الحرية بين مدقة السلطة و سندان خطباء الجوامع في كوردستان
Friday, 07/01/2011, 12:00
منذ مدة ليست بقصيرة تحاول بعض تيارات السلطة و الجهات المحافظة في كوردستان تكميم افواه المثقفين و تضيق عليهم الخناق بكل الوسائل المتاحة امامهم من حيث اللجوء الى المحاكم المسيسة اصلا او بواسطة المعممين من خطباء الجوامع و بتحريض و تشجيع الاسلام السياسي المتربص دائما بالعلمانيين ، و يكشفون عنه فيما بعد في كل حادث و ظاهرة تمر على كوردستان.
الحجة و المبرر غير المقنع هو عدم اعتبار الكتاب و المثقفين للظروف الموضوعية و مس المقدسات و الاقتراب من الخطوط الحمر للسيادات و استخدام اللهجات و التعابير الخشنة و الاستخفاف بالشخصيات السياسية و التصرف بعيدا عن المسؤولية وفق ما نحن موجودون فيه من المرحلة كما يدعون، و من ثم ينعتون النشطاء و الكتاب بنشر القيم الغربية و اهانة الدين و المؤمنين و العقائد الاجتماعية السائدة، و يتهمون بنشرهم و ترويجهم للسلوك غير الملائم للوضع الراهن و المنافي لما هو متجسد من الروابط الاجتماعية!!
و هنا يتوضح لدى الجميع بان هناك تعاقد ربما غير رسمي بين بعض جهات السلطة و المحاكم المسيسة و رجال الدين الذين ياخذون ما يخص الدين مهنة لهم بتجرد كامل بعيدا عن الحرية في الاعتقاد و الايمان و انما يتعاملون معه كعمل يومي من اجل كسب الرزق، و هذا ما يفرض عليهم ابداء الاراء حول هذه القضايا حسب ما تقتضيه مصالحهم ليس الا.
كان من المامول كما يعتقد الشعب ان تكون حرية الراي ضمن اطار القواعد و القوانين المعمولة بها و من يخرقه يحاسب وفق محاكم مستقلة حرة غير خاضعة لاهواء السلطات، و لكن ما يشاهد عكس ذلك بالضبط، و الاخطر من ذلك الاستناد على القوانين القديمة الصادرة في زمن اعتى دكتاتورية و نظام شمولي قمعي في العالم، و هذا ما يحتاج الى اعادة النظر في امورعدة و السعي الكامل من اجل اعادة الثقة بين المواطن او المثقف بالذات مع المحاكم و استقلاليتها وعدم استغلالها لاغراض و اهداف سياسية بحتة، و منع فرض الراي الواحد و ما تجبره الشخصية الكاريزمية و العودة بالتاريخ الى الوراء و انتاج حكم ملكي و ثقافة الرعية و الرعاة، و يجب تقييم البرلمان الذي يحوي على مجموعة من ممثلي الاحزاب و ليس بشرط ان يعبروا عن ما يامله الشعب بقدر ما تامرهم به احزابهم، و يكون في اكثر الاحيان متناقضا مع نوايا و امنيات و اهداف الشعب. و من المفروض ان لا يتم الاعتماد على الاكثرية و الاقلية في امرار بعض القوانين المصيرية الحساسة التي لها علاقة بمستقبل القيم و الحرية و الثقافة و النظام العام للمجتمع ، و هي التي توجه الشعب الكوردستاني و ترشده في اتباع الطريقة الملائمة للحياة الديموقراطية الحقيقية، و لا يمكن ان تخض القوانين الحساسة لاوامر الاحزاب و قياداتهم من خلال ممثليهم و هم الاكثرية او الاقلية، و هم لا يمكنهم الخروج عن الطاعة ، و الواقع يفرض التوافق بعيدا عن نزعة التحزب و متطلباتها.
من المؤسف ان يعتبر رئيس الاقليم لراي و موقف خطيب جامع و يرد قانون مرر بالاكثرية ايضا اكثر من اعتباره لالاف المثقفين في امرار قانون اخر ، و هنا تقع الطامة الكبرى و يتوضح لدينا موقع المثقف من مزاج و عقلية القادة ، و ليس السلوك هذا الا نابعا من تحزب القادة الحكوميين و تمسكهم بجماهيرية احزابهم و ضمان عدد اصواتهم اكثر من اهتمامهم بمصير الاقليم و مستقبله، و الدليل عدم مصادقة رئيس الاقليم على قانون مرر بالاكثرية و فيه كلمة( الجيندر) و نوقش في برلمان و استوضح الامر بينما لم يهتم بما وقع على الارض من الاعتراض الجماهيري لقانون تنظيم التظاهرات، و يصادقه بلمحة بصر دون ان يفكر في ما يجلبه من وراء هذه المصادقة، و الذي لم يقتنع به مئات الالاف من المواطنين و في مقدمتهم النخبة المثقفة التي يجب ان يحسب لارائهم و مواقفهم دائما. و اننا حقا لم نستغرب عدم اعتراض هؤلاء الخطباء في الجوامع التي يعتاشون على السلطة من امرار قانون التظاهر و كثفوا جهودهم على كلمة تهم مصالحهم المهنية فقط.
هذا هو التناقض بعينه و الذي يعيشه الشعب هنا ، و هو حائر في امره لا يعلم ماهية النظام الموجود و يتسائل هل هو علماني و يفصل الدين عن الدولة ام هو واقع على الاستمرار تحت رحمة الخطباء و الاسلام السياسي، و ما يلمسه الشعب هو ان قياداته يعتنون بما يطلق من المساجد اكثر بكثير من المنابر و المؤسسات الثقافية ، هذا هو الخطر المحدق بتجربة اقليم كوردستان و سيبقي الوضاع على شفا الخطورة الدائمة و تكون هذه التجربة مهزوزة و خاضعة للسقوط في اية لحظة ، و الشعب يعيش في خوف و قلق مستمرين ومن السهام الموجهة الى صدور النخبة و المثقفين على وجه الخصوص و لم يؤخذ بارائهم و مواقفهم الصحيحة التي تهم الشعب و ليس لهم فيها ناقة او جمل.
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست