کتێبی بیرەوەرییەکانی کاپیتان موحەمەد مەولودییان بە دەنگ گوێی لێبگرە (کوردبوون)


ضحية الخلافات الكردية... أبطال بلا قبور!

Friday, 12/03/2021, 15:10


اقام مركز (روج آفـا) للدراسات الاستراتيجية في 20 شباط 2012 في مدينة قامشلو لقاء ركّز على ظاهرة الخلافات الكردية-الكردية بكافة مشاربها خلال قرن من الزمن. – الخلافات أمر طبيعي ان لم تنزلق نحو العنف - أما الحوار الديمقراطي الهادئ وتحكيم دور العقل في حلّ الخلافات الداخلية فهي بذرة تأخرّ نموها في مجتمعنا الكردي، ولكي تنمو لابدّ من تسميد حقل السياسة الكردية بثقافة خلاقة ووعي جديد يساهم في تحرير عقولنا من القوالب التقليدية الجامدة، ولابد من مراجعة تاريخنا بروح أكثر انتقادية وجرأة واخلاصا ومن ثم الانتقال من مرحلة التشتت الى التوحد للعمل في مشاريع وطنية مشتركة على مستوى كردستان ومع شعوب منطقة الشرق الأوسط.
كانت بادرة إيجابية وموضع تقدير عالٍ للذين نظموا هذا اللقاء.
هذه الخلافات انعكست في الادب والثقافة والتاريخ الكردي، وهي لاتزال تسمم العلاقات في كافة أجزاء كردستان وسلاح بيد المحتلين لعرقلة نضال الامة الكردية.
آثار هذه الخلافات ان لم تؤدي بالشعب الكردي الى اليأس ألا انها بلا شك ساهمت في ابطاء مسيرته التحررية وعدم تحقيق وحدة النضال القومي المشترك والمتجانس بين أجزاء كردستان.
العوامل الخارجية  والداخلية تتداخل في كثير من الأحيان، فالمجتمعات التي تعاني من الانقسامات العميقة ومن الفقر والجهل وابتلت بقادة أنانيين، تكون سهلة الاختراق ثقافياً وامنياً وسياسياَ، ويصبح العامل الخارجي متحكما في قضايا الشعوب المصيرية.
للشعب الكردي، خصائص فريدة، فهو يعاني من احتلال رباعي من صنع الاستعمار الغربي بعد الحرب العالمية الاولى، والمحتلون متعاونون فيما بينهم ضد تحرره وتوحيد وطنه وحرمانه من حقوقه القومية. – حاليا العراق يستثنى، فالنظام فدرالي -.
برز زعماء وقادة تاريخيين قادوا ثورات تحررية وحققوا الاستقلال لشعوبهم من أمثال جواهر لال نهرو، هوشي منه، كاسترو وجيفارا، أحمد بن بلا، لومومبا، جمال عبد الناصر وآخرون، كانت النزعة الرومانسية طاغية لدى الشعوب المستعمرة، ولم يكن الشعب الكردي بمعزل عن هذه العاطفة خصوصا بعد التجزئة الاستعمارية لوطنه وتعرضه للاضطهاد القومي.
ولنبدأ بالانتفاضة المعروفة بـ ـ ثورة أيلول 1961-1975، قام قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني بِحَث الجماهير التواقة الى التحرر بالانضمام الى "الثورة" التي اندلعت عام 1961 بقيادة الحزب الطليعي (ألبارتي) والبطل المحبوب (ملا مصطفى البارزاني) والحق يقال استجابت الجماهير بشكل عام لهذا النداء فانضم الكثيرون الى فصائل الأنصار، وحققوا بسرعة انتصارات هامة وتوسعت المناطق تحت سيطرة القوات الكردية بشكل كبير وظهرت الثورة وكأنها راسخة قوية.
ولم تكن الجماهير واعية عما كان يجري في البيت الكردي من فوضى وفي مستوى القيادة (ملا مصطفى والمكتب السياسي) كانت الخلافات عميقة رغم انها لم تعلن. كل يُشيطن الآخر، ويبث ثقافة الكراهية والاحقاد بين أتباعه، كانت "ثورة" برأسين وبرنامجين مختلفين. خليط غير متجانس من العقلية الاقطاعية وقيم الآغا المتمسك بسلطته ويريد توريثها وعقلية البرجوازية الصغيرة الانتهازية المترددة، وفي كلتا الحالتان يغيب عنصر الانتماء للوطن وللمبادئ الثورية. مع كل السلبيات تطورت الحركة الكردية لأنها كانت مدعومة جماهيريا ونالت الاهتمام الخارجي. وكان صداها طاغيا في أوساط الجماهير الكردية عموما فأحيت آمال الشعب الكردي ونالت تعاطفه ودعمه لها، وأصبح المرتزقة الكرد موضع سخرية من غالبية الجماهير.
كانت الدعاية الحزبية تبالغ وتضخم الانتصارات وتضفي الطابع الرومانسي على الثورة وقائدها البطل الأسطوري ملا مصطفى وتشبهه بعظماء قادة القرن العشرين الذين حرروا شعوبهم. وهنا تدخل قوة الجاذبية الرومانسية لتغذي حاجة سيكولوجية ضاغطة تدفع نحو التعلق والتلذذ بالأوهام وتتعامل معها كحقائق بدل رؤية الواقع كما هو. وعندما تمتزج الرومانسية بقداسة مُصطنعة وتحولها الى عصبية حزبية أو قومية أو شخصية يستعصي على العقل الانفتاح ورؤية الواقع، فيستمر النمط القديم بكل سلبياته ويعادى كل مساعي التغيير، والوضع الحالي في اقليم كردستان الفدرالي يجسد استمرارية نمط العقلية القديمة الغير ملتزمة بأية ضوابط أو محرمات، وتسمح بتجزئة المجزأ من الوطن الكردي. وهنا ليس المحتل الأجنبي الذي جزأ اقليم كردستان في العراق الفدرالي مؤخراَ، انما قادة الحزبين الحاكمين الكرديين في أربيل والسليمانية كل يدير مزرعته أو ضيعته وكأنه أمر عادي تماما.
كان صدى الثورة مدويا. وغدت قبلة للثوار في الأجزاء الأخرى من كردستان ونالت التقدير والاعجاب واعتبروا قائد الثورة (ملا مصطفى) بمثابة "المرجعية العليا" لهم في حال نشوء مشاكل مستعصية، وكانوا يهرعون اليه من مسافات بعيدة عبر الحدود ملتمسين تدخله الأبوي لإيجاد حل للخلافات التي تهدد وحدتهم. هؤلاء القادة لم يقيّموا حجم وخطورة الخلافات داخل قيادة الثورة، وان الخلاف دخل مرحلة الانفجار في وقت كان الشعب الكردي يخوض معارك مصيرية مع الجيش العراقي. وغاب عنهم أن عقلية القادة مشحونة بعصبيات قديمة، ضاربة جذورها في عمق التاريخ الكردي، وترفض أي تنازل لمنطق العقل لوقف "حرب الزعامات". ولم يَعوا عامل تجذر الانتماء للعصبيات والأنانيات والأحقاد القديمة وسهولة توريثها للأبناء والاحفاد، ففي تسعينات القرن الماضي بلغ ضحايا الحروب الداخلية بين (حدك و أوك) الآلاف، ولم يعد الاستنجاد بدبابات صدام حسين عام 1996في القتال الداخلي مبعث خجل. فعندما يتعلق الأمر بـ (الرئاسة) لامكان للوطن أو حكم التاريخ، فتداس كل المحظورات دفعة واحدة دون خشية من العواقب.
القادة الثوريون في الأجزاء الأخرى من كردستان لم يدركوا عمق العلاقات التي تشّد قيادة البارتي بجهاز السافاك الإيراني وبالموساد الإسرائيلي وال C.I.A والميت التركي، والعلاقة مع الأخير كانت في غاية السرّية وفي نطاق محدد. ثم أن هؤلاء القادة القادمون من الأجزاء الأخرى من كردستان، لم يستوعبوا أن مجرد وجودهم في كردستان المحررة، يمنح قيادة الثورة الكردية ورقة قوية للتعامل مع الدول التي أتوا منها، وذلك في حالة وجود قيادة غير ملتزمة بالمبادئ الثورية والوطنية. باختصار لم يحللوا بشكل صحيح حقيقة الزعامة الكردية التي تقود ثورة أيلول، كانوا مبهورين بالانتصارات في جبهات القتال ولم تراودهم أية شكوك الاّ بعد الوقوع في المصيدة.
عندما نشبت في ستينات القرن الماضي خلافات بين قادة سياسيين في كردستان (روجآفا)، جاءوا الى موطن الثورة للقاء "المرجعية" رئيس الحزب "ملا مصطفى" ومعهم حميد درويش وجكر خوين عسى أن يجدوا حلا للخلافات المتفاقمة، وكانت النتيجة عكسية تماما، اذ تعمقت الخلافات وزادت الانشقاقات داخل صفوف الأحزاب الكردية السورية بشكل مذهل.
وبعد أن تعمقت العلاقات مع الـ (سافاك) الإيراني، اتضح تكلفة هذه العلاقة وحقيقة القيادة الكردية ومرجعيتها، فقد تم تصفية شخصيات قيادية من الطراز الأول في (حدك) إيران، سليمان معيني في 15/5/1968 استجابة لطلب حكومة الشاه وسلمت جثته للسافاك الإيراني.
أحدثت جريمة قتل (معيني) صدمة كبيرة لدى معظم السياسيين والوطنيين الكرد، لذا تبنت قيادة (البارتي) وجهاز (الباراستن) أسلوب إخفاء بصماتهم في الجرائم المقبلة والتي توسعت، والتخلص من المطلوبين إيرانيا وتركيا أو حتى لأسباب شخصية وبتكتيك خبيث، لا ينكشف دورهم في الجريمة فحسب بل يسمح لهم كما يقول المثل أن (يأكل مع الذئب ويبكي مع الراعي) وثم بث دعاية واسعة من ان الضحية جنى على نفسه بنفسه.
وجاء دور سكرتير (حدك/ايران) ألمعروف باسم (أحمد توفيق) فقد كان رأسه مطلوب سافاكياً، فتم إبلاغه بأن وجوده في مناطق (بالك) غير مرغوب وعليه المغادرة الى (بادينان) والاختفاء هناك. فانصاع للأمر وغادر مع رفاقه، لكن المضايقات ظلت تلاحقه، وكان يعيش في خوف ان يلقى نفس مصير رفيقه في النضال (معيني) وفيما كانت صدمة التغيير التي لمسها من قيادة ملا مصطفى لاتصدق، قرر أن يأتي لزيارة والدي وهي مسافة تطول ثلاث أو أربع أيام، وهنا أروي شهادتي للتاريخ باختصار شديد: حلّ ضيفا علينا في قرية (ريزان) مساءَ، وبعد صلاة العشاء جاء والدي للترحيب به، فقد كان يقدره تقديرا عاليا، كنا نحن الثلاثة والدي، أحمد توفيق وأنا، شَرح لوالدي ما حصل لسليمان معيني، وقال الآن  حكومة الشاه تطلب رأسي، وطلب من والدي ابلاغ ملا مصطفى، أن أحمد توفيق موافق على تسليمه الى جهاز (السافاك) بشرط واحد، أن يكون ذلك مقابل 10 دبابات تسلم للثورة اولا. اندهش والدي وقال: لم يحصل هذا من قبل في بارزان وليس هذا من شيمنا، قال أحمد: أعرف، لكن هذا حصل.
عاد أحمد الى بادينان لكن المضايقات لم تتوقف الى أن اضطر الى الهرب ولجأ الى بغداد، وفيما بعد جاء خبر مصرعه وتحت التعذيب الوحشي، وهكذا أصاب الشلل الحركة التحررية الكردية في كردستان /إيران، وحقق السافاك ما أراده.
ثم جاء دور كردستان الشمالية، فقد لعب القياديين البارزين سعيد ايلجي و دكتور شفان دورا هاماَ في نهضة الكفاح التحرري الكردي في كردستان الشمالية، جاءوا الى كردستان المحررة وهم تحت مظلة الثورة مطمئني البال، وبقيا في مناطق بادينان حيث قربهما من الحدود التركية يمنحهم إمكانية تجنيد الكادر اللازم لبناء حركة تحرير وطنية في مواجهة دولة عنصرية ظالمة عضوة في حلف الناتو. وفيما بعد، ذاع الخبر المؤلم والغامض من قيادة البارتي أن الدكتور شفان قتل القيادي سعيد ألجي ورفيقه محمد بكي اثر خلافات بينهما في 6/6/1971 وأمرت قيادة الثورة قتل الدكتور شفان ورفاقه في 26/11/1971 بذريعة تفادي فتنة داخلية بين انصار (أيلجي) وانصار (شفان). والخطأ هنا جاء من الاثنين وهما اللذان جنيا على أنفسهما!  يصعب تصديق الرواية وحذف دور الميت التركي بالأخص كانت العلاقات موجودة بين مسؤولين محط ثقة قيادة ملا مصطفى للتواصل مع الميت التركي.
وتشاء الصدف بعد 44 عاما من مقتل (د. شفان) أن التقيت بابنه (دارا) شخصية بشوشة وذو نزعة إنسانية عميقة. شعرت أن الجرح العميق الذي خلفه فقدان والده وهو طفل لم يندمل. وكان قد زار إقليم كردستان وطلب مقابلة مسعود ملا مصطفى الذي أصبح رئيسا للإقليم، وكان أثناء مقتل الدكتور شفان عام 1971 المسؤول الأول لجهاز (الباراستن)، كان هدف الزيارة معرفة موقع دفن والده وقراءة سورة الفاتحة على روحه، لم يلب طلبه هذا، وعاد أدراجه. لا يسع المرء الى التساؤل من (قيادة حدك) وراء اصرارها على إخفاء القبور حتى بعد مضي 44 عاما، وهي تدعي الوطنية والدفاع عن حقوق الشعب الكردي! انها محاولة لقتل الذاكرة القومية وفرض النسيان وان (الدكتور شفان ورفاقه) لا وجود لهم. أنها جريمة أخرى لا تقل بشاعة عن الجريمة الاصلية. كذلك (سعيد ايلجي) ورفاقه، خبأوا معالم قبورهم! ثم توسعت هذه العادة لتشمل العديد من ضحايا حرب الزعامات!
هؤلاء أبطال بلا قبور. نحن مدينون لهؤلاء القادة التاريخيين الذين وهبوا حياتهم لقضايا شعوبهم في أحلك الظروف وأصعبها ولابد من شن حملة واسعة وبإصرار لكشف قبور هؤلاء الأبطال.
جثة (سليمان معيني) لم يخفيها جهاز السافاك، بل سلّمَ الجثة الى ذويه في مهاباد ويمكن زيارته في المقبرة التي دفن فيها.
يجب أن تدان بشدة الأحزاب التي قامت بهذه الجرائم، اذ كيف نندد بوحشية ممارسات الأعداء بحق شعبنا الكردي بينما قيادات كردية معينه ارتكبت بحق شعبها جرائم مخالفة لجميع المواثيق والمعاهدات والاعراف الدولية بينما راعت تلك القوانين مع المحتلين!

نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست






کۆمێنت بنووسە