خَارِطة طَرِيْق كُرْدُسْتَان -1-
Sunday, 14/10/2012, 12:00
بقلم : فرياد إبراهيم
يَسُوسُون الأمور بغير عَقلِ فيُنفَذُ أمرهم فيقال سَاسَه
فأفّ من الزّمَان وأفّ منّي ومن زَمَنِ رئاسَتُه خَسَاسَه
ليس بخاف ان الحكم في كردستان حكم الحزب الواحد . ففي جميع الانظمة الديمقراطية المعارضة هي التي تحدد وتحول دون انفراد فرد او حزب في الحكم والتصدي للطغيان. في كردستان حزب عائلة حاكمة ذي صلاحيات مطلقة يقابله الحزب الثاني في الترتيب الذي هو في حالة اضمحلال. في القمة رجل مريض.والرجل الثاني فيه تم كبح جماحه وشلت حركته تماما ،جمدت بوسائل التخدير العشائرية البارزانية وشراء الذمم. فالتفرد بالحكم اذن نتيجة طبيعية لانه الوحيد او اضحى وحيدا في الساحة. والإنقسام الحاصل في القيادات الكردية وتشتتها وتوزعها بين المركز والاقليم سهّل ومهّد لهذا الانفراد بالسلطة من جانب الحزب الواحد.
وخلق بالإضافة الى ذلك حالة من الازدواجية في الحكم وتحليل الامور والتعامل مع القضايا الجوهرية منها والعلاقات الخارجية والتعامل مع دول الجوار والمنطقة وفي اتخاذ القرار. ووجه في نفس الوقت ضربة قاصمة الى القضية المصيرية والهدف المشترك وذلك لان كل طرف اتخذ منها موقفا مغايرا تماما للطرف الآخر من حيث التعامل معها والسبل المفضية اليها . واذا اختلفت الآراء حول هدف فلن يكون الوصول سهلا ان لم يكن محالا.
ومن احدى نتائج هذا الفلق-التشطر بين جزئيات التكوينة التحتية للبنية السياسية الكوردية هي انضمام قسم من اقطاب هذه السياسة الى الحكومة المركزية كالطالباني ومحمود عثمان وهوشيار زيباري و روز نوري شاويس (ولو ان هذا لا يعي ماذا يقول والسبب معروف) وغيرهم في التحالف الكردستاني ومن اعضاء البرلمان العراقي الى جهة المحور اي المالكي الايراني السوري الروسي ورأس حربته حزب العمال الكردستاني.
وانضم البارزاني وبطانته الى جبهة الحلفاء التركي - الخليجي السني العراقي الامريكي ورأس الحربة : بارزاني في مقابل أوجلان.
وهذا الانشقاق او الانفطار يعتبر من جهة رحمة لأن الطرف الآخر لو كان موجودا في الاقليم لتعاركا كما تتعارك الصغار في لعبة الدعابل.
ونقمة : لان هذا الوضع خلق حالة انقاسم آخر وهو انقسام في الرؤية والايدولوجية بحسب الجهة المنتمية اليها :المحور او الحلفاء.
حتى وصل الامر الى حد ان اعتقد ان كل ما يطلقه الطالباني من تصريحات ويتخذ من قرارات فهي نابعة من صميم الدبلوماسية والسياسة الايرانية تجاه الاحداث والتحولات الجارية في المنطقة بصورة مباشرة او غير مباشرة. لانه مادام النظام العراقي المالكي يدور في فلك ايران ومادام ان الطالباني يدور في فلك المالكي فان الطالباني شاء أو أبى - يدور في فلك ايران (بالتعويض). وهذا يصدق على حليفه محمود عثمان.
وبنفس المنوال فكل ما يصدر من (من فرض نفسه رئيسا لأقليم كردستان) فهو لسان حال تركيا اردوغان مباشرة وامريكا والسنة والخليج بصورة غير مباشرة. وهو في نفس الوقت يعبر عن وجهة نظر السياسة الخارجية التركية.
ومن هذا المنظور يضطر المرء ان يتسائل:
وأين تقع كردستان في خارطة عقول هؤلاء القيادات الكوردية؟ وان يذهب ابعد: وهل هؤلاء حقا يعملون من اجل كردستان أو عربستان وتركستان؟
فليس الجواب سوى انهم لا يزالون دمى مرقصة من قبل دول الجوار كما كانوا في ايام الحرب الباردة :جهة عميلة للروس وجهة عميلة للامريكان.
وعندما يصرح محمود (ألعثمان) ان ( حضور الهاشمي لمؤتمر اردوغان استفزازي وعلى بغداد رد انقرة بالعمال الكردستاني) فانه يعبر عن وجهة نظر المالكي ،اي ايران ، والدليل ان الرد لم يتأخر. فتحركت بغداد لانهاء الوجود التركي في الأقليم. فقد صار هو والطالباني اشد عراقية من العرب انفسهم.
فعلى سبيل المثال لا الحصر : في الواحد من هذا الشهر صرح محمود (ألعثمان) ان طلب واشنطن تفتيش طائرات إيران المتجهة إلى سوريا يهدف للضغط على العراق لتغيير موقفه وقال ان الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأخرى التي تتهم العراق بتسهيل نقل الأسلحة من إيران إلى سوريا تسعى إلى الضغط على العراق ليتبنى موقفاً مشابهاً للموقف الأميركي بشأن سوريا. هذا ما أذاعه راديو طهران من نفس اليوم. وبالمناسبة قال محمودعثمان ( في 9 7 2012) : في تصريح نشرته "المشرق" قائلاً:"برأيي.. كلنا فشلنا ، حتى الأكراد لم ينجحوا .) استعمل ضمير التكلم للجمع (كلنا ) اي (نحن العرب) فعدّ نفسه من العرب ، ووضع (الأكراد-جمع قلة) في الطرف المقابل.
وعندما يهدد البارزاني بين الفينة والفينة بالانفصال (وهو لا يعنيه) ويضمر خلاف ما يظهر ، وعندما يأوي الهاشمي ويحميه وعندما يحضر مؤتمرا لحزب العدالة التركي (حزب رجب طيب ) ويقدم كافة التسهيلات لتركيا لضرب حزب العمال فانما يعبر بذلك عن وجهة نظر السياسة التركية في المنطقة والأقليم والعراق. وفي نفس الوقت وعلى عناد (قادة أكراد بغداد) يعمل بالضد لإيران.
وزبدة القول ان القيادات الكردية مرة اخرى تقدم خدماتها المجانية على طبق من ذهب مجانا و(بلاش شوباش ) - لايران وتركيا والعرب وحالما تنتهي الادوار ، وتنتفي الحاجة اليهم ، إلى الوراء دُرّ واقرأ على كردستان السلام.
فكل فريق يعبر عن وجهة نظر سياسية مفروضة من خارجه وان كانت هذه السياسات تحقق اهدافه او جزءا منها من باب التقاء المصالح والاهداف.
فهل سيأتي يوم تتحول فيه القيادات السياسية الكوردية من منفذين الى مخططين لسياستهم الموحدة وخاصة تجاه الأمور المصيرية؟ وهل ستحل الساعة التي يستطيعون فيها التعبير عن وجهات نظرهم وآمال الشعب وطموحاته القومية بمعزل عن القوى الخارجية واتخاذ القرار باستقلالية محضة غير مشوبة ولا متأثرة بالإرادة والأجندات الخارجية؟ وقبل كل شئ هل تتمكن هذه القيادات بلم شملها وتوحيد صفوفها في وجه التحديات المصيرية (حالة : كن أو لا تكن) ومجابهة التطورات الخطيرة الحالية؟
الأسئلة هذه وغيرها أحاول الأجابة عليها في الجزء الثاني.
فرياد إبراهيم
(عاشق كوردستان )
و( لسان البؤساء في كل مكان )
6- 10 -2012
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست