سحابة صيف صفراء لتغطية نشر الدرع الصاروخي
Friday, 09/09/2011, 12:00
ربما يقتنع بعض من يتمنى ان يعاد ترتيب المنطقة بشكل افضل، بحيث يحلم بتحقيق اهداف الشعوب المغدورة او يقنع نفسه بان الخلافات الاخيرة بين تركيا و اسرائيل نابعة من صحوة ضمير او من انسانية تركيا و ايمانها العميق التي تدعيه بالعدالة و المساواة و اعادة الحقوق لاصحابها و لمن سُلب منه و تتثعلب على انها تؤمن بالشرائع السماوية و هي تبني سياساتها على المباديء الاساسية لحقوق الانسان و حرية و حق هذه الشعوب في تقرير مصيرهم، و يتعاطف هذا البعض معها على انها مدافعة صلبة عن حقوق الشعوب المغدورة كما تُظهر نفسها على العلن و هي تريد ان تخدع بها الراي العام العالمي في حقيقتها، و هي تريد ان تثبت ولو علنيا فقط على انها مصرة على ان تعيد النظر في افعالها السابقة و في طريقها الى تصحيح اخطائها، و ها هي تقدم الدليل الساطع لهؤلاء على ما هي منعكفة فيه و هو ابداء ضغوطاتها على اسرائيل كي يعتبرها الجميع انه فعل مبدئي ناجم من صميم ايمانها بما تعلنه على الملأ و ليس من ورائه اغراض سياسية قحة كما تدعي هي ذلك و تكررها، ولكن ما تنويه من التكتيك الفضيح في تسيير سياساتها الاقليمية و الدولية و الداخلية تريد ان تغطيها بتلك السحابة الصفراء، و كأنها تريد ان تصدق نفسها قبل اية جهة اخرى.
من يعيد ذاكرته قليلا الى الايام الماضية القريبة و يتمعن في كيفية تصعيد تركيا للهجتها ازاء اسرائيل و تموجها في تعاملها مع احداث المنطقة و هي تريد تسليط الضوء على ما تفعله على العلن و من خلال وسائل الاعلام ، و بالامس وما اعلنته من ما تنويه ارسال قافلة المساعدات و بحماية بحريتها، انها حقا نجحت الى حد كبير ان تلفت الانظار و خاصة من ينظر سطحيا الى ما تفعل، و كل ما كانت تفعله في هذه الاونة من تجسيد الارضية المناسبة و دون اي تشويش لنشر الدروع الصاروخية في هذه المنطقة التي تعتبر من المهامات الاستراتيجية الكبرى للقوى العالمية، و في منطقة تحمل الكثير من التعقيدات ومن المعادلات السياسية و الصراعات التي تحتاج لمثل هذه الضجة انجاز المهمة بسلاسة و يسر، و من جهة اخرى لتبعد النظر عن تحقيق الهدف الحقيقي و تريد ان تمر العملية مرور الكرام و بها تحقق ما تهمها، انها اخذت الدروس من العملية ذاتها في بولندا و ما جلبت معها من الالغاط ، و هنا ما يجري في هذه المنطقة اعقد و يمكن ان تحمل معها ما تجر هذه البقعة الى الفوضى و تبقيها في دوامة الصراعات الكبيرة، و بالاخص و هي مليئة بالالغام الموقوتة، و في وقت نعيش في خضم الصراعات المختلفة بين الاطراف المسيطرة على المنطقة و ما تعمله القوى الكبرى في العالم . بينما تركيا تفعل ما هي معتكفة عليه و ما تهم استراتيجيتها و تفعل كل ما بوسعها لتبعد الكلام عن تناقضاتها العلنية عما تفعله في السر من جهة اخرى، و الا لماذا في هذا الوقت بالذات تعلن و تسخر اعلامها الجبار و تسلط الاضواء بقدر ما تتمكن على تعليق العلاقات الدبلوماسية و العسكرية و الاقتصادية مع اسرائيل و محاولة ارسال ما تسميه المساعدات الانسانية الى الشعب الفلسطيني(و يدمي القلب عندما يعلم المتعمق في قضايا الشرق الاوسط كيف تتعامل هذه الجهات بقضية فلسطين باسم الحقوق، و الشعب هو الذي يدفع الثمن) و تكون كل تلك الهلهلات متزامنا مع تثبيت الدروع الصاروخية على ارضها و لاي غرض كان .
انها نجحت الى حد كبير حقا في خلق سحابة صيف صفراء لتغطية فعلتها من اجل منع لفت الانظار على عملها و هدفها الرئيسي، و المؤسف ان بعض الجهات الساذجة صدقت ما تعلنه تركيا و كأنها تمن عليهم بمواقفها و تفعل ما لصالحهم و لها الفضل في تحريرهم و ليس من اجل مصالحها التي تخفيه عن الجميع، انها حقا تفعل ما تفيده من التشويش المصطنع على علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل على العلنمن جهة، و تريد ان تعيد تنظيم ما تؤمن انه عليها ان تتبع استراتيجية جديدة بعد ياسها من دخولها في الاتحاد الاوربي من جهة اخرى، و لكن لن يطول بقاء هذه السحابة المصطنعة في هذا المسار و بيدها الزر اينما و متى ما ارادت ان تعيد المياه الى مجاريها فانها تعمل على انقشاع السحابة دون اية ضجة و في اللحظة المناسبة، و الا لماذا تعليق جزء من علاقات و ليس قطعها و انزال العلم الاسرائيلي ان كانت صادقة في ماتعلنه و في عملها و ان كانت ادعائاتها نابعة من صميم قناعاتها الفكرية الفلسفية و ايمانها الحقيقي بحقوق الشعوب المظلومة (فشعبها اولى بالمعروف) ، و ان لم تكن سياسة مضللة و تكتيك فاضح فالطريق الصحيح اقصر .
لمعرفة جوهر ما يجري يحتاج الى القليل من التدقيق البسيط في افعال و ماضي هذه الدولة، و بالاخص بعدما تيقنت ان انضمامها الى الاتحاد الاوربي ليس بقريب، بغيرت من توجهها و مسارها و استحضرت ما بامكانها و تقدم لحد اليوم على ما تمكنها من اعادة امجادها العثمانية و تنوي ان تحكم المنطقة وفق ما تتقبله المتغيرات و ما فيه المنطقة من الظروف السياسية الاقتصادية الثقافية الاجتماعية العامة، و حملت ما بجعبتها و توجهت الى المنطقة او غيرت كليا من وجهتها لفترة معينة و هي تعيد ما تحلم به من تحقيق ما كانت عليه اجدادها، و في هذه الاونة تريد استغلال ما تحمل المنطقة من الفرص في الدخول اليها من الابواب و النوافذ بعد الثورات المتعددة ، و تفعل كل ما بامكانها لتعيد الاوراق و تخلط ما كانت سائدة حتى الامس بحيث تفضل ان تكون في الطليعة لما يجب ان تتجه اليها الجهات الفاعلة في المنطقة و تكون حلقة وصل مهمة ايضا، و تعتقد ان الشاطر من كانت له اليد الطولى في اعادة تنظيم المنطقة .
اما من جهة اخرى، فانها و في الوقت ذاته الذي تسلط الضوء على ما يجري بينها و بين اسرائيل على العلن تقدم على ارتكاب جرائم بحق الشعب الكوردي و حركته التحررية سواء داخل حدودها المصطنعة او في خروقاتها المستمرة لاقليم كوردستان و قتل المدنيين الابرياء، و تقدم على الافعال الشنيعة التي تعتبر وصمة عار في جبين من تدعي الالتزام بمباديء القيم الانسانية و السماوية و تفعل بعكس ما تعلن على الارض، و هي تريد ان تغطي هذه العمليات ايضا بتلك السحابة الصفراء التي هي من صنع غرفها العملياتية المخابراتية ، و لا يمكن ان تفعلها دون تلقيها للضوء الاخضر من عرابها الكبير و صاحب الفضل عليها و على الحزب الذي تقلد السلطة و الحكم و يعتمد عليه في كل صغيرة و كبيرة.
هنا يجب ان نعلن ما نعتقده فيما يخص هذه العملية ، اي ما تعلنه من عدائها العلني و المفاجيء لاسرائيل الصديق الحميم بالامس القريب و صاحبة الفضل عليها، و كأنها تريد حفظ ماء وجهها و اعادة هيبتها و صون كرامتها التي انكسرت اثناء سيطرة القوات الاسرائيلية على سفينة مرمرة و ما حدث فيها، و لكنها تعلم ايضا بانها لا يمكن ان تكون في الضفة الاخرى من طرفي المعادلة التي توجد فيها اسرائيل و ليس لها القدرة على عمل نقيض ما يمكنها ان تفعل، و الا لتريثت قليلا في ما يعتبر تهريجا لمن يعرف تركيا و سياساتها، و انها غارقة في وحل مشاكلها الداخلية. و عليه، فان العلاقات الحميمية التي تربطها باسرائيل لا يمكن ان تنقطع بشكل دائم و ستعيد ما اجبرت على الاقدام عليه لاغراض اخرى اليوم او غدا بعدما تتاكد انها انجزت المهام التي افتعلت الفوضى من اجلها و هي التي وُكلت بها، والتي تحقق استراتيجية مهمة لامريكا ايضا في هذه المنطقة بالذات. لذا على الجميع ان لا ينخدع في فقاعات تركيا و ما تعلنه من الكلام المعسول حول الحقوق المغتصبة للشعوب، و بنظرة سطحية الى تلك البهلوانيات و من يدعمها فيها ستنكشف للجميع ما وراء الستار، و غدا لناظره قريب .
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست