لماذا التكنوقراط المستقل؟
Monday, 11/04/2016, 23:55
اننا قبل ان نخوض في الموضوع، يجب ان نذكر بان التكنوقراط لا يحمل عصا سحري فيحول البلد في لحظة الى الجنة كما يعتقد البعض، هذا ان كان الهدف شريفا نابعا من ايجاد الحل للمشكلة العويصة التي وقع فيها العراق اصلا على ايدي من يريد ان يُخرج البلد من الوحل . نعم كانت السلطة العراقية خلال السنين الماضية متنوعة الخلفيات من حيث المسؤل الحزبي فرديا، الا ان المجموع و ما تعد تلك الالتزامات المفروضة عليه كان مهامه الرئيسي تحقيق ما هو تابع للاحزاب و الافكار التي يريدونها و ليست لها صلة ولو قليلة بما يمكن ان نعرّفه بالتكنوقراط الحقيقي المراد ان يلتزم العامل وفقه اي الكفاءة الفردية العلمية التخصصية من قبل المسؤل الحقيقي و ليس باوامر حزبية يجرده من ما هو فيه من العلم و المعرفة . بعد الفشل الذريع في الحكم و ادارة البلاد، خلال هذه السنين لمابعد سقوط الدكتاتورية البعثية، و بدلا من تحسين الحال ازدادوا الطين بلة و غاصوها و اوصلوا البلاد لما نحن فيه، السؤال الجوهري هو ما الحل ؟ و هل يمكن ان يحله التكنوقراط ؟
هذه السنين التي مرت كانت تجربة حكم اسلامي و فشلت فيها الاحزاب الاسلامية و كما هي حال اكثرية السلطات الاسلامية في المنطقة من البلدان الشرق الاوسط المقهورة، و لم تكن السلطة في العراق بيد غيرهم و مشاركات الاخرين لم تكن الا شكلية، ونقصد هنا الجميع بكل مذاهبهم، انهم فشلوا و ليس المذهب الشيعي فقط كما يتصور البعض و يتشفى، بل السلطة كانت دينية صرفة شارك بشكل و اخر فيها المذهبان و الاعراق ايضا . لم يكن هناك علمانيون و لا تكنوقراط مستقلون و لا ديموقراطية حقيقية لاسباب و عوامل عديدة ليس موضوعنا ان نذكرها اونحللها هنا بشكل تفصيلي . و ان ادعى البعض بانهم كانوا تكنوقراط ايضا و لماذا فشلوا، هذا يحتاج لجواب، نقول؛ انهم ربما فيهم هنا و هناك يمكن ان نحسبهم على التكنوقراط، الا انهم لم يختاروا على اساس صفته و خلفيته العلمية او لكونه كذلك، و لم يختاروا احدا لم يكن ضمن حزب او تابعا له، و به ستكون لحزبه المنة عليه و يعمل وفق مصالحه الحزبية بعد الشخصية و ليس اعتمادا على كفائته العلمية الشخصية، و لم يفكر يوما بانه يجب ان يعمل وفق خلفيته العلمية بل كل ما كان يهمه هو اهدافه الايديولوجية الحزبية الدينية المذهبية، اي كانت خلفيته العلمية شكلية في الحكم و خلفيته الدينية هي المسيطرة و الحاكمة على اموره و مسيره، هل من احد يذكر لنا حتى من الفطاحل التي ادعوا الخبرة وا لكفاءة و انهم من التكنوقراط و لا يهمهم مصلحة احد و ان كانوا ضمن حزب، فلمسنا افعالهم على الارض تدلنا على عكس ذلك، فتيقنا بانهم اما كانوا تابعين او ميالين بحيث اختراهم و زكاهم احد تلك الاحزاب الدينية ليس لكفائته و علمه بل لمصلحته الحزبية الضيقة و قدموا خدمات جليلة لهم اكثر من الحزبيين الدينيين المذهبيين .
هذه من جهة، اما جهة اخرى و هي الاهم، ان النظام السياسي الذي يسير به المسؤل و وفق الدستور المخترق في اكثر الاحيان لم يكن دافعا بان يلتزمالمسؤل التنكنوقراط الحزبي بمبادئه الشخصية العلمية و كفائته بل قيدت اياديهم من قبل الاحزاب التي جاءت بهم . اننا في الوقت الذي نعتقد بان الحالة عويصة و ليس بالامكان ان تحل من خلال هذه التشكيلة البرلمانية الدينية العرقية المذهبية، يمكننا ان نعتقد بان الاساس المطلوب لوضع لبنة الحكم المدني يمكن ان يَبنى بمن سار ضمن مسار حياته منعكفا على اختصاصه اكثر من استناده على الفكر والايديولوجيا الحزبية، و هل يمكن ان ينجح في وسط معمعة الصراعات الحزبية الحالية و المصالح التي تمنع الاحزاب من السكوت على هذا رغم الادعاءات التضليلية المعاكسة للحقيقة التي يؤمنون بما لا يقولون .
السؤال الجوهري الاخر، هل يمكن ان تسير حكومة من التكنوقراط برئاسة احد جاء اصلا نتيجة انتماءه الحزبي و ليس لكفائته و كونه ضمن مساحة التكنوقراط التي يدعيه الان، ان تسير على خطا ما تتطلبه التكنوقراط الحقيقي في عمله . و هل من الممكن ان يقود من زكاه حزبه الديني كابينة وزارية وفق اسس غير دينية، ام انه ذر الرماد في العيون و يمكن تحقيق اهداف مخفية اخرى اكثر تعصبا من الناحية الدينية من المسار الحالي . هل يمكن ان يكون القائد السياسي الديني قد تراجع عن ما امن به خلال حياته من المبادي والافكار والمعتقدات الدينية و ناضل من اجلها، و وضع نفسه لخدمة التحول و النقلة النوعية من الحكم بعيدا عن الخلفية الدينية التي يؤمن بها اصلا، ام هل احتك بما اقنعه من ان ما يسير عليه في السلطة و من خلال حياته لم يكن افضل الطرق و هناك الافضل بعيدا عن كل ما آمن به منذ نشاته ؟
في الوقت الذي لا يمكنني ان اتيقن من هذا الامر يمكنني ان اقول ان الفشل الذي حصل في العراق و ما هو فيه من الظرف و الواقع الذي يختلف عن حتى اقرب دول المنطقة اليه، هل يمكن ان يجبر المتعايشين مع ظروف الحكم و كيفيته ان يعيدوا النظر ولو قليلا في خصوصياتهم الفكرية لاسباب و منها، انهم كان قد تلامسوا مع السلطة المدنية لوقت ما كما هوحال العبادي، هذا ان لم يكن يقصد في قرارة نفسه اصلا التفرد و ازاحة العوائق السياسية الحزبية امام مسيرته الشخصية فقط بعيدا عن مستلزمات العراق مابعد فشل السلطة الدينية .
اننا نقول، لو وعد العبادي بانه يتعامل وفق ما تفرضه حكومة التكنوقراط الحقيقية المبنية على الكفائة و الخدمة العامة للشعب و ليس استنادا على الامتيازات الحكومية التي تفرضها التوجهات الحزبية والشخصية فقط، وان تلمسنا منه التوجه العملي الصحيح في هذا الاطار، يمكن ان نتفائل جميعا في انه نحن مقبلون على المرحلة المتنقلة، الا انه التشاؤم جاء بعد تراجعه عن كل ما ادعاه و الكتل اغلقت عليه الطريق و انهم سوف يختارون الممثلين عنهم و من التكنوقراط الحزبيين!! و كما كان من قبل، اذن انه توقف و خضع لارادة الحزب مرة اخرى، فاين يمكنه ان ينفذ ما اراده بعد اليوم .
يمكن ان نقول بان الفرصة التاريخية التي سنحت امام العبادي ان كان يؤمن حقا بان السلطة الدينية فشلت و انه منها و اراد من خلال خطوة انتقالية ان يسجل لنفسه تاريخا مضيءا، و على عكس ما امن به من قبل!1 فله ان يعلم خلال المدة الباقية من حكمه على ما وصل اليه ان يعمل على ما يبين للجميع بانه السلطة السابقة منذ سقوط الدكتاتورية و هو كان ضمنه كانت فاشلة و يجب ترميمها و اصلاحها بشكل جذري ايضا و هو يتحمل تلك المسؤلية التاريخة التي يفرضه الوطنية الحقيقية . فله الفرصة و بهذه الكابينة المقترحة و كيفية التعامل معهم يمكنه ان يوضح للجميع ان المرحلة الانتقالية بدات ولا يمكن اخضاعها مرة اخرى لاوامر الحزب الدينية، و ربما انتفضت الاحزاب و امنعوه في خطوات مهمة الا انه يمكنه ان يسير بهدوء و يفسح المجال في الدورات القادمة لاشخاص اخرين ان يكملوا ما هو يهم عليه، و يمكن ان نعتبرالحل بيد التنكنوقراط المستقل او غير الحزبي و هو البعيد عن الذي تُفرض عليه الاوامر الحزبية، و ليس بشرط ان يكون هذا مجردا من الفكر و الفلسفة .
اننا امام مفترق طريق حقيقي لحكم العراق و مستقبله و لكل خطوة تاثيراتها المباشرة على مستقبل العراق . و كما راينا المالكي قد مست مصالحه و مصالح حزبه و انتفض بالامس من الخطوة، سنجد الاخرين ايضا و من جميع الاحزاب يوافقونه الراي طالما بقت التشكيلة النيابية كما هي، و على العبادي ان يعلم بانه سوف يعمل عملا تاريخيا ان تغيرت الحال و اصبحت التشكيلة النيابية المقبلة متاثرة بخطواته الحالية و اصبحت قريبة من المسار الصحيح الذي يتبعه . فلننتظر .
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست