الشهادة كذبة ملفقة باسم الله، ولا ذكر لها في القرآن
Thursday, 13/10/2022, 20:45
الشهادة كذبة ملفقة باسم الله، ولا ذكر لها في القرآن
كارزان كويي
ترجمة عن الكردية احمد زه ردشت
ان استخدام مفردة( الشهيد) ازاء من قتل او يقتل في سبيل الله والدفاع عن الدين الاسلامي، يعد بدعة وكذبة ملفقة باسم الله تعالى، فالله لم يشر في القرآن بأي شكل من الاشكال الى ان من يقتل في سبيل الله يعد شهيداُ، ناهيك عن انه لم يدرج مفردة (الشهادة) بهذا المعنى والمرام، الا ان مدوني الاحاديث والمتاجرين بالدين، اختلقوها بدون اية اسس، مستهدفين بذلك جعل الجهلة اكثر جهلا وغباءً، لعمرى فان الحال مازال على ما هو عليه الى يومنا القائم، حيث يعمد تجار الدين الى دفع الاغبياء والمتدينيّن السذج الى اتون الموت بذريعة الاستشهاد ونيل الجنة، وتصفير كل ذنوبهم السابقة بالغفران، هنا لابد لنا ان ننوه الى اننا لا نستهدف الحط من شان اصحاب نبي الاسلام ممن قتلوا، او التقليل من شان عظمة ومكانة البيشمركة الاحرار الخالدين من الذين بذلوا ارواحهم ولقوا مصرعهم دفاعا عن الوطن والامة، لكننا نرمى الى ايضاح تلك الحقيقة بان مفردة (شهيد) لا تشير الى ذلك المفهوم الذي يروج له رجال الدين باسم الله والقرآن، مستهدفين خداع الاناس السذج كون التعرض للقتل في سبيل اعلاء الاسلام شهادة، الا ان الحقيقة فان كلمة شهيد لا علاقة لها البتة بالحرب والقتل، وان القرآن لم يعتمد كلمة (الشهيد) مرادفا للحرب والقتل معاً، ولم تطلق كلمة (الشهيد) على كائن من يكون بما فيهم النبي او اي من اصحاب الرسول، كونه قد قتل في حرب ضد اعداء الاسلام، اتمنى ان لا يلجاْْْْ المتخلفون والسذج دون التروي والتفكير المنطقي ملياً الى قذفنا بشتى الكلام الوقح القبيح اثر ايضاحنا هذا الذي طرحناه، ويسطروا لنا مئات الاحاديث والروايات الملفقة حول (الاستشهاد) لأننا على بينة ودراية بتلك الاحاديث، وسنرد عليهم بأدلة مستندة الى نصوص القرآن، ونقول بملأ فمنا ان لا ذكر للشهادة والاستشهاد في نصوص القرآن، وجل الاحاديث التي تتطرق الى الاستشهاد، هي من بناة وصياغة افكار الافراد وليست من كلامه سبحانه، وبعيدا عن موضوعة الشهادة فإن اولئك الافراد قد عمدوا الى تلفيق وصياغة مئات الاحاديث الاخرى ونعتوها بالاحاديث وفقا لرواية الاقرار بالأفعال المخالفة مستهدفين التمسك بحيازة السلطة وحماية المصالح الخاصة، ان تلك المذاهب والطروحات دفعت البسطاء والسذج من عامة الناس، الى تبجيلها ورفع مكانة قدسيتها فوق مكانة وقدسية نصوص القرآن، واتباع ذلك اللغط من الاقاويل دون اتباع النصوص القرآنية، في حين ان الله عز وجل يقول : ((ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين )){1} وعلى المؤمنيّن المتنورين بالايمان بانه لا يمكن لأي انسان بمن فيهم الانبياء ان يعلو بإدراكه وفطنته وعلمه على عظمة الله، فلا حجة لاُولئك الذين يتصرفون كنواب الله بعيداً عن تعليمات القرآن فيعتبرون القتلى (شهداء) نقول لهم: (ان دليل ومرشد الدين الاسلامي هو القرآن وحده لا الاشخاص) وان كنت ايها المؤمن تعتقد برجال الدين كونهم اكثر فطنة ودراية وعلما من الله، وتجعل مرشديك من الافراد بدلاً من الله، فإنك حر في اطلاق ما يحلو لك من القول البذيء !!.
ان مفردة (الشهيد) في القرآن انما تعني (الشهادة، الشاهد على شيء، الحضور عند الحدوث، او المراقبة، او امعان النظر) وبمعنى وثيقة اثبات {شاهد دليل - شاهد الاقتباس - شاهد اثبات - شاهد زور - شاهد سمع و تنصت - شاهد عيان - شاهد نفي} وبعدة معاني ومفاهيم اخرى جميعها تتعلق بإدلاء الشهادة لا الاستشهاد، حيث سنتناول ذلك بالأدلة الدامغة، وعلى الذين يبجلون القرآن ويعتمدون عليه ان لا يطلقوا مفردة الشهيد على ذات مقتولة، لان الله عز وجل لم يطلقها على اي من الذين قتلوا في سبيل اعلاء كلمته، بذات المعنى (الشهيد) الذي يطلقه رجال الدين ومن لف لفهم من السذج البسطاء، وهنا اجد من الصواب بمكان، وقبل الولوج في غمار الآراء، ان اقدم ايجازا مقتضباً حول كلمة (الشهيد و الشاهد) حسبما وردت في القرآن، حيث انهما تختلفان في المعنى والمدلول والمبنى، فمفردة (الشهيد) تطلق على شخص له حضور عند وقوع الحدث، اي انه رأى او سمع الحدث ....الخ، مثال ذلك فإن الشخص الحاضر عند توقيع عقد، فإنه وبلغة القرآن يطلق عليه (شهيد) وجمعه (شهداء) لذا ارى من باب اولى ان نعتمد على الآية التي اوردت المفردتين معاً وبالصيغتين (المفرد والجمع) في قوله تعالى ((لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً)){2} لكن لا يشترط في الشاهد ان يكون على علم بالحدث، او ان يكون قد شاهد الحدث عند وقوعه، لكنه يعتمد على الاحساس والهاجس والذهن والتفكير في تقديم الشهادة، مثال ذلك ففي الآية الواردة ان الشاهد لم ير شيء الا انه ادلى بشهادته استنادا الى خبرته كما في حالة النبي يوسف اذ ((قال هي راودتنى عن نفسها وشهد شاهد من اهلها ان كان قميصه قُد من قِبلٍ فصدقت وهو من الكاذبين)){3} ولإثبات ما ذهبنا اليه، فإن المسلمين والى يومنا هذا يعتمدون فكرهم و رآيهم دون ان يروا اي شيء (يشهدون ويدلون بشهادتهم) ويرددون القول ((اشهد ان لا اله الا الله ، واشهد ان محمدا رسول الله)) {4}ز
لذا يتوجب على الجميع وبهدف الوصول الى الحقيقة دون خوف او تُأثر عاطفي، ان نفكر ونتأمل بروية اوامر الله ونحللها، فعندما لم ينعت الله عز وجل في القرآن، الذين قتلوا في سبيل الله بإسم الشهداء، بل يعدهم قتلى، بقوله تعالى (القتلى) هنا يجب ان نتسأل باي قانون ووفقا لاية اسس يعمد الى دفع المقاتلين الى الموت .. لينعتوهم فيما بعد ب(الشهيد) ؟!!. هل ان مقاتلي رجال الدين العصريين هم اعلى مرتبة ومكانة من اصحاب النبي ؟ ليقال لمقاتلي رجال الدين الحاليين (شهيد) في حين ينعت القتلى من المجاهدين من اصحاب رسول الاسلام ب(القتلى) ولإثبات ما اشرنا اليه من خلال الآية ((ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون)){5} اذا كان المقصود هنا (الاستشهاد) وان الله عز وجل اعتبر قتلى مقاتليه (شهداء) فان الله جل جلاله كان سيشير الى ذلك في القرآن على النحو التالي (ولا تحسبن الذين استشهدوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون) لذا فإن الحاق كلمة (شهيد) بالذين يُقتََلون في سبيل الله تجني على، وخروج عن امر الله، فالله لم يتخذ من اي احد وكيلا ليتلاعب بأوامره ويغير مسلماته ويجعل من القتيل شهيداً، الله تعالى لم يعمم ذلك على عامة الناس فحسب بل وحتى على نبي الاسلام بقوله تعالى: ((وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزى الله الشاكرين)){6} في هذه الآية فان الله تعالى لايعد رسوله شهيدا فيما لو قتل بقول : (أفأن مات او قتل) فلو كان للاستشهاد وجود عند الله لكان من باب اولى قوله (أفأن مات او استشهد) وهنا يجوز لنا السؤال بأية ذريعة او ناموس سماوي يمنح رجال الدين مرتبة الشهيد لمقاتليهم القتلى، في الحين الذي لم يمنح جل جلاله تلك المرتبة الى رسوله ؟ وللعلم فإن احدى الاسماء الحسنى لله هو الشهيد، وقد ورد في القرآن بعدة اشكال ومعاني مختلفة : (شهداء ــ شهيدا ــ استشهدوا ــ شهيدين ــ شَهَدَ ــ شَهادة ــ فاستشهدوا ــ شاهدين ــ شاهداً... الخ.) الا ان اي من تلك المعاني التي وردت في الآيات لم تأت بمعنى قتل الافراد واستشهادهم كما يشير اليه ويصوره لنا رجال الدين، وللبرهان على قولنا ومرمانا هذا ندرج بعض الآيات البينات التي وردت فيها تلك المفردات، كقوله تعالى في هذه الآية ((وليعلم الله الذين امنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين)){7} وهنا فإن كلمة شهداء لا تأتي بمعنى الاستشهاد من جراء القتال والقتل، فالله يجعل من المؤمنين شهودا على مجريات الاحداث، وهذا بعيد كل البعد عن انه يجعل المؤمنين شهداء بالمعنى المتأتي عن الفناء والموت، كما يحلوا لبعض المعممين الاشارة اليه، او ان بعض مصادرنا المحلية المتاحة ك(تفسرى ئاسان ــ اي التفسير المبسط) لبرهان محمد امين وبعد الطبعة التاسعة عشر لهذا التفسير وفي معرض تفسيره لهذه الآية يقول: (كي ينالوا مرتبة الاستشهاد) في حين ان هذه الآية لا تتطرق باي شكل من الاشكال الى مسألة الشهيد والشهادة، ولا علم لنا من اين جاء الكاتب بمرتبة الشهيد وحشرها في تفسيره لهذه الآية؟ ولم ننفرد في تفسيرنا لهذه الآية فها هو (محمد حسين الطباطبائي) في كتابه (الميزان في تفسير القرآن) يشاطرنا الرآي فيقول : ( فالشهداء شهداء اعمال ، واما الشهداء بمعنى المقتولين في معركة القتال فلا يعهد استعماله في القرآن انما هو من الالفاظ المستحدثة الاسلامية){8} لقد وردت مفردة (شهداء) في هذه الآية ايضاً ((ام كنتم شهداء اذا حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي)){9} وهنا فإن كلمة (شهداء) لا علاقة لها البتة بالاستشهاد والقتل، فهي تحمل معنى الحضور، اي انكم حضرتم (سكرات موت) يعقوب عندما قال لبنيه ما تعبدون من بعدي، وايضاً في هذه الآية ((وكذلك جعلناكم امة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً)){10} ان كلمة (شهداء و شهيداً) لا علاقة لهما بالقتل والاستشهاد، وعند تحليل هذه الآية يتضح لنا ان محمداً شاهد على امته، وشاهد على شهود امته، ان منظورنا بلسان القرآن، اي بالعربية يقودنا الى هذا المعنى: (ان الرسول هو الشهيد على امته وهو الشهيد على شهود الامة) وكذلك في هذه الآية ((يا ايها الذين امنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على انفسكم)){11} وهنا ايضا فإن مفردة شهداء تأتي بمعنى الادلاء بالشهادة، اي راقبوا بدقة وكونوا عادلين في ادلاء الشهادة ولو على انفسكم، وعلى نفس المنوال في الآية ((شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه)){12} لقد وردت كلمة شَهِدَ بمعنى راى وهي بالتالي في هذه الآية لا علاقة لها بالقتل والشهادة اثر فعل القتل، وبنفس الشكل وردت هذه الكلمة في الآية التالية، كتعليمات وردت في القرآن حول الدين حيث تم الاشارة الى مفردة استشهدوا و الشهداء الا انها لا علاقة لها بالشهادة والاستشهاد ((يأيها الذين امنوا اذا تداينتم بِدَينُ الى اجل مسمى .. الى قوله.. إِستشهِدوا شَهيدينْ من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل و إمرأتان ممن ترضون من الشهداء)){13} اي ليَشهد على ذلك شاهدين من الشُهَدَاء وتعنى الشهود لا الشُهَدَاء، وفي الآية التالية ((حتى اذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وابصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون)){14} وهنا فإن كلمة شَهِدَ تعنى الادلاء بالشهادة من قبل الاُذنين والبشرة والبصر، كما ان الآية التالية وردت مفردة (شُهَداء) ((والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شُهَداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شَهادة ابدا واولئك هم الفاسقون)){15} فإنها جاءت بمعنى الادلاء بالشهادة حول فعل الزنا ولا علاقة لها ابداُ بالقتل والاستشهاد، اي ان هذه الآية تأتى بهذه الصيغة (ان الذين يلفقون الزنا للمحصنات، دون ان يتمكنوا من جلب شهود اربعة على ذلك الفعل، فإنهم يجلدون ثمانين جلدة فلا تقبلوا شهادتهم البتة) وهنا عند قوله: (لم يأتوا بأربعة شهداء) ولا يقصد بذلك بالتأكيد احضار اربعة قتلى، يقينا القصد احضار اربعة شهود احياء على فعل الزنا ولزيادة الايضاح نتناول ((والله على كل شيء شهيد)){16} في هذه الآية فإن الله جل جلاله يدلي بقوله: انا اشهد على كل شيء، اي انا شاهد وعالم عارف، ولا يقصد(الشهيد)كما رسخ في فكر ومخيلة البعض، وهذه الآية دليل على ما ذهبنا اليه ((وداوود وسليمان ان يحكمان في الحرث اذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين)){17} في هذه الآية فإن الله عز وجل يدلى بدلوه في الشهادة لداوود وسليمان حول القرار الذي اقره داوود وسليمان بشأن الحقل، حتى ان القرآن وعلى لسان عيسى ابن مريم يقول: ((وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم ، فلما توفيتني كنت انت الرقيب عليهم ، وانت على كل شيء شهيد)){18} كون هذه الآية من قول الله فإن عيس ابن مريم يخاطب الله بقوله (وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم) اي كنت شاهدا عليهم حين كنت بينهم، وعندما توفيتنى، كنت رقيبا عليهم، ثم يردف مخاطبا الله (وانت على كل شيء شهيد ) اي انك شاهد على كل شيء، وهنا فإن الله ذاته يدلي بشهادته بانه الرقيب والشاهد على كل الاحداث، ربما البعض يسأل بقولهم ان الله تعالى عليم بكل شيء، وهو ذاته الذي يقول: (والله على كل شيء شهيد){19} فما الحاجة لشهادة الاخرين؟ ثم لماذا يرسل نبي الاسلام كي يشهد على الافراد؟ كما يتضح من خلال هذه الآية: ((يا ايها النبي إنا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا)){20} وفي آية اخرى يقول الله تعالى لعباده: انا ارسلت النبي كي يكون شاهدا عليكم بقوله تعالى: ((إنا ارسلنا اليكم رسولا شاهدا عليكم)){21} حتى انه يدعو قومه كي يكونوا شهوداً، اي شهودا على الناس، ويجعل من النبي شاهداً عليهم كما في هذه الآية: (( وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ، ويكون الرسول عليكم شهيداً)){22} انه تسأل مشروع ويحتمل التفسير الملي المسهب، الا اننا لا نرى من الملائم هنا ان نستنفذ وقت القاريء، لأنا لا نستهدف هنا اثارة مثل هذه التساؤلات، في حين ان هدفنا الاساسي ان يدرك الجميع تلك الحقيقة الدامغة بأن الله لم يتطرق الى (الاستشهاد) بمعنى الموت، كما يحلو للبعض الاشارة اليه، وفي هذه الآية ايضاً ((أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين)){23} الله تعالى يتفضل بقوله (الشهداء) انما يقصد اولئك الذين يدلون بشهاداتهم ازاء الاخرين، ان كنا نؤمن بالقرآن ونعتمده، فلا يمكن لنا ان نطلق كلمة شهيد على اي ممن فارقوا الحياة، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإننا نتسأل حول هذه الآية التي اعتمدها بعض من رجال الدين، هل ان نبي الاسلام قد نال لقب النبي بعد ان توفاه الله ؟او انه حاز على اللقب في حياته، وعلى نفس المنوال فالا خرين من الانبياء، قد حازوا لقب النبي وهم احياء يرزقون، وكذا الحال بالنسبة للذين صَدَقوا لقبوا بالصديقين، ويسري ذلك على الشهود حيث لقبوا بالشهداء وهم ينبضون بالحياة، وللتفصيل حول تفسير هذه الآية، بهدف التوصل الى الحقيقة، يمكن لنا الافاضة من الافادة من تفسير المنار {24} وكذلك (الشيخ محمد بن صالح العثيمين) في تفسيره لهذه الآية، حيث يقول: (شهداء استشهدهم الله سبحانه وتعالى على الخلق فهم يشهدون بالحق ويشهدون على الخلق ، ثم نقول ايضاً هذه الامة شهداء على الناس عموماً، لقوله تعالى: (وكذلك جعلناكم امة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس) وكذا فإن الشيخ (علي الفضل بن الحسن الطبرسي) يذكر في كتابه (مجمع البيان في تفسير القرآن) يقول في معرض تفسيره مفردة (والشهداء) في هذه الآية بقوله (سمي الشهيد شهيداً، لقيامه بشهادة الحق على جهة الاخلاص، وإقراره به ودعائه اليه حتى قتل، وقيل : انما سمي شهيداً لانه من شهداء الاخرة على الناس، إنما يستشهدهم الله بفضلهم وشرفهم ، فهم عدول الاخرة على الجبائي){25} كما يمكننا الاستنارة بفكر المفكر الاسلامي الشهير (الدكتور محمد شحرور) وبشكل اكاديمي مدعم بالأدلة حيث اثبت ان كلمة الشهداء في هذه الآية لا تأتى بمعنى (الشهيد).
لترسيخ واثبات ما اشرنا اليه، بان الله تعالى لم يعد اي من القتلى شهداء، بمن فيهم القتلى في سبيل نصرته، حيث يذكرهم تحت مسمى القتلى، وللاسترشاد نذكر هذه الآية كدليل على مأخذنا وما ذهبنا اليه من تفسير صائب لا يقبل التأويل والمراوغة اللفظية، بقوله تعالى: ((يقاتلون في سبيل الله فيَقتلون ويُقتَلون)){26} بدون ادنى شك فلو كان القرآن قد تضمن مرتبة الشهيد والشهادة وبالمعنى الذي يشير اليه رجال الدين بالبنان، فالله تعالى كان سيدلو بدلوه البينة ويزيل اللبس والالتباس ومن باب اولى ليقول: (فَيَقتُلون ويستشهدون) الا انه ومع كل ذلك فإن المئات من الاحاديث الغريبة المحيرة الملفقة المفبركة حول مكانة الشهيد والاستشهاد تطفو على السطح، وهي من صياغة رجال الدين ومدوني الاحاديث وبدون الاستناد على اية اسس معتمدة، مستهدفين بذلك حماية وادامة المصالح الخاصة وحث مقاتليهم، ان المشكلة تكمن والتي تمتد الى حاضرنا الحالي، بأن المتاجرين بالدين يستمدون القوة والاستفادة من تلك الاحاديث الملفقة، لحض وتشجيع وتحريك واستغفال و إستغباء مقاتليهم البلهاء ودفعهم الى القتل والموت، بهدف تحقيق مآربهم ومصالحهم الشخصية، في حين اي من تلك الاحاديث لا تستند الى اية رسالة الهية، وان البعض من تلك الاحاديث تناقض بعضها الاخر، ولكي لا نطيل على المتلقي الكريم، سنعمد الى عرض حديثين كنماذج للاستدلال، اولهما حديث (الامام مسلم) وكأن نبي المسلمين قد صرح به حول فعل الاستشهاد بقوله (عن ابي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من قتل في سبيل الله فهو شهيد، ومن مات في الطاعون فهو شهيد، ومن مات في البطن فهو شهيد، والغريق شهيد ){27} وفي احد احاديثه يقول الامام البخاري: حول القتلى في معركة بدر وردا على سؤال ابو سفيان فكان رد نبي الاسلام بهذا الشكل حيث قال: ((فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قم يا عمر فأجبه، فقل الله اعلى واجل، ولا سواء قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار)){28}{29} ولو كان الامر كما يذهب اليه مدونوا الاحاديث وتجار الدين كان من الاجدر القول: (شهداؤنا في الجنة وقتلاهم في النار) ونترك التفسير والملاحظات بصدد الاختلاف بين القولين الى رجال الدين، والى اي منهما ستكون كفة الاعتقاد من عدمه ؟.
من الملاحظ والمهم هنا، فإنه وبموجب تعليمات الشريعة والمصادر الاسلامية، وما ورد الينا من خلال الاحاديث، إن غير المسلم الذي يعرض ذاته للموت حتى لو كان في سبيل الذود عن ارض المسلمين او حماية ارضه او في سبيل اي من مقدساته، فلن تكتب له الشهادة فحسب بل سيموت كافراً، ومصيره جهنم، ولإثبات ذلك نسرد هنا حكاية حدث مقتل (قزمان بن الحارث) انه من سكان يثرب/ المدينه لم يشارك في معركة احد، لأنه لم يكن يؤمن بالإسلام، والمصادر الاسلامية تشير الى انه مات يهودياً، عندما يخلي النبالين المسلمين مواقعهم طمعاً بالغنائم، يشن عليهم خالد بن الوليد قبل اعلان اسلامه هجوما من الخلف، وبالنتيجة يندحر جيش المسلمين ويلوذ افراده بالفرار الى الجبال، وعندما يرى قزمان بن الحارث ان المدينة قد خلت من الرجال، حيث ان البعض منهم في ساحة الوغى والبعض الاخر لاذ بذاته مختبأً، وخلت المدينة الا من النساء، يحسم امره ويقرر الدفاع عن مدينته واهله وعِرضَ نساء مدينته، فيواجه الاعداء ويقاتلهم ببسالة، وكما تشير المصادر الاسلامية بأنه يتمكن من قتل ست الى سبعة مهاجمين، الا انه يصاب بجروح قاتلة، وبعض المصادر تشير الى انه انتحر بسب آلام جروحه، عندما يطرق الخبر مسامع نبي الاسلام يقول: (هذا دليل على انني احارب في سبيل الحق، وقد سخر الله الكفار لخدمة المسلمين، و(قزمان ) ليس بشهيد، بل انه كافر مصيره جهنم لأنه لم يكن مسلماً) ولإفاضة حول تلك الاحداث يمكنكم الاطلاع على هذه المصادر{30}{31} حديث رسول الاسلام حول قزمان بن الحارث دليل اخر يشير الينا اذا دافع غير المسلم عن ارض المسلمين او عن ارضه وشرفه وقتل فهو كافر ومصيره جهنم، وفقا لحديث نبي الاسلام هذا والشريعة الاسلامية، فإن الجنود والبيشمركة المسيحيين و الكاكائين والزردشتين و الايزيديين الكرد، الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل ارض الوطن وشرفهم وعرضهم بمن فيهم كل من لا ينتمى الى الاسلام، فإنهم ليسوا بكفرة فحسب بل انهم من اهل جهنم، ونحن وكما اشرنا الى اننا لا نؤمن بذلك الاستشهاد الذي ابتدعه بعض رجال الدين دون الاستناد الى القرآن، الا اننا نجد من الضروري والصحيح العمل على ازاحة تلك التمايزات الدينية، واعلاء شأن المواقف النبيلة للمسلمين وسواهم من الذين بذلوا ارواحهم رخيصة في سبيل الذود عن حياض هذا الوطن، ونعتهم جميعا بالخالدين بدلا من استخدام مفردة الشهيد، لأن من استرخص ذاته في سبيل حماية وطنه، خالد سرمدي وسيظل كذلك الى ابد الآبدينز
لقد عمدت المذاهب منذ البداية استحداث كلمة الشهيد، بهدف ضمان تدفق المقاتلين، وتحريضهم على القتال، وقد صاغوا البشائر المبهرة بشأن المستشهدين، وكانت تلك البشائر ذات فعالية مجدية في التأثير المعنوي على سير المعارك، الا ان المتاجرين بالدين الحوا بالاهتمام بمرتبة الشهيد من اجل ضمان المزيد من المقاتلين، حتى بلغ الامر حداً يقتل فيه المسلمين بعضهم بعضاً طمعا في نيل مرتبة الشهادة والظفر بامتيازات الشهادة التي صورت لهم، والى يومنا هذا فالشيعة يخرجون لقتال السنة ويقتلونهم، وكذلك الحال بالنسبة للسنة يقتلون الشيعة، وينعت قتلى الطرفين بالشهيد، وها هم الدواعش يٌقتَلونْ ويَقتلون ولا يهابون الموت كونهم سينالون الشهادة، ومن الغريب ان القتلة والمقتولين يصلون ويسجدون لله، الا انهم يتقاتلون في سبيل نصرت الههم لنيل الشهادة، في حين انهم جميعا يعبدون الله الواحد ذاته لا غيره، ان الاهتمام المفرط بموضوعة الشهادة، وقدسية مرتبة الشهيد في الاسلام، دفعت المسلمين الى الاقتتال فيما بينهم من اجل نيل الشهادة، في الوقت الذي يجهل فيه الجميع تحديد الجهة التي يساندها الله ؟ اتره مع شيعة القوم ام سنتهم، ام انه مع السلفيين ام الوهابيين، مع حزب الله ام الاخوان، مع انصار الله ام الدواعش، يا ترى إنه مع الأحامدة ام مع بوكو حرام، مع تنظيم القاعدة ام جبهة النصرة، ام انه مع حركة طالبان، ام يلزم جانب السعودية او ايران ؟؟ انا عن نفسي لعلي واثق تمام الثقة بان الله تعالى بريء منهم جميعاً، لأن جميع هؤلاء من صنائع المتاجرين بالدين، ولتحقيق المصالح الخاصة فقد عمدوا بإتجاه استغلال مكانة ومرتبة الشهيد المزعومة لخداع الناس وضمان المقاتلين .
وفي الختام ومن نافذة ايماننا بالله تعالى، نتوجه بالحديث صوب رجال الدين والمعممين ونرجوهم ان لايعملوا تحت خيمة مصالحهم الخاصة بحجة الدفاع عن الله، تخدعون الشباب السذج، و تدفعونهم بإتجاه الموت، لان الله الحقيقي لا يحتاج الى احد للدفاع عنه، والاهم والاعظم من ذلك ان يلجأ الى رشي عباده ويقول لهم: لو لطختم ايديكم بدماء بعضكم البعض لتقتلوا اخوانكم، لتنالوا الثواب، من الشراب ونيل الحواري البكر، انتم ايها المؤمنين الطيبين ارجوكم ان تحترموا آيات الله، بدلا من تعليمات الافراد، فكروا بعقولكم لا بعقول الاخرين، عندما لا يعتبر الله جل وجلاله قتل نبي واصحابه نيل الشهادة، فبأى فكر تتقاتلون في سبيل نيل مرتبة الشهادة؟ ان الله تعالى يحب كل عباده، ويرغب في ان يعيش الجميع بسعادة وسلام، بدلا من الاقتتال وسكب الدماء.
______________________
{١} القرآن الکریم، سورة{النحل} {الآیة- ٨٩}
{٢} القرآن الکریم، سورة { البقرة } {آیة -١٤٣}.
{٣} القرآن الکریم، سورة { یوسف } {آیة -26}.
{٤} شيخ الجليل الأقدم الصدوق أبي جعفر محمد علي بن الحسين بن بابويه القمي، التوحید، الناشر دار المعرفة للطباعة و النشر، بیروت- لبنان، صحیفة 240.
{٥} القرآن الکریم، سورة { آل عمران } {آیة -١69}.
{٦} القرآن الکریم، سورة { آل عمران } {آیة -١44}.
{٧} القرآن الکریم، سورة { آل عمران } {آیة -١٤٠}.
{٨} العلامة السید محمد حسین الطباطبائي، المیزان في تفسیر القرآن، الجزء الرابع، منشورات الأعلمي للمطبوعات، بیروت- لبنان، الطبعة الأولی، صحیفة ٣١.
{٩} القرآن الکریم، سورة { البقرة } {آیة -١33}.
{١٠} القرآن الکریم، سورة { البقرة } {آیة -١٤3}.
{١١} القرآن الکریم، سورة { النساء } {آیة -135}.
{١٢} القرآن الکریم، سورة { البقرة } {آیة -185}.
{١٣} القرآن الکریم، سورة { البقرة } {آیة -282}.
{١٤} القرآن الکریم، سورة { فصلت } {آیة -20}.
{١٥} القرآن الکریم، سورة { النور } {آیة -٤}.
{١٦} القرآن الکریم، سورة { البروج } {آیة -٩}.
{١٧} القرآن الکریم، سورة { الأنبیاء } {آیة -78}.
{١٨} القرآن الکریم، سورة { المائدة } {آیة -117}.
{١٩} القرآن الکریم، سورة { البروج } {آیة -٩}.
{٢٠} القرآن الکریم، سورة { الأحزاب } {آیة -45}.
{٢١} القرآن الکریم، سورة { المزمل } {آیة -15}.
{٢٢} القرآن الکریم، سورة { البقرة } {آیة -143}.
{٢٣} القرآن الکریم، سورة { النساء } {آیة -69}.
{٢٤} السید محمد رشید رضا، تفسیر القرآن الحکیم، الجزء الخامس، الطبعة الأولی، مطبعة المنار، شارع درب، مصر، صحیفة 240.
{٢٥} علي الفضل بن الحسن الطبرسي، مجمع البیان في تفسیر القرآن، الجزء الثالث، دار المعرفة للطباعة ولنشر، الطبعة الثانیة، صحیفة ١١٢.
{٢٦} القرآن الکریم، سورة { التوبة } {آیة -11١}.
{٢٧} صحیح مسلم، للأمام أبي الحسین مسلم بن الحجاج بن مسلم القشیري النیسابوري، دار السلام للنشر والتوزیع، شارع الأمیر، المملکة العربیة السعودیة، الطبعة الثانیة، کتاب الإمارة، باب بیان الشهداء ، صحیفة 856، رقم الحدیث 1915.
{٢٨} لآبن هاشم، السیرة النبویة، الجزء الثالث، الناشر، دار الکتاب العربي، بیروت- لبنان، الطبعة الثالثة، صحیفة 56.
{٢٩} أبي عبداللە محمد بن أسماعیل البخاري، صحیح البخاري، دار أبن کثیر للطباعة والنشر و التوزیع، دمشق- حلبوني و بیروت، برج أبي حیدر، الطبعة الأولی، کتاب التفسیر، باب إذ یبایعونک تحت الشجرة، صحیفة، 1221، رقم الحدیث 4844.
{30} دکتور موسی شاهين لاشين، فتح المنعم شرح صحیح مسلم، کتاب الایمان، الجزء الأول، الطبعة الأولی، دار الشرق، بیروت، لبنان، باب لایدخل الجنة الا نفس مسلمة وإن اللە يٶید هذا الدین بالرجل الفاجر، حدیث ١٩١، صحیفة ٣٦٥.
{31} شهاب الدین أبي الفضل أحمد بن علي بن محمد، الأصابة في تمیز الصحابة، المجلد الثالث، الجزئین الخامس و السادس، دار لاکتب العلمیة، بیروت- لبنان، باب – ق- ز، حدیث ٧١٠١ صحیفة ٢٤٠.
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست