمنا، والقاتل يخرج باسم السلطة: تحت القمر تتقابل رموز الصراع، الميت يطارد الحي، الدم يطارد سافكه، الجسد والرصاص، الثورة واللص، ابن الثورة وابن الثروة، العدالة والجريمة، الماضي والحاضر، الأعزل المدجج بالأمل والتضحية والنبل والقاتل المدجج بالجريمة والخسة والظلام.



من قال ان رصاصات مسرورستان قد كسرت قلم سردشت أو قلم غيره لا يعرف في التاريخ وتاريخ الكلمة بالذات، لأن سردشت من لحظة قتله وهو يكتب أكثر من أي وقت مضى، وهو يقول أكثر مما قاله حياً، وأسقط سلطة، من خلف أسوار المقبرة حين عجز عن اسقاطها من خلف أسوار الجامعة، وفضح سلالة في الموت أكثر مما فعل في الحياة، وتزوج من اشجار سرو كوردستان بدل الغرام الرمزي مع ابنة مسعودستان الأسيرة، ويوم يخرج علينا سردشت بثياب العريس، لنخرج الى الشوارع بكل الازياء: كردا وعربا وصابئة، من كل الأديان، وكل الأعراق، كل اللغات، بفرق الخشابة وفرق الدراويش، ونبكي، فرحاً، من هذا الحب العراقي الباهر والعصي والنبيل الذي نقتل كل يوم باسمه ولو تغيرت العناوين: القاتل واحد والقتيل نفسه: سردشت ومسرورستان بالأمس، أحمد عبد الحسين وثورستان غدا، عمار أو علي أو كريم أو محمود وزرابستان في الأيام القادمة.

نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست


چەند بابەتێکی پێشتری نووسەر




کۆمێنت بنووسە