ماذا لو لم يكن مسعود البارزاني رئيساً للإقليم خلال السنوات العشرة الأخيره
Sunday, 23/08/2015, 21:46
تعصف بإقليم كردستان أزمة حادة تتعلق بقانون رئاسة الإقليم . الأزمة لا مبرر لها ولم يكن بالإمكان ظهورها في الدول الديمقراطية . لأن مرض تمسك الحكام بكراسي الحكم ظاهرة تقتصر على العالم الثالث وبالأخص رقعة الشرق الأوسط المبوءة بفيروس داء العظمة .
لقد إنتهت ولاية البارزاني في 19 آب وليس هناك أية مادة قانونية تجيز تمديد ولاية البارزاني . وكان من المفروض أن ينتهي الموضوع بسلاسة إبتداءً بقيام الرئيس البارزاني إحتراماً لقوانين الإقليم وترسيخاً لمبادي الديمقراطية الكردستانية ، بتسليم مهامه الى رئاسة البرلمان لتدير مهام رئاسة الإقليم لمدة 60 يوماً .
وبهذا كان الرئيس قد إختار أن يدخل التأريخ من بوابة العظماء الذين رفضوا البقاء في الحكم مع إنتهاء ولايتهم رغم شعبيتهم الواسعة كالرئيس الراحل مانديلا ، لكن رئيسنا وللأسف إختار لنفسه أن يدخل التأريخ من بوابة الدكتاتوريين المولعين بكرسي الرئاسة . وهو الآن يقود بنفسه ومن وراء الكواليس حركة حزبه الإنقلابية على شرعية البرلمان والإستهانة بكافة القوانين المعمول بها في الاقليم معرضاً الإقليم الى مخاطر التقسيم . حزب الرئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني (حدك) يسعى لإعادة إنتاج ظاهرة ( القائد الضرورة ) في الوقت الذي لم يعد هذا المصطلح وارداً إلاّ في جزر نائية لم تصلها خدمات شبكات التواصل الإجتماعي . ففي عصر نهضة الشعوب إختفت ظاهرة القائد المنقذ . خذ الربيع العربي مثالاً ففي الدول التي إكتستحها رياح التغيير لم نسمع شعار ( بالروح بالدم نفديك يا فلان .. ) ولم نر صور بارزة لأشخاص سياسيين . وحتى المظاهرات التي تجتاح العراق اليوم فـإنها ولدت ولادة طبيعية من رحم الشارع العراقي نتيجة معاناة المواطن وفي غياب وجود قائد الضرورة .
لكل زمان رجاله وزمان القائد الضرورة قد ولى . والرئيس مسعود البارزاني في أحسن أحواله لم يكن إلاّ القائد الضرورة لحزبه فقط . نعم إنه كان قائداً عسكرياً لجزء من نضال الشعب الكردي ( وليس برمته كما كان والده المرحوم مصطفي البارزاني ) . لا بل كانت الأرض التي سيطرت عليها قوات البارزاني لم تصل من حيث السعة الى حد منافسة قوات الإتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني التي وصلت عملياتها العسكرية الى مشارف كركوك متسللة الى خلف خطوط قوات النظام البائد . ولو إفترضنا جدلاً بأن الرئيس بارزاني كان القائد الأوحد والقائد الضرورة في إدارة حركة مسلحة ، فهذا لا يعني بأنه رجل دولة من الطراز الأول ، فشتان ما بين إدارة حركة مسلحة هدفها تهديم قدرات العدو وبين إدارة حكومة مدنية هدفها بناء مؤسسات مبنية على أسس ديمقراطية تخدم المصلحة العليا للإقليم وتحقق الرفاهية لمواطنيها .
يحضرني ماض قريب ، وتعود بي الذاكرة الى أحداث وقعت في زمن رئاسة الرئيس البارزاني وكان بالإمكان تجاوزها أو التعامل معها بصورة مغايرة لو لم يكن البارزاني رئيساً .. فأسأل ، ماذا لو لم يكن البارزاني رئيساً للإقليم فهل كانت تسقط الشنغال بتلك السهولة ؟؟ وهنا على الأخوة في حزب الرئيس أن يقروا بأحد الأمرين ، فأما الإقرار بأن الإنسحاب جاء نتيجة أوامر عليا من قائد القوات المسلحة ( والبارزاني هو القائد العام ) !! وأما الإذعان بأن البيشمركة إنسحبوا خوفاً من بطش داعش وهذه ذريعة لن يقبلها عقل سوي وإستهانة بشجاعة البيشمركة والتي ألحقت الهزائم تلو الهزائم بوحوش داعش عدا جبهة الشنغال !! أعود فأسأل لو لم يكن البارزاني رئيساً للإقليم وقائداً عاماً للقوات المسلحة ، هل كان بالإمكان طمس حقيقة ماجرى في الشنغال و منع اجراء تحقيقات مع القادة الميدانيين من حزب الرئيس ومعاقبة المنهزمين منهم ؟؟ فأين صفات القائد الضرورة لرئيس يتقاعس في الذود عن أبناء شعبه الإيزيديين ؟؟ .. بالله عليكم افتوني !!
وأكتفي بمثال آخر . وأسأل لو لم يكن البارزاني رئيساً للاقليم خلال السنوات العشرة الأخيرة هل كان بإمكان الفساد أن يستشري لهذه الدرجة في إقليمنا ؟ القائد الضرورة لم يتمكن من الكشف عن فاسد واحد , هل هذا معقول ؟؟ الفاسدون يا قوم ، هم بشر وليسوا من جنس الجن ولا يرتدون طاقية الإخفاء . و اليوم يضطلع برلمان ألإقليم بدور شجاع في وضع كافة ملفات الفساد تحت مجهره . وباتت جهود عدد من البرلمانيين تقض مضاجع مافيات الفساد .. وعليه يمكن القول ، لو لم يكن البارزاني رئيساً لما تفشى الفساد بهذه الدرجة . الشعب الكردي زاخر بعقول نيرة لكنني أستعين لتبسيط الأمر بذكر أسماء 3 برلمانيين في الإقليم لكونهم الآن يحتلون الواجهة في مقارعة الفساد ، واقول دون وجل ، لو كان أحد هؤلاء السادة في منصب رئاسة الإقليم للسنوات العشرة الماضية لكان قد بذل جهوداً أكبر من رئيسنا في كشف الفاسدين ، ولربما كان الفساد قد أُجتث من جذوره قبل أن يستفحل كما هو اليوم:
*** النائب علي حمه صالح من حركة التغيير والذي سبق وأن تعرض للضرب تحت قبة برلمان الإقليم من قبل برلمانيين من كتلة حزب الرئيس . النائب صالح كان قد وجه رساله الى رئيس الإقليم محملاً إياه مسؤولية تفشي الفساد . (ولكم رابط الرسالة http://bit.ly/1hAMWP9 )
*** النائب سوران عمر عن الجماعة الإسلامية الكردستانية رغم التهديدات التي يتعرض لها فهو مستمر في ظهوره من على شاشات الفضائيات و لا يتهاون في فضح عقود تجارية فاسدة يقف وراءها مسؤولون كبار .. يتعرض النائب سوران لحملة إعلامية شرسة منصبة على خلفيته الإسلامية السابقة ولكن ( إنما الفتى من يقول ها أنا ذا ..)
*** النائب الدكتور عزت صابر عن الإتحاد الوطني الكردستاني خبير إقتصادي ، رغم قلة ظهوره إلاّ ان إساهاماته في القاء الضوء على نواقص الحكومة وبالذات في تناوله تقصير وزارة الطاقة في الإقليم أسهمت في إرتفاع مستوى الوعي لدى المواطن الكردستاني .
وأخيرا ، فلو كان نائب برلماني بصلاحيات محدودة ، قادراً على التصدي للفساد فما الذي دفع برئيسنا للولوج في حالة التعايش السلمي مع حيتان مافيات العقارات والمولات وتجار النفط ، والسماح لهم بنهب قوت الشعب الكردستاني ؟؟ مجرد سؤال فلا تكفروني .
نووسەرەکان خۆیان بەرپرسیارێتی وتارەکانی خۆیان هەڵدەگرن، نەک کوردستانپۆست