صحافة كردستان العراق تحت خط القمع والقتل
Saturday, 18/06/2011, 12:00
المستقبل - السبت 18 حزيران 2011 - العدد 4030 - الصفحة الأولى - صفحة 1
أربيل ـ "المستقبل"
مر على تأسيس الصحافة العراقية نحو قرن ونصف القرن من الزمن، وكان ذلك عندما تأسست اول جريدة عراقية في 15 حزيران (يونيو) وهي "الزوراء" عام 1869.
وعلى الرغم من ان تجربة الصحافة المستقلة في بغداد مازالت في بداياتها، الا انها في اقليم كردستان العراق خطت خلال السنوات العشر الماضية خطوات كبيرة وبدت واثقة من مزاحمتها لصحف اخرى في الدول المجاورة ولو انها فتية، خصوصا اذا ما علمنا ان اول صحيفة أهلية مستقلة صدرت في الاقليم عام 2000.
الصحافة المستقلة في كردستان تبدو في نمو متزايد مقارنة بالأعوام الماضية بسبب فسحة الحرية التي اتاحتها لها حكومة الاقليم، الا ان الصراع بين احزاب السلطة (الديموقراطي بزعامة رئيساقليم كردستان مسعود البارزاني والاتحاد الوطني بزعامة الرئيس العراقي جلال الطالباني) واحزاب المعارضة الكردية وفي مقدمها حركة التغيير (بزعامة السياسي الكردي المخضرم نيشروان مصطفى) ادخلها في اتون صراع حاولت وتحاول النأي عنه بشتى الطرق. الا ان اتساع دائرة الصراع السياسي فرض على البعض منها تحديات كبيرة وصلت الى مفترق طرق جعلها في فوهة البركان، ما دفع بإعداد كبيرة من الصحافيين الاكراد الى مغادرة الأقليم نتيجة القمع والكبت والضغوط والتهديدات والقتل، وبذلك أصبح الاقليم بالنسبة لبعض الصحافين الاكراد المستقلين كما يقولون "اشبه بزنزانةٍ كبيرة".
ويقول الصحافي الكردي المعروف كمال رؤوف رئيس تحرير صحيفة هاولاتي (أول صحيفة كردية مستقلة في الأقليم) في تصريح لصحيفة "المستقبل" ان" وضع الصحافة المستقلة والحرة في الأقليم مهددة وتشهد تراجعا ملموسا مقارنة بالسنوات الماضية والدليل على ذلك الاحداث الاخيرة والاضطرابات التي شهدها الاقليم بين السلطة والصحافة. من هذه الاحداث نستطيع ان نستخلص بعض النقاط التي جميعها تشير الى ان هذه الاضطرابات كانت مسؤولية السلطة لان بعضها مفبرك ومصطنع عمدا وليس صدفة".
ويشير رؤوف الى ان "ضغوطا تمارسها السلطة بشتى الاساليب تبدأ بالشكاوى وتهديد منتسبي الصحف ومواجهة الصحافة الحرة والصراع معها عبر إصدار مجموعة من صحف الظل تعبرعن سياسات الحزب والسلطة بصورة غير مباشرة والتي استخدمت إسلوبا لا يليق بالصحافة وذلك بهدف خلط الاوراق وخلق نوع من الفوضى" مبينا ان "السلطة في كردستان لجأت لتضييق الخناق على حرية التعبير عبر تقديم الشكاوى ضد الصحافة المستقلة ورفع الدعاوى القضائية الخارجة عن نطاق قانون الصحافة المسن في الاقليم واللجوء الى الترهيب وحتى اغتيال وقتل الصحافيين وحرمانهم من حقوقهم المدنية والقانونية وعدم اشراكهم بالمعلومات وتضليلهم والتشويه والتشهير بهم وبالمؤسسات الاعلامية التي تعمل خارج نظام السلطة وعدم الرضوخ لمطالبهم والاستماع لارائهم وتهميش الحقائق التي يشار اليها في هذه الصحف".
ويرى رؤوف ان" انعدام وجود قانون او هيئة او نقابة حيادية ومحل الثقة للطرفين (السلطة والصحافة) للتوجه اليها لحل المشاكل زاد الطين بلة. فليس عفويا وجود اضطرابات في مجال الصحافة على الرغم من وجود الظروف المتاحة في اقليم كردستان لخلق صحافة متطورة".
و
تجسد عملية خطف وقتل الصحافي الكردي سردشت عثمان في ايار (مايو) العام الماضي امام مدخل كلية الاداب في جامعة صلاح الدين في اربيل، والعثور عليه مقتولا في اليوم التالي في احد احياء الموصل المجاورة، عملية "عقاب" حسب ما يراه كثير من الصحافيين، بسبب مقالات انتقد فيها السلطات الكردية والفساد الاداري، اضافة الى ان الكثير من الصحف المعارضة والمستقلة عانت الدعاوى القضائية على خلفية نشرها تقارير لم تلاق قبولا من السلطات في الاقليم والتي تنازلت في احيان عدة عن المضي برفع الدعاوى القضائية بسبب تصاعد الانتقادات داخليا وخارجيا ضدها.ويرى كثير من الصحافيين المستقلين في اقليم كردستان ضبابية في افاق العمل الصحافي وحرية التعبير يوما بعد اخر وهو ما اجبر العديد من الصحافيين الاكراد على مغادرة الاقليم نحو دول اخرى بسبب الظروف الحالية والتعرض للضغوط والتهديدات بالقتل من الأحزاب النافذة، حيث كشفت الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحافيين ان مكتب البحوث والدراسات في الجمعية سجل عشرات الانتهاكات بين 17 شباط (فبراير) و17 نيسان (ابريل) الماضي فيما يتعلق بحالة الحريات الصحافية في الاقليم حيث سجل اكثر من 226 انتهاكا.
ويقول الصحافي الكردي هلكورد حمد، الذي كان يعمل في مجلة لفين السياسية المستقلة، انه "تعرض للتهديد بالقتل ما ارغمه على التوجه الى اوروبا"، مؤكدا ان" الحكومة في كردستان لا تلقي أذانا صاغية للاحتجاجات والتظاهرات او لآراء الصحافيين والمثقفين بل العكس من ذلك فهنالك محاولات لتضييق الخناق على الصحافة الحرة من خلال فرض قوانين صحافية جديدة " مشيرا الى ان "الصحف الناطقة باسم السلطة غير مستعدة للانقطاع والتقارب في وجهات النظر بقدر ما هي مستعدة لمحاربة الصحف الحرة والرد عليها. الحرية في كردستان محددة وتفصلها خطوط حمراء وكل نقد أو احتجاج على الحكومة يرد عليها بعنف".
ويتفق رأي حمد مع ما عبر عنه زميله الصحافي خيلان بختيار الذي غادر كردستان هو الاخر الى أحدى الدول الأوربية خوفاً من التعرض للاغتيال أو القتل، اذ يقول ان "السلطة في كردستان شعرت بضعف شديد إزاء الصحافة الحرة بسبب الانتقادات الموجهة اليها حول الفساد وسوء الأدارة، وعدم تمكنها من مواجهة هذه الانتقادات بواسطة القنوات الاعلامية الهائلة التي لديها، ما جعلها تلجأ الى التهديد والترهيب والعنف الجسدي كما شاهدنا في قضية الصحافيين أمثال سوران مامه حمه وستار طاهر شريف وسردشت عثمان وايضا الصحافي المعروف بمحمد سياسي اشكنة تي، المفقود". أضاف "هربت من كردستان خوفا من القمع والاغتيال وذلك بسبب المكالمات الهاتفية التهديدية التي هددتني بالقتل، كما حدث مع سردشت عثمان. ودعيت الى دائرة اسايش (أمن) اربيل وقيل لي بأنني ألعب لعبة خطيرة ويجب علي الاحتراس وأن حياتي على المحك".
وتمثل حرية الصحافة والتعبير احد ابرز المطالب التي قدمتها المعارضة الكردية والمحتجون الاكراد خلال الاسابيع الماضية بهدف اجراء اصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية تخفف من قبضة الحزبين الكرديين على الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الاقليم.
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست