کتێبی بیرەوەرییەکانی کاپیتان موحەمەد مەولودییان بە دەنگ گوێی لێبگرە (کوردبوون)


هل جزاء الإحسان إلا الإحسان يا سيادة البرزاني- الجزء الثاني

Saturday, 26/11/2011, 12:00


كنت قد أوليت اهتماما خاصا في الجزء الأول لمقبرة الأحياء المتمثلة في (سجن قصر النهاية) فلربما لايعي الكثير من الشباب الحالي أساليب البعث الوحشية التي درج عليها في التعامل مع صفوة المناضلين العراقيين. وقد لايدرك بعضهم كيف أن البعض ممن أسندت لهم اليوم مسؤوليات كبيرة في الحزب الديمقراطي الكردستاني، قد طمعت نفوسهم المريضة أمام مغريات البعث ليكونوا أذرعاً له وأدوات تنفيذ مبتذلة لمخططات تشويه واغتيالات بحق أصحاب التضحيات الحقيقية والمواقف الوطنية والإنسانية. وقد ضربت مثالا على ذلك أفراد العصابة التي أقدمت على محاولة اغتيالي في ولاية كاليفورنيا الأمريكية بتخطيط مشترك بين المخابرات الصداّمية وفاضل مطني ميراني وبتنفيذ مسؤول اللجنة المحلية للحزب الديمقراطي الكردستاني والمدعو جمال قاسم الذي أدين من قبل القضاء الأمريكي لينال الحكم المؤبد آنذاك. وسأتناول في هذا الجزء محطّات أخرى من التضحيات منها ما يخصّني وأخرى تخص والدي وأخوتي وآخرين.
أولا: باكورة العمل السياسي ونكسة 1975
كان للظروف السائدة أواخر الحُكم الملكي في العراق أثرها الكبير في توليد مناخ سياسي ساعد على تنمية الحس الثوري لدى الشباب والدفع بإتجاه دخول ميادين العمل السياسي، لذا وجدت في الحزب الديمقراطي الكردستاني آنذاك النافذة السياسية للتعبير عن تطلّعاتي في العيش بحرية وكرامة، ففي العام 1957 قرّرت الإنضمام للحزب ومن هنا كانت البداية مع رحلة نضالٍ شاقّة استمرت سنين طوال لحين النكسة التي مُنيتْ بها الثورة الكردية عام 1975 على أثر إتفاقية الجزائر الخيانية. وقد تخللت هذه الرحلة النضالية هجرات قسرية و نفي سياسي واعتقالات طالتني شخصيا، وتهديدات وحرب نفسية وقطع أرزاق طال أهلي ومعارفي تسديدا لثمن الإنتماء للحزب الديمقراطي الكردستاني الذي قدّمنا له كل مابوسعنا لتحقيق الشعار المرفوع (الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان العراق) وبعد أن تحقق له مايريد وأكثر، تنّكر المندسّون والعملاء لصفحات نضالنا وحجم تضحياتنا التي وصلوا بها الى ماهم عليه الآن.

لقد تعرّضت للإعتقال بعد اندلاع ثورة الحادي عشر من ايلول عام 1961 في كردستان العراق نتيجة الإسناد والتواصل مع أفراد البيشمرگه الذين التحقوا بالثورة، وفي أواخر تشرين الثاني من نفس العام تم إطلاقي سراحي مقترناً بإبعادي من أربيل الى راوندوز، لم يكن الأمر بالنسبة لي سهلا آنذاك ألا أني حاولت جاهدا التكيّف مع الوضع الجديد لحين عودتي مجدّدا الى المدينة الأم (أربيل) عام 1963 بعد انقلاب شباط الأسود وتحديدا بعد الهدنة المؤقتة 9 آذار التي أعلن عنها مجلس قيادة الإنقلاب آنذاك. وفي حزيران من نفس العام وبعد مضي أشهر على عودتي لمدينة أربيل فشلت الهدنة وتجدد القتال مع الإنقلابيين البعثيين وبدأت أنظار المخبرين تلاحق الكوادر الواعية والنشطاء السياسيين وشرعت تشكيلات الحرس القومي في الهيمنة والإستهتار. في خضّم تلك الأحداث باتت اللقاءات المصغّرة مع أعضاء الحزب لاتخلو من المغامرة، ففي أثناء عودتي الى البيت بعد اجتماع مصغّر ببعض الناشطين في نادي المعلمين تم إعتقالي من قبل ميليشيا الحرس القومي واجهت حينها صنوفاً من التعذيب والإهانات والابتزاز المادي وتوسّط بعض الوجهاء ليُطلق سراحي فيما بعد مشروطا بالإبعاد من أربيل الى الموصل هذه المرّة.

لم تمنع الملاحقة الأمنية والإبعاد المتتالي من مواصلة العمل السياسي وتنشيط هيكلية الحزب الديمقراطي الكردستاني في المناطق التي أبعِدت لها، بل دفع بي ذلك الى مضاعفة الجهد، خاصة في الموصل حين أسندت لي مهام مسؤول اللجنة المحلية في المحافظة التي كانت مرتبطة تنظيميا بالفرع الأول للحزب. وعلى أثر هذا التفاني والإندفاع الذاتي في تنفيذ المهام الحزبية وتسرّب المعلومات للجهات الأمنية بواسطة العناصر المندسّة في التنظيم، كنتُ قد تعرضت للإعتقال لينتهي بي المطاف في سجن قصر النهاية عام 1969 ثم أطلق سراحي بتدخل من السيد مسعود البرزاني وعلى طريقته الخاصة، وكما أشرت الى ذلك بالتفصيل في الجزء الأول

في أواخر عام 1971 تم نقلي حزبيا الى الفرع الخامس في بغداد بدرجة عضو فرع. حيث طلب مني مسؤول الفرع آنذاك (الشهيد صالح اليوسفي) تشكيل ( مكتب العمال والفلاحين ) في مقر الفرع الخامس ، لكي يتم بعدها فتح مكاتب فرعية في المحافظات الكردستانية.. عدت الى سجن قصر النهاية عام 1972 وأطلق سراحي عام 1973 بالتبادل (وكما أشرت في الجزء الأول).. وقد غادرت بغداد خوفا من الوقوع بأيدي الأجهزة الأمنية للبعث المنهار.. وفي نفس العام أسندت لي مسؤولية جهاز الپاراستن (مخابرات الحزب) في منطقة قيادة الثورة آنذاك (منطقة بالك) وباشرت بإدارة الجهاز من المقر الرئيسي في گلاله. وفي أواسط عام 1974 وفي ذروة القتال مع البعث وبدء عملية النزوح الجماعي لما يربو على 70 ألف نازح نتيجة القصف المكثف والإعتقالات العشوائية، تم تكليفي من قبل السيد مسعود البرزاني شخصيا بالإشراف على الحدود العراقية الايرانية وتحديدا منطقة خانه- پیرانشهر لتنظيم وتسهيل عملية النزوح والإشراف المباشر من مقرّي في (شيوه ره ش) على عمليات الإغاثة للحالات الطارئة التي تزامنت مع موجة حادة من تساقط الثلوج والبرد القارص. وفي عام 1975 وبعد النكسة التي منيت بها الثورة ونزوح القيادات الميدانية الى ايران مكثت في ايران مايقارب السنة، هاجرت بعدها الى الولايات المتحدة في منتصف 1976 الى ولاية كاليفورنيا- مدينة سان دييغو تحديدا والتي لازلت مقيما فيها والى اليوم. ومما يستوجب التنويه عنه، هو اني قد ابتعدت عن العمل السياسي في الحزب الديمقراطي الكردستاني منذ 1976 والى اليوم.

ثانيا: اعتقالات ومعاناة الأهل والأقارب.

كان والدي الحاج طاهر مصطفى أكثر المتضرّرين من جراء التقارير التي يدوّنها عملاء المخابرات العراقية خارج العراق الى بغداد. فقد كان المحل التجاري (الدكان) مصدر رزقه الوحيد، هدفاً لرجال الأمن بين الحين والآخر. كثيرا ما يقتادوه من وسط زبائنه الى دائرة الأمن للتحقيق والإستفزاز والمضايقة. كان رجال الأمن يطالبونه بالسفر الى الولايات المتحدة لإقناعي بالعودة الى داخل العراق أو على الأقل استدراجي الى أحد البلدان العربية المجاورة لكن الوالد (رحمه الله) يجيبهم بأن "علاقتي بولدي مقطوعة منذ زمن بعيد ولاسلطة لي عليه.. وبعد ذلك ألزموا والدي وأخوتي بالحضور المنتظم لدائرة الأمن بشكل منفرد لغرض الإستجواب وفي نفس الوقت ألغوا الإجازة التجارية منه (إجازة بيع السكاير والشاي والسكّر) فبقي محلّه فارغا ليبتدأ رحلته مع الفقر والحرمان .. استمر الحال هكذا الى يوم وفاته بالسكتة القلبية في 1/9/1985 وكان اليوم الذي يجب أن يذهب به الى مديرية الأمن ليتعرض الى الضغط النفسي والتعذيب..!. ولم تبق أمي بعده طويلا حتّى فارقت الحياة أيضا.

كان أحد أبناء شقيقتي فؤاد محمد سعيد هو الحرس الشخصي لي في العمل الميداني قبل النكسة، وبعلم السيد مسعود البرزاني وعلم السيد شكيب عقراوي وعضو اللجنة المركزية للحزب السيد يونس رو ژ به ياني.. وقد عاد فؤاد بعد النكسة الى العراق وحلَّ ما حلَّ به مع اثنين من أخوته، ولم تمض فترة طويلة حتى فارقت شقيقتي الحياة كمداً على فقدان أولادها الثلاثة.

وقد حلّ بشقيقتي الأخرى مأساة أكبر، فقد كان ولدها (گيلان بشير مامه) ملاحقا من قبل المخابرات الصدّامية بسبب علاقتهم بي وقد تمكّن من الهرب الى ألمانيا وترك أطفاله الستة والزوجة في كردستان العراق وبعد أن حصل على أوراق رسمية في ألمانيا، طلب من عائلته التوجه خلسة الى اليونان وأثناء توجههم الى هناك هربا من النظام صعدت العائلة مع آخرين ليشكلّوا معا (70 شخصاً) على متن أحد القوارب العائدة الى أفراد يهرّبون الناس مقابل مبلغ من المال، وفي قلب البحر تعرّضت الباخرة الصغيرة الى الغرق في الشهر السادس 1996 ليصبح من عليها وبما فيهم أطفاله وزوجته طعما لأسماك القرش. حيث كتبت وسائل الاعلام عن ذلك الحادث. وبعد سماعه للخبر أدخل گيلان في مستشفى الأعصاب في برلين نتيجة فقدانه لأطفاله الستة وأمهما في نفس اليوم، ولا زال ابن أختي في حالة نفسية يرثى لها لحد الآن بسبب هَول تلك الصدمة، وأن أفراد الجالية الكردية على علم بالحادث ولازالوا يتذكرون تلك المأساة ببالغ الألم والأسى، حيث كتبت عنها العديد من وسائل الاعلام العالمية التي لازلت أحتفظ ببعض مانشرته عن الحادثة.

أن أخوة زوجتي أيضا كانوا في نفس الوضع المأساوي حيث واجهوا التعذيب والإعتقالات وأن أحد أخوتها المدعو ابراهيم علاء الدين عقراوي توقف عدة مرات وقد تعرّض الى كسر في رجله في آخر مرة عذبوه بها، وكذلك الشقيق الثاني لزوجتي وإسمه اسماعيل علاء الدين عقراوي قد عذّب وسجن وشرّد ويسكن في دهوك حالياَ وكذلك الشقيق الثالث صباح علاء الدين عقراروي تعرض للضغط بعد عودته للعراق بعد النكسة وضغطوا عليه لإعادتي وقد جاء الى أمريكا لفترة شهر وقد قلت له بأني سوف أزودّه بما يثبت استمراري بالدراسة في الكلية وسوف أعود بعد اكمال دراستي وقد علمنا بأنه قد توفى في حادث اصطدام سيّارة بعد عودته الى العراق.

ثالثاً: الممتلكات والحقوق الضائعة

في أثناء إعتقالي الثاني 1972في سجن قصر النهاية تم حجز الدار التي كنت أمتلكها في أربيل - محلة الرونا گي وعند خروجي من السجن عام 1973 طلبت من الدوائر المختصة إعادة الدار ألا أنهم عرقلوا الإجراءات وأحالوها الى بغداد للبت بالأمر، لكن التحاقي بصفوف البيشمر گه في هذه السنة قد أضاع فرصة حيازة البيت من جديد والى اليوم. وعند مراجعتي بعد عام 2003 أجابني موظفوا دائرة الأملاك في أربيل بعدم وجود إسمي في السجلاّت.

وقد كانت لي قطعة أرض (عرصة) في مدينة گلاله أيضاً، يعلم بها بعض المسؤولين منهم السيد يونس رو ژ به ياني وآخرين، ولم يتم إعادتها لي لحدّ الآن.

لقد تم تشريع العديد من القوانيين التي تعنى بالحالات المماثلة ألا أني ورغم زياراتي المتكرّرة للإقليم لم أستفد من أي منها سواءً مايتعلّق بالسجناء السياسيين أو الأخرى المتعلقة بالهجرة والمهجّرين أو الدوائر المتخصصة بقضايا الملكية. وربما الشئ الوحيد الذي تحقق لي لحد الآن هو اعادة الجنسية العراقية لي ولأفراد عائلتي التي أسقطها النظام فيما سبق، وقد تطلّب إعادتها السفر مرّتين الى العراق لإكمال الإجراءات اللازمة إحداها عام 2004 والسفرة الثانية عام 2009.

أخيرا وليس آخرا، أود الإشارة الى أني رغم التوقف التام والإبتعاد عن الحزب الديمقراطي الكردستاني في الفترة التي تلت 1976 ألا أن جذوة النضال ضد نظام البعث لم تخبو في المهجر ولكنّها أخذت طابعاً مستقلا غير متحزّب أو أنشطة انسانية وإعلامية ذات طابع شخصي أو مستقل. فقد كنت وحتّى 2003 ساعيا بما أوتيت من جهد مع ناشطي الجالية العراقية لإيصال الصوت العراقي المعارض لسلطة البعث الصدّامي الى العالم.. وقد كنّا نقطع المسافات بين الحين والآخر للإشتراك بالأنشطة المعارضة في لوس أنجلوس، أو لإستقبال ساسة المعارضة والمشاركة في الندوات التي يقيمونها آنذاك. كما كانت المدينة التي أقطن بها (سان دييغو - كاليفورنيا) إحدى المحطّات الرئيسية لقادة العمل المعارض من حيث وجود نشاط استثنائي ملحوظ، وقد عزّز ذلك النشاط في كاليفورنيا عموماً و(سان دييغو) على وجه الخصوص، رعاية ومباركة سماحة السيد مرتضى القزويني لمعظم الأنشطة السياسية المعارضة آنذاك وكذلك وجود الكثير من الكوادر والشعراء والكتّاب العراقيين المعارضين للنظام في هذه المدينة. وفي عام 2002 كنت أحد المؤسسين للتجمع العراقي المستقل الى جانب العديد من الناشطين السياسيين آنذاك منهم السيد بسّام الحسيني و مازن الأشيقر وآخرين. ولا تكاد تمر ندوة أو مؤتمر أو أمسية شعرية أو نشاط انساني يلقي الضوء على جرائم النظام، إلا وكنت من المساهمين في الحضور والتفاعل على أقل تقدير إن لم يكن المساهمة في الإعداد لهذا النشاط أو ذاك. سواءً الأنشطة المقامة في قاعة (كوردش هيومن رايتس) أو (جامع الإمام علي (ع) في سان دييغو) أو (قاعة الكلدان الثقافية) في تلك الفترة.

هذا غيض من فيض من محطّات النضال الرئيسية في مقارعة النظام البائد، وأن الكثير من محطات النضال التي تطرّقت لها كنتَ ياسيادة الرئيس على إطلاع تام بها وهذا ماجعلني أعتقد (في حينه أو فيما بعد) بأنك سوف تقف موقف (اللاّ منحاز) لطرف على حساب آخر، خاصة عندما أقدمَ فاضل مطني ميراني (السكرتير الحالي للحزب الديمقراطي الكردستاني) وجمال قاسم محمد وبالإتفاق مع أطراف مخابراتية تعد عدوّا للشعب الكردي متمثلة بـ (المخابرات الصدّامية)، حين أقدموا على محاولة اغتيالي في المهجر.. ألا أن رسائلي الشخصية لكم في تلك الفترة وماتلاها من أيام قد ذهبت أدراج الرياح، الأمر الذي أصبح معه، لاسبيل أمامي سوى وسائل الاعلام الحرّة لتبيان المظلومية وكشف الحقائق وهذا ما سوف أعمد إليه في الجزء الثالث (بإذن الله) وفي الوقت المناسب، أي: نشر تسجيل صوتي وآخر فيديوي و وثائق مصوّرة مرفقة تضع النقاط على الحروف وتميط اللثام عن الوجوه البشعة التي تتخذ من علاقتها بكم ومسؤوليتها في الحزب الديمقراطي الكردستاني وسيلة للظلم والإبتزاز والشروع بإغتيال من أحسَن وضحىّ وأفاد ولم يستفد شيئاً، بل لم ينل حتى حقوقه الضائعة.. فأي جزاء هذا ياسيادة الرئيس، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟

 

نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست






کۆمێنت بنووسە