هل تعيد روسيا هيبتها من سوريا ؟
Saturday, 10/10/2015, 0:18
يبدو واضحا ما اتت من اجله روسيا ليس سياسة تكتيكية موقتة او يومية او من اجل ابقاء حليف على ما هو عليه او بالاحرى مساعدة موالي امين لها فقط بقدر انها جاءت من اجل استراتيجية و عملية طويلة عريضة و بهدف استراتيجي بحت و بعيد الامد . ان كان الهدف سياسي اقتصادي و اعادة المكانة و الهيبة من خلال ما تسميه باعادة التوازن الى السياسة العالمية و التي بدات ملامحه بظهور الاستقلالية الروسية من خلال موقفها من اوكرانيا بشكل كبير و بعد ما فعلته في جيجان من قبل . اليوم يريد بوتين انطلاقا من اللاذقية ليطير شرقا و غربا و يؤسس لمركز هام في منطقة تعتبر قلب العالم، و من خلال تحالف ربما يتمدد و يتوسع مستقبلا بعد اعادة النظر من قبل قوى و دول اخرى لما هم فيه اليوم من التبعية الى القطب الاوحد دون ان يستفيدوا باي شكل يُذكر . و لاسباب موضوعية ليس لامريكا و لا لتلك الدول الامكانية في التعاون مع البعض من خلال الحفاظ على المصالح المشتركة التي لا يمكن ان تتوازى بين دول مختلفة الا من خلال الثقل و المكانة التي لا يمكن ان تتوفر دون عوامل مادية و تاريخية تتوارثها او تكونها الشعوب خلال مراحل مختلفة من حياتهم الطويلة .
اظهرت روسيا ما بجعبتها من ما تفكر به منذ مدة ليست ببعيدة، خطت خطوة مصيرية لاهداف مصيرية كبيرة لها و لحلفائها و لتطبيق استراتيجيتها. انها على دراية بما تعيش فيه المنطقة من التناقضات، و يمكن ان تنجح في ما هي جائت من اجله، لانها تمتلك المقومات التي تكون اكثر تاثيرا و تحركا و تلائما مع ما تتطلبه المنطقة من تمتلكه امريكا و حلفائها الغربيين . لو كنا نقيٌم المنطقة و ما توجهت اليه بعد الربيع العربي، فان التغييرات السلية التي حدثت اجبرت الدول ان تفكر في ادعاء من يمد لها يد العون و اصبحت في ظروف لصالح من ينقذها او حتى اصبحت الشعوب تنادي الى اعادة اوضاعها الى ما كانت عليه و خاصة في سوريا و ليبيا و العراق . و عليه يمكن ان تلقى روسيا صدر و حضن رحب من سوريا و العراق و مصر و تونس و ايران و ربما تاخذ مسقط و اردن دورا محايدا، اضافة الى الدور القوي الموالي من قبل ايران و دورها الفعال في نجاح هذا التحالف الجديد.
بهذه الخطوة اصبحت مشكلة اوكرانيا في حكم المنسية و عبرت روسيا المرحلة التي كانت تعاني من الضغوطات على باب بيتها . و وجهت الانظار اليها من كل حدب و صوب في العالم و اعادت الثقة الى من اعتمدت عليها بشكل او اخر في ضمان مصالحها المتضررة من القطب الاوحد، فنرى ان الحلف العالمي الجديد بشكل و تركيب و توجهات ومضامين مختلفة على ابواب الانبثاق و ربما يستغرق التركيب و قتا الا ان العملية ابتدات و بدات نقطة الانظلاق .
هل يمكن للدول الغربية و خاصة دول ناتو عرقلة ما تهدفه روسيا و الاقرب الى سوريا هي تركيا التي يمكن الاعتماد على عليها في حياكة المشاكل او يمكن ان تخول السعودية و دول الخليج الاخرى لعمل ما يمكن ان يضر بما تهدف روسيا او تؤخرها على الاقل لحين انهاء مشكلة داعش التي من الواضح ان امريكا تتسرع في ايصاله الى ما تريد ان تثبته على حال يمكن ان يفيدها في استراتيجيتها البعيدة جدا . فهناك من ينتظر نجاح روسيا، و هناك انضم فعلا الى مخططاتها و انتظرها و تلهف في الانضمام اليه، و هناك من على الطريق بعد التلميح لما يمكن ان يفعل من اجل ابعاد اضرار افرازات القطب الواحد على مصالحه . مهما خططت امريكا لما يمكن ان تفعله لانتاج شرق اوسط جديد، فانها اما تتسرع في خطواتها، او انها تعيد النظر في بعض منها نتيجة لما فاجئتها به روسيا في هذه الخطوة غير المتوقعة منها، على الرغم من ان تصريح البعض بان ما فعلته روسيا عملية متفقة عليها من قبل القوتين من قبل . و لكن الاشارات تدفعنا الى عدم تصديق ما يُقال و يبعثنا على الشكوك و يقربنا من ان العملية اجريت في مطبخ لم يوجد فيه اي طباخ امريكي او من التحالف الذي اسسته امريكا لمحاربة داعش من قبل . فتوزيع الادوار بعيد عن كل الاحتمالات بعدما وجدنا ردود الافعال الحقيقية من القريب و البعيد حول ما حصل . و اليوم فرضت روسيا التعامل مع المستجد بكل قوة على الجميع، و ليس امام الغرب الا التفاعل مع الموجود بطرق سياسية بحتة ، و لروسيا القدرة و الارضية التي تمكنها من الصمود في فشل اي تخطيط لافشالها، و انها بدات بخطوات قوية لا يمكن لاي دولة في المنطقة ان لا تحسب حسابات دقيقة في اتخاذ موقف ازاء ما بداتها روسيا في سوريا و ما غيرت من صلب المعادلات جذريا . و به يمكن ان نتوقع ان روسيا اعادت الهيبة و المكانة السياسية العالمية لها بفضل انبلاجها في عملية مصيرية مفاجئة قد تعيد مسار تاريخها الحديث بشكل ملحوظ . و ليس للبعض من القريبين على سوريا الذي يعارض ما جرى الا الخضوع للامر الواقع بعد توصل روسيا و امريكا الى صيغة تتوافق مع مصالحهما، و هذا المتوقع و خصوصا نحن نعرف اوباما و سياساته و تردده و خطواته و توجهاته و نياته في كيفية انهاء دورته الرئاسية .
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست